كعادته يقود الفلاح (المزارع) حسن البعلي سيارته المحملة بصناديق ممتلئة بحبات الزيتون لبيع محصوله إلى معصرة قريبة من منطقته في برج الطويل بمحافظة أريانة (شمال البلاد). في وجهه، تظهر ملامح هموم أزمة خانقة تهدد قطاع الزيتون، حيث انهارت الأسعار بشكل كبير.

دون خيار آخر، باع حسن منتوجه بمقابل دينار واحد للكيلوغرام، في حين كان يبيعه في الموسم الماضي بمعدل 3 دنانير (دولار واحد) للكيلوغرام.

هذا التحول المفاجئ قلب موازين الفلاحين رأسا على عقب وسط تراجع مستمر في مداخيلهم مقابل ارتفاع كلفة إنتاجهم.

ويفسر المحللون الهبوط المفاجئ لأسعار زيت الزيتون بوفرة الإنتاج المحلي والعالمي، فضلا عن انخفاض الأسعار في الأسواق العالمية مقارنة بالعام الماضي.

وبحسب تقديرات وزارة الفلاحة، يُتوقع أن يبلغ إنتاج زيت الزيتون هذا الموسم 340 ألف طن، بزيادة تفوق 50% مقارنة بالموسم الماضي.

في العام الماضي، وصل سعر لتر الزيت في تونس إلى 26 دينارا (9 دولارات)، بينما يتراوح هذا العام بين 12 و18 دينارا، مما خلق إقبالا مكثفا من التونسيين على شراء الزيت وتخزينه في منازلهم، مستفيدين من انخفاض الأسعار.

توقعات بأن يبلغ إنتاج زيت الزيتون هذا الموسم 340 ألف طن بزيادة تفوق 50% مقارنة بالموسم الماضي (الجزيرة) أزمة خانقة

وتسبب هذا الانهيار الحاد في الأسعار في أزمة خانقة للفلاحين، مما جعل السلطات تتخذ إجراءات عاجلة لاحتواء الوضع.

إعلان

يقول حسن البعلي في تصريح للجزيرة نت "لقد خذلتنا الأسعار، ولن نتمكن من تغطية تكاليف الإنتاج، وأصبحنا عاجزين عن التخطيط للمستقبل"، مشيرا إلى اعتماده الكامل على عائدات محصول الزيتون لسداد ديونه وتغطية نفقات عائلته.

بالنسبة لهذا الفلاح الصغير، بات الوضع أقرب إلى الكارثة "فتكاليف الإنتاج تتصاعد بينما تهبط الأسعار إلى مستويات لا تغطي التكاليف والجهد المبذول".

في ظل هذه الظروف، "تبدو الإجراءات الحكومية بطيئة وغير كافية". يقول حسن بصوت مثقل بالمرارة "نحتاج إلى دعم عاجل لضمان استقرار الأسعار، فزيتنا ليس مجرد محصول، بل شريان حياة لعائلاتنا".

حال حسن لا يختلف عن عماد الجلاصي، الذي يضطر لبيع محصوله للمعصرة بمنطقة بجاوة بسيدي ثابت (محافظة أريانة) بمقابل دينار ونصف للكيلوغرام (نصف دولار)، وهو مبلغ بالكاد يغطي جزءا بسيطا من تكاليف الإنتاج بحسب تصريحه للجزيرة نت.

يشكو عماد من كثرة النفقات، مثل أجور العمال وأسعار المحروقات المرتفعة، مما جعل انهيار الأسعار بمنزلة صاعقة تقضي على آماله.

إلا إنه يدرك أن انخفاض الأسعار سيعود بالنفع على المواطنين الذين يعانون من تدني قدرتهم الشرائية. ومع ذلك، فإن تفهمه لهذا الانخفاض ممزوج بقلق على زملائه في القطاع.

نعمة للمواطنين

وفي المعاصر، يظهر مشهد غير مسبوق من الطوابير الطويلة للمواطنين الذين توافدوا منذ الصباح الباكر لشراء الزيت.

يقول فتحي بوناصري، الذي جاء مع أسرته إلى معصرة سيدي بن عمار في سيدي ثابت "هذا الموسم نعمة من الله، وأسعار الزيت أصبحت في متناولنا بعد ارتفاعها الكبير العام الماضي"، مشيرا إلى أنه لن يضطر لتقليص استهلاكه كما فعل في الموسم السابق.

الانهيار الحاد في الأسعار تسبب في أزمة خانقة للفلاحين (الجزيرة)

ويضيف للجزيرة نت بنبرة من الارتياح "زيت الزيتون ليس مجرد منتج فلاحي، بل هو جزء من عاداتنا وتقاليدنا، وانخفاض الأسعار هذا العام أعاد الطمأنينة لبيوتنا".

إعلان

وحول رأيه في وضع القطاع، يقول الضاوي الميداني، رئيس نقابة الفلاحين التونسيين للجزيرة نت إن المواطنين هم المستفيد الأكبر من هذا الهبوط في الأسعار، مشيرا إلى أن الأسعار في السوق المحلية أصبحت مغرية ومناسبة بعد الارتفاع الكبير العام الماضي.

لكنه يوضح أن هذا الانخفاض جاء نتيجة وفرة الإنتاج المحلي وتراجع الأسعار في الأسواق العالمية، مما أوقع الفلاحين في أزمة خانقة، حيث لا تغطي عائدات محاصيلهم كلفة الإنتاج.

إجراءات للفلاحين

وأشار الميداني إلى أن المزارعين والدولة هما الخاسر الأكبر، إذ ستنخفض عائدات الدولة من العملة الصعبة بسبب هذا الانخفاض في الأسعار، بينما ستحصل الدول المستوردة على زيت الزيتون التونسي بأسعار أقل.

أسعار زيت الزيتون المنخفضة دفعت المواطنين للوقوف في طوابير للحصول على كميات منه وتخزينها (الجزيرة)

وشدد على ضرورة أن تتحول الإجراءات الحكومية إلى تدابير فعالة تخفف من معاناة الفلاحين، وأعلنت وزارة الفلاحة مؤخرًا عن عدة إجراءات لدعم الفلاحين، تشمل شراء كميات من زيت الزيتون بأسعار تراعي السوق العالمية، وتمويل تخزين الزيت في حال استمرت الأسعار في الهبوط.

وقد اتخذت وزارة الفلاحة مؤخرا عدة إجراءات لضمان جني صابة الزيتون بما يحفظ حقوق الفلاحين ودعمهم ماليا إضافة إلى انطلاق ديوان الزيت التابع للوزارة في عملية شراء كميات من زيت الزيتون في كامل التراب الوطني وذلك باعتماد أسعار تأخذ بعين الاعتبار الأسعار المتداولة بالسوق العالمية والداخلية.

كما قررت وزارة الفلاحة تمويل تخزين كمية من زيت الزيتون لدى المنتجين في حالة تواصل تسجيل تراجع في الأسعار المتداولة في السوق الداخلية، فضلا عن مواصلة العمل بالإجراء المتعلق بتمديد خلاص القروض الموسمية بـ3 أشهر للفلاحين وأصحاب المعاصر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وزارة الفلاحة العام الماضی زیت الزیتون فی الأسعار الأسعار فی للجزیرة نت أزمة خانقة

إقرأ أيضاً:

بلغت 2600 ريال.. ارتفاع كبير في أسعار المواشي بـ "سوق حفر الباطن"

شهد سوق المواشي بمحافظة حفر الباطن، الذي يُعد أكبر سوق للماشية في المملكة ومنطقة الخليج، ارتفاعًا هائلاً في أسعار الأضاحي هذا العام 1446 هـ ، حيث لامست بعض الأسعار حاجز ال 2600 ريال، مما أثار موجة من الاستياء والتساؤلات بين الأهالي والمشترين.
ويأتي هذا الارتفاع الملحوظ ليُلقي بظلاله على استعدادات عيد الأضحى المبارك، خاصة وأن السوق يشتهر عادة بتوفير الماشية بأسعار مناسبة.
أخبار متعلقة جولة في سوق المواشي بجدة.. وأسعار الأضاحي بين 900 إلى 2700 ريالأسعار الأضاحي بالأحساء.. النعيمي يصل لـ 2500 ريال والمستورد أقل من 1000الدمام والأحساء الأعلى.. بيان درجات الحرارة على المملكة اليوم الجمعةارتفاع غير مبرر
ورغم التفاوت المسجل في الأسعار، والتي تراوحت بشكل عام بين 1800 و2600 ريال وفقاً للرصد الأولي، إلا أن هذا المستوى السعري دفع الكثيرين إلى التساؤل عن أسباب هذا ”الارتفاع الجنوني“، لا سيما في سوق يتمتع بمكانة رائدة ويوفر عادة خيارات متنوعة للمشترين.
وفي جولة ميدانية لـ ”اليوم“ في سوق الأنعام بحفر الباطن، تم رصد آراء عدد من رواد السوق والمشترين حول أسعار الأضاحي.
وأوضح المواطن جابر العنزي، أحد المتعاملين في السوق، أن أسعار الأضاحي ”متفاوتة“، مشيراً إلى أن سوق حفر الباطن يعتبر سوقاً محورياً في المملكة والخليج.
وذكر أن السعر ”البلدي“ هو الرئيسي والمؤثر في السوق، حيث تتراوح أسعار الأضاحي البلدية من 1400 ريال حتى 2500 ريال، وذلك بحسب نوعية ”الحلال“ ونظافته وأوزانه.
وأضاف العنزي أن أسعار المواشي المستوردة تكون أقل، معتبراً أن الأسعار بشكل عام ”في متناول الجميع“، ومتمنياً التوفيق للجميع. .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } ارتفاع كبير في أسعار المواشي بـ«سوق حفر الباطن» ارتفاع كبير في أسعار المواشي بـ«سوق حفر الباطن» var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });
وفرة المعروض من المواشي
من جهته، أفاد المواطن عبد العزيز الرويلي، وهو أيضاً من مرتادي السوق، بأن أسعار الأضاحي تنطلق من 1400 ريال وتصل إلى 2600 ريال، تبعاً لجودة المنتج ووزنه وحجمه.
ووصف الرويلي الأسعار بأنها متنوعة وتشمل ”الرخيص والغالي“ وترضي مختلف الأذواق، مؤكداً على توفر ”الحلال الطيب“ ووفرة المعروض في سوق حفر الباطن.
وقال المواطن طلال الشمري أن السوق يضم عددًا كبيرًا من المربين والباعة، ويشهد توافد أعداد لافتة من المشترين، مشيرًا إلى أن الأسعار الحالية تعتبر مقبولة مقارنة بالعام الماضي، وظلت شبه ثابتة خلال الفترة الماضية.
اختيار الأضحية المناسبة
وتوقع أن تزداد الحركة ونسبة الشراء بشكل ملحوظ مع اقتراب العيد، خاصة مع توفر أنواع كثيرة من الأضاحي، حيث تتراوح أسعار النعيمي بين 2100 و2300 ريال، بينما يعتبر الحري أقل سعرًا، ويتوفر النجدي أيضًا. مشيرًا إلى وفرة المستورد والبلدي.
وقدم نصيحة للمشترين بضرورة الاختيار المناسب والجيد للأضحية، والتركيز على صحتها وخلوها من الأمراض والعيوب الظاهرة مثل العرج أو العور أو كسر القرن أو الهزال، وأن تكون سمينة وفي سن مناسبة، وإن كانت كبيرة السن مقبولة شرعًا كأضحية، إلا أن الاجتهاد في اختيار الأفضل مطلوب.

مقالات مشابهة

  • بعد وصوله 70 جنيهًا.. نقيب الفلاحين يكشف موعد انخفاض أسعار التفاح
  • هذا ما يحصل داخل محال الذهب... رغم الأسعار القياسية
  • أسعار التذاكر إلى لبنان ترتفع.. و طيران الشرق الأوسط يوضح
  • الزيت بكام؟.. أسعار السلع التموينية لـ شهر يونيو 2025
  • أسعار الأضاحي ضمن المعدلات الطبيعية
  • بلغت 2600 ريال.. ارتفاع كبير في أسعار المواشي بـ "سوق حفر الباطن"
  • بلغت 2600 ريال.. ارتفاع كبير في أسعار المواشي بـ"سوق حفر الباطن"
  • تراجع النفط إلى 65 دولارا عبء على المنتجين
  • ارتفاع في تكاليف المعيشة في ليبيا خلال أبريل الماضي
  • تصل إلى 450 جنيها.. صباح البلد يستعرض أسعار اللحوم قبل عيد الأضحى