تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد المهندس محمد الجلالي، رئيس مجلس الوزراء السوري، أن بلاده تعمل على توفير كل مقومات ومتطلبات المعركة ضد الإرهاب وداعميه، وذلك تعليقًا منه على التطورات الميدانية الجديدة الخاصة بإحراز التنظيمات الإرهابية تقدما عسكريا في معارك إدلب وحلب وحماة.
وقال الجلالي، في اجتماع لمجلس الوزراء اليوم، نقلا عن وكالة الأنباء السورية، إن الشعب السوري سيستمر في الوقوف خلف رجال الجيش والقوات المسلحة حتى تحرير كل شبر دنسه الإرهاب، موضحًا أن الظروف الاستثنائية تتطلب اتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة ما يحاول الإرهاب فرضه.


وأكد مجلس الوزراء أنه ناقش تداعيات الوضع في حلب ومحيطها جراء اعتداءات المجموعات الإرهابية، مؤكدا أن قوى العدوان والإرهاب لن تستطيع كسر إرادة الشعب السوري المؤمن بوطنه ومبادئه.
وأحرزت ميليشيا هيئة تحرير الشام الإرهابية (جبهة النصرة سابقا) والفصائل المسلحة الموالية لها في منطقة إدلب، تقدما سريعًا بالسيطرة على قلب مدينة حلب السورية، وسط معارك طاحنة أمام الجيش السوري والقوى الداعمة له في إدلب وحماة وحلب، فرض فيها الجيش السوري مؤخرا طوقا أمنيا حول حماة، مؤكدا أنه يشن ضربات ضد تجمعات المسلحين الإرهابيين.
وتضم إدلب والمنطقة المحيطة بها نشاطًا لعدد من التنظيمات المسلحة التي تشارك في المعارك الدائرة ضد الجيش السوري، تقودها مليشيا هيئة تحرير الشام.
وفي وقت سابق، وقبل اشتعال المعارك ضد النظام السوري، وقعت هذه الفصائل الإرهابية في القتال الداخلي فيما بينها نظرا للخلافات الداخلية بينها، لكنها في الآونة الأخيرة وجدت فرصها لاستعادة تأثيرها في الهجوم على مناطق سيطرة النظام السوري، للسيطرة على مدينة حلب والطرق المهمة بالمنطقة، وذلك استغلالا للتغيرات العسكرية في المنطقة، وخاصة المواجهات التي دارت بين حزب الله اللبناني ودولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث سحب الحزب عناصره وأخلى الكثير من مواقع تمركزه الداعمة للجيش السوري، ما أثار شهية عدد من الفصائل الإرهابية لشن هجوم ضخم على النظام السوري. تستعرض "البوابة" خريطة التنظيمات الإرهابية المشاركة في معارك إدلب وحلب وحماة ضد الجيش السوري، مع عرض لأبرز الخلافات التي خلقت اشتباكات داخلية بينها في الفترة السابقة.


هيئة تحرير الشام

مليشيا هيئة تحرير الشام الإرهابية (جبهة النصرة سابقا)، وكانت في بدياتها تابعة لتنظيم القاعدة، حينما أعلن زعيمها أبو محمد الجولاني مبايعة أيمن الظواهري في العام 2013 ردا على إعلان زعيم تنظيم داعش الإرهابي الذي ادعى اندماج جبهة النصرة مع تنظيمه (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام)
وفي العام 2016 عادت الجبهة الإرهابية إلى الواجهة بعدما غيرت اسمها إلى "هيئة تحرير الشام" وأعلنت انفصالها عن تنظيم القاعدة، وكانت تسمت أيضا باسم "فتح الشام".
ويبدو أنها اتجهت لهذه التغيرات بهدف محو تاريخها الإرهابي والعنيف، وإعطاء صورتها بريقا جديدا يتلاءم مع وصفها تضليلا بـ"المعارضة"
بعد هزائمها المتتالية أمام الجيش السوري والقوى الحليفة له من روسيا وإيران، وانسحبت بدورها إلى منطقة إدلب، وشكلت مجلسا عسكريا يضم عدد من الفصائل المسلحة الموالية لها مثل فتح الشام، لواء الحق، أنصار الدين، وجيش السنة، إضافة إلى فصائل مثل الجيش الحر وصقور الشام.
وضربت الانقسامات الداخلية صفوف الفصائل المنضوية تحت راية "تحرير الشام"، ووجهت اتهامات لبعضها البعض، مثل اتهامات تنظيم حراس للهيئة بالخيانة والعمالة.

