سواليف:
2025-06-03@11:20:37 GMT

تسليع المرأة في الإعلام المرئي

تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT

سعيد ذياب سليم

كانت المرأة قديمًا رمز قداسة، ومازالت في الشرق لها مكانتها واحترامها، بما تمثله الأنوثة من رقة وجمال، يرقص لها القلب ويحتار لها الفؤاد وتدور حولها الأحلام. تراها في العروض الفنية في أجواء ساحرة، ربما يأتي بها المخرج أو مصمم الرقصات من أجواء ألف ليلة وليلة بما فيها من خيال قد يتجنى فيه على المرأة ليعرضها كسلعة جميلة.

ومع مرور الزمن، تغيّرت هذه الصورة تدريجيًا مع تأثير وسائل الإعلام الحديثة، حيث تحولت المرأة من رمز للجمال والقداسة إلى أداة تُستخدم لتسويق المنتجات وتعزيز القيم الاستهلاكية.
تُقدَّم المرأة في الإعلام المرئي غالبًا بطريقة تبرز مظهرها وتُستخدم كموضوع جنسي، مما يتعارض مع مبدأ المساواة بين الجنسين. هذا النوع من التصوير لا يُعمّق المفاهيم الخاطئة فحسب، بل يُلحق أذى كبيرًا بالمرأة من خلال تقليص هويتها إلى مجرد جسد. عرض المرأة بهذه الصورة النمطية والإصرار على تقديمها بهذه الطريقة يُغير نظرتنا لها ويزيد من تقبلنا للإباحية، مما يؤثر على سلوكياتنا تجاهها تحت شعار الحرية الشخصية والانفتاح.
تأثير الإعلام على صورة المرأة
تسليع المرأة في وسائل الإعلام لا يُعمّق فقط الصور النمطية السلبية، بل يؤدي إلى تقليص هويتها الإنسانية وتحجيم دورها في المجتمع. هذا التصوير ينعكس على المرأة نفسها، حيث تبدأ برؤية ذاتها من خلال هذا المنظور الضيق، مما يؤثر سلبًا على ثقتها بنفسها ودورها في الحياة.
المرأة في الرياضة
نُحب الرياضة ونمارس منها ما تقوى عليه أجسادنا، ونتابع مواسمها بشغف. ومع ذلك، يثير تصوير المرأة في الرياضة تساؤلات حول القيم التي تُسوقها وسائل الإعلام. هل هو تقدير للرشاقة وقوة الأداء أم استخدام للمظهر الخارجي؟ على سبيل المثال، تُبرز تغطية الإعلام للاعبات التنس مثل سيرينا ويليامز مهاراتهن أحيانًا، لكنها في أحيان أخرى تركز على مظهرهن الجسدي.
في دورة طوكيو 2021، لبست لاعبات الفريق الألماني للجمباز لباسًا يغطي كامل أجسادهن اعتراضًا ورفضًا لتسليع أجسادهن. لاحقًا، قامت لاعبات فريق اليد الشاطئي النرويجيات في البطولة الأوروبية باستبدال البكيني بالسروال القصير، مما أثار الجدل حول القوانين التي تُلزم المرأة بزي معين بينما يُترك للرجل حرية الاختيار. أثارت هذه الخطوات حراكًا يمكن أن يؤدي إلى تغيير القوانين لصالح المرأة.
تسليع المرأة في الإعلانات
تعرض وسائل الإعلام دعايات تُسوِّق سلعًا مختلفة. ربما لا يُثير العجب أن ترى سيدة جميلة في دعاية عطر نسائي تتوازى فيها عناصر الجمال، لكن أن تظهر سيدة في إعلان لسيارة حديثة تبرز أجزاء من جسدها كعنصر جذب جنسي فقط، فإن هذا التصوير يُعمِّق الفجوة بين الجنسين ويُعزز القيم الاستهلاكية التي تربط قيمة الإنسان بمظهره الخارجي.
السينما والصور النمطية
في عالم السينما، توجد أفلام هادفة وأخرى للإثارة والتسلية. لنأخذ فيلم The Ugly Truth (الحقيقة البشعة) كمثال، الذي يدور بشكل كبير حول الجاذبية الجنسية والصور النمطية بين الجنسين، مع حوار صريح حول العلاقات وما “يريده” الرجال والنساء، وكأن المرأة وُجدت لتلبية رغبات الرجل!
الأغاني وتسليع المرأة
تكاد لا تمضي ساعة دون أن نسمع أغنية، سواء اخترنا ذلك أو سمعناها قسرًا في الطريق. ربما نهتز مع الإيقاع دون التفكير في الكلمات، لكن عند التدقيق نجد في بعضها العجب. على سبيل المثال، أغنية Beautiful Red Dress (فستان أحمر جميل) للوري أندرسون تتناول تسليع المرأة من خلال نقد ساخر للجوانب السطحية التي تُقيَّم بها النساء، مع التركيز على قوة المرأة الداخلية. في المقابل، أغنية Blurred Lines (خطوط غير واضحة) لروبن ثيك تعرض مفهومًا مختلفًا، حيث واجهت انتقادات واسعة لتقديمها صورًا تُعزز تسليع المرأة وتعزيز السلوكيات الجنسية القسرية.
الأغاني العربية وصورة المرأة
تُقدم الأغاني العربية المرأة تارة بصورتها التقليدية، حيث تتمثل سعادتها في ظل الرجل، لكن بعض الأغنيات تحاول كسر هذا النمط. مثال على ذلك أغنية رانيا العدوي “جسد للفرح” من كلمات ضحى جبر، التي تُعد صوتًا قويًا في مواجهة تسليع المرأة، حيث تدعو لتمكين المرأة وتُقدّم صرخة في وجه من يعتبر المرأة جسدًا للفرح.
المنصات الاجتماعية وتسليع المرأة
في العصر الرقمي، لم تعد وسائل الإعلام التقليدية وحدها تُسهم في تسليع المرأة. أصبحت المنصات الاجتماعية مثل إنستغرام وتيك توك شريكًا أساسيًا في هذه الظاهرة. المؤثرون على هذه المنصات يُكرّسون مفهوم أن قيمة المرأة تُقاس بمظهرها وعدد متابعيها، مع التركيز على منتجات التجميل والموضة. بعضهن استُخدمن كوسيط تسويقي للشركات، مما يعزز القيم الاستهلاكية.
أمثلة من الواقع
على سبيل المثال، تستخدم الفنانة شارون ستون منصتها للتعبير عن آرائها حول قضايا اجتماعية وإنسانية، بما في ذلك حقوق المرأة، وتعبر عن رفضها لاستخدام صورتها في الإعلانات التي تستغل جمالها. في المقابل، تُقدم المؤثرة “مس س” لقطات جريئة يراها البعض خليعة، مما يعكس صراعًا بين ما يُسمح به وما لا يُسمح، مع بقاء الجمال سيد الموقف.
أثر تسليع المرأة على الشباب والفتيات
تلك الفتاة المراهقة التي تواجه تغيرات في جسدها، مثل ظهور حب الشباب، قد تجد نفسها في مقارنة قاسية مع صانعة محتوى تظهر بصورة مثالية. هذه الصورة، المُحسنة بالفلاتر والإضاءة، تُشعر الفتاة بالإحباط وعدم الرضا عن ذاتها. من جهة أخرى، تُصمم هذه الصور لتثير فضول الشباب، مما يعزز معايير سطحية للجمال ويُضعف فهمهم للعلاقات الحقيقية.
التوعية بالدور الحقيقي للإعلام، ودعم الثقة بالنفس لدى الفتيات، وتثقيف الشباب حول القيم الحقيقية للجمال، يمكن أن تكون خطوات مهمة لتخفيف هذا التأثير.
التصدي لتسليع المرأة
تبذل الجمعيات والتعاونيات النسوية جهودًا كبيرة للتصدي لما يُلحق بالمرأة من أذى وتشويه لشخصيتها ودورها الإيجابي في المجتمع. تسعى بمساعدة الدوائر القانونية الحكومية والأممية لاستصدار تشريعات تمنع الظلم وتنصف المرأة كعضو إنساني يمثل نصف المجتمع. تُثار من وقت لآخر مبادرات تحمل شعار “امرأة ولست شيئًا”، تُسهم في نشر الوعي ومقاومة النظرة التقليدية للمرأة.
على كل منا أن يتحمل دوره في التصدي لتسليع المرأة. وليس هذا فحسب؛ فالرجل أيضًا لا ينجو من التسليع، بل أصبحت القيم ذاتها تُباع وتُشترى، مما يستوجب مراجعة أوسع لقيمنا ومبادئنا.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: وسائل الإعلام المرأة من المرأة فی التی ت

إقرأ أيضاً:

المرأة أولًا!!

#المرأة أولًا!!
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات

في ندوة بمقر الحزب المدني الديمقراطي، حول مكانة المرأة وحقوقها، أدارتها الناشطة نهى محريز من الحزب، ورعتها د. لينا شبيب رئيسة المجلس التنفيذي
للحزب، قدمت السيدتان: ميسون عتوم، وعبير الدبابنة، تحليلًا علميّا لواقع المرأة، والتحديات الثقافية و”غير الثقافية” التي تواجهها المرأة
الأردنية فيما يتعلق بالممارسات، والتشريعات. وتم عرض التجربة الفرنسية كما عبر عنها أوجينو فايبر في كتابه: من الـمزارعين إلى مواطنين، وكيف نالت المرأة حقوقها مدفوعة بمبادىء الثورة الفرنسية: الأخوّة، والمساواة، والحرية، وقد ركزّتا بذلك على نضالات المرأة، ومشاركتها في العملية الديموقراطية ممثلة بالانتخابات!
(١)
غضب نسائي
كان واضحا أن السيدات سواء على المنصة، أم المتداخلات، تحدثن بغضب عن نقطتين:
-سيادة الثقافة الذكورية في مختلف مناحي الحياة.
-نقص التشريعات فيما يتعلق بعدم التمييز في إعطاء الجنسية لأبناء الأردنيات، وغموض شمول كلمة الأردنيين للنساء والرجال!
يبدو أن هناك الكثير مما يجب أن يعمل لإعادة المرأة إلى المساواة، والعدالة، وتكافؤ الفرص.

(٢)

المرأة والسياسة

مقالات ذات صلة نتاج مدرسة! 2025/05/31

إن قضية مشاركة المرأة تصطدم بتحديات ثقافية مثل:
الدّوْر للرجال، والدُّور للنساء!
وأثيرت أفكار مثل؛
ليس السؤال لماذا تشارك المرأة في السياسة، بل لماذا لا تشارك؟ وكيف يمكن الوصول إلى حالة العدالة، وتكافؤ الفرص؟
إن مشاركة المرأة عالميّا من أيام بلقيس والزبّاء، وشجرة الدر، وتاتشر، وأنجيلا ميركل، وأنديرا غاندي، لم تكن سوى فترات مشرقة، تطورت فيها الإنسانية، ولولا حرب الفوكلاند لم يسجل التاريخ أي حروب قادتها المرأة، أو سمحت بها.
(٣)
عدّ الرؤوس، أم قطع الرؤوس؟
قيل في الديموقراطية والديكتاتورية: إنّ الأولى تتخذ القرارات بعد الرؤوس، بينما تتخذ الديكتاتورية القرارات بقطع الرؤوس! طيعًا في الديمقراطية يتفوق خمسون شخصًا عاديّا، أو أميّا على تسعة وأربعين عالِم ذرة!!!
أصرّت د. عبير على حفز المرأة للمشاركة في الأحزاب والانتخابات، وأصرّت د. ميسون على مواجهة الثقافة الذكورية.

(٤)

تجارب غير مشجعة!!

إن مناهج التعليم هي الأساس في تحقيق المواطنة، صحيح أنها قطعت شوطًا مهمّا في المساواة الجندرية الكمية، إلّا أن هناك مناهج خفيّة، وعلنية تعزز الفجوة الجندرية في الأدوار التي تقدم فيها المرأة والرجل!!
ما زلنا بعيدين عن العدالة، وتكافؤ الفرص، وما زالت أفكار يحملها ممثلو فئات معادية للمرأة في مجالس التعليم!
فهمت عليّ جنابك؟!

مقالات مشابهة

  • عاجل- رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بعيد الأضحى ويشيد بدور الأزهر في ترسيخ القيم الإسلامية
  • سيف بن زايد: نواصل العمل لبناء فضاء رقمي آمن ومسؤول يحترم القيم
  • «القيم الأخلاقية ودورها في بناء المجتمع».. ندوة توعوية لوعظ الغربية بـ التنظيم والإدارة
  • أعمال الحج التي يجب أداؤها في المناسك
  • اللجنة الوزارية تجتمع مع الرئيس الفلسطيني عبر الاتصال المرئي
  • اللجنة الوزارية بشأن غزة تعقد اجتماعًا مع الرئيس الفلسطيني عبر تقنية الاتصال المرئي
  • المرأة أولًا!!
  • اللجنة الوزارية العربية بشأن غزة تعقد اجتماعًا مع الرئيس الفلسطيني عبر الاتصال المرئي
  • بوتين: تحسين مستوى معيشة المواطنين وتعزيز القيم الأسرية من الأولويات الوطنية في روسيا
  • نائب رئيس قومي حقوق الإنسان: نثمن دور الفن في دعم القيم الإنسانية