لماذا نستيقظ غالبا قبل رنين المنبه؟
تاريخ النشر: 12th, December 2025 GMT
إنجلترا – لطالما أدهشتنا قدرة أجسامنا على الاستيقاظ دقائق قبل موعد المنبه، كأنها تملك ساعة داخلية دقيقة لا تخطئ موعدها.
وهذه الظاهرة ليست صدفة، بل هي دليل على عمل الساعة البيولوجية الذي ينظم دورات النوم والاستيقاظ في انسجام تام مع بيئتنا الطبيعية.
ففي كل صباح، وقبل دقائق من موعد استيقاظك المعتاد، يبدأ جسمك في إطلاق سلسلة من الإشارات الهرمونية المعقدة التي تهيئك تدريجيا للانتقال من عالم النوم إلى عالم اليقظة.
وتبدأ هذه العملية بالتدريج، حيث ترتفع درجة حرارة الجسم الأساسية، وينخفض إفراز هرمون النوم الميلاتونين، بينما يبدأ هرمون اليقظة الكورتيزول في الارتفاع. وتعرف هذه الذروة الصباحية للكورتيزول باسم “استجابة اليقظة”، وهي أشبه بنداء داخلي يوقظ أعضاءك وأجهزتك الحيوية بلطف، ما يجعل الاستيقاظ الطبيعي تجربة أكثر سلاسة ونعومة مقارنة بالاستيقاظ المفاجئ على صوت المنبه.
ويعد الاستيقاظ قبل المنبه علامة إيجابية عندما تكون مصحوبة بشعور بالراحة والانتعاش والنشاط، ما يدل على أن إيقاعك اليومي متوازن وأنك تحصل على قسط كاف من النوم الجيد. ولكن إذا كان هذا الاستيقاظ المبكر يرافقه شعور بالتعب والإرهاق وثقل في الرأس، فقد يكون ذلك إنذارا بأن نوعية نومك ليست مثالية أو أن جدول نومك غير منتظم. ففي هذه الحالة، يضطر الجسم للاعتماد الكامل على المنبه الخارجي، ما قد يقطع دورة النوم في مرحلة عميقة ويتركك تعاني من خمول الصباح وترنح ما بعد الاستيقاظ.
وتتأثر دقة هذه الساعة الداخلية بعوامل عديدة، أبرزها الضوء الطبيعي الذي يعد المنظم الرئيسي لإيقاعنا اليومي. فالتعرض لأشعة الشمس في الصباح يساعد على ضبط الساعة، بينما يؤدي التعرض للضوء الصناعي الساطع وخاصة الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات في المساء إلى تعطيلها. كما أن الروتين اليومي غير المنتظم، وتقلب مواعيد النوم والوجبات، والسفر بين المناطق الزمنية، والإجهاد النفسي المستمر، كلها عوامل يمكن أن تربك هذه الساعة الدقيقة وتخل بتوازنها الطبيعي.
ولضبط ساعتك البيولوجية وتحسين جودة نومك، يمكنك اتباع عدة عادات صحية بسيطة:
حاول الالتزام بمواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ حتى في أيام العطلة، واجعل غرفة نومك مظلمة وهادئة أثناء الليل مع تعريض نفسك لضوء النهار الساطع في الصباح. قلل من تناول المنبهات والوجبات الثقيلة قبل النوم بثلاث ساعات على الأقل، وابتعد عن الشاشات الإلكترونية قبل موعد نومك بساعة إلى ساعتين. كما أن ممارسة الأنشطة البدنية المنتظمة خلال النهار تساعد في تعزيز جودة النوم ليلا.يشير تطور البحث العلمي في مجال الساعة البيولوجية إلى أهمية التوافق مع إيقاعاتنا الفطرية لتحسين الصحة العامة وجودة الحياة. فالاستماع إلى إشارات أجسامنا والاستجابة لها بحكمة يمكن أن يكون مفتاحا لتحسين الإنتاجية وتعزيز الصحة النفسية والجسدية. في النهاية، تذكرنا هذه الساعة البيولوجية الرائعة بأن أجسامنا مصممة للعمل في انسجام تام مع الطبيعة، وأن احترام هذا الانسجام هو سبيلنا الأمثل لتحقيق حياة أكثر توازنا وصحة.
المصدر: ساينس ألرت
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
الفيديوهات القصيرة.. متعة آنية تهدّد نوم الأطفال وهويتهم
استخدام الفيديوهات القصيرة بكثرة لا يتعلق فقط بالمدة، بل بأنماط التصفح التي تصبح قهرية، والتي يمكن أن تؤثر على النوم، المزاج، الانتباه، الأداء المدرسي والعلاقات الاجتماعية.
تحولت مقاطع الفيديو القصيرة على الإنترنت من مجرد وسيلة ترفيه خفيفة إلى جزء لا يتجزأ من حياة العديد من الأطفال. التطبيقات الشهيرة مثل تيك توك، إنستغرام ريلز، دويين، ويوتيوب شورتس تجذب مئات الملايين من مستخدمي الإنترنت دون سن 18، من خلال خلاصة مخصصة تعرض محتوى متنوعاً بسرعة لا تنتهي.
توفر هذه التطبيقات تجربة سريعة وحيوية، تتيح الوصول إلى الفكاهة والاتجاهات الحديثة والتواصل الاجتماعي بسهولة. لكنها مصممة بطريقة تشجع على جلسات طويلة من التمرير السريع، مما قد يصعب على الأطفال السيطرة عليها، كما أن هذه المقاطع لم تصمم أبداً للأطفال، إلى أن العديد منهم يستخدمونها بشكل يومي.
بالنسبة لبعض الأطفال قبل سن المراهقة، تساعد هذه المنصات على تطوير الهوية، واكتشاف اهتمامات جديدة، والحفاظ على الصداقات. لكن بالنسبة للآخرين، قد يؤدي التدفق المستمر للمحتوى إلى اضطرابات النوم، وتآكل الحدود الشخصية، وتقليل الوقت المخصص للتفكير والتفاعل الهادف.
استخدام الفيديوهات القصيرة بكثرة لا يتعلق فقط بالمدة، بل بأنماط التصفح التي تصبح قهرية، والتي يمكن أن تؤثر على النوم، المزاج، الانتباه، الأداء المدرسي، والعلاقات الاجتماعية.
تصميم المقاطعتصميم مقاطع الفيديو القصيرة، التي تتراوح مدتها عادة بين 15 و90 ثانية، تم لتلبية حاجة الدماغ المستمرة للمستجد والجديد. فكل تمريرة تعرض محتوى مختلفًا "سواء كان مزحة، مقلباً، أو مشهداً صادماً" ويستجيب الدماغ فوراً كمكافأة، مما يشجع على التمرير المتواصل.
ونظراً لأن البث المستمر للفيديوهات القصيرة نادراً ما يتوقف، تختفي الفواصل الطبيعية التي تمنح الدماغ فرصة لإعادة ضبط الانتباه.
ومع مرور الوقت، قد يؤدي ذلك إلى ضعف السيطرة على النفس وصعوبة الحفاظ على التركيز لفترات طويلة. وأظهرت دراسة عام 2023، شملت تحليل 71 دراسة وما يقرب من 100 ألف مشارك، وجود علاقة متوسطة بين الاستخدام المكثف للفيديوهات القصيرة وانخفاض القدرة على ضبط النفس وقصر مدة الانتباه.
Related أستراليا تطلق حظرًا على استخدام الأطفال لوسائل التواصل.. وخبراء يحذّرون من "ثغرات"فيديو - النرويج: رياض الأطفال تحاول استقطاب المراهقين وسط نقص حاد في عدد المعلّميندراسة حديثة تحذر من تأثير منصات التواصل الاجتماعي على تركيز الأطفال تأثير الفيديوهات القصيرة على النومتُعد اضطرابات النوم من أبرز الآثار السلبية لمقاطع الفيديو القصيرة، يشاهد العديد من الأطفال الشاشات في وقت يجب أن يهدأوا فيه استعداداً للنوم، حيث تؤخر الإضاءة الساطعة إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم، مما يصعّب على الأطفال الاستغراق في النوم.
بالإضافة إلى ذلك، تسبب التقلبات العاطفية السريعة الناتجة عن المحتوى صعوبة في استقرار الدماغ، وأظهرت دراسة حديثة أن الاستخدام المفرط للفيديوهات القصيرة مرتبط بـ نوم أقل جودة وزيادة القلق الاجتماعي لدى بعض المراهقين.