تنظيم حراس الدين

هو تنظيم فرعي تابع لتنظيم القاعدة، يتواجد في إدلب،  سبق وأن وجه، في أغسطس 2023، اتهامات بالخيانة والعمالية لخلية بقيادة أبو مارية القحطاني (قتل في تفجير بمقر إقامته منسوب لعناصر تنظيم داعش) وهو الذراع اليمنى لزعيم "تحرير الشام" أبو محمد الجولاني.
وطالب "حراس الدين" بفتح التحقيق مع الخلية المتهمة بالعمالة لصالح قوات التحالف الدولي ولصالح القوات الروسية، وألقت "تحرير الشام" القبض على العناصر المتهمة وفرضت على أهالي المنطقة حظرا لمنع نشر أو تداول أي معلومات عن الخلية الموقوفة.
ونقلا عن المرصد السوري، فقد أصدر تنظيم الحراس بيانا بعنوان "نحن أولياء الدم" طالب خلاله هيئة تحرير الشام بإنشاء لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق مع الموقوفين لدى الهيئة بخصوص مقتل قيادات من صفوفها. وجاء في البيان: "بعد التطورات الأخيرة في الساحة الشامية التي أدت إلى اكتشاف جهات عميلة للتحالف الصهيوصليبي وغيرهم من أعداء الإسلام في بلاد الشام: فإننا نطالب بتحقيق مستقل يشرف عليه خيرة مجاهدي الشام، وقضاء مستقل يقوم به خيرة القضاة من أهل الشام بحق هؤلاء الجواسيس والعملاء القابعين في سجون الفئة التي تدعي سيطرتها على المناطق المحررة".
وفي أغسطس 2024، استهدفت قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن أحد قيادات "حراس الدين" بضربة جوية وهو المدعو أبو عبدالرحمن المكي، وكان التحالف الدولي قد سبق وأن استهدف عددا من قيادات التنظيم في إدلب، مثل "أبو حمزة اليمني"، و"أبو البراء التونسي"، حيث تحاول هذه الضربات إضعاف التنظيم لمنع أي فرصة لتوحش تنظيم القاعدة في سوريا.

 

الجبهة الشامية

تساند التنظيمات المسلحة المنضوية تحت راية ما تعرف بـ"الجبهة الشامية" مليشيا الهيئة في معاركها في إدلب وحلب وحماة ضد الجيش السوري والقوات الموالية له. 
وتضم الجبهة فصائل موالية لها مثل: جيش المجاهدين، ولواء التوحيد، وجبهة الأصالة والتنمية، وأحرار الشام.
في أكتوبر الماضي، وبحسب بيان للمرصد السوري، فقد دارت اشتباكات عنيفة بين الجبهة الشامية ولواء صقور الشمال من جهة، والقوة المشتركة والسلطان مراد (المعروفة بالعمشات) من جهة أخرى، في قرى كفرجنة وقطمة في ناحية شران في ريف عفرين. ونتيجة الاشتباكات بين الجبهة الشامية والقوة المشتركة انقطع طريق إعزاز-عفرين، وسط استنفار للقوات التركية المتمركزة في قاعدتي كفرجنة والغزاوية.

 

العمشات والحمزات

وتساند التنظيمات المسلحة المعروفة باسم العمشات وأخرى باسم الحمزات، ومنهما تشكلت "القوة المشتركة"، وهو تشكيل عسكري رئيسي في شمال سوريا، يساند في المعارك الدائرة ضد الجيش السوري والقوات الموالية لها.

