غالباً ما يطرح طفلك تساؤلات جمة، ماما من أين أتيت بي؟ ماما لماذا لا نرى الله؟ بابا لماذا لا تعود جدتي من الموت؟ لا تنهر طفلك أو تلمه على كثرة تساؤلاته وتكرارها، بل أنصت إليه جيداً وقم بالتواصل البصري الفعال معه برفق وأجبه بقدر عقله وما يمتلك من مفاهيم صغيرة، فهو يعيش في عالم العمالقة كما يراه بعينيه الصغيرتين.
من هذا المنطلق سنناقش أهمية تساؤلات الأطفال وكثرتها وكيفية تعامل الراشدين معها.
تساؤلات الطفل هي بوابة عقله المطلة على العالم، فلماذا لا يعطي الوالدان لأبنائهما وقتاً كافياً ليسردوا ما يجول بخاطرهم من غموض وأمور وتساؤلات حتى وإن كانت في نظر الأهل تافهة؟
فعالم الطفل مليء بالغموض والعفوية التي تدفعه للإكثار من طرح الأسئلة مراراً بدافع فضوله، فهو يهدف للحصول على إجابات تشبع رغباته، وهذا أمر فطري نفسي يسمى "غريزة حب الاستطلاع" التي تقوي وتدعم وتنمي مهارات الطفل العقلية واللغوية والنفسية، حيث توصف هذه المرحلة من حياة الطفل بأنها "علامات استفهام حية لكل ما يدور حوله"، ويقرر أغلب الباحثين أن حوالي 10-15 في المئة من أحاديث الأطفال عبارة عن تساؤلات.
لماذا يكثر الطفل من التساؤلات؟
هنالك أسباب كثيرة تجعل الطفل يلجأ لطرح الأسئلة وتكرارها، منها:
- يشعر الطفل بأنه في عالم مجهول وبه أمور غامضة يصادفها لأول مرة ولا يمتلك حصيلة معرفية كافية تساعده للتعامل معها.
- يصاب الطفل بالفضول والحيرة من بعض المواقف التي يراها أو يتعرض لها، كالفقد على سبيل المثال، فعندما يفقد الطفل شخصا يبدأ بطرح الأسئلة: أين ذهب؟ متى سيعود؟ لماذا لن يعود؟ هنا مهما أعطيته من إجابات ستظل هنالك أمور أكبر من تفكيره الصغير.
- يفرغ الطفل كبته وقلقه وخوفه في الكثير من الأمور التي تدور حوله، فهنا الطفل بطرح تساؤلاته يحاول البحث عن منطقة آمنة بداخل مشاعره للعودة إليها حين شعوره بالخوف الخارجي.
- رغبة صادقة لدى الطفل بالتعلم ومعرفة ما يدور حوله.
المشكلات المترتبة على لوم ونهر الطفل بسبب تساؤلاته:
- ضعف الحصيلة المعرفية واللغوية لدى الطفل.
- ضعف وفجوة في العلاقة الودية التي تربط بين الطفل وأسرته.
- ضعف في النمو السلوكي لدى الطفل فيصبح الطفل مشتتا وغير منضبط في سلوكياته.
- ضعف في شخصية الطفل، فحينما يُنهر أثناء سؤاله عن شيء ما سيفقد ثقته بنفسه ويرهب من الحديث أمام الآخرين، وهكذا سيصبح طفلا انطوائيا انعزاليا فاقدا للعلاقات الاجتماعية السليمة.
عندما يسأل الطفل ربما يتعرض للعنف أثناء نهره والتعامل معه بقسوة مما يؤدي إلى انعكاس سلبي وعدوانية لدى الطفل.
- ينشأ طفل جبان متردد لا يخاف فقط مما يدور حوله من غموض، بل أصبح خائفا من طرح تساؤلاته فيُنهر ويعنّف بسببها.
- قتل رغبة الطفل وحبه للاستكشاف والتعلم والمعرفة، فيصبح شخصية متلقية يعمل ما يملى عليه دون تفكير.
كيف يتعامل الراشدون مع كثرة وتكرار تساؤلات الأطفال؟
- أنصت له جيداً وأشعره بالاهتمام وركز على التساؤل وما خلف التساؤل، وأعطه إجابات سهلة بسيطة تتناسب مع مرحلته العمرية، حتى لا يقع في حيرة من الإجابات الصعبة المعقدة.
- عدم تعنيف الطفل بسبب تساؤله مهما كان غريباً أو أكبر من عمره، فعندما يسأل عن الجنس مثلاً فهو يحتاج لإجابة عن مفهوم وليس عن الفعل بذاته. أجبه بقدر عقله وسنه وأشبع رغبته في الإجابة، حتى لا يبحث عنها في أماكن أخرى محذورة ومريبة.
- حفّز لديه حب القراءة والاطلاع لما يسأل عنه من أمور، فعندما يسألك عن الفضاء والكون أحضر له كتبا وموسوعات ووسائل علمية تشبع رغبته في معرفة كونه، فهو الآن مشروع عالم صغير.
- إن كنت لا تعرف الإجابة لا تقل له لا أعرف، بل قل له هيا بنا نبحث عنها معاً.
- في حين تساؤلاته عن العقيدة والدين والإله أجبه بحب، وأكثر من أسلوب الترغيب، ولا تتوقف فقط عند أساليب الترهيب.
اجعلوا من صدوركم وقلوبكم مكاناً رحباً يتسع لتساؤلات أطفالكم وزيّنوها بأسلوب نقاش جميل مهذب وراقٍ تستطيعون من خلاله بناء جسر متين من الثقة والمحبة والاحترام والصداقة، فهذا الجسر هو الطريق الذي سيعيدهم إليكم بكل محبة للإجابة عن تساؤلاتكم حينما تفقدون تواصلكم مع العالم الخارجي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الأطفال أطفال آباء العائلة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لدى الطفل
إقرأ أيضاً:
لماذا نستيقظ غالبا قبل رنين المنبه؟
إنجلترا – لطالما أدهشتنا قدرة أجسامنا على الاستيقاظ دقائق قبل موعد المنبه، كأنها تملك ساعة داخلية دقيقة لا تخطئ موعدها.
وهذه الظاهرة ليست صدفة، بل هي دليل على عمل الساعة البيولوجية الذي ينظم دورات النوم والاستيقاظ في انسجام تام مع بيئتنا الطبيعية.
ففي كل صباح، وقبل دقائق من موعد استيقاظك المعتاد، يبدأ جسمك في إطلاق سلسلة من الإشارات الهرمونية المعقدة التي تهيئك تدريجيا للانتقال من عالم النوم إلى عالم اليقظة.
وتبدأ هذه العملية بالتدريج، حيث ترتفع درجة حرارة الجسم الأساسية، وينخفض إفراز هرمون النوم الميلاتونين، بينما يبدأ هرمون اليقظة الكورتيزول في الارتفاع. وتعرف هذه الذروة الصباحية للكورتيزول باسم “استجابة اليقظة”، وهي أشبه بنداء داخلي يوقظ أعضاءك وأجهزتك الحيوية بلطف، ما يجعل الاستيقاظ الطبيعي تجربة أكثر سلاسة ونعومة مقارنة بالاستيقاظ المفاجئ على صوت المنبه.
ويعد الاستيقاظ قبل المنبه علامة إيجابية عندما تكون مصحوبة بشعور بالراحة والانتعاش والنشاط، ما يدل على أن إيقاعك اليومي متوازن وأنك تحصل على قسط كاف من النوم الجيد. ولكن إذا كان هذا الاستيقاظ المبكر يرافقه شعور بالتعب والإرهاق وثقل في الرأس، فقد يكون ذلك إنذارا بأن نوعية نومك ليست مثالية أو أن جدول نومك غير منتظم. ففي هذه الحالة، يضطر الجسم للاعتماد الكامل على المنبه الخارجي، ما قد يقطع دورة النوم في مرحلة عميقة ويتركك تعاني من خمول الصباح وترنح ما بعد الاستيقاظ.
وتتأثر دقة هذه الساعة الداخلية بعوامل عديدة، أبرزها الضوء الطبيعي الذي يعد المنظم الرئيسي لإيقاعنا اليومي. فالتعرض لأشعة الشمس في الصباح يساعد على ضبط الساعة، بينما يؤدي التعرض للضوء الصناعي الساطع وخاصة الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات في المساء إلى تعطيلها. كما أن الروتين اليومي غير المنتظم، وتقلب مواعيد النوم والوجبات، والسفر بين المناطق الزمنية، والإجهاد النفسي المستمر، كلها عوامل يمكن أن تربك هذه الساعة الدقيقة وتخل بتوازنها الطبيعي.
ولضبط ساعتك البيولوجية وتحسين جودة نومك، يمكنك اتباع عدة عادات صحية بسيطة:
حاول الالتزام بمواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ حتى في أيام العطلة، واجعل غرفة نومك مظلمة وهادئة أثناء الليل مع تعريض نفسك لضوء النهار الساطع في الصباح. قلل من تناول المنبهات والوجبات الثقيلة قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل، وابتعد عن الشاشات الإلكترونية قبل موعد نومك بساعة إلى ساعتين. كما أن ممارسة الأنشطة البدنية المنتظمة خلال النهار تساعد في تعزيز جودة النوم ليلا.يشير تطور البحث العلمي في مجال الساعة البيولوجية إلى أهمية التوافق مع إيقاعاتنا الفطرية لتحسين الصحة العامة وجودة الحياة. فالاستماع إلى إشارات أجسامنا والاستجابة لها بحكمة يمكن أن يكون مفتاحا لتحسين الإنتاجية وتعزيز الصحة النفسية والجسدية. في النهاية، تذكرنا هذه الساعة البيولوجية الرائعة بأن أجسامنا مصممة للعمل في انسجام تام مع الطبيعة، وأن احترام هذا الانسجام هو سبيلنا الأمثل لتحقيق حياة أكثر توازنا وصحة.
المصدر: ساينس ألرت