لجريدة عمان:
2025-08-02@20:31:09 GMT

ما بين.. بغي وبناء

تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT

يَمْثُلُ هنا فرقان، ومحور هذين الفرقين هو مجموعة من التضاد، مع أن الفاعل في كليهما هو الإنسان نفسه، فهو الذي يبني، وهو الذي ببغيه يهدم، وما بين البناء والهدم ثمة فاصل دقيق قد لا يرى، بل إنه فاصل معنوي أكثر منه مادي، قد يكون ذلك في كلمة، وقد يكون في فعل، وقد يكون تغير في مقصد «نية» فمسألة التحول هذه لا تحتاج إلى كثير من الجهد المبذول، ولكنها تغير الكثير من أوجه الحياة، ومن العلاقات، ومن القيم، ومما تعارف عليه الناس، ومما باركه الناس، ومما وقع في المحذور، أما لماذا يسلك الإنسان هذا المسلك، متعمدا مع سبق الإصرار والتقصد؟ فذلك مرده إلى الطبيعة البشرية، غير المستقرة على حال، فما بين عشية وضحاها يتغير الحال، حيث ينقلب الصفاء كدرا، وقد يتحسن الكدر فيبدو صفاء بهيا، هذا هو الإنسان.

من يفكر في أهمية العقود والمواثيق المكتوبة بين الناس في مختلف علاقاتهم، الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو الثقافية، أو الدينية، أو السياسية، يتوقع أن لا يستنكر هذه المواثيق والعقود، بل ينظر إليها بكثير من التقدير، ومعنى ذلك فحتى لو طلب منه أقرب الناس إليك مودة، أن يكون هناك عقد متفق عليه لأي شأن من شؤون الحياة؛ ألا يساور أحد الطرفين شيء من الكدر عند مطالبة الطرف الآخر بضرورة أن يكون هناك عقد؛ لأن الموضوع المتفق عليه في بداية الأمر؛ وهو الذاهب إلى البناء لتحقيق حلم ما، لا يستبعد في نهاية المطاف أن يتحول إلى هدم، والهدم هنا البغي من أحد الطرفين على الآخر، وكم سمعنا عن كثير من التشاركات بين طرفين (فردين، مجموعتين) تأسس العقد بينهما على البناء، فإذا بهذا البناء يتعرّض للهدم عند نهاية النفق، أما لماذا وكيف؟ فهذه قصة متكررة يكتبها الإنسان في كل مشاريع الحياة، ليس لها نهاية، مع أن بدايتها معروفة وموثقة بين كلا الطرفين.

يقال إن شرف المسؤولية عند الرجل هو في الكلمة التي ينبس بها، ولكن هذه الكلمة؛ مع أهميتها، واعتداد الإنسان بها، إلا أنها تصبح من غير ذات قيمة، عند اشتداد الخلاف بين أي طرفين، حيث يذهب كلا الطرفين إلى مطالبة الآخر بالإثبات المادي الملموس، وتزاح الكلمة «رمز الثقة» جانبا، فتظل ثقتها مرهونة بلحظتها الآنية، حيث تصبح بعد تلك اللحظة الزمنية الحاسمة، لا قيمة لها، والقصص والمواقف التي تروى عن قدرة الأطراف بالثبات على كلمتهم، لا يستبعد أن تحمل الكثير من المبالغات، والتجاوزات في المعاني، ولذلك فالبناء الذي تحدثه المواقف، يهدمه التنصل عما قيل فيها؛ لأن المرجعة الذاتية التي يقوم بها الإنسان مع ذاته في ساعات الهدوء، هي التي تُفنِّدُ الأخطاء، وتعلي أسهم الصح، ولذلك لا يجب أن يلام الأطراف الذي يطلبون المُهَل (مجموع مهلة) ليتخذوا قرارهم الرشيد؛ لأن التفكير في الهدم «التراجع» ينظر إليه بكثير من المعيب (العيب) وقد يعد نقيصة في الخلق، ولذلك يبقى من الأسلم للإنسان أن لا يتسرّع في اتخاذ موقف ما (قرار) في أمر من الأمور، ثم يندم عليه، ويعود إلى الآخرين بوجه مختلف، فذلك ليس من الحكمة في شيء.

لا تبني؛ لتهدم؛ فتبغي، وإنما عالج الهدم، وتجنّب البغي، لتصل إلى غايات البناء، فعندها تتربع على ذرى الحكمة والتعقل.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

انهيار قطاع العقارات الإسرائيلي بفعل الهجمات البحرية لقوات صنعاء

الجديد برس| نشرت صحيفة كالكاليست العبرية تقريرًا يكشف تأثير الهجمات البحرية التي تشنها قوات صنعاء على الاقتصاد الإسرائيلي خاصة في قطاع البناء والتطوير العقاري. وأكدت الصحيفة أن هذه الهجمات تسببت في اضطرابات كبيرة وأزمة عميقة بسبب نقص العمالة وتأخر وصول المواد الخام ما أدى إلى انخفاض تصاريح البناء بنسبة 35 في المئة وانخفاض الشقق قيد الإنشاء والمكتملة بشكل ملحوظ في الربع الأول من 2025 وأشارت الصحيفة إلى أن جمعية المقاولين في إسرائيل طالبت المحكمة العليا بتفعيل آلية تعويض لكنها رفضت الطلب رغم اعترافها بالأزمة كما تحدث التقرير عن احتمالية تقدم آلاف المشترين بدعاوى قضائية بسبب التأخير في تسليم المشاريع مما يهدد بانهيار العديد من المطورين العقاريين. وحذرت الصحيفة من أن الأزمة تؤثر على جميع الأطراف من شركات تمويل ومقاولين وعمال إضافة إلى المشترين الذين يواجهون أعباء الإيجار والرهون دون وضوح في مواعيد التسليم وحذرت من أن استمرار الوضع دون تدخل حكومي قد يؤدي إلى غمر المحاكم بالدعاوى وموجة إفلاس غير مسبوقة في القطاع العقاري.

مقالات مشابهة

  • انهيار قطاع العقارات الإسرائيلي بفعل الهجمات البحرية لقوات صنعاء
  • قرار بهدم مسجد تركي في ألمانيا!
  • الحكومة: الحوثيون يجنون من قطع التبغ الذي سيطروا عليه نصف مليار دولار سنوياً
  • هل تعلم أن عمر قلبك قد يكون أكبر من عمرك؟
  • البرتغالي هيليو سوزا مدربا جديدا للمنتخب الكويتي.. من يكون؟
  • الحكومة السورية الجديدة بين التحدي والأمل: دعوة للصبر والبناء
  • غادة أيوب: نتطلع إلى عيدٍ قريب يكون فيه كل لبنان تحت سلطة الجيش فقط
  • عندما يكون هناك «خداع بصري وتلوث صوتي»!
  • حملات مكبرة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية بالشرقية
  • ترامب: إبرام اتفاق تجاري مع كندا قد يكون صعبا بعد موقفها الداعم لدولة فلسطينية