ومنذ انحسار تمدد التنظيمات المسلحة الإرهابية أمام انتصارات الجيش السوري، وتراجعها إلى مدينة إدلب دخلت في دوامة الخلافات الداخلية فيما بينها، إحدى هذه الخلافات التي تصل دائما إلى الاقتتال والاشتباكات المسلحة وحرب الشوارع فيما بينها، هو اختلافها على العائدات المالية من عمليات تهريب البشر عبر الحدود، أو بيع النفط، أو احتكار المواد الغذائية.
في مارس من العام 2022، دارات الخلافات بين فصائل تسمى: "فرقة الحمزة، الفرقة 20، السلطان مراد، لواء شهداء بدر" المنضوين ضمن ما يسمى "الجيش الوطني".
ووفقا لبيان صادرعن المرصد السوري في وقت سابق، فإن خلافًا داخليًا بين مجموعات تابعة لـ"فرقة الحمزة"، حيث قُتل عنصر من الفرقة برصاص عناصر آخرين من ذات الفصيل على حاجز العزيزية في مدينة رأس العين.
وتابع المرصد أن المعلومات لديه تفيد بأن سبب الخلافات يعود إلى تقاسم النفوذ والإتاوات من طرق لتهريب البشر إلى تركيا وتهريب المحروقات والمواد الغذائية من وإلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وتعمد قادة الفصائل من إنقاص كمية الدعم اللوجستي والعسكري والأغذية والرواتب عن بعض المجموعات على حساب أخرى بقصد الضغط عليها للانضمام لفصائل ومجموعات تتلقى أكثر من غيرها هذا الدعم.
وهكذا فإن التنظيمات الإرهابية التي عانت من توترات داخلية فيما بينها، وعانت تحديدا مليشيا "تحرير الشام" من مظاهرات استمرت لشهور من المواطنين ضد زعيمها "الجولاني" بسبب الممارسات القمعية التي تمارسها المليشيا الإرهابية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المعركة ضد الإرهاب التنظيمات الإرهابية هيئة تحرير الشام حراس الدين التنظیمات المسلحة هیئة تحریر الشام ضد الجیش السوری تنظیم القاعدة فیما بینها حلب وحماة فی إدلب

إقرأ أيضاً:

بقاء الفصائل المسلحة في سوريا هل يقود إلى حرب أهلية

 

 

رغم التحسن النسبي للأوضاع الأمنية في سوريا قياسا بحالها نهاية العام الماضي، يبقى احتمال انزلاق هذا البلد في نفق الحرب الأهلية أمرا واردا مع استمرار الأسباب الجذرية للصراع وفي المقدمة الانتشار الواسع للفصائل المسلحة المتقاطعة المصالح والطموحات والنفوذ وغياب الشرعية السياسية الجامعة وأكثر من ذلك تجدد العوامل المغذية للصراع الطائفي والعرقي في بلد تنهشه تركة هائلة من الأزمات.

