أوضحت دار الإفتاء المصرية المراد من قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَىٰ﴾، موضحة أنه لا يصحّ فهم الاية على أنها تدل على هداية الله للنبي بعد ضلالٍ وكفر؛ فحاشاه صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذ العصمة ثابتة وواجبة لِحَقِّهِ الشريف وجنابه المنيف قبل النبوة وبعدها، ووصف المصطفى بالهداية بعد كفر إنما هو قول سوء وفتنة ينبغي لصاحب هذه المقالة أن يُحذر كلامه ولا يجالَس ولا يُستمع إليه.

أقوال المفسرين في المراد من قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَىٰ﴾

وذهب ابن عباس وعطاء إلى أن الضلال المذكور في الآية معناه: الغفلة عما يريد الله به من أمر النبوة، وهو اختيار الزجاج؛ قال الإمام الواحدي في "التفسير البسيط" (24/ 109، ط. جامعة الإمام محمد بن سعود): [﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَىٰ﴾ قال ابن عباس (في رواية عطاء): ووجدك ضالًّا عن النبوة فهداك بالنبوة إلى أرشد الأديان وأحبها إليه] اهـ.

وقال الإمام القرطبي في "تفسيره" (20/ 96، ط. دار الكتب المصرية): [﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا فَهَدَىٰ﴾ أي: غافلًا عما يُراد بك من أمرِ النبوة؛ فهداك، أي: أرشدك. والضلال هنا بمعنى: الغفلة، كقوله جلَّ ثناؤه: ﴿لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى﴾ أي: لا يغفل. وقال في حقِّ نبيه: ﴿وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ﴾] اهـ.

وقال العلامة الشوكاني في "فتح القدير" (5/ 558، ط. دار ابن كثير): [والضلال هنا بمعنى: الغفلة؛ كما في قوله: ﴿لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى﴾، وكما في قوله: ﴿وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ﴾، والمعنى: أنه وجدك غافلًا عما يراد بك من أمر النبوة، واختار هذا الزجاج] اهـ.

وذهب الحسن والضحاك وابن كيسان وشهر بن حوشب وعليه أكثر المفسرين إلى أن معناها: ضالَّا عن معالم النبوة وأحكام الشريعة، وهو اختيار أبي إسحاق؛ قال الإمام الواحدي في "التفسير البسيط" (24/ 109-111): [وقال الحسن والضحاك وشهر بن حوشب: ووجدك ضالًّا عن معَالمِ النبوة وأحكام الشريعة غافلًا عنها فهداك إليها. دليله: قوله: ﴿وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ﴾، وقوله: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ﴾.. واختار أبو إسحاق أيضًا هذا القول؛ فقال: معناه أنه لم يكن يدري القرآن، ولا الشرائع، فهداه الله إلى القرآن وشرائع الإسلام] اهـ.

وقال محيي السنة البغوي في "تفسيره" (5/ 268): [قال الحسن والضحاك وابن كيسان: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا﴾ عن معالم النبوة وأحكام الشريعة غافلًا عنها، فهداك إليها؛ كما قال: ﴿وَإِن كُنتَ مِن قَبۡلِهِ لَمِنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ﴾، وقال: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ﴾] اهـ.

وقال الإمام القرطبي في "تفسيره" (20/ 96-97): [وقال قوم: ضالًّا لم تكن تدري القرآن والشرائع، فهداك الله إلى القرآن، وشرائع الإسلام، عن الضحاك وشهر بن حوشب وغيرهما. وهو معنى قوله تعالى: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ﴾] اهـ.

وقال الخطيب الشربيني في "السراج المنير" (4/ 551، ط. الأميرية): [واختلفوا في قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَآلًّا﴾ فأكثر المفسرين على أنه كان ضالًّا عما هو عليه الآن من الشريعة فهداه الله تعالى إليها] اهـ.

وذهب الكلبي والفَرَّاء والسُّدِّي إلى أن معناها: وجدك في قوم ضلَّال فهداهم بك؛ قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (20/ 97): [وقال قوم: ووجدك ضالًّا أي: في قوم ضُلَّال، فهداهم الله بك. هذا قول الكلبي والفَرَّاء. وعن السدي نحوه، أي: ووجد قومك في ضلال، فهداك إلى إرشادهم] اهـ.

وذهب علي بن عيسى والقُشيري والجُنَيْد إلى أن الضلال في الآية معناه: التحير بمعنى شدة الطلب من الله تعالى فيما يتوجه به إليه ويتشرع به؛ قال القاضي عياض في "الشفا" (2/ 112، ط. دار الفكر): [وقيل: ضالًّا عن شريعتك أي: لا تعرفها فهداك إليها، والضلال ههنا التحير، ولهذا كان صلى الله عليه وآله وسلم يخلو بغار حراء في طلب ما يتوجه به إلى ربه ويتشرع به، حتى هداه الله إلى الإسلام.. قال معناه القُشيري.. وهذا مثل قوله تعالى: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُ﴾ قاله علي بن عيسى] اهـ.

قال الملا علي القاري في "شرح الشفا" (2/ 206، ط. دار الكتب العلمية): [(وقيل: لا تعرف الحقَّ) أي: إلا مجملًا (فهداك إليه) أي مفصلًا، (وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُ﴾ أي: من أمور الدِّين وأحكام اليقين (قاله عليُّ بن عيسى) الظاهر أن هذا هو الرماني المتكلم النحوي على ما ذكره الحلبي ويروى قال عَلِيُّ بْنُ عِيسَى، (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ تكن له ضلالة معصية) بالإضافة، -وفي نسخة: ضلالة في معصية- أي لأجلها يقع في وبالها، بل ضلالة طاعة لم يَدْر طريق كمالها] اهـ.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: دار الافتاء المصرية دار الإفتاء الإفتاء ووجدك ضالا فهدى قال الإمام قوله تعالى إ ن ک نت اهـ وقال غافل ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

"الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟

"الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟

حكم صلاة يوم الجمعة.. بعد إعلان دار الإفتاء المصرية، بشكل رسمي ثبوت رؤية هلال شهر ذو الحجة 1446 هجريا ومع بداية الشهر أول أمس الاربعاء 28 مايو، بعد الكثير من الناس يتسألون عن حكم صلاة يوم الجمعة إذا وافقت يوم العيد خاصة وأنها توافق يوم العيد.

حيث سيهل علينا أول أيام عيد الأضحى المبارك يوم الجمعة الموافق الـ 6 من يونيه، ويكون يوم عرفة يوم الخميس الـ 5 من يونيه.

وفيما يلي تستعرض لكم "بوابة الفجر" خلال السطور التالية حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد.

حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم العيد

وأجابت دار الإفتاء المصرية في منشور لها عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، على عدة أسئلة بشأن حكم صلاة الجمعة إذا حلت يوم العيد، وهو ما يتوافق يوم الجمعة 6 من شهر يونيه المقبل.

وورد لدار الإفتاء عدة أسئلة في هذا الشأن ومنها "ما حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟ هل تسقط الجمعة إذا جاء العيد يوم الجمعة ويُكتفى بصلاة العيد عنها؟

وسؤال أخر "هل تجوز صلاة الجمعة ظهرًا لمن صلى العيد في جماعة؟،

وأيضًا "ما قولكم في سقوط الظهر أيضًا إذا جاء العيد يوم جمعة اكتفاءً بصلاة العيد؟".

موعد إجازة عيد الأضحى المبارك وتوقيت صلاة العيد بمحافظات مصر بالفيديو| دار الإفتاء الصلاة على النبي يوم الجمعة تحمل في طياتها خيرا كثيرا الإفتاء توضح حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد 

وأجابت دار الإفتاء عن ذلك بقولها "إذا جاء العيد يوم جمعة، فالأصل صلاة العيد في وقتها ثم صلاة الجمعة في وقتها إلا في حقِّ أصحاب الأعذار، وأما مَن لم يكن كذلك وقد حضر صلاة العيد، فالأصل في حقِّه أن يُصَلِّيهما خروجًا من خلاف الجمهور القائلين بعدم سقوط الجمعة بصلاة العيد، فالخروج من الخلاف مستحب".

هل تسقط صلاة الجمعة إذا حلت يوم العيد

وأضافت الإفتاء: "ومن أراد أن يترخص بترك الجمعة إذا صلى العيد في جماعة، فإنه يُصلِّي الجمعة ظهرًا، تقليدًا لمذهب الحنابلة، ولما تقرر أنه لا إنكار في مسائل الخلاف، مع مراعاة أدب الخلاف، فلا يلوم هذا على ذاك ولا العكس، ومن دون إثارةِ فتنةٍ في أمرٍ وسع الخلافُ فيه سلفنا الصالح من العلماء والفقهاء المعتبرين، أما القول بسقوط الجمعة والظهر معًا بصلاة العيد فهو قول لا يؤخذ به".

مقالات مشابهة

  • ما يستحب للمضحى فعله بالذبيحة قبل الأضحية؟.. الأفتاء توضح
  • حكم ترك مخلفات نحر الأضاحي في الشوارع.. الإفتاء: من السيئات
  • "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟
  • الإفتاء توضح الدليل على مشروعية الأضحية من الكتاب والسنة
  • أمور لابد للحاج أن يفعلها قبل سفره لأداء الفريضة.. الإفتاء توضح
  • ما حكم الأضحية وشروط صحتها؟.. الإفتاء توضح
  • حكم المبادرة بشراء صكوك هدي التمتع مِن المدينة المنورة.. الإفتاء توضح
  • بماذا انفرد الحج عن غيره من العبادات؟.. الإفتاء توضح
  • دار الإفتاء توضح أفضل الأعمال في أيام العشر من ذي الحجة.. ذكرٌ وصيامٌ وتهليل وأضحية
  • كيف أستغل العشر الأوائل من ذي الحجة؟.. الإفتاء توضح أفضل الأعمال المستحبة