تزايدت بشكل لافت التحذيرات من حملات الاعتقال الأمني في مصر، وذلك بالتزامن مع تقرير حقوقي تخوّف من توجه أمني بإعادة توقيف معتقلين سياسيين سابقين بجميع أنحاء البلاد، في وقت حذّر فيه أيضا، تقرير صحفي إسرائيلي من حدوث نشاط وقائي لأجهزة الأمن بدول المنطقة العربية، إثر سقوط حكم بشار الأسد في سوريا.

والأحد الماضي، إثر دخول المقاومة السورية دمشق، وهروب الأسد، إلى روسيا، وبدء احتفالات السوريين في مصر بمدينة "6 أكتوبر"، و"العبور"، (غرب وشرق القاهرة)؛ ألقى الأمن المصري القبض على العشرات منهم، بتهم التظاهر دون تصريح، فيما ناشد الرئيس السابق لرابطة الجالية السورية في مصر، راسم الأتاسي، سلطات القاهرة للإفراج عنهم.



والأربعاء الماضي، وتحت عنوان: "بيان هام وعاجل"، قالت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، ومقرها العاصمة البريطانية، لندن، إنه: "مع تزايد التقارير حول زيادة وتيرة الحملات الأمنية والاعتقالات التي تنفذها الأجهزة الأمنية، نوجّه الذين سبق احتجازهم واعتقالهم أو لديهم ملفات أمنية من المصريين، لضرورة اتخاذ الحيطة والحذر".



وأشارت الشبكة الحقوقية إلى أن السلطات الأمنية المصرية كثفت مؤخرا من حملات الاعتقال التعسفي، لتطال العديد من المصريين، وإخفائهم قسريا بمقرات "جهاز الأمن الوطني" و"معسكرات الأمن المركزي".

وقبل أيام، أيضا، وخلال مداهمة أمنية من قوات أمن محافظة الشرقية (شمال شرق القاهرة) لبيت أحد المصريين المعارضين لنظام السيسي، والمطارد منذ عام 2014، بعيدا عن أسرته في قرية شلشلمون، سقط من الدور الرابع أثناء هروبه ليُقضى في الحال، وفق رواية الأمن المصري.

لكن مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، و"الشبكة المصرية لحقوق الإنسان"، قد اتّهما  "الأمن الوطني" بتصفية عبد الباسط الحلابي، وإلقاء جثمانه من الدور الرابع، وسط صراخ الأهالي، مع تهديد أسرته بالاعتقال حال كشف حقيقة قتله عمدا.

كذلك، كشف معتقل مصري سابق لـ"عربي21"، عن تحذيرات وصلته من محامين حقوقيين ومن احتمالات اعتقاله مجددا، هو ونجله، -جرى اعتقالهما سابقا لفترات متفاوتة ثم إخلاء سبيلهما- قائلا: "سآخذ التحذير على محمل الجد".

تحذير إسرائيلي
وكان تقرير إسرائيلي قد توقّع قبل أيام حدوث "نشاط وقائي الأيام المقبلة من وحدات الشرطة وأجهزة الأمن بدول المنطقة ضد نشطاء الجماعات..؛ وذلك لمنع ما حدث في سوريا على أراضيهم"، ملمّحا لمخاوف النظام المصري من تكرار المشهد السوري. 

إلى ذلك، كشفت صحيفة "معاريف" العبرية، الأربعاء الماضي، عن أن السيسي، تقدم بنداء عاجل إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي لإنقاذ نظامه من أي تحركات مماثلة لما جرى ضد بشار الأسد في سوريا، مؤكدة أن هذا كان السبب الرئيسي لزيارة رئيسا الأركان والشاباك الإسرائيليين، للقاهرة، الثلاثاء الماضي.


"طوفان 2025"
وفي السياق نفسه، تحدث الكاتب الصحفي، أحمد حسن بكر، عن أن "عام 2025 هو عام طوفان الغضب"، قائلا إنّ: "السيسي ونجله يأمران برفع حالة الاستنفار الأمني المستتر والظاهر في الشارع المصري".

وأوضح بكر: "الجميع يشكو من مراقبة الأجهزة الأمنية لبعضها البعض، من أجل استقرار حكم السيسي، بعد تزايد حالة الفقر، وبوادر حراك شعبى مطالب برحيله"، مؤكدا أن "الأجهزة الأمنية زادت مراقبة الكثير من الرموز الوطنية، إلكترونيا".

