منذ السابع والعشرين من الشهر الماضي، تاريخ إعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، لم تتوقف الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاق، من خلال قصف القرى والبلدات الجنوبية والهجوم بالمسيّرات على مناطق لبنانية مختلفة، وإطلاق النار على المدنيين، وقيام الطائرات بالتحليق فوق بيروت، ووقوع العديد من الضحايا والإصابات، ومواصلة تهديد سكان القرى الحدودية بعدم العودة إليها، الأمر الذي استدعى اتصالات مكثفة من المسؤولين اللبنانيين مع واشنطن وباريس باعتبارهما يضمنان تنفيذ الاتفاق، لردع إسرائيل عن المضي في انتهاكاتها، والتحذير من مغبة هذا التصرف.
كان واضحاً أن إسرائيل تسعى من خلال هذه الخروق إلى فرض واقع جديد على الاتفاق يتجاوز بنوده، يسمح لها بحرية التحرك العسكري على طول الأرض اللبنانية بزعم عدم السماح لحزب الله بالوجود في الجنوب، وملاحقته في كل أماكن وجوده، الأمر الذي يضع الاتفاق في مهب الريح ويعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل السابع من نوفمبر/تشرين الثاني.
وفيما كان لبنان الرسمي يشتكي ويرفع صوته خشية انهيار الاتفاق، كانت واشنطن وباريس تراقبان الوضع من كثب، وأعلنت فرنسا علانية، أن إسرائيل خرقت الاتفاق 52 مرة من دون التنسيق مع لجنة المراقبة المكلفة بتنفيذ الاتفاق، كما أن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو اتصل بنظيره الإسرائيلي جدعون ساعر، محذراً من مغبة مواصلة الانتهاكات، لكن الوزير الإسرائيلي زعم أن إسرائيل «تطبقه رداً على انتهاكات حزب الله»، بينما قال وزير المالية الإسرائيلي بتسيئيل سموتريتش إن «إسرائيل لن تنتظر أية آلية لتنفيذ الاتفاق، وستواصل العمل لإحباط أي تهديد أو محاولة من جانب حزب الله لاستعادة قدراته».
لم تكن الولايات المتحدة بعيدة عن استشعار الخطر جراء الانتهاكات الإسرائيلية، إذ وجه المبعوث الأمريكي، رئيس لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار عاموس هوكشتين تحذيراً لإسرائيل على خلفية خرقها للاتفاق، فقد ذكر موقع «واينت» الإلكتروني أن الولايات المتحدة، حذرت إسرائيل منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، بأنها تقوم بخرق بنوده، ونقل عن مسؤولين أمريكيين قولهم: «هناك انتهاكات إسرائيلية للاتفاق، أبرزها عودة الطائرات المسيّرة بشكل مرئي ومسموع إلى سماء بيروت».
كانت الانتهاكات الإسرائيلية تتم فيما كان الجنرال الأمريكي المشارك في تنفيذ آلية وقف الأعمال العدائية جاسبر جيفرز يواصل محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين حول وسائل تطبيق الاتفاق وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب، حيث تم اعتبار هذه الانتهاكات بمنزلة رسالة إسرائيلية لمن يعنيهم الأمر بأن الموقف من الاتفاق يرتبط برؤية إسرائيل للتنفيذ وليس التقيد ببنوده حرفياً، وهي بذلك تستبق الاجتماع المتوقع خلال اليومين المقبلين في بيروت للجنة الخماسية المكلفة بالإشراف على تنفيذه بمشاركة هوكشتين وممثل الجانب الفرنسي الجنرال غيوم بونشان المتوقع وصوله اليوم.
ربما أرادت إسرائيل من خلال مواصلة انتهاكها لقرار وقف إطلاق النار وضع اللجنة الخماسية المكلفة بالإشراف على تنفيذه، أمام موقف جديد تستطيع من خلاله وضع شروط جديدة للهدنة يعطيها هامشاً لحرية حركتها العسكرية في لبنان.
بعد انتظار أسبوع على الانتهاكات الإسرائيلية، وجه حزب الله رسالة تحذيرية بأنه لن يصمت على مواصلة هذه الانتهاكات، بقصف الموقع الإسرائيلي في موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا المحتلة «كرد دفاعي أولي بعدما فشلت كل المراجعات للجهات المعنية بوقف هذه الخروق». لكن إسرائيل عاودت بعدها الاعتداءات على أكثر من قرية وموقع.
إن اتفاق وقف إطلاق النار أمام اختبار صعب طالما أن إسرائيل تريد تطبيقه على طريقتها من دون الأخذ بمضمونه ومندرجاته، أو الاستماع إلى التحذيرات الصادرة عن واشنطن وباريس بعدم اللعب بالنار، لأن القرار الذي اتخذ بوقف إطلاق النار في لبنان هو قرار نهائي وملزم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: حرب سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله عيد الاتحاد غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله الانتهاکات الإسرائیلیة وقف إطلاق النار أن إسرائیل من خلال
إقرأ أيضاً:
ترامب يعلن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بوساطة قطرية: تفاصيل الاتفاق والكواليس
صراحة نيوز-
دخل وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل حيز التنفيذ مساء الثلاثاء، بعد إعلان مفاجئ من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، في خطوة غير متوقعة كشفت عن وساطة معقدة قادتها قطر، وشارك فيها مسؤولون أميركيون وإسرائيليون وإيرانيون.
ووفقًا لما نقلته صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول كبير في البيت الأبيض، فإن ترامب فاجأ حتى أقرب مساعديه بإعلانه الاتفاق، وذلك عقب اتصالات أجراها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ومسؤولين إيرانيين، بوساطة مباشرة من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لعدم تخويله بالتصريح، أوضح أن نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، قادوا اتصالات مباشرة وغير مباشرة مع إيران منذ أبريل الماضي، في إطار جهود التوصل لاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وأشار إلى أن إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار بشرط أن تتوقف إيران عن تنفيذ أي هجمات جديدة ضدها. كما اعتبر أن الضربات الجوية الأميركية التي استهدفت ثلاث منشآت نووية إيرانية السبت الماضي – وهي أصفهان ونطنز وفوردو – لعبت دورًا حاسمًا في الضغط على طهران لقبول التهدئة.
وأشاد ترامب، في منشور على منصته “تروث سوشيال”، بالطيارين الأميركيين الذين قادوا قاذفات B-2 ونفذوا الهجمات على منشأة فوردو المحصنة، واصفًا إياهم بـ”الأبطال الذين أنهوا الحرب قبل أن تبدأ”.
في المقابل، أطلقت إيران مساء الاثنين نحو 14 صاروخًا على قاعدة العديد الجوية الأميركية في قطر، إضافة إلى قاعدتي عين الأسد والتاجي في العراق، دون أن تسفر عن إصابات بشرية، وفقًا لما أكدته وزارة الدفاع الأميركية.
وكانت إسرائيل قد شنت في 13 يونيو الجاري هجمات مركزة على مواقع داخل إيران، شملت منشآت نووية ومواقع عسكرية في طهران ومدن أخرى، وأسفرت عن اغتيال أكثر من 14 عالمًا نوويًا وعدد من القادة العسكريين البارزين.
وردت طهران بسلسلة من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة استهدفت مدنًا إسرائيلية كبرى بينها تل أبيب، حيفا، وبئر السبع، ما أثار مخاوف من اندلاع مواجهة إقليمية شاملة.
ورغم إعلان الاتفاق، لم تتضح بعد شروط إيران للموافقة على وقف إطلاق النار، غير أن مسؤولين أميركيين رجّحوا أن تكون طهران قدمت تعهدات تتعلق بالكشف عن مواقع تخزين اليورانيوم المخصب.
يبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كان هذا الاتفاق مؤقتًا لاحتواء التصعيد، أم بداية لمسار تفاوضي جديد بشأن الملف النووي والتوازنات الإقليمية