النظام العالمي والشرق الأوسط الجديد
تاريخ النشر: 27th, July 2025 GMT
الجِدة في التسمية، لم تخف القبح والإجرام في حق الشعوب العربية والإسلامية، لأنه نظام استعماري يعتمد على إخفاء كل مظاهر الإجرام والطغيان والاستغلال والفساد تحت عناوين خادعة؛ فسلب خيرات الشعوب واستعبادها والدول المستهدفة نامية أو من دول العالم الثالث وهكذا.
عندما انتصر تحالف الدول الأوروبية في الحرب العالمية الأولى، اتفقوا على إنشاء عصبة الأمم لتمكينهم من استكمال تحقيق أهدافهم من خلالها كمظلة لتمرير مؤامراتهم وإجرامهم، لكن تحت مسمى المجتمع الدولي؛ ظاهر الأمر أنها لتنظيم الأسرة الدولية.
الثورات التي كانت تحدث إما أن يتم إجهاضها أو التحكم بمخرجاتها من خلال زرع العملاء وتسليمهم زمام الأمور، وهو ما حدث في كثير من الأقطار إلا في القليل والنادر الذي لا حكم له أو بالتدخل المباشر وفرض الأمر بقوة الحديد والنار.
استمر الأمر على ما هو عليه، لكن بروز قوى جديدة على الساحة مثل أمريكا والاتحاد السوفيتي وهزيمة دول المحور، أسقط عصبة الأمم، لأنها كانت تخدم توجهات التحالف الأوروبي لصالح إنشاء منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن من أجل التحكم في مخرجات وقرارات الأجماع الدولي وفرض الأيديولوجيات والتحكم بالشعوب والأمم، لكن تحت مظلة الإرادة الدولية.
انحسر النفوذ الأوروبي قليلا وبرز التنافس بين المعسكرين (الاشتراكي والرأسمالي) أيهما يستطيع السيطرة والاستحواذ على العالم من خلال اللعبة الدولية، وشهد العالم صراعات دامية لصالح الإجرام بشقيه، لكن امتلاك المعسكر الرأسمالي مناطق الثروات أجّل سقوطه إلى حين ولكنه عجّل بسقوط المعسكر الاشتراكي.
الدول التي اعتمدت على قدراتها وإمكانياتها، استفادت من التجاذب القطبي بين المعسكرين، أما الشعوب التي عوّلت على الاحتماء بالنفوذ فقط، لم تحقق أي نهضة، بل رهنت مقدراتها لدى ساسة الإمبريالية والرأسمالية الجديدة الأكثر طمعا وجشعا والتي لا يماثلها إلا الاستعمار الأوروبي الذي أباد سكان أمريكا من الهنود الحمر واستعبد قارة افريقيا وغيرها من القارات لصالحه.
العالم العربي والإسلامي وُضع تحت قائمة الأمم التي يجب عدم السماح لها بامتلاك قراراتها أو الاستفادة من ثرواتها وكل قطر سعى لتحقيق نهضة، تم تدميره، بينما نهضت أمم من كبوتها واستطاعت أن تنافس في كل المجالات المسموح بها، واستثناء في غير المسموح به مثل باكستان والهند ودول النمور الآسيوية واليابان وغيرها .
النظام العالمي يعتمد على الحروب في فرض أيديولوجيته وسياسته وإذا كان بعد الحرب العالمية الأولى قد أوجد نظام العُصبة وبعد الثانية أوجد الأمم المتحدة، فها هو اليوم وبعد سقوط النظام القطبي يسعى لفرض نظام القطب الواحد من خلال شن الحروب التي يريد بها القضاء على الأنظمة المخالفة وتأكيد السيطرة وإثبات الوجود، وهو ما تعمل عليه أمريكا مع المتحالفين معها من خلال السعي لإنشاء القطب الواحد الذي تتفرد فيه مع وجود كيانات إقليمية وغيرها، لكن تحت سيطرتها ولحساب تنفيذ السياسة الأمريكية.
معظم الأنظمة في العالمين العربي والإسلامي لأنها صُنعت من الخارج، وُضعت على هامش التاريخ ولذلك فقد صيغت أيديولوجيتها في الماضي على تنفيذ أجندات ومصالح المعسكرين (الاشتراكي والرأسمالي)، فبعضهم يحارب مع المعسكر الاشتراكي وبعضهم يحارب مع المعسكر الرأسمالي وبعد سقوط الاشتراكية تمت صياغة أيديولوجيات لحماية مصالح التحالف الصهيوني الصليبي، لكن تحت عنوان (مكافحة الإرهاب) خاصة وقد أوجد الإجرام المبرر لشن الحرب على الدين الإسلامي وتحت عناوين إسلامية وبإمكانيات وثروات إسلامية وأسماء وصور مسلمين.
الأنظمة استغلت العنوان لتوطيد أدواتها والقضاء على الخصوم السياسيين والمنافسين وحتى المظاهر الديمقراطية التي تم السماح بها لا تعني شيئا إذا لم تحم مصالح التحالف الصهيوني الصليبي وهو ما قاله زعماء الغرب “لا نريد ديمقراطية إذا أتت بالإسلاميين إلى السلطة”.
أمريكا وتحالفها استغلت عنوان (مكافحة الإرهاب) لمد نفوذها وسيطرتها إلى كل الأماكن التي تعارض سياستها وأوجدت تحالفات لإبادة العرب والمسلمين، حتى الفتاوى حصلت عليها ووصل الحال ببعض هذه الفتاوى إلى تأييد ودعم الإجرام اليهودي والهندوسي والبوذي واستحلال دماء الإسلام والمسلمين.
النظام العالمي الجديد الذي يُراد الوصول إليه يعتمد على فرض الرؤية والهيمنة الأمريكية دون منازع وضمان السيطرة والتفوق لكيان الاحتلال في إطار ما يطلق عليه (الشرق الأوسط الجديد) وذلك لحماية المصالح الأمريكية والغربية في الوطن العربي وحماية الأنظمة التي تدين بالولاء للغرب والقضاء على كل محاولات التغيير والتطور، بالإضافة إلى مواجهة التغلغل والتمدد للقوى المنافسة، باعتبار الوطن العربي منطقة نفوذ مغلقة لصالح التحالف الصهيوني الصليبي.
تركيز النظام الدولي الجديد على استهداف الدين الإسلامي دون القوى والأيديولوجيات الأخرى، لأنه يستطيع القضاء على القوة الروسية بالقوة من خلال الحرب الأوكرانية التي تمولها أوروبا ويستطيع مواجهة الصين كقوة اقتصادية وعسكرية أيضا، أما الإسلام فقد تم تحطيم القوة المادية، لكن القوة الروحية والصحوة الدينية هي أهم ما يثير رعب النظام الرأسمالي والاستعماري الذي أساسه الأنانية والسعي للسيطرة على ثروات الأمتين العربية والإسلامية، وكل ذلك بفضل الأنظمة التي أوجدها ويخشى أن تذهب كل مصالحه ويخسر كل نفوذه في حال زوالها.
مفكرو السياسة الاستعمارية يبررون ذلك تحت شعار أو عنوان (صراع الحضارات)، فالتفوق الحضاري للغرب يقابله التخلف والانحطاط، خلق صراعا حضاريا، متناسين الإجرام المستمر والمتواصل، سواء مباشرة أو بواسطة الخونة والعملاء ومصادرة حريات الشعوب وسيادتها وثرواتها لصالح الاستعمار بأشكاله المتلونة وحقيقته القذرة التي لم تتغير؛ وهناك من المفكرين من يرى أن الحرب على الإسلام بمثابة استراحة استعداد لجولة قادمة من الصراع، فالإسلام والعالم الإسلامي خصم سهل، لكن العائدات كبيرة، أما المواجهة المرتقبة فستكون بين شركاء التحالف أمريكا وأوروبا، لأن النظام الذي يراد الوصول إليه لا يقبل القسمة على أكثر من واحد وهو ما طرحه المفكر الراحل الدكتور جمال حمدان قبل اغتياله من قبل من الموساد الإسرائيلي.
وإذا كان معظم مفكري الغرب يرون أن الدول العربية قد تختفي من الوجود بأي شكل من الأشكال، فإن مذكرات وزراء المستعمرات الذين صاغوا الخرائط القُطرية ووضعوا الحدود واعتمدوا على إثارة النعرات والاختلافات كأساس للواقع العربي، يتمنون أن تستمر الأوضاع كما هي عليه ولا يستفيق منها بسرعة، لأن ذلك سيؤدي إلى انهيار مشاريع القُطرية والتجزئة التي يراهنون عليها.
الحرب على غزة والحرب على محور المقاومة، تهدف إلى الحفاظ على المكون الأساسي لحماية مشاريع التجزئة والفُرقة والشتات الذي بدأ كمشروع استعماري لخدمة التحالف الصهيوني الصليبي ويسعى للتحول إلى قوة اقليمية تحكم العالم، وبينما تريد أمريكا القول إنها هي الحاكمة والمتحكمة فيه (كيان الاحتلال)، يثبت عكس ذلك وهو أن أمريكا ليست سوى أداة من أدواته وحتى الدول الأخرى التي قد تختلف معه، لكنها على الأقل تراعي مصالحه ولا تتعارض مع سياساته.
النظام العالمي الجديد ومثله الشرق الأوسط، لعبة إجرامية لتكريس النفوذ على حساب دماء الشعوب باستغلال التفوق العسكري والتكنولوجي والاقتصادي، وإذا كان يسمح للدول الأخرى بامتلاك أسلحة الدمار الشامل، فإنه يعمل جاهدا على تدمير كل قدرات الدول العربية والإسلامية واحدة تلو أخرى، فها هو يعتدي على إيران ويصرّح برغبته في ضرب باكستان تاليا لكنه في المقابل يدعم القدرات النووية الهندية ولا يسمح بالحديث عن القدرات الإجرامية للكيان المحتل، ولا يستطيع أحد المطالبة بخضوعه للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لأنهم يعتبرون ذلك من قبيل معاداة السامية.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: النظام العالمی الحرب على من خلال لکن تحت وهو ما
إقرأ أيضاً:
الاحتراف العالمي الجديد
تشهد الرياضات الاحترافية تفاوتًا كبيرًا في طبيعة الضغط البدني وجدولة المباريات، ويُعد دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين (NBA) ودوريات كرة القدم الأوروبية- خاصة الدوري الإنجليزي الممتاز والليغا الإسبانية- مثالين واضحين لهذا التباين.
في الـ NBA، يخوض اللاعبون موسمًا منتظمًا يتألف من 82 مباراة خلال 6 أشهر فقط، بمعدل يصل إلى 3 أو 4 مباريات أسبوعيًا، غالبًا في مدن مختلفة، ما يفرض ضغطًا هائلًا مرتبطًا بالسفر، وتغير المناطق الزمنية، وقصر فترات التعافي. رغم أن وقت المباراة الفعلي لا يتجاوز 48 دقيقة، فإن الوتيرة السريعة للعبة والانفجارات العضلية المتكررة، تجعل من كل مباراة عبئًا عالي الكثافة على الجهاز العضلي والمفاصل.
في المقابل، تمتد مواسم كرة القدم الأوروبية إلى 9 أو 10 أشهر، ويخوض اللاعب في المتوسط 38 مباراة دوريًا، إضافة إلى مسابقات الكؤوس المحلية والقارية، ما يرفع العدد السنوي إلى 6-50 مباراة أحيانًا، خصوصًا للأندية الكبرى. ورغم أن الجدول يبدو أقل ازدحامًا؛ فإن مباريات كرة القدم تمتاز مدة أطول (90 دقيقة) ومجهود بدني متواصل، يشمل الركض لمسافات طويلة والتحامات بدنية شديدة، وخصوصًا في الدوري الإنجليزي.
من الأكثر إرهاقًا؟ ومن يحق له التذمر؟ يمكن القول: إن لاعب الـNBA يواجه ضغطًا مكثفًا على المدى القصير، من حيث تكرار المباريات والسفر دون توقف، بينما يعاني لاعب كرة القدم من إرهاق تراكمي على مدى موسم طويل، يزداد سوءًا؛ بسبب البطولات الدولية، وضيق فترات الراحة.
وعليه، يحق لكلا الطرفين التذمر، لكن لأسباب مختلفة فلاعب الـNBA من ضغط العدد والتكرار واللوجستيات، ولاعب كرة القدم من الإجهاد المتراكم وطول الموسم وازدحام الأجندة العالمية، ولكن لغة الواقع تقول: إن ما يتلقاه اللاعبون من أموال طائلة، وأن معدل فترة لعبهم الفعلية هي ما بين 10-12 عام تجعل الجميع غير متقبل لأي تذمر من قبل هؤلاء الرياضيين، وأن عليهم العمل في صمت وبدون تذمر؛ لأن ما تعنيه المزيد البطولات هو المزيد من المال، وهذا ما دفع NBA إلى استحداث بطولة إضافية خلال الموسم، وهي بطولة كأس NBA.
في النهاية، كلا النموذجين يتطلب درجة عالية من التحمل والاحترافية، والحقيقة ان هذه هي طبيعة الرياضة التنافسية الحديثة على المستوى الاحترافي العالمي، ولكن طبيعة الإرهاق ومصدره تختلف جذريًا بين الرياضتين.
بُعد آخر.. بإمكانك قول ما تشاء عن المصارعة الحرة، إن لم تكن من محبيها، فرأيك لا يعني ولن يغير شيئًا لدى محبيها، وإن كنت من محبيها؛ فمهما كانت آراؤك وقناعاتك، ولكن لفترة طويلة جدًا، كانت المصارعة الحرة هي هالك هوجن، وهالك هوجن هو المصارعة الحرة.