الثبات أمام المحن.. دروس قرآنية للأمة في زمن الابتلاءات
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
الثبات أمام المحن.. دروس قرآنية للأمة في زمن الابتلاءات.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
خنساء زماننا!
تماضر بن عمرو بن الحارث السلمية، التي عرفت باسم “الخنساء” كانت عنواناً للحزن والحسرة والندب واللطم وسرد المراثي المبكية. وكان حزنها وقصائد الرثاء في أخيها من أبيها “صخر” في الجاهلية حديث الركبان والقوافل وخلدها التاريخ كأكثر نساء العرب حزناً وتعرّضاً للمصائب.
-بعد أن أسلمت الشاعرة الخنساء استشهد أولادها الثلاثة دفعة واحدة في معركة اليرموك الفاصلة ضد الروم قالت قولتها الشهيرة “الحمد لله الذي شرفني بقتلهم في سبيل الله” ولم تجزع ولم تحزن كما فعلت في مصابها في أخيها غير الشقيق وصارت مضرب مثل في الصبر والثبات والتسليم لمشيئة الله في مواجهة المحن والشدائد والفواجع الكبرى.
-خنساء الماضي التي تملأ قصتها ومآثرها مجلدات وكتب التراث والأدب العربي وكل ما مرت به من أحزان ومآس لا تصل إلى أقل اليسير مما مرت وتمر به المرأة الفلسطينية اليوم في قطاع غزة أمام آلة القتل والإبادة الصهيونية التي تمارس هوايتها في مسح العائلات الفلسطينية من الحياة ومن سجلات الدفاع المدني في جرائم تنفذها أمام الإعلام ومصوري الفضائيات على الهواء مباشرة، بل وتتباهى بذلك وتتفاخر بما تقوم من انتهاكات يندى لها جبين الإنسانية.
-الطبيبة الفلسطينية آلا النجار كانت تمارس عملها المعتاد في معالجة جرحى القصف الصهيوني في أحد مشافي غزة عندما جيء بأولادها العشرة إليها ليس في زيارة اعتيادية كما يزور الأبناء أمهاتهم في مقار أعمالهن من حين لآخر، ولكن أشلاء وجثامين متفحمة تسعة منهم كانوا قد فارقوا الحياة ورفرفت أرواحهم الطاهرة إلى جنات الفردوس أما عاشرهم، ويدعى آدم، فقد كان مع أبيه بين الحياة والموت بعد إصابتهم جروح بليغة في الجريمة ذاتها.
– فاجعة الطبيبة آلاء أبكت العالم كله وأسالت أنهارا من الدموع من قبل كل من رأى وسمع، لكنها كما يقول زملاؤها “لم تبكِ وظلت صابرة محتسبة وثابتة مثل الجبال”، لم تذرف الدموع ولم تندب ولم تلطم أو تشق الجيوب وإنما راحت تودع فلذات كبدها وتزفهم بحنان الأم إلى حيث يجب أن يكونوا “في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر” ثم باشرت محاولات إنقاذ ابنها وزوجها المصابين.
-عذراً يا خنساء الزمن الغابر فجرحك لا يقارن ولو بمثقال ذرة بجراحات وأحزان خنساء زماننا التي عجزت البشرية كلها عن تحمل حجم الصدمة وهول المصيبة لكنها وقفت شامخة في حين بقيت أمة الملياري مسلم خانعة ذليلة لا تستطيع مجرد التعليق على إرهاب كيان متوحش تفرد في الإجرام وجاء بنوع جديد من الوحشية والحقد على الإنسانية لم يشهد له التاريخ مثيلاً.
-قتل جيش الاحتلال أطفال فلسطين بلا رحمة أو هوادة طوال عامين وما يزال يفتك بهم وبأمهاتهم على مرأى من العالم كله، فقد سفك دماء أكثر من عشرين ألف طفل وطفلة بغزة وأصاب عشرات الآلاف من طيور الجنة، أما ضحايا الحصار والمجاعة وسوء التغذية منهم لا تتوقف عند الآلاف، بل أكثر من مليون ونصف المليون طفل صاروا أمام خطر الموت جوعاً كما تؤكد المنظمات الدولية المعنية.
– برغم كل الفظائع والمجازر البشعة التي يمارسها الاحتلال في غزة تبقى جريمة قتل أطفال الطبيبة الاء النجار مختلفة عن كل الجرائم، ربما كانت محظوظة على المستوى الإعلامي وطار بخبرها الإعلام والفضائيات في وقت طويت أخرى من هذه المجازر في ملفات النسيان لتبقى هذه الجريمة وثيقة إدانة ضد الكيان الغاشم وشاهد أثبات على الإرهاب الصهيوني وبرهاناً جلياً على وحشية وفاشية قادته المجرمين الذين يجب أن يساقوا إلى مقاصل العدالة الدولية من أجل الانتصار للإنسان والإنسانية في الدنيا، وفي الآخرة لهم عذاب شديد، وعند الله تجتمع الخصوم.