تحليل / أبو بكر عبدالله

منذ الإطاحة السريعة بنظام بشار الأسد، لم تعرف سوريا سوى استقرار نسبي خيب آمال كثيرين مع تصاعد وتيرة التهديدات الأمنية والتوترات بين الفصائل المسلحة المرتبطة بهيئة تحرر الشام ومسلحي الأقليات العلوية والكردية والدرزية، الذين تحولت مناطقهم إلى مسارح لمواجهات مسلحة وأعمال عنف وانتهاكات زادت منها العودة القوية لمسلحي تنظيم “القاعدة” وكذلك مسلحي تنظيم “داعش” الذي دعا مؤخرا هيئة تحرير الشام إلى التوبة والعودة “وترك الطاغية الجولاني”.
والترتيبات التي قادتها القيادة السورية -هيئة تحرير الشام- بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، تمكنت من احتواء 18 فصيلا مسلحا، أعلنت حل نفسها والاندماج ضمن الهيكل التنظيمي لهيئة تحرير الشام التي لم تحل نفسها بعد، في حين تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 400 فصيل مسلح نشط في الساحة السورية يعملون خارج نفوذ هيئة تحرير الشام التي تتولى الحكم المركزي في سوريا حاليا دون القدرة على السيطرة على بقية الفصائل.
والفصائل المسلحة “السنية” الخارجة عن نفوذ هيئة تحرير الشام تنتشر اليوم في كامل الأراضي السورية تقريبا، ويتصدرها فصيل” جيش الإسلام” والمتمركز حاليا في مناطق الشمال السوري وإلى جوارها “حركة أحرار الشام” والفصائل التي عملت تحت مظلة “غرفة عمليات فجر الحرية” التي شاركت في عمليات الإطاحة بنظام الأسد، وتضم العديد من الفرق العسكرية أبرزها فرقة السلطان مراد” وفرقة ” السلطان سليمان شاه” وفرقة الحمزة” وفصيل الجبهة الشامية، فضلا عن عشرات الفصائل غيرها.
وإلى جانب الفصائل المسلحة التي تتبع الأقليات العلوية والدرزية والكردية، هناك العشرات من الفصائل المسلحة سواء المرتبطة بدول إقليمية أو المحسوب بعض قياداتها على النظام السابق، وتعيش في حالة استنفار دائم تجاه هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة الإسلامية القريبة منها.
جميع الفصائل السنية التي تحالفت للإطاحة بنظام بشار الأسد بما فيها المندمجة ضمن هيئة تحرير الشام، لا تزال حتى اليوم تعيش حالة انقسام، وليس هناك أي مؤشرات ترجح قدرة السلطة السياسية الجديدة بقيادة احمد الشرع على احتواء هذه الفصائل التي لا تزال تثير قلقا داخليا وخارجيا وتضعف ثقة الأقليات السورية بالسلطة الانتقالية الجديدة، ما دعا العديد من الأطراف إلى توجيه تحذيرات من مخاطر أن يقود استمرار هذا الوضع الدولة السورية الجديدة إلى نفق الفوضى والحرب الأهلية.
ورغم الجهود التي نجحت في اقناع العديد من الفصائل المسلحة، للاندماج بالجيش الذي تقوده السلطة الانتقالية إلا أن هذا الجيش لا يزال يفتقر حتى اليوم للقيادة الموحدة، ما يزيد من احتمالات تفجر الصراع المسلح.
غير بعيد عن ذلك التنافس الحاد بين الفصائل المسلحة التابعة للسلطة الحاكمة والتوترات الحاصلة بينها وبين الفصائل المنشقة، والتي ترجح التقديرات أنها ستتحول مع مرور الوقت إلى صراعات مسلحة واسعة النطاق تلوح بذهاب سوريا من جديد إلى نفق الحرب الأهلية.
مشهد مضطرب
المخاوف من إمكان انزلاق سوريا مجددا في الفوضى والحرب الأهلية في ظل حكم الفصائل المسلحة المتصارعة تبدو اليوم واقعية كثيرا بالنظر إلى هشاشة الوضع الأمني وتصاعد العنف الطائفي والعرقي الذي سجل مؤخرا فصولا مأساوية في المواجهات بين قوات الحكومة الجديدة والأقليات العلوية والدرزية وأدت إلى مقتل المئات فضلا عن المواجهات المندلعة مع الأكراد في مناطق الشمال الشرقي والتي تثير أيضا مخاوف من انفجار عنف مجتمعي واسع النطاق في هذا البلد الذي مزقته الحروب.
هذه الصراعات وغيرها من الصراعات التي تواجه طوائف أخرى في الخارطة السورية، لم تكن بعيدة عن جوهر الصراع الطائفي والعرقي الذي يعصف بالبلد منذ عقود، وتفجرت جميعا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، نتيجة تسيد فصيل مسلح واحد على مشهد الحكم في ظل اقصاء الفصائل السياسية والطوائف الأخرى التي شعرت بالقلق من مخاطر تعرضها للسحق على خلفيات سياسية أو ثقافية أو طائفية.
ويصعب التكهن بقدرة السلطة السورية الجديدة التي استولت على الحكم بدعم تركي مكنها تاليا من الحصول على اعتراف دولي، على اذابة المشهد السوري المنقسم والمتوتر، فهي لا تزال تواجه ضعفاً وهشاشة في ظل انقسام الفصائل المسلحة المنخرطة فيها، فضلا عن علاقاتها المتوترة مع الفصائل المسلحة اختارت خوض حربها في مناطق مختلفة من الأراضي السورية بصورة مستقلة.
يتزايد التهديد في مناطق الأكراد بشمال شرق سوريا والتي تديرها قوات سوريا الديموقراطية (قسد) المعروفة باسم “وحدات حماية الشعب” حيث تراها تركيا الحليفة لهيئة تحرير الشام بكونها فرعاً لحزب العمال الكردستاني، ومصنفة من جانبها ودول أخرى كتنظيم إرهابي.
ذلك أن تركيا لا تزال مصرة على القضاء على نفوذ قوات سوريا الديموقراطية، من خلال دعمها الواسع لقوات الجيش الوطني الذي يخوض معها معارك بصورة مستقلة عن الإدارة السورية بهدف طردها من مناطق الشمال الشرقي السوري رغم خطوات المصالحة التي اتخذتها أنقرة مؤخرا مع حزب العمال الكردستاني.
ولا يستبعد المراقبون أن تأخذ التداعيات الأمنية في هذه المناطق مسارا دراماتيكيا، في ظل الترتيبات الجارية لاستلام هيئة تحرير الشام من قوات “قسد” السجون التي تأوي الآلاف من أسرى تنظيم “داعش” بما فيهم زوجاتهم وأطفالهم في ظل مخاوف من احتمال فرارهم أو الفشل في السيطرة عليهم بما قد يؤدي إلى كابوس أمني قد يهدد أمن الدولة السورية لعقود.
