سودانايل:
2025-06-03@15:56:50 GMT

الفرق بين الإسلام السياسي والإسلام غير السياسي

تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT

محمود عثمان رزق

12/03/2024
كثير من السياسيين وغير السياسيين لا يفهمون الفرق بين فكرة الشخص الإسلامي صاحب التوجهات والبرنامج السياسي وبين المسلم الذي يعتقد أن الدين هو "عبادة بين العبد وبين ربه، وما لله لله وما لقيصر لقيصر" فلماذا لا يسمى الأخير "إسلامي" أيضاً؟. وفي الحقيقة الفرق بين الإثنين كبيرً جداً بالرغم من وجود أرضية مشتركة بينهما في مسائل العقيدة والعبادات والشعائر.

فالمسلم الذي ليس لديه برنامج سياسي هو ذلك المسلم الذي يؤدي عباداته في معزل عن معظم أنشطة وقضايا المجتمع. هذا العابد الزاهد الطاهر التقي يسبح ربه ويقرأ قرآنه ويحمل سبحته وهو في حاله لا يهتم بشئون الناس العامة ولا يتحدث في السياسة أو الحرب أوالتعليم أو الصحة أوغيره. وهذا النوع من التدين هو الذي يريده الغرب للمسلمين ويرضى عنه ياسر عرمان ويصفق له، ويراه صدقاً في التدين، ويرفع من شأنه وشأن أصاحبه يزفهم للخلوة للعبادة ويدخل هو الحكومة للسواطة!
وهذا النوع من التدين يسقط بالضرورة معظم أحكام القرآن الكريم الذي يعكف على تلاوته هذا العابدُ ليلاً ونهاراً. فالذي ينعزل عن المجتمع في الخلاء أو في خلوته أو بيته بعيداً عن المجتمع، غير مطالب - بحكم الواقع ومنطق العقل- بمسألة الدعوة، أو إقامة العدل، أو مسألة القضاء، أو مسألة الحرب، أو مسالة الصلح والسلام، أو مسألة الإقتصاد، أو أي مسألة من المسائل العامة التي تتعلق بإدارة الدولة. وذلك لأن الرجل بكل بساطة منعزل لايعيش في مجتمع إنساني ليهتم به ويتفاعل معه بكل ذلك. وبالتالي هذا النوع من التدين يلغي ويجمد بالضرورة كل الآيات القرآنية التي تخص الشأن العام، وتصبح تلاوة تلك الآيات القرآنية للأجر والتبرك فقط، ولن تجد لتلك الأحكام التي تخص الشأن العام أثراً على حياة ذلك العابد الزاهد، وهذا الطريق هو عين فكرة "هجر القرآن" ولو خًتم تلاوةً في كل يوم وكل ساعة.
أما الإسلام السياسي فهو ذلك النوع من الإسلام النشط الذي يرى كل شيء بنظارة الإسلام وفلسفته الوجودية، ولأصحاب هذا المذهب مقدرة فائقة لربط كل أنشطة الحياة بقيم الدين وحقائقه من غير أن تفقد تلك الأنشطة طعمها وجوهرها، وكما أن الأرض جُعلت للمسلمين مسجداً، فكذلك كل أوجه الحياة الإنسانية بالنسبة للإسلام السياسي مختبراً وميداناً ومعتركاً مفتوحاً للدخول. وطبعاً هذا النوع من الإسلام يعتبر حركة مزعجة يخافها الغرب ويخافها اليسار ويخافها البعثيون وغيرهم، وقطعاً يخافها ياسر عرمان وصحبه الطامعون في الحكم.
هذا النوع من الإسلام أو التدين مبني فلسفياً على الفكرة الإسلامية الفقهية المُجمع عليها والتي تقول: "إن العبادة المتعدية خير من العبادة اللازمة في الأجر" بمعنى أن إطعام الناس أجره أكبر من صلاة النافلة، وأن القتال دفاعاً عن المسلمين خير من صيام الدهر نافلة، وأن كفالة اليتيم أو العمل على كفالته خير من العمرة ...الخ (وبالطبع في كلٍ خير متفاوت في الدرجات). وهذا النوع من الإسلام النشط تجده في الإنتخابات والنقابات والصناعات العسكرية والمشاريع الزراعية وفي المتاجر وميادين الكورة، والحكومة والوزارت وفي الجيش وأركان النقاش وفي كل مكان، وكما قال الإمام الحريف لأصحابه بتاعين السيجة بعد صلاة الجمعة وهم يلعبون السيجة: "هنا نبكيكم ومن على المنبر نبكيكم" هههههههه.
وبهذا تكون الفكرة قد وضحت، فمن أراد تجميد معظم الأحكام القرآنية وهجرها على جميع المستويات، فعليه بحمل مصحفه وإبريقه وتبروقته ومعزته ويدقش الخلاء أو الخلوة فهو حر في قراره وهذا مبلغه من العلم وحسابه على الله لا يلومه أحد...ومن أراد تعمير الأرض ومداوسة أو مدافعة الأفكار الرأسمالية والليبرالية والشيوعية والبعثية والناصرية والطائفية والعنصرية وفقاً لتعاليم وفلسفة وقيم الدين فعليه بالإسلام السياسي فهو الحركة السياسية الأمثل التي تجابه هذه الأفكار وتهزمها وتقدم البديل، ولا بديل للإسلام السياسي إلا الإسلام السياسي مهما كانت الأخطاء ومهما تعثرت التجربة ومهما كان الثمن. وثمن المسير في هذا الخط هو الإعدامات والسجون والإغتيالات والأمراض ومصادرة المال والفصل من الوظيفة وتشويه السمعة والشيطنة والحسد والحقد وتضخيم الأخطاء وتقليل الحسنات وكل البلاوي التي تخطر على البال، ومع هذا البلاء يكون الأجر عظيماً بإذن الله وحده.
وعلى أية حال إن الإسلام السياسي داخل السودان أو في البلدان الأخرى قد أصبح رقماً صعباً لا تتم المعادلات السياسية ولا تستقر إلا به، ولن يستطيع أحدٌ أن يتجاوزه ويهمشه، ولن يستطيع أحد ابعاده من الساحة السياسية لا بالقوة ولا بالإنتخابات ولا بالتحالفات ولا بالغزو، ومن ظن أنه سيهزم الإسلام السياسي فهو واهم واهم واهم. وقد تخسر أحزاب الإسلام السياسي معركة أو معركتين ولكنها لن تخسر الحرب أبداً بإذن الله ربها. ونقولها نعم ومليون نعم للطرح الإسلامي في مجال السياسة وملحقاتها.

mahmoudrizig3@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإسلام السیاسی هذا النوع من

إقرأ أيضاً:

تعريب المعاملات في القطاع الخاص.. متى يتحقق؟!

 

 

 

ناصر بن سلطان العموري

nasser.alamoori@gmail.com

 

جراء الاعتزاز بالهوية العربية وما تمثله اللغة العربية كجزء لا يتجزأ من هذه الهوية والاعتزاز باللغة العربية مثل سائر الشعوب التي تعتز بلغتها وتضعها في المقام الأول تحدثا كان أو من خلال المعاملات الورقية في المداولات اليومية.

جاء القرار الصادر من مجلس الوزراء الموقر باعتماد اللغة العربية لغة رسمية في مخاطبات كافة وحدات الجهاز الإداري للدولة، إضافة إلى المؤسسات والجمعيات الأهلية ليؤكد على أهمية اللغة العربية ولما لا وهي لغة القرآن ولغة أهل الجنة؛ بل وأُطلق على اللغة العربية أنها "لغة الضاد" ولمن لا يعلم المعنى؛ فهذا الاسم مشتق من حرف "الضاد"، وهو حرف فريد في اللغة العربية لا يوجد في أي لغة أخرى، كما إن العرب هم الأكثر فصاحة في نطق هذا الحرف، وهو يعد من أصعب الحروف نطقًا لغير المتحدثين للغة العربية.

وحقيقيةً جاء هذا القرار في وقته بعدما لوحظ شيوع تداول استخدام اللغة الإنجليزية؛ سواء عبر المراسلات أو التحدث وبكثرة مؤخرا، وهذا لا يليق ببلد عربي إسلامي دينه الإسلام ولغته الام اللغة العربية، وهذا إنما جاء نتيجة للغزو الفكري الخارجي وازدياد عدد الجاليات الأجنبية غير العربية في السلطنة؛ مما أدى لفقد العديد من النشء المفردات العربية الأصلية واختفائها من قاموس التداول اللغوي وهو ما أدى بدوره لفقد المفاهيم القرآنية.

وعلى وزارة العمل التحرك الجاد هنا تزامنًا مع هذا القرار من خلال تعريب معاملات القطاع الخاص؛ مما سوف يفتح المجال لإيجاد وظائف عديدة لشبابنا كان سابقًا الوافد جاثمًا عليها بحكم حاجز اللغة، ومنها على سبيل المثال محلات بيع التجزئة الهايبر ماركت؛ حيث لن يقتصر عملهم في وظائف الصرافين المعهودة والأعمال الإدارية البسيطة التي حوصر فيها أبناؤنا عن قصد ربما!

وسيتعدى ذلك إلى الأعمال الإدارية والوظائف الإشرافية في الإدارة الوسطى من خلال توظيفهم في أعمال أخرى مما سيفتح المجال لتعيين أكبر عدد من خريجي التجارة والتسويق.

وهذا القرار سوف ينعكس بدوره على تعمين الوظائف في شركات الصرافة وشركات التأمين والأطباء في المستشفيات الخاصة

كذلك أبناؤنا من خريجي الترجمة سيكون لهم شأن كذلك من خلال الاستعانة بخدماتهم؛ سواء في القطاع الحكومي لترجمة الرسائل من العربية إلى الإنجليزية أو العكس في القطاع الخاص.

وعلى وزارة العمل كما أسفلنا الحرص والعمل على تطبيق قرار مجلس الوزراء من خلال إلزام الشركات في القطاع الخاص باعتماد بتعريب المعاملات لما سوف يمثله ذلك من أهمية؛ سواء من ناحية توفير الوظائف وتقليل قوائم الباحثين عن عمل.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • 9 سنوات على رحيل محمد على كلاي.. الصوت الذي هز الحلبة والعالم
  • طور الانقلاب الثقافي..عمان بين الميلاد والإسلام
  • المنيع يوضح الفرق بين الاشتراك والتشريك في الأضحية.. فيديو
  • تعريب المعاملات في القطاع الخاص.. متى يتحقق؟!
  • ليست كل الفواكه صحية.. هذا النوع يرفع السكر أسرع من الحلويات
  • حول الاكتئاب السياسي للشعوب العربية
  • الاقتصاد السياسي للإدانة الاضطرارية!
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • ما أسباب اختلاف حمام الحرم عن بقية أنواع الطيور؟.. باحث يجيب
  • بل بس سببها الاساسي انتهاكات وبشاعات الجنجويد