صراع «الأسد» والفصائل المسلحة.. 13 عاما من الدمار والخراب تنتهي بالرحيل
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
على مدار 13 عاماً من الصراع المحتدم فى سوريا، تحولت البلاد إلى ساحة للمعارك بين بشار الأسد، والفصائل المسلحة المدعومة من الخارج، حيث يحمل كل طرف أجندته الخاصة، وظهرت تلك الفصائل بعد الاحتجاجات والاضطرابات التى تحولت إلى حرب أهلية فى سوريا عام 2011، كامتداد لموجة أكبر شهدتها المنطقة العربية فى إطار ما عُرف بـ«الربيع العربى».
وفى تطور مفاجئ خلال الأسابيع الأخيرة، نجح تحالف جماعات المعارضة فى قلب موازين الصراع، بعد فترة طويلة من الجمود، وتمكنت الفصائل من السيطرة على مدن استراتيجية، من بينها حلب وحماة وحمص، وصولاً إلى العاصمة دمشق، ومن ثم السيطرة على جميع مفاصل الدولة وإعلان سقوط نظام «الأسد»، فى واحدة من أسرع العمليات العسكرية منذ سنوات، بحسب ما جاء فى «القاهرة الإخبارية».
النظام السوري عوَّل على دعم إيراني وروسي ورفض محاولات التسوية من قبَل قوى إقليميةوعوَّل النظام السورى، خلال العقد المنصرم، على دعم إيرانى وروسى قوى لاستعادة أجزاء كبيرة من البلاد، ومع ذلك، أظهرت التحولات الأخيرة ضعف قدرة هذه القوى على تقديم الدعم بالكفاءة السابقة.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال»، عن مسئولين سوريين وعرب ومصادر مطلعة، أن الحكومة العراقية رفضت طلب نظام «الأسد» حشد مزيد من القوات، وأن إيران أبلغت سراً دبلوماسيين عرباً بأنه من الصعب إرسال قوات لسوريا، و«الأسد» طلب المساعدة من عدة دول دون نتيجة.
أما عن الفصائل المسلحة، فقد تم تصنيف بعضها كمنظمات إرهابية من قبَل الولايات المتحدة وحلفائها، والهدف الأساسى هو الإطاحة بالنظام السورى، وتحاول الفصائل كسب تأييد السكان المحليين عبر تقديم خدمات مدنية فى مناطق سيطرتها، ومن بين النظام السورى والفصائل المسلحة، برزت القوات الكردية، تحت لواء «قوات سوريا الديمقراطية»، كحليف رئيسى للولايات المتحدة فى الحرب ضد تنظيم «داعش»، فيما أطلقت تركيا سلسلة من العمليات العسكرية عبر الحدود السورية، مركزةً على المناطق الكردية، كما تدعم فصائل مسلحة مثل «الجيش الوطنى السورى».
وفيما يتعلق بموقف كل من روسيا وإيران من الحرب السورية، فقد أرسلت روسيا قوات ومعدات لدعم النظام السورى، لكن الحرب فى أوكرانيا أثرت على قدراتها، أما إيران، فقد لعبت دوراً محورياً عبر مقاتلى «حزب الله»، لكنها بدأت تخفض وجودها العسكرى فى سوريا بسبب الضغوط الإقليمية والدولية، أما الدور الأمريكى فى سوريا فقد شهد تطورات عديدة، من دعم الفصائل السورية إلى التركيز على محاربة تنظيم «داعش»، فيما لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بقوات فى شمال شرق البلاد لتأمين مناطق النفط ومنع عودة التنظيم الإرهابى.