التدخل الخارجي
إشكالية أخرى تواجهها سوريا اليوم تتمثل بالتدخل الإقليمي والدولي الواسع، والذي تتصدره تركيا في الشمال، وروسيا في الساحل السوري وكذلك إسرائيل التي تستولي حاليا على أجزاء من الأراضي السورية في الجنوب، في حين تتهم تركيا بالعمل على توسيع نفوذها فيما تسميه “المنطقة الآمنة” بالشمال.
والتدخلات الخارجية في الشأن السوري تبدو متفردة عن كل نظيراتها في العالم فهي تمضي بصورة علنية بدءا من التدخل التركي في دعم فصائل مسلحة في الشمال وصولا إلى التدخلات الإسرائيلية في الجنوب، مرورا بالعديد من الأطراف الدولية التي وجدت لها موطئ قدم بعد ان منحت النظام الجديد اعترافا سهلا.
وعلى أن شكل التحالفات الدولية القائم حاليا عمل على ضمان قدر من التماسك الأمني، غير أن أي تغيير مفاجئ للتحالفات الدولية أو انسحاب مفاجئ للقوات الروسية أو الأمريكية أو التركية قد يعمل على إحداث فراغ أمنى يقود إلى اشتعال صراعات مسلحة.
ويبدو أن تركيا كانت مدركة لهذه الحسابات ولذلك عملت على أن يكون لها حضور عسكري مباشر بداخل الأراضي السورية رغم أنها تسيطر على القرار السياسي لدى السلطات الانتقالية ممثلة بهيئة تحرير الشام، وتريد لذلك منع حصول أي فراغ سياسي يفقد الحكومة المؤقتة زمام السيطرة ويقحمها في موجة صراعات محلية.
الحال كذلك مع دولة الاحتلال الإسرائيلي التي عملت على توسيع تواجد قواتها في مناطق الجولان المحتل وصولا إلى جبل الشيخ، تحت ذرائع منع وصول السلاح إلى حزب الله من فصائل مسلحة موالية أو تابعة للنظام السابق، في حين أنها تنظر بتوجس إلى التركيبية الحالية للسلطة الانتقالية وتخشى من مخاطر صعود فصائل مسلحة متطرفة موالية لتركيا قد تهدد امنها مستقبلا.
معضلات داخلية
رغم محاولات السلطة الانتقالية الجديدة إنشاء جيش موحد إلا ان هذا الهدف لم يتحقق حتى اليوم في ظل المشكلات العميقة والمعقدة التي تواجهها وفي المقدمة هشاشة قواتها التي تشكلت من فصائل مسلحة غير متوافقة بما فيها الفصائل المنشقة عن تنظيمي “القاعدة” و”داعش” اللذين ينشطان باستقلالية في مناطق الصحراء والبادية السورية وبعض المناطق الشمالية.
ولم يعد سرا اليوم أن كل فصيل مسلح أصبح يمارس نشاطاته بصور تحت مظلة حكومة مؤقتة مختلفة، ومنها على سبيل المثال “حكومة الإنقاذ” التابعة لهيئة تحرير الشام و”الحكومة المؤقتة” التي يقودها الجيش الوطني المدعوم من تركيا في الشمال.
يضاف إلى ذلك استمرار بقاء هيئة تحرير الشام بقوامها التنظيمي دون أي خطوات عملية لحلها كما كان يتوقع، وكذلك الخلفية التاريخية لقيادات الجيش الجديد والتي يصنف بعضها كإرهابيين بما فيهم الرئيس الانتقالي أبو محمد الجولاني المعروف حاليا باسم احمد الشرع، وهي عوامل جعلت من مشروع إنشاء جيش وطني موحد يحظى باعتراف الداخلي والخارجي من أكثر الملفات الشائكة والمؤجلة حتى اليوم.
ومن الناحية السياسية، ثمة إشكالية عميقة تتمثل بغياب الشرعية السياسية الموحدة، في ظل غياب أي توافق سياسي ناهيك عن عدم وجود مرجعية سياسية مشتركة حتى بين الفصائل ذات اللون المذهبي الواحد.
وتأتي الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الكارثية التي تعيشها سوريا ضمن العوامل المعززة لحالة عدم الاستقرار، حيث تعيش البنية التحتية حالة انهيار شاملة في ظل تردي كبير للخدمات الأساسية وهي عوامل تغذي حالة السخط الشعبي في ظل تردٍ البنية التحتية ودمار معظم المدن وانهيار الخدمات الأساسية وارتفاع معدلات البطالة والفقر لنسب تصل إلى 90 % مع فقدان أكثر من 90 % من السكان لسبل العيش الكريم ما يجعل حصول احتجاجات عنيفة في أي وقت أمرا واردا.
محاولات غير كافية
المؤكد أن إزالة التشوهات الحاصلة في المشهد الداخلي السوري أمر لا يمكن إصلاحه بمجرد حصول السلطة الانتقالية على اعتراف دولي أو رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عنها أو حصول رعاية عربية لإعادة البناء، فعملية كهذه تحتاج إلى جهود وتكاليف هائلة تركز أولا على تعزيز عمل المؤسسات بالتوازي مع جهود فعالة لإعادة الإعمار وتحسين الأوضاع الاقتصادية وهي أمور يستحيل تحققها في الوضع السوري الراهن وتحتاج إلى ما لا يقل عن عشر سنوات للتعافي.
وفي حال فشلت هذه الجهود بتحقيق الأهداف فإن اقل السيناريوهات تشاؤما هو حدوث صراعات بين الفصائل المسلحة ما سيحول المناطق السورية إلى بؤر مشتعلة للصراع والاستقطاب والتدخلات الخارجية وذلك سيقود حتما إلى انهيار سريع للسلطة الانتقالية والانزلاق إلى دوامة حروب داخلية.
ومعلوم أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات الانتقالية والدول الإقليمية الحليفة مؤخرا في إعادة فتح سفاراتها في دمشق وتعليق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على سوريا، كانت مهمة وتصب في إطار تعزيز الاستقرار في سوريا خصوصا وهي تزامنت مع إجراءات داخلية على صلة ببناء مؤسسات الدولية وصياغة الدستور الجديد والاشتغال بملف العدالة الانتقالية غير أن هذه الإجراءات تمضي ببطء شديد ولا تبدو كافية لتحصين المشهد السوري من دوامة الصراع.
وكل ما تحقق خلال الشهور الماضية يبدو مهددا بالزوال في حال تصاعدت حدة الخلافات بين الفصائل المسلحة بداخل الحكم أو بينها والفصائل المسلحة خارجها، وأكثر من ذلك التقديرات التي تحذر من مخاطر محاولات هيئة تحرير الشام إعادة إنتاج نموذج حكمها السابق في ادلب وتعميمه في جميع أنحاء البلاد وهي خطوة إن حصلت فإنها ستقود فورة اضطرابات وحروب قد تعم الخارطة السورية في غضون ساعات.