وأضاف أنّ: "خبراء تحليل المعلومات بالأجهزة الأمنية يتوقعون عاما جديدا ساخنا جدا ورافضا لبقاء السيسي، والكثير من أركان نظامه، ويتوقعون طوفان غضب ليلا أو نهارا يجتاح المدن".

جمود الأسد وجمود السيسي
إثر انهيار نظام الأسد في سوريا، الأسبوع الماضي، وإخلاء سبيل آلاف المعتقلين من سجونه، يؤكد البعض وبينهم الناشط المصري، هشام قاسم، أنه بعد خروج أغلب نزلاء سجون سوريا فإن سجون مصر أصبحت في الصدارة من حيث أعداد المسجونين السياسين، مبينا أن: "الوضع تجاوز مرحلة القمع وحكم الحديد والنار ودخل بحالة أقرب للاضطراب النفسي".

السياسي المصري، قال عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إنّ: "تقارير المنظمات الدولية تقول بوجود مليون سجين سياسي بالعالم، وبمصر بين 60 إلى 100 ألف سجين، و20 ألف في ميانمار، و1500 بروسيا، و500 بالجزائر وفنزويلا، والبقية بـ52 دولة شمولية ومستبدة". 

وفي السياق نفسه، لفت إلى قول صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن سقوط الأسد جاء "لجمود حكومته وعدم مواكبة سرعة التغير بالمجتمع السوري"، مشيرا إلى أن نظام السيسي، يعاني ذات الجمود وأنه سيتمنى لو تراجع عن هذا الجمود.

وإثر خروج آلاف المعتقلين السياسيين في سوريا من سجون الأسد، وبينها "صيدنايا"، وفروع أمن الدولة هناك، دعا الناشط الحقوقي هيثم غنيم، أسر المختفين قسريا في مصر طوال الأعوام السابقة لتسجيل أسمائهم وصورهم وتاريخ اختفائهم، لتوثيق المعلومات حولهم لتفادي كارثة مشابهة لما جرى في سوريا.

"الورقة المتبقية له"
في قراءته لدلالات ما يثار عن الاعتقالات في الشارع المصري، تحسبا لتكرار المشهد السوري خاصة مع اقتراب الذكرى الـ14 لثورة يناير 2011، وتوقع مراقبون لعام جديد ساخن ورافض لبقاء السيسي، قال الحقوقي المصري هيثم أبوخليل: "لا يتعظ نظام مستبد ديكتاتوري أبدا بنماذج أخرى، لأنه يرى نفسه نموذجا متفردا ليس شبيها لآخر".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أنّ: "ملف المعتقلين هو أحد الأوراق الرئيسية للنظام وليس عنده أوراق فرعية"، مشيرا إلى أن "دول إقليمية عديدة لديها أوراق كثيرة كوسائل ضغط؛ ولكن مصر للأسف الشديد وبرغم أن لديها وسائل ضغط مهمة لكنها تفقدها، تباعا".

وألمح إلى أنها "فقدت ورقة الصومال بالتقارب الصومالي الإثيوبي الأخير، وفقدت ورقة فلسطين بالتنازل وغض الطرف عن احتلال إسرائيل لمحور صلاح الدين، وغلق معبر وتجريفه وتدميره، وفقدت الورقة الإفريقية بضعف تواجدها، وفقدت أيضا الورقة الليبية على الحدود الغربية".


أيضا، أعرب عن أسفه الشديد، من أنهم "لا يملكون إلا ورقة المعتقلين السياسيين من الإسلاميين في مصر، ويعرضون أنفسهم كونهم قاهري هذا المشروع وتلك التجربة، كما أن لديهم حرصا شديدا على أن يبينوا للاحتلال الإسرائيلي وللغرب أنهم مستمرين في هذا الملف وهذا القمع".

وفي نهاية حديثه، أكد أنّ: "يكشف ازدواجية معايير الغرب، وتواطئهم في استمرار اعتقال الأبرياء في مصر؛ تحت عنوان حماية الاحتلال، وعدم رجوع المارد الإسلامي وخروجه من القمقم الذي وضعه فيه السيسي".

زيادة مستوى التأهب والقلق
وفي رؤيته قال الباحث الحقوقي المقيم في هولندا عبد الرحمن حمودة: "تشير التطورات الأخيرة في مصر، بزيادة حملات الأمن والاعتقالات، إلى ارتفاع مستوى التوتر في الساحة السياسية والحقوقية".

 وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "يبدو بوضوح أنّ: "هناك قلقا أمنيا متزايدا داخل الحكومة المصرية، خاصة مع اقتراب الذكرى الـ14 لثورة يناير 2011، التي تظل نقطة حساسة في تاريخ البلاد من الناحية السياسية".