وقد أدت الحرب السورية إلى مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين، حيث لجأ النظام إلى استخدام أساليب قمعية مثل الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة، تجاوزت الأزمة حدود سوريا لتخلق أزمة إنسانية عالمية، وسط نداءات مستمرة لإيجاد حل سياسى ينهى المعاناة، وتمثل الحرب الأهلية السورية مأساة إنسانية وسياسية معقدة، تعكس صراعات المصالح الإقليمية والدولية، وبينما تسود الفوضى، يبقى مستقبل البلاد غامضاً، وسط تساؤلات حول قدرة الأطراف المتصارعة على تحقيق سلام مستدام يعيد لسوريا استقرارها المنشود.
وقدرت الأمم المتحدة عدد الضحايا فى سوريا بين 580 ألفاً و618 ألفاً، منهم 306887 مدنياً، بينهم عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، و6.7 مليون نازح بحلول مارس 2021، ما يجعلها إحدى أسوأ الحروب كارثية فى القرن الواحد والعشرين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: سوريا الأزمة السورية بشار الأسد الفصائل السورية المعارضة السورية الأحداث في سوريا الفصائل المسلحة النظام السورى فى سوریا
إقرأ أيضاً:
سوريا في قبضة التوازنات .. صعود الشرع كواجهة ’’أمريكية_صهيونية’’ وتحجيم السيادة
يمانيون / تقرير خاص
في تحول جذري يعيد رسم المشهد السياسي السوري، صعد أحمد الشرع إلى رأس السلطة خلفًا لبشار الأسد، بدعم إقليمي ودولي غير مسبوق. هذا التحول لا يمكن عزله عن التغيرات المتسارعة في خارطة النفوذ داخل سوريا، حيث تتقاطع إرادات الولايات المتحدة وإسرائيل مع مصالح تركية وخليجية سعت إلى إنهاء عهد بشار الأسد، والتخلّص من الحضور الإيراني الذي يُنظر إليه كعدو استراتيجي دائم لواشنطن وتل أبيب.
الشرع يظهر اليوم كخيار لإعادة تعويم النظام من بوابة عربية وغربية. غير أن هذا الصعود لا يبدو مستقلاً، بل يأتي في سياق مشروع متكامل يهدف إلى إعادة صياغة النظام السوري على مقاس المصالح الأمريكية-الإسرائيلية، تحت غطاء تفاهمات إقليمية، تركية وخليجية، تزداد وضوحاً.
وفي ظل هذا التموضع الجديد، تبدو سوريا أمام مرحلة دقيقة انتقال ظاهري للسلطة، لكنه في جوهره انتقال من دولة ذات سيادة، إلى كيان سياسي خاضع لتوجيهات الخارج، تحكمه معادلات النفوذ والتي ستقوده رغماً عنه قريباً نحو التطبيع
الخلفية السياسية لصعود أحمد الشرع
برز اسم أحمد الشرع سريعًا بعد سنوات من الجمود العسكري والدبلوماسي في سوريا. يشير مراقبون إلى أن صعوده لم يكن وليد الداخل السوري فقط، بل ثمرة مفاوضات طويلة قادتها واشنطن مع تل أبيب، وأنقرة، والرياض، والدوحة، لإعادة هيكلة النظام بطريقة “غير ثورية”، تُنهي سطوة النظام القديم وتحفظ مصالح اللاعبين الكبار.
الدور الأمريكي – الصهيوني في إدارة التحول
الولايات المتحدة تبنّت دورًا مركزيًا في إدارة الانتقال السياسي، من خلال خطة تضمن الحد من النفوذ الإيراني، وحماية أمن إسرائيل، وفتح الباب لتسوية “مقبولة” دوليًا.
العدو الإسرائيلي ، من جانبه، أبدى ارتياحًا غير معلن تجاه النهج الجديد للشرع، خاصة بعد تسريبات عن وجود قنوات خلفية للتواصل الأمني، وضمانات بعدم المساس بالجولان، بل واحتمال فتح مسارات اقتصادية مستقبلية عبر وساطات خليجية.