مقالات مشابهة

  • فوز أهلي حلب على الجيش في الجولة الأولى للدور ربع النهائي من دوري كرة السلة للرجال، وذلك في المباراة التي جمعتهما اليوم في صالة الفيحاء بدمشق
  • تأجيل محاكمة 22 متهم بخلية القاهرة الجديدة الإرهابية لـ 3 أغسطس
  • كاتس يتوعد حماس
  • الجيش السوري الجديد بين قواعد الإدارة الانتقالية والانفلات الأمني على الأرض
  • “رجال الأمن.. عيون الوطن الساهرة” .. البرهان يؤكد أن المعركة مستمرة ولن تتوقف إلا بالقضاء على مليشيا آل دقلو الإرهابية
  • مشروع الهيئة: أن تعرف ما تريد خلال الطريق
  • تحرير 153 مخالفة للمحال التي لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق
  • بقاء الفصائل المسلحة في سوريا هل يقود إلى حرب أهلية
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة: إلى العاملين في الجيش والقوات المسلحة، إن التزامكم بلوائح السلوك والانضباط -التي ستصدر بعد قليل- يعكس الصورة المشرقة التي نسعى لرسمها في جيش سوريا، بعدما شوّهه النظام البائد وجعله أداةً لقتل الشعب السوري، فيما نعم
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة: إيماناً بأن الجندية تمثل رسالةً سامية ومسؤوليةً وطنية كبرى، ولأن تصرفات أي عامل في القوات المسلحة تنعكس بالضرورة على الجيش بأكمله، كان من الضروري إعداد لائحة تتضمن الواجبات والمحظورات التي ترسم قواعد السلوك والانض