التاريخ يعيد نفسه في سوريا العروبة. . !
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
#التاريخ يعيد نفسه في #سوريا_العروبة. . !
#موسى_العدوان
يقول أحد الأشخاص المقربين من الراحل الملك الحسين – عليه رحمة الله – كنت مع الملك حسين، في آخر زيارة له إلى شاه إيران محمد رضا بهلوي، قبل سقوط نظامه. وعرض الملك في اجتماعه مع الشاه، ما يتناهى إلى علمه عن الأحوال في إيران، وعن أثر خطابات آية الله الخميني، التي تصل تسجيلاتها إلى الشعب الإيراني، ناصحا بأن يقوم الشاه بزيارة آيات الله في قمّ، لسماعهم والوصول إلى تسوية معهم.
وما أن انتهى الملك من حديثه، حتى هزّ الشاه رأسه مبتسما وقال : ” لا داعي لأن أعطي ساكني قمّ أكبر من حجمهم، فأنا أعرف جيدا حجمهم ومحدودية أثرهم، ولن يستطيعوا فعل ما يؤذي النظام. ثم من هو هذا الخميني الذي تتناقل بعض الأخبار، أنه يمكن أن يحرك شعبي ضدي وهو في باريس ؟ اطمئن يا جلالة الملك، فأجهزة الدولة قادرة عليهم إن تمادوا “.
مقالات ذات صلة تصريحات بشار الأسد في مقابلة تلفزيونية أيام حكمه البغيص 2024/12/12حاول الملك حسين بأدب جم تحريك عناد الشاه، إلاّ أن الحاكم المستبد لم يستجب للنصيحة. وعندما غادرنا قال الملك أمامي : ” ليس هناك حاكم يسلك طريق التحدي لشعبه أو يتجاهله، يمكن أن يستمر بالحكم، فقد وصل الشاه آخر الطريق وأمره مسألة وقت.
بذل الحسين كل جهده في تقديم النصح لصديقه الحاكم العنيد المستبد، ولكنه أصرّ على موقفه وعناده، وركب رأسه مخاصما شعبه. وبعد فترة قصيرة شاهدنا الشاه محمد رضا بهلوي، معلقا بطائرته بين السماء والأرض يوم 16 يناير 1979، بعد أن ضاقت به الدنيا، وهو يبحث عن مقر يؤيه على وجه الأرض فلم يجد، إذ تخلى عنه حتى أصدقاؤه من رؤساء دول العالم ماعدا السادات، الذي عطف على حالته واستقبله على أرض مصر، ردا لجميل كان قد قدمه لمصر في وقت سابق.
وها هو التاريخ يعيد اليوم نفسه في سوريا ممثلا، بالرئيس السابق بشار الأسد، الذي فرّ من طنه خوفا من غضبة الشعب، بعد أن حكم سوريا كما والده بالحديد والنار، لما يقارب الريع قرن، فأصبح اليوم لاجئا مع عائلته في روسيا غريبا عن وطنه. لقد تميزت فترة حكمه بالقهر والظلم والرعب للشعب السوري، فأكثر من إيجاد الأجهزة الأمنية، وبناء السجون والمعتقلات الرهيبة، التي مورست فيها أبشع أنواع الجرائم ضد الإنسانية، فيُحكم ميدانيا على من يدخلها من الرجال والنساء والأطفال، بالسجن مدى الحياة بلا ذنب ارتكبوه. فيدخلون السجون بسن الشباب ويخرجوا بقدرة قادر وهم كهولا إذا لم يدركهم الموت داخلها، علما أن بعضهم إن خرج يكون فاقدا للذاكرة، وبعضه الأخر لا يقوى على الحركة.
ونتذكر قبل فترة قصيرة من سقوط الطاغية، قد لاحت فرصة سانحة لتجنب سقوطه من الحكم، حيث عرضت عليه الولايات المتحدة ( اتفقنا أو اختلفنا معها )، بأن ترفع الحصار الاقتصادي عن سوريا، وتعيد إعمار البلاد، بشرط أن يقطع علاقة بلاده مع إيران.، إلاّ أن من يُدعى قائد محور المقاومة، رفض هذا العرض واستمر بعناده الذي لا طائل منه، فكانت النتيجة سقوط نظامه وفراره بجله إلى حليفه بوتين، ليعيش لاجئا سياسيا لا قيمة له.
نصيحة الملك حسين صاحب الحكمة والموعظة . . الذي قاد شعبه لما يزيد عن 46 عاما وسط الأنواء والعواصف، وخرج به أقوى مما كان، لم تكن موجهة لشاه إيران فحسب، بل كانت موجهة لكل حاكم مستبد في مختلف أنحاء العالم، داعيا لتصالحه مع شعبه وعدم مناصبته العداء، لكي يلتفّ حوله ويقوي تماسك الجبهة الداخلية ضد إي تهديد داخلي أو خارجي. وبعكس ذلك، فإن انتفاضة الشعب قادمة عليه، طال الزمان أو قصر.
وستكون نهايته مأساوية أمام شعبه وشعوب العالم، مهما بلغ من قوة ومن جبروت، ومهما كانت قدرة أجهزته الأمنية، في تسلطها على الناس وزجهم في السجون والمعتقلات، ومهما اعتمد على حلفاء من غير شعبه. وهذه عبرة لكل حاكم مستبدّ، لا يسمع صوت شعبه، في هذا الزمان الذي أصبح قرية صغيرة، تسعى شعوبها إلى الحرية والانعتاق . . !
التاريخ : 13 / 12 / 2024
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سوريا العروبة
إقرأ أيضاً:
الطمأنينة.. المعنى الحقيقي للحياة
في خصم السنوات المتعاقبة التي يقضيها الإنسان في الركض خلف تفاصيل الحياة، يظن نفسه أنه يبحث عن أشياء محددة: النجاح، مكانة، أو انتصارات تمنحه شعورًا مؤقتًا بالإنجاز.
لكن مع مرور الوقت، يكتشف المرء أن كل تلك المساعي لم تكن يومًا كفيلة بملء الفجوات الداخلية العميقة، وأن ما يبحث عنه حقا ليس أمرا ماديا، بل حالة من السلام الداخلي، "هدوء يتكئ عليه" حين تضيق به الحياة، وروح قادرة على التمسك بأشيائها مهما أثقلتها الظروف.
هذا الإدراك لا يأتي فجأة، بل ينضج من خلال تجارب يمر بها الإنسان، فيعتاد الركض وراء كل ما يظن أنه سيحدث فرقا في حياته، ثم يفهم لاحقا أن كل هذا الركض لم يكن سوى محاولة لتسكين قلق داخلي عميق. ومع هذه التقلبات، يصبح الهدوء والبساطة والطمأنينة غاية لمشروع حياة كاملة.
ومن بين أكثر ما يكتشفه الإنسان حاجته إلى علاقة تمنحه الأمان، وعلاقة إنسانية مستقرة لا تركز على المثالية ولا على الوعود الكبيرة، بل على دعم حقيقي ووجود شخص يرى ما وراء الضعف، فيتحمل العثرات، وشخص تكون لديه الأسباب الكافية للمحبة حتى في الأوقات التي يفشل فيها المرء في إيجاد سبب ليحب نفسه. فالأمان ليس مجرد كلمة، بل وجود قادر على تهدئة الفوضى الداخلية، بنظرة صادقة وكلمة مطمئنة.
وحين يبدأ الإنسان بالاقتراب من هذا النوع من الراحة الداخلية، يتحول المنزل الذي يعود إليه إلى أكثر من مجرد جدران، فيصبح مكانًا يحتضن قلقه اليومي وتعبه، ومساحة تتسع لانفعالاته دون أن يضطر لإخفائها أو تبريرها.
ولم يعد بحاجة إلى الهروب إلى الخارج أو التشتت ليخفف عن نفسه، بل يكفيه أن يعود إلى زاوية دافئة تحتضنه، قادرة على المداواة مما أثقل قلبه.
ومع هذا الصفاء الإنساني، تتلاشى فكرة التشتت الداخلي بين "أنا" بالأمس و"أنا" اليوم، فيبدأ الإنسان بفهم ذاته والأحاديث التي يجريها مع نفسه والخطط التي يرسمها، وحتى لحظات الصمت التي يقف فيها متأملا تصبح مسارا واحدا يحاول حمايته والحفاظ عليه.
ومع مرور الوقت، يكتشف أن السكينة التي يبحث عنها ليست في العالم الخارجي، بل في انسجامه مع ذاته.
وفي نهاية كل يوم، حين يعود التعب، تتحول لحظات الصمت إلى مساحة آمنة يخفف فيها الإنسان عن نفسه، ولا يبحث عن حلول خارقة، ولا ينتظر أن يتغير العالم من حوله، بل يكفيه أن يجد داخل نفسه ما يستند إليه ليواصل الطريق. تلك القدرة على مواساة الذات تصبح الخط الفاصل بينه وبين قسوة الحياة.
وفي الصباح، عندما تستيقظ على أيام هادئة، قد تبدو للبعض أنها أيام عادية جدًا، لكنها مكسب كبير؛ فالقيمة الحقيقية ليست في الأيام الصاخبة ولا الأحداث الكبيرة، بل في تلك اللحظات التي يشعر فيها أن قلقه أخف وأن روحه أكثر طمأنينة.
ومع مرور الوقت، يتعلم الإنسان أن أعظم ما يحظى به خلال مسيرته هو العلاقة الصادقة مع ذاته، وهذه علاقة لا تبنى على المثالية، بل على فهم عميق لاحتياجاته وحدوده. فالعالم مليء بالضجيج، لكن امتلاك مساحة آمنة في الداخل هو المكسب الأكبر للمرء، وهو الإنجاز الذي يستحق الاحتفاء كل يوم.
ومع النضج، يدرك أن السلام ليس مكانًا يسافر إليه، ولا حياة فاخرة، ولا إنجازًا يُعلق على الجدار. السلام الحقيقي هو أن يجد في داخله ما يطمئنه حين تضطرب روحه، وأن يبقى قريبًا من ذاته حتى في اللحظات التي يظن فيها أنه لا يستحق الهدوء، فهو يختار نفسه من جديد كل يوم، رغم الصعوبات وتحديات الحياة.
وفي نهاية المطاف، يظل اليقين بأن الطمأنينة لا تُشترى ولا تأتي صدفة؛ إنها تُبنى بهدوء، بخطوات ثابتة، وبقلب يعرف أن الحياة، مهما أثقلت كاهله، تصبح أخف، عندما يقدر الإنسان القدرة على احتواء نفسه وفهمها، ومنحها ما تحتاجه لتواصل المسير بثبات.