الدعم التركي والخليجي .. حسابات النفوذ والاقتصاد
أنقرة، التي ظلت طوال العقد الماضي تحتفظ بدور عسكري واستخباراتي مؤثر شمال سوريا، تعتبر أن صعود الشرع يمثل فرصة لتكريس نفوذها دون صدام مباشر مع دمشق، خصوصًا في ما يتعلق بمسألة “المنطقة الآمنة” وضبط الحدود مع الأكراد.
أما دول الخليج، وعلى رأسها السعودية وقطر، فقد سارعت لإعادة علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع دمشق، باعتبار أن النظام الجديد قد يشكّل حاجزًا أمام تمدد المشروع الإيراني في بلاد الشام، مع احتمالات استثمار كبيرة في ملف إعادة الإعمار.
الموقف الروسي – دعم مشروط وتحفّظ استراتيجي
رغم أن موسكو باركت رسميًا صعود أحمد الشرع وأرسلت رسالة تهنئة من الرئيس بوتين أكد فيها استمرار الدعم الروسي إلا أن الموقف الفعلي أكثر تعقيدًا. الشرع طلب من موسكو تسليم بشار الأسد وعدد من مساعديه اللاجئين على أراضيها، وهو ما أثار توترًا صامتًا بين الجانبين وفق ’’العربي الجديد’’
موسكو، التي ضمنت قاعدتين عسكريتين دائمتين (طرطوس وحميميم)، ستبقى حريصة على حفظ نفوذها الاستراتيجي، لكنها تراقب بحذر انجراف دمشق نحو واشنطن وتل أبيب.
انعكاسات إقليمية محتملة
انكماش الدور الإيراني في سوريا نظراً للمتغيرات الداخلية والتي لم تعد تمثل عمقًا استراتيجيًا يمكن أن تعتمد عليه إيران ، ما سيدفعها لإعادة النظر في تموضعها الإقليمي وفي المقابل صعود نفوذ تركيا والخليج ونمو مساحة التفاهم بينها
توازنات جديدة مع إسرائيل عبر واشنطن، تسعى دمشق الجديدة لفرض معادلة “لا حرب ولا مقاومة”، ما يعيد تعريف معادلات الردع في الجبهة الجنوبية.
سوريا الجديدة على مفترق طرق
سوريا الشرع تقف على مفترق طرق، مع وجود محاور متعددة تتنازع التأثير على مستقبلها ، فهي تقف خلف الدعم الأمريكي-الإسرائيلي الذي يهدف إلى إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا، وتثبيت (الوضع القائم) الذي يضمن أمن إسرائيل.
الوجود الأمريكي شرق الفرات يعكس اهتمام واشنطن بالسيطرة على مناطق النفط، ودعم قوات “قسد”، وهو ما يشكل حاجزاً بوجه دمشق وحلفائها.
تركيا تغيّر تكتيكها تدريجياً بعد سنوات من دعم المعارضة المسلحة، تنفتح أنقرة تدريجياً على دمشق، بدافع من ملفات اللاجئين، وملف “قسد”.
الخليج (السعودية، الإمارات) عاد بقوة إلى دمشق، في محاولة لتقليص النفوذ الإيراني من داخل النظام نفسه، باستخدام أدوات اقتصادية ودبلوماسية (مثل إعادة سوريا للجامعة العربية).
الرهان الخليجي يقوم على “تعويم النظام مقابل تنازلات”، لكن دون ضمانات بتحقيق تغيير جذري في السياسات السورية.
إلى أين تتجه سوريا؟
السيناريو الأقرب على المدى القصير ، جمود سياسي مستمر، مع بعض الانفتاح العربي التركي التدريجي.
وتقاسم نفوذ فعلي مناطق نفوذ أميركية، إسرائيلية ،روسية، تركية، داخل الأراضي السورية.
تطبيع مشروط، لكنه بطيء ومحدود التأثير بدون إصلاحات داخلية حقيقية.
على المدى البعيد ، سوريا تتحول إلى دولة ذات سيادة شكلية، لكنها عملياً مرهونة لتوازنات إقليمية