وحول الأدلة التي تشير لزيادة عدد الاعتقالات في الشوارع المصرية، أوضح أن "هناك تقارير حقوقية تُنشر وتشير إلى زيادة عمليات الاعتقال مؤخرا، سواء لنشطاء أو لمن تم الافراج عنهم سابقا من المعتقلين السياسين".

ويعتقد أن "هذه الزيادة تعكس، بحسب التقارير، زيادة في مستوى التأهب والقلق من أية خطوات قد تثير احتجاجات أو مظاهرات شبيهة بتلك التي شهدتها مصر عام 2011"، مشيرا إلى تقرير "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" حول اتخاذ السلطات "إجراءات احترازية من خلال زيادة حملة الملاحقات الأمنية ضد أولئك الذين ينتمون لفصائل المعارضة أو يشاركون في نشاطات حقوقية".

ويرى الحقوقي المصري أن السلطات المصرية تُجرى هذه الاعتقالات تحسبا لتكرار الوضع في سوريا، موضحا أنها "تقوم باتخاذ إجراءات تحفظية من زيادة حملات الاعتقال لبث الخوف والرعب في نفوس الشعب المصري لتحذيره من مجرد التفكير في تظاهرات احتجاجية".

وفي السياق ذاته، بيّن أن: "كل هذا يقوم به النظام البوليسي في مصر لتجنب اندلاع أيّ انتفاضة واسعة بجميع المدن المصرية خصوصا في ذكرى ثورة يناير".


ويعتقد أنه "مثلما كان انطلاق الثورة التونسية دافعا لتحركنا في 25 يناير 2011، لإسقاط نظام حسني مبارك و(الحزب الوطني)، لذلك يخشى السيسي من مشاهد عودة سوريا لأهلها بعد ما كانت مختطفة من (حزب البعث)، وفتح السجون وتحرير المعتقلين، أن تكون دافعا لتحرك الشباب المصري مرة أخرى لتحرير مصر من حكم العسكر وفتح السجون وتحرير المعتقلين".

أما بخصوص دلالات تزامن التحذير الحقوقي مع التقرير الإسرائيلي حول النشاط الوقائي الأمني، قال إنه: "تزامن قد يعكس نوعا من التنسيق أو حتى تأكيد المخاوف المتزايدة من تحركات المعارضة في المنطقة".

ولفت إلى أن: "التقرير الإسرائيلي الذي أشار إلى نشاط (وقائي)، يشير إلى تصعيد في مراقبة النشطاء في المنطقة، وهذه التحذيرات قد تكون نوعا من الاستعداد الأمني المكثف، ليس فقط في مصر ولكن في المنطقة ككل، حيث أن أي اضطراب سياسي قد ينعكس على دول أخرى".

وأكد أنّ: "التحذير الحقوقي والتقرير الإسرائيلي يلتقيان في نقطة مشتركة وهي الخوف من تحركات معارضة قد تشعل فتيل الاحتجاجات، وتأتي الإجراءات الأمنية على مستوى واسع في هذا السياق".

ومضى للقول في نهاية حديثه، إن "ما يحدث حاليا يشير إلى أن السلطات تتأهب لمواجهة أي تحركات قد تخرج عن السيطرة، خاصة مع تزايد الانقسام السياسي والفشل الاقتصادي في البلاد".

اعتقالات ووفيات وانتهاك حريات
قبل أيام، وبمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، المقرر في 10 كانون الأول/ ديسمبر من كل عام، دعا المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر، والإفراج الفوري عن سجناء الرأي. 

ومطلع كانون الأول/ ديسمبر الجاري، قامت قوات الأمن بمحافظة الغربية (دلتا النيل) باعتقال 5 مصريين من قرية العتوة مركز قطور، وسط اعتداء الأمن على ذويهم.

ومع حلول الذكرى الـ 76 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، كشف مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، عن أوضاع حقوقية مذرية يواجهها المصريون، وعن انتهاكات واسعة بحق آلاف السجناء والمعتقلين السياسيين.

وأبرز: "تشهد السجون المصرية تكدس المعتقلين في الزنازين، مما يعرض سلامتهم للخطر، مع تجاهل تلبية أساسيات الحياة والاحتياجات الصحية"، مبينا أنه: "يتم حرمان المعتقلين السياسيين من الأغطية والملابس الكافية والطعام الكافي وأدوات النظافة الشخصية ومن التريض والخروج إلى الشمس".

وكