رئيس الدولة: في عيد الاتحاد نفخر بالإمارات وشعب الإمارات من مواطنين ومقيمين
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
أعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، عن فخره بالإمارات وشعبها من مواطنين ومقيمين، وذلك بمناسبة عيد الاتحاد.
وقال سموه عبر حسابه على منصة “إكس”: “في عيد الاتحاد.. نفخر بالإمارات.. ونفخر بشعب الإمارات من مواطنين ومقيمين.. شكراً على عزيمتكم.. شكراً على جهودكم.. شكراً على كل ما تبذلونه من أجل هذا الوطن”.
وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، أن ذكرى عيد الاتحاد، هذه المناسبة السنوية تصطحب معها الذكريات الحميمة، والفرح والفخر، وتدعونا للتأمل في مسيرتنا وأحوالنا، وتشحذ هممنا بالعزم والتصميم على المضي قدماً في تعزيز مناعة وطننا والارتقاء بحياة شعبنا، وتأكيد جدارتنا بتبوء دولتنا وشعبنا المكانة اللائقة مع دول العالم الأكثر تقدماً، وشعوبه الأكثر تحضراً.
وفيما يلي نص كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بمناسبة عيد الاتحاد الـ 53..
” بسم الله الرحمن الرحيم ..
أبناء وبنات الإمارات الكرام ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أهنئكم بحلول الذكرى الثالثة والخمسين لاستقلال بلادنا وقيام اتحادنا وتأسيس دولتنا، وأحمد المولى سبحانه وتعالى الذي مكننا من إحياء هذه المناسبة الغالية ووطننا وشعبنا ينعمان بالأمن والاستقرار والازدهار.
وفي هذا اليوم الأغر، أحيي وأهنئ أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، الذي نفخر بسجاياه وملكاته القيادية وإنجازاته على الصعد المحلية والعربية والدولية، والتحية موصولة لإخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، حفظهم الله جميعاً.
تصطحب هذه المناسبة السنوية معها الذكريات الحميمة، والفرح والفخر، وتدعونا للتأمل في مسيرتنا وأحوالنا، وتشحذ هممنا بالعزم والتصميم على المضي قدماً في تعزيز مناعة وطننا والارتقاء بحياة شعبنا، وتأكيد جدارتنا بتبوء دولتنا وشعبنا المكانة اللائقة مع دول العالم الأكثر تقدماً، وشعوبه الأكثر تحضراً.
اليوم تغمرنا مشاعر الفخر والفرح بنجاحاتنا وإنجازاتنا في بناء الإنسان والعمران، وما حققناه لنموذجنا الإماراتي من قوة ومنعة وإشعاع وفاعلية وحضور في عصرنا وعالمنا.
واليوم نستذكر آباءنا المؤسسين، والدنا ورمزنا وعنواننا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ورفيق دربه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وإخوانهما أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، طيب الله ثراهم جميعاً، نتذكرهم بكل الإجلال والتقدير وهم ينسجون عروة الاتحاد الوثقى، ويجمعون مع أبناء شعبهم على مبايعة الشيخ زايد رئيساً للدولة إيماناً بقدرته على قيادة الاتحاد وإنجاح مسيرته بتوطيد أركانه، وإرساء قواعد نهضته.
سيحفظ التاريخ للشيخ زايد أنه كان الوحدوي الأبرز في عصره، وإنه نذر نفسه وإمكانياته في سبيل لم شمل الإماراتيين وتوحيد صفوفهم، فكان القوة الدافعة التي كفلت لمسيرة الاتحاد النجاح والفلاح.
بعد الثاني من ديسمبر 1971، والمسيرة تشق طريقها وتواجه التحديات الداخلية والخارجية، قال الشيخ زايد ” إن الاتحاد يعيش في نفسي وقلبي وأعز ما في وجودي، لا يمكن أن أتصور في يوم من الأيام أن أسمح بالتفريط فيه، أو التهاون نحو مستقبله”، أخاطب روح الشيخ زايد وأقول له: “لقد غرست الاتحاد في قلب كل مواطن ومواطنة، ونما الغرس وتولاه بالعناية والرعاية كل من آلت إليه المسؤولية في الإمارات، وفي مقدمتهم الشيخ خليفة والشيخ مكتوم طيب الله ثراهما، وأخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وإخواني حكام الإمارات”.
أيها المواطنون والمواطنات..
تدركون أن نجاح أية دولة أو تعثرها أو فشلها رهن بأداء قياداتها وحكومتها وكواردها.. ونحمد الله أن أداء قياداتنا يسير بنا منذ تأسيس دولتنا من نجاح إلى نجاح ومن إنجاز إلى إنجاز، أما أداء حكومتنا فقد تطور خلال سنوات معدودة حتى تبوأت كفاءتها المرتبة الرابعة عالمياً في المؤشرات الدولية التي تقيس كفاءة الحكومات.
هذا التميز يسعدنا، لكنه لا يشعرنا بالاكتفاء، بل يحفزنا على مضاعفة جهودنا لضمان تقدمنا إلى مرتبة أعلى، ونحن قادرون على تحقيق ذلك؛ وبفضل رؤيتنا الاستشرافية، وتخطيطنا المسبق، واستيعابنا للاتجاهات العالمية الصاعدة، حققنا ونحقق نجاحات مشهودة في استيعاب الجديد فور ظهوره، وتوطين تطبيقاته المناسبة، مما أهلنا للانضمام إلى الدول الرائدة في الاستعداد للمستقبل، وأتاح لنا مكاناً بين الدول التي تقود تطورات الذكاء الاصطناعي الذي بات المؤثر الأكبر في جميع أعمال وقدرات ومستقبل جميع القطاعات المدنية والعسكرية. وقد تنبهنا في وقت مبكر لأهميته، واستحدثنا منصب وزير دولة للذكاء الاصطناعي، وأصدرنا التشريعات اللازمة لتنظيم استخداماته، ووضعنا البرامج الضرورية لتحفيز شبابنا وشاباتنا على إتقانه، وتساهم تطبيقاته الآن في تطوير الأداء الحكومي كما في برنامج تصفير البيروقراطية الحكومية الذي ألغى حتى الآن 3000 إجراء حكومي ضروري، وخفض 70% من المدة الزمنية لهذه الإجراءات.
أيها المواطنون والمواطنات ..
سيظل الهدف الأسمى لقيادتنا وحكومتنا تأمين أفضل حياة رغيدة وآمنة ومستقرة وسعيدة لشعبنا وأجيالنا القادمة ومن يعيش على أرضنا، ومن أجل تحقيق هذا الهدف تعمل جميع الجهات الحكومية بتنسيق وتكامل مستلهمة الإستراتيجيات والخطط الموضوعة لكافة القطاعات ذات الصلة بالتنمية الشاملة المستدامة.
على الصعيد الاجتماعي نولي اهتماماً فائقاً لموضوع الهوية الإماراتية الوطنية وبرامج تعزيزها، وحددنا الأدوار المطلوبة من كافة الجهات الحكومية والخاصة، متطلعين إلى إطار شامل يحقق التنسيق وتكامل الأداء بين كافة الجهات ذات العلاقة، بما يضمن تجسيد قيم وتاريخ وثقافة الإمارات، ويعزز لغتنا العربية، ويواكب متطلبات العصر.
ونال موضوع الإسكان وينال الاهتمام الذي يستحق، ونحن مطمئنون إلى حسن تنفيذ خطط الإسكان، حيث زادت في الأعوام الخمسة الماضية نسبة تملك المواطنين من 76% إلى 91%، وانخفضت نسبة الطلبات المتراكمة من 13 ألفاً إلى 650 طلباً فقط، وانخفضت مدة الحصول على مسكن من أربع سنوات إلى سنة واحدة.
وبينما يسجل اقتصاد معظم دول العالم نمواً منخفضاً، واصل اقتصادنا تحقيق معدلات نمو تزيد على متوسط معدلات نمو الاقتصاد العالمي، وفي سياق ” مشروع 300 مليار” حقق قطاعنا الصناعي قفزات نوعية، وبلغت مساهمته في ناتجنا المحلي الإجمالي نهاية العام الماضي 205 مليارات درهم بنمو 55% مقارنة بمبلغ 122 ملياراً في العام 2020، وارتفعت صادرات صناعاتنا إلى 187 مليار درهم بنمو 61% عن العام 2020.
أنا واثق بقدرتنا على رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 300 مليار درهم العام 2031، وشاهدي النجاحات التي حققها برنامج ” المحتوى الوطني للصناعة” حيث بلغت القيمة التراكمية التي حققها البرنامج 285 مليون درهم أعيد تدويرها في اقتصادنا، فضلاً عن آثار البرنامج الاجتماعية الماثلة بارتفاع عدد المواطنين العاملين في شركات القطاع الخاص الحاصلة على عضوية البرنامج إلى 19 ألف مواطن ومواطنة، وكذلك نجاح برنامج “اصنع في الإمارات” ، الذي فتح نافذة عريضة للمستثمرين والمبتكرين للاستفادة من الفرص الهائلة التي يتيحها اقتصادنا للاستثمار في صناعات المستقبل، والصناعات المتقدمة، وتصدير المنتجات إلى أسواق عالمية جديدة.
وتتويجاً للنجاحات التي حققها البرنامجان، أطلقنا قبل أيام ” إستراتيجية الإمارات للاستثمار 2031″، مستهدفين زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر التراكمي 3 مرات بحلول العام 2031، ليصل إلى 2,2 ترليون درهم.
ونحن ماضون في تعزيز الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والابتكار لتعظيم نمو اقتصادنا، وتطوير زراعتنا، وتنافسية صناعاتنا، وجعل بلادنا أكثر جاذبية للاستثمار المباشر؛ ومحوراً عالمياً للاستثمار، علماً بأن بلادنا تبوأت المركز الثاني عالمياً في عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر العام 2023 مسجلة 1323 مشروعاً جديداً بنسبة نمو 33% مقارنة بالعام 2022، وسجلت تدفقات بلغت 112.6 مليار ردهم بنسبة نمو 35%.
أبناء وبنات الإمارات ..
اليوم مطلع سنة اتحادية جديدة ندخلها ونفوسنا عامرة بالثقة والإيمان والتفاؤل والطموح والعزم، على بذل كل ما في وسعنا للمضي بدولتنا قدماً في معارج المنعة والتقدم والرقي.
أنتم أيها الإماراتيون والإمارات الوطن الذي هو صنو وجودنا، وقد أثبتم كابراً عن كابر أنكم جديرون بإنجازاته ونجاحاته، فأنتم صانعوها، وأنتم من قدم النموذج الأعلى للولاء والانتماء، وبالتفافكم حول قيادتكم وسياساتها وقراراتها وخططها قدمتم للعالم صورة مشرقة لأسرتنا الإماراتية الكبيرة المتحابة والمترابطة والمتضامنة في السراء والضراء.
وكلما ألتقي بشباب وشابات وطني في الوزارات والدوائر والمناسبات ازداد ثقة بالمستقبل، وتقر عيني بإخلاصهم وطاقاتهم وإقبالهم على اكتساب المعرفة، وشجاعتهم في التعامل مع المتغيرات والمستجدات، وأتأكد من عمق اعتزازهم بهويتهم الإماراتية، وتراثهم وتقاليدهم.
في يومنا الوطني الثالث والخمسين، أحيي وأهنئ ضباط وجنود قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية الساهرين على أمن واستقرار وطننا والمحافظين على استقلاله وسيادته ومنجزاته، والتحية موصولة للمتدربين في برنامج الخدمة الوطنية والاحتياطية، وخريجي البرنامج الملحقين بقوات الاحتياط، ولكل مواطن ومواطنة يجد ويجتهد في عمله في القطاعين العام والخاص.
أعاد الله علينا أيامنا الوطنية ووطننا ينعم بالسلام والأمن والازدهار.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته “.
وأكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة أن عيد الاتحاد مناسبة نستحضر فيها كل عام المراحل التي مرت بها مسيرتنا الوطنية الثرية على مدى العقود الماضية، ونستمد منها القوة ونحن نمضي بطموح وأمل نحو المستقبل، ونجدد العهد مع الوطن وشعبه على مضاعفة الجهد والعطاء لتحقيق كل طموحاتنا في مختلف المجالات والأخذ بكل أدوات التقدم خاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا الحديثة.
وقال سموه ــ في كلمة له بمناسبة عيد الاتحاد الـ53 للدولة ــ إن ما تحقق في يوم الثاني من ديسمبر عام 1971 هو رمز لانتصار الإرادة القوية، وقدرة العمل المخلص على تحقيق هدفه مهما كانت الصعوبات والتحديات، وهذه المعاني هي التي تدفع مسيرتنا نحو الأمام وتقف وراء ما تحققه بلادنا من نجاحات في كل المجالات، ومن المهم أن يتذكر أبناؤنا على الدوام أنهم أبناء وطن الإرادة وتحدي المستحيل وأن الإمانة التي تركها زايد لنا جميعاً تحتاج إلى العمل المخلص لصيانتها، وأن امتلاك كل أسباب التفوق والتميز وفي الوقت نفسه التمسك بهويتنا وقيمنا وتقاليدنا الأصيلة هو طريقنا لبناء حاضرنا المشرق ومستقبلنا الأفضل والأجمل بإذن الله تعالى.
وأشار سموه إلى أنه في هذا اليوم المجيد ندعو بالرحمة للقائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” الذي استطاع أن يحقق وإخوانه من القادة المؤسسين هذا الإنجاز التاريخي الفارق ووضع الأسس القوية والراسخة لانطلاق دولتنا نحو التقدم والريادة في مختلف المجالات، كما ندعو بالرحمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان الذي عزز نهج زايد وسار عليه تاركاً بصمات بارزة في مسيرة التنمية الوطنية.
وقال سموه “في العيد الوطني الثالث والخمسين، هذه المناسبة الوطنية الغالية المفعمة بكل معاني الوحدة والتصميم والإصرار، أتقدم بخالص التهنئة وأسمى آيات الولاء إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، الذي تنتقل دولة الإمارات تحت قيادته من إنجاز إلى إنجاز أكبر في ميدان التنمية والتقدم والازدهار، وتعزز حضورها على الساحتين الإقليمية والدولية رمزاً للحكمة والاتزان والعمل من أجل السلام والاستقرار والتعاون وكل ما يخدم البشرية ويحقق تطلعات الشعوب نحو مستقبل أفضل”.
وأضاف سموه “ كما أتقدم بالتهنئة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي “رعاه الله”، وإخوانه أصحاب السمو الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكام الإمارات، حفظهم الله، وشعب الإمارات الوفي والمقيمين على أرضها الطيبة”.
واختتم سموه بالقول “ ندعو الله في هذا اليوم المجيد أن يحفظ بلادنا وقائد مسيرتنا ويسدد على طريق الخير والبناء خطاه، وأن يعيد هذه المناسبة على الإمارات والعالم أجمع بالنماء والازدهار والسلام ..وكل عام وأنتم بخير”.
وتلقى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” ، برقيات تهنئة بمناسبة عيد الاتحاد الـ 53 للدولة، من ملوك ورؤساء وأمراء الدول الشقيقة والصديقة.
كما تلقى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله” ، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، برقيات تهنئة مماثلة بمناسبة عيد الاتحاد الـ53.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
رئيس بنك أوف أميركا بالشرق الأوسط لـ«الاتحاد»: الإمارات تُعيد هندسة حركة تدفّقات رأس المال العالمية
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
تُعيد دولة الإمارات تشكيل هيكلية رأس المال العالمي، حيث لا يقتصر دورها على المشاركة في التدفقات الرأسمالية العالمية، وإنما يمتد ليشمل المساهمة في هندسة حركة تلك التدفّقات، بحسب أرشد غفور، رئيس بنك أوف أميركا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي أكد لـ«الاتحاد» خلال فعاليات «أسبوع أبوظبي المالي» أن الإمارات تبني الشبكات والمؤسسات والمنظومات المعرفية التي ستُحدِّد معالم الترابط الاقتصادي للسنوات العشر القادمة.
أخبار ذات صلةوقال غفور: إن الإمارات برزت على الصعيد العالمي، كواحدة من أكثر المستثمرين نفوذاً في العالم، مدعومةً بصناديق ثروة سيادية تدير أصولاً قيمتها 3 تريليونات دولار، كما تم تخصيص مبالغ ضخمة لتنفيذ الاستراتيجية الاستثمارية لدولة الإمارات، وفضلاً عن ذلك أعلنت الإمارات والولايات المتحدة في مارس الماضي عن إطار استثماري مشترك بقيمة 1.4 تريليون دولار لمدة 10 سنوات، يشمل مجالات الذكاء الاصطناعي، والتصنيع المتقدم، والبنية التحتية للبيانات، والطاقة النظيفة، معتبراً أن هذا الإعلان يمثّل التزاماً سياديّاً غير مسبوق يعكس عزم الإمارات على تشكيل الجيل القادم من القطاعات العالمية.
وتابع: أن ريادة الإمارات لا تقف عند هذا الحدِّ فحسب، إذ إن الشراكات التقنية التي تبرمها الدولة تلفت أنظار العالم بشكل متزايد، ومنها على سبيل المثال شراكة مجموعة «جي 42» مع «مايكروسوفت» بقيمة 1.5 مليار دولار، والتي تم الإعلان عنها عام 2024 لتسريع اعتماد الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية، منوهاً بأن هذه الشراكة تؤكد التزام الإمارات بترسيخ مكانتها في قلب شبكات الابتكار المستقبلية العالمية، ونقل هذا الزخم عبر الحدود.
فرصة جوهرية
وفيما يخصُّ «أسبوع أبوظبي المالي» قال غفور: إن استضافة فعاليات أسبوع أبوظبي المالي تأتي في خضمِّ بيئة عالمية معقّدة تحكمها الكفاءة السياسية للدول، غير أن هذا المشهد يكشف عن فرصة جوهرية لمن يستطيع سد فجوة التدفقات العالمية لرأس المال والمواهب والتكنولوجيا.
وأوضح أن قلة من الدول فقط استطاعت أن تظهر مثل هذه القدرة كما فعلت الإمارات، حيث تقف الدولة اليوم عند نقطة التقاء أوروبا وآسيا وأفريقيا، ليس فقط كمركز مصرفي أو تجاري عالمي، وإنما أيضاً كممر لتدفقات رأس المال يربط القارات والاقتصادات، مشدداً على أن دولة الإمارات أصبحت مركزاً مالياً يتم فيه هندسة تدفّقات رأس المال العالمية وليس فقط توجيهها.
ويرى غفور، أن المؤشرات الاقتصادية لدولة الإمارات تشير إلى هذه الحقيقة بكل وضوح، فمن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدولة الإمارات في عام 2025 إلى 2.1 تريليون درهم (وفقاً لتقديرات «بنك أوف أميركا»)، بالمقارنة مع 1.8 تريليون درهم في عام 2024، وبنسبة نموٍّ قوية تبلغ 4%.
وأضاف: الأهم من ذلك مساهمة الأنشطة الاقتصادية غير النفطية بأكثر من 75% من هذا الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة الأعلى في تاريخ الدولة على مر 54 عاماً. وتابع: أن الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي شهد نمواً بنحو 5% في العام ذاته، مما يعكس اقتصاداً متنوعاً قائماً على التجارة، والخدمات اللوجستية والتمويل، والخدمات، والصناعة، والابتكار، منبِّهاً أن هذه المكاسب ليست مؤقتة، وإنما هي نتيجة مباشرة لعقود طويلة من التخطيط الاستشرافي والتركيز المتواصل من القيادة الإماراتية الرشيدة.
المصدر الأكبر
ووفقاً لرئيس بنك أوف أميركا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن الإمارات تُعتبر أيضاً المصدر الأكبر للاستثمار الأجنبي المباشر في القارة الأفريقية، بنحو 200 مليار دولار، وهو رقم يشهد نمواً متواصلاً، ويخصَّص ثلثه للطاقة الخضراء. وذكر أنه يندرج في هذا الإطار أيضاً العديد من الصفقات الكبرى، ومنها الاستحواذ على شركة «ألايند داتا سنترز» وتحويلها إلى شركة خاصة (بقيمة إجمالية 40 مليار دولار)، كما تضمّنت الصفقات أيضاً استحواذ أدنوك على شركة «كوفيسترو» (بقيمة إجمالية 15 مليار يورو)، وكذلك استحواذ مبادلة كابيتال على شركة «سي آي فايننشال» (بقيمة إجمالية 12 مليار دولار)، مؤكداً أن هذه الصفقات توضّح حجم وعمق رأس المال المرتبط بدولة الإمارات على المستوى الدولي.
ويرى غفور، أن تدفق الاستثمارات الواردة يؤكد أهمية مكانة الإمارات بكل وضوح، فمع استقطاب 45.6 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2024، وتحقيقها المرتبة الثانية عالمياً في اجتذاب المشاريع التأسيسية الجديدة، تواصل الإمارات جذب الشركات والمبتكرين والمستثمرين الباحثين عن الاستقرار والتوسع والوصول إلى الأسواق العالمية.
بنية تحتية عالمية المستوى
أشار أرشد غفور إلى أن ما يميز دولة الإمارات هو قدرتها على صياغة رؤية واضحة للمستقبل وتوجيه رأس المال بشكل استراتيجي لبناء أنظمة معرفية وبنية تحتية عالمية المستوى، مدللاً على التفكير الاستشرافي للدولة بتعيين وزير مُخصَّص للذكاء الاصطناعي، توجه صناديق الثروة السيادية والمؤسسات الاستثمارية الكبرى في أبوظبي ودبي، رؤوس الأموال نحو الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة، ومراكز البيانات الضخمة، والتكنولوجيا العميقة، والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، والبنية التحتية اللوجستية عالمية المستوى، والتميز في أنظمة الرعاية الصحية والتعليم المتقدم، ومنبهاً في الوقت ذاته أن هذه الاستثمارات تمثّل المحرّكات الأساسية للقدرة التنافسية طويلة الأجل، حيث تظهر أبحاث «بنك أوف أميركا» أن الاقتصادات القادرة على الاستثمار في البنية التحتية المادية والإمكانات الرقمية ورأس المال البشري في آن معاً تحقق نمواً أقوى وأكثر مرونة، ولذا تعتبر الإمارات من الدول القليلة التي تنجح في تطبيق هذا النهج على نطاق واسع، وأصبحت اليوم وجهة مفضلة للمواهب العالمية.
ركيزة أساسية
ورداً على سؤال عن أسواق رأس المال في الإمارات، قال غفور، إن تطور أسواق رأس المال في الإمارات يمثّل ركيزة أساسية أخرى لاستراتيجية الدولة، خاصة أن أبوظبي العالمي، الذي أصبح الآن أكبر مركز مالي دولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سجّل أكثر من 11100 ترخيص نشط بنهاية النصف الأول من عام 2025، مع ارتفاع الأصول الخاضعة للإدارة بنسبة 42% على أساس سنوي.
وقال: إن هذا النمو يرافق عقد شراكات استراتيجية مع مديري أصول عالميين من بينهم «بلاك روك» و«أبولو»، مما يسهم في توفير السيولة والمعايير العالمية وتعزيز مشاركة المؤسسات، لافتاً إلى أن مركز دبي المالي العالمي يضم حوالي 8500 شركة نشطة، بإجمالي قوى عاملة يتجاوز 50 ألف موظف متخصص يديرون أصولاً تتجاوز قيمتها 1 تريليون دولار، وهكذا انتقلت أسواق رأس المال الإماراتية من دعم النمو المحلي إلى الاندماج الفاعل في الأنظمة المالية العالمية الكبرى.
وحسب غفور، فإن من المزايا التنافسية الحيوية للإمارات أنها أصبحت مركزاً عالمياً للتنقل، حيث تجتذب المواهب من جميع أنحاء العالم بفضل استقرارها وأمنها وانفتاحها، وبنيتها التحتية الفريدة، وجودة الحياة فيها، موضحاً أن التنوع والشمولية فيها ليسا مجرد أهداف طموحة فحسب، وإنّما يشكّلان واقعاً ملموساً يُعزِّز قدرة الدولة على الابتكار، وفي عالم أصبحت فيه المواهب (محركاً للتكنولوجيا) و(التكنولوجيا محركاً لرأس المال) تتمتع الإمارات بقدرة عالية على استقطاب الموارد البشرية، مختتماً بالتأكيد على أنه مع التقاء العالم في أبوظبي هذا الأسبوع، تتجلّى حقيقة واحدة هي أنّ الإمارات لم تَعُدْ تتأثر بتدفقات رأس المال العالمي، بل أصبحت شريكاً فاعلاً في تحديد مساراته.