المقارنة الاجتماعية وتأثيرها على الهوية
يتعرض الأطفال باستمرار لصور الأقران وأنماط الحياة المنتقاة على هذه المنصات، ما يزيد من الميل إلى المقارنة الاجتماعية، وقد يؤدي ذلك إلى تبني معايير غير واقعية للجمال والشعبية والنجاح، خاصة لدى الأطفال قبل سن المراهقة، مما يرفع مستويات القلق ويخفض تقدير الذات. هذه الظاهرة ليست حكرًا على الفيديوهات القصيرة فحسب، بل تظهر أيضًا في جميع أشكال وسائل التواصل الاجتماعي
الأطفال الأصغر سنًا.. الأكثر عرضة للتأثرتشير الأبحاث إلى أن الأطفال الأصغر سناً أكثر عرضة للتأثر نظراً لقلة نضج قدرتهم على ضبط النفس وضعف هويتهم الشخصية. ويزيد تصميم التطبيقات من احتمالية تعرضهم لمحتوى غير مناسب، مثل مشاهد العنف، التحديات الضارة، أو المحتوى الجنسي، قبل أن يكون لديهم الوقت لمعالجة ما يشاهدونه أو الابتعاد عنه.
تتميز الفيديوهات القصيرة بالظهور الفوري والتشغيل التلقائي، مما يلغي أي سياق أو تحذير أو فرصة للاستعداد العاطفي. ونتيجة لذلك، يمكن لأي تغيّر مفاجئ في نغمة المحتوى "من مضحك إلى مزعج" أن يكون صادماً للدماغ النامي، حتى وإن كان المحتوى قانونياً.
التفاوت في التأثير الفرديليست كل الأطفال يتأثرون بنفس الطريقة. الأطفال الذين يعانون من القلق، صعوبات الانتباه، أو التقلبات العاطفية أكثر عرضة للتصفح القهري والتأثر المزاجي. كما تشير الدراسات إلى علاقة دائرية بين فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) والاستخدام المكثف للمحتوى السريع، إذ قد يزيد الاعتماد على هذه الفيديوهات من صعوبة ضبط النفس.
يشكل وقت الفراغ جزءاً أساسياً من نمو الأطفال، إذ يمنحهم الفرصة لتعلم بناء العلاقات، مواجهة الملل، والتعامل مع المشاعر غير المريحة. وعندما يُملأ كل وقت فراغ بالترفيه السريع، يفقد الأطفال فرصاً مهمة للتخيل، ابتكار الألعاب، التفاعل مع الأسرة، أو السماح لأفكارهم بالتجول بحرية
خطوات عملية للحماية والدعمتبدأ الحكومات والمدارس اليوم في معالجة الصحة الرقمية بوضوح أكبر. على سبيل المثال، في إنجلترا، تشجع الإرشادات الجديدة المدارس على دمج السلامة على الإنترنت والمهارات الرقمية في المناهج.
تفرض بعض المدارس قيودًا على استخدام الهواتف أثناء اليوم الدراسي، بينما تحث منظمات مثل العفو الدولية المنصات على تقديم إعدادات أكثر أمانًا، والتحقق من العمر، وزيادة الشفافية حول الخوارزميات.
كما أصبحت أستراليا أول دولة في العالم تحظر وسائل التواصل الاجتماعي على اليافعين دون سن الـ16 عامًا.
في المنزل، تساعد المحادثات المفتوحة على فهم الأطفال لعاداتهم وبناء سلوكيات صحية. يمكن للوالدين مشاهدة الفيديوهات معهم، مناقشة أسباب جذب بعض المقاطع، واستكشاف المشاعر المرتبطة بالمحتوى.
إلى جانب ذلك، يُنصح بتطبيق روتينات بسيطة مثل إبقاء الأجهزة خارج غرف النوم أو تحديد وقت محدد لاستخدامها، وتشجيع الأنشطة غير الرقمية، الهوايات، الرياضة، والوقت مع الأصدقاء للحفاظ على توازن صحي.
يمكن أن تكون الفيديوهات القصيرة مبدعة، مضحكة، ومريحة، لكنها تحتاج إلى إشراف ودعم واعٍ. مع سياسات فعالة، وتصميم منصات أكثر أمانًا، يمكن للأطفال الاستمتاع بها دون الإضرار بصحتهم النفسية أو بنموهم العاطفي والمعرفي.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة