دين الإسلام تعاليمه واضحة سهلة ميسورة ولا تستعصي على الإفهام أو تحتاج إلى كبير عناء لبيانها وشرحها سوى المسائل الدقيقة التي يجتهد فيها العلماء؛ وهو دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ففي الحديث الذي رواه العرباض بن سارية قال وعظنا رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله ان هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: “قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيع عنها بعدي إلا هالك؛ من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا فإنما المؤمن كالجمل حيثما قيد انقاد” وفي الرواية الأخرى (يا أيها الناس اتقوا الله وأن أمر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له واطيعوا ما أقام لكم كتاب الله )؛ إذاً فالعبرة بإقامة كتاب الله، فإن تجاوز لم يكن له سمع ولا طاعة، ورغم هذا الوضوح والبيان إلا أننا وجدنا كثيرا ممن يدعون انهم يمثلون أهل السنة لحاهم طويلة وثيابهم قصيرة وألسنتهم حداد على المؤمنين رفيقة وناصرة وداعمة للفسق والكفر والقتل والإجرام، يناصرون اليهود والنصارى ويؤيدون جرائمهم، ساكتون في الأمر بالمعروف، آمرون بالمنكر، يمارسون الخداع والتضليل، كشفتهم الأحداث وعرتهم؛ أكثرهم حرّموا ما أراده الملك والحاكم وأحلوا ما حرم الله ورسوله، أشداء على المؤمنين رحماء بالمجرمين؛ مؤيدون للظلم والطغيان والفساد والاستبداد، رضا الحاكم والسلطان أهم وأولى عندهم من رضوان الله ولو كان ذلك على حساب المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله، مع أن الله سبحانه وتعالى أوجب على العلماء قول كلمة الحق ولو كان سيؤدي إلى الموت، لأن أجره سيكون كأجر سيد الشهداء إذا قال كلمة الحق عند سلطان جائر.
تم سجن معظم العلماء في دول الخليج العربي وتمت إتاحة المجال لهؤلاء الذين يدّعون بأنهم علماء، لأنهم يقدسون الحاكم ويخلعون عليه من القداسة ما يتجاوز ما أعطاه الله لرسوله الأعظم.
ادعوا أنهم يمثلون أهل السنة والجماعة والفرقة الناجية من بين المسلمين كذبا وافتراء على الله ورسوله، لأنه لا يمكن اجتماع النقيضين محبة الله ونيل رضوانه والاستقامة على منهاج رسوله وموالاة وحب من لعنهم الله ورسله وأيضا تأييد الانسلاخ عن الدين والمجاهرة بالمعاصي والدعوة إليها والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف في مفارقة مخزية .
موقفان لا ثالث لهما أبانا حقيقة هؤلاء:
الأول: تأييدهم لجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها الحلف الصهيوني الصليبي في غزة ولبنان واليمن وغيرها من البلدان الإسلامية وتحميل المعتدى عليهم المسؤولية وتبرير جرائم اليهود والنصارى .
الثاني: فتاواهم ومباركتهم خطوات الانسلاخ عن الدين الإسلامي وتبني مناهج الانحراف التي يسارع فيها الأمراء والرؤساء لإرضاء أعداء الأمة بإقامة الحفلات الماجنة ومسخ الهوية الإسلامية .
أحد هؤلاء المنسلخين عن الإسلام والعروبة يذهب إلى متحف الهلوكست المزعوم ويندد بجريمة هتلر ضد اليهود ويندد بالأشقاء على أرض غزة لأنهم ثاروا على إجرام اليهود ضدهم، وبلغت الصفاقة منه أن يقرأ الفاتحة على أرواح الهالكين من اليهود مع أنه إذا التزم تعاليم الإسلام كما يدعي انه من كبار العلماء لعرف ضلال ما يفعله، لأن الله سبحانه وتعالى أخبرنا أنهم أشد عداوة للذين آمنوا من غيرهم ((لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا)) المائدة-82.
يأتي آخر ليصف طوفان الأقصى بأنه طوفان الخزي والعار والدمار وكأنه من العار أن يثور المظلوم على الظالم المجرم والقاتل، ويصل به الافك إلى أن يفتي بأن حماس إرهابية، ومثل ذلك يشايعه منحرف آخر يصف حماس بأنها من الخوارج في مواقف الانحطاط والسفه الذي لا حدود له، وسبب ذلك زعمهم ان المقاومين خارجون على ولي الأمر الذي يسارع في إرضاء اليهود والنصارى انسلاخا من الإسلام والتحاقا بركب العهر والرذيلة .
يقولون إن الجهاد ضد أعداء الأمة هو جهاد في سبيل الشيطان وأن المجاهدين يستحقون ما يرتكب بحقهم من جرائم الإبادة وانها بما كسبت أيديهم .
يرون أن الحلال والحرام ما يختاره ولي الأمر لا ما أمر الله به سبحانه وتعالى وأن الدين لا يعارض التطبيع إن رأى ولي الأمر مصلحة –وهي مقولة صحيحة في غير الأمور القطعية التي بينها الله ورسوله –ومنها تطبيع العلاقات بين المسلمين والمؤمنين واحتمال الخلاف منهم، لكن التطبيع مع اليهود والإفتاء بقتل المسلمين والمؤمنين واستحلال دمائهم فهذا ما لم يقل به أحد إلاّ هؤلاء.
يؤلهون الحاكم ويمنحونه من القداسة ما يتجاوز درجة الأنبياء والرُسل، حتى أنهم أجازوا له أن يرتكب من المحرمات ما حرمه الله ورسوله.
نصرة الحلف الصهيوني الصليبي وإمداده بالمؤن جائز في نظر هؤلاء، ومباركة جرائم الإبادة في حق الأبرياء من الأشقاء في فلسطين وغيرها من الدول العربية والإسلامية .
ذلك جانب من أقوال بعض الأدعياء الذين يقولون إنهم علماء وهنا نورد مواقف بعض العلماء المشهود لهم:
*الشيخ الدكتور عصام البشير- نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: الوقوف مع غزة واجب ديني، أما الوقوف ضدهم فهو خيانة لله ولرسوله وللمسلمين، ومن يوالون اليهود والنصارى ودعمونهم للقضاء على المسلمين، يصدق فيهم قول الله سبحانه وتعالى ((ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله لايهدي القوم الظالمين )).
*مفتي عُمان الشيخ أحمد الخليلي- أصدر بيان مباركة لطوفان الأقصى وندد بالخذلان للمقاومة الفلسطينية وذرفت دموعه من هول المأساة التي يتعرض لها أهل غزة وأفتى بتحريم معاونة اليهود والنصارى ووجوب مساندة الأشقاء على ارض فلسطين .
*وندد الشيخ السوداني والداعية الإسلامي عبدالحي يوسف بما تقوم به بعض الأنظمة العربية من دعم للكيان المحتل ومن ذلك سماح دولة مصر باستقبال السفينة الصهيونية المحملة بالأسلحة والذخائر التي رفضت موانئ دول أوروبا وإفريقيا استقبالها في موانئها، لأن ذلك يعد مساهمة في جرائم الإبادة، واستقبلتها مصر وزودتها بالوقود؛ إن ذلك يمثل خيانة لله ولرسوله وللمسلمين .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
طائر الجنّة يلهم العلماء لصناعة القماش الأشد سوادا في العالم
في مختبر بجامعة كورنيل، وقف فستان أسود على دمية عرض، لكنه لم يكن "أسود" بالمعنى المعتاد، بل بدا كأنه ثقب بصري يبتلع أي ضوء يُلقى عليه، حيث لا تظهر تفاصيل القماش.
هذا ليس سحرا ولا مرشحا رقميا، بل نتيجة مادة نسيجية جديدة تصنف ضمن ما يُسمّى "السواد الفائق"، أي الأسطح التي تعكس أقل من 0.5% من الضوء الساقط عليها.
وراء هذه الدرجة المتطرفة من السواد قصة "هندسة" و"فيزياء" أكثر مما هي قصة صبغة، إذ استلهم باحثو مختبر تصميم الملابس التفاعلية الفكرة من ريش طائر من طيور الجنة يُدعى "الرفلبِرد الرائع"، وهو طائر معروف بلمعان أزرق على صدره يحيط به ريش أسود مخملي يوحي بأن الضوء يختفي داخله.
في معظم الأقمشة، يكون السواد "سطحيا"، أي صبغة تمتص جزءا من الضوء، فيما يرتد جزء آخر إلى عينك. أما السواد الفائق فيعتمد على حيلة إضافية، وهي إجبار الضوء على الدخول في متاهة مجهرية تطيل مساره وتزيد فرص امتصاصه، بدل أن يرتد مباشرة.
وبحسب الدراسة، التي نشرها الفريق في دورية "نيتشر كومينيكيشنز"، فإن هياكل نانوية ترفع فرص امتصاص المادة لفوتونات الضوء، ما يسمح لنا برؤية السواد الأشد على الإطلاق.
طائر الرفلبرد يفعل ذلك طبيعيا، فريشه لا يعتمد على صبغة الميلانين وحدها، بل على ترتيب دقيق لشعيرات الريش يدفع الضوء للانحراف إلى الداخل. لكن هناك مشكلة: هذا السواد الطبيعي يكون غالبا اتجاهيا، أي مذهلا حين تُشاهَد الريشة من زاوية معيّنة، وأقل "سوادا" عندما تتغير زاوية الرؤية.
حل العلماء لتلك المشكلة جاء بخطوتين بسيطتين في المبدأ، أنيقتين في التنفيذ، حيث صبغ صوف ميرينو بمادة البوليدوبامين، وهو ما يصفه الباحثون بأنه "ميلانين صناعي".
إعلانبعد ذلك يُعرَّض القماش لعملية حفر ونحت داخل حجرة بلازما تزيل جزءا بالغ الدقة من السطح، وتترك خلفها نتوءات نانوية حادة، هذه النتوءات تعمل كمصايد ضوئية، أي يدخل الضوء بينها ويرتد مرات كثيرة حتى يفقد طريق العودة.
النتيجة ليست أسود داكنًا، بل استثناء رقميا صارما، فمتوسط انعكاس القماش الجديد عبر الطيف المرئي (400-700 نانومتر) بلغ 0.13%، وهو، بحسب الورقة العلمية، أغمق قماش مُبلّغ عنه حتى الآن.
تطبيقات مهمةقد يبدو الأمر كترف بصري أو نزوة "موضة"، لكنه في الحقيقة يلامس تطبيقات عملية حساسة، فالسواد الفائق مهم لتقليل الانعكاسات الشاردة داخل الكاميرات والأجهزة البصرية والتلسكوبات.
ويمكن لهذا المستوى من اللون الأسود أن يساعد في بناء ألواح وتقنيات شمسية أو حرارية عبر تعظيم امتصاص الإشعاع.
كما يشير الباحثون أيضا إلى إمكانات واعدة لهذه المادة الجديدة في عمليات التمويه وتنظيم الحرارة، لأن السطح الذي يمتص الضوء بكفاءة قد يحوّل جزءا منه إلى حرارة قابلة للإدارة.
أما الفستان الذي صممه العلماء، فكان برهانا بصريا لطيفا على نجاح التجارب، وقد استُخدم لإظهار أن هذا السواد لا يتبدّل بسهولة حتى عندما تُعدَّل إعدادات الصورة، مثل التباين أو السطوع، مقارنة بأقمشة سوداء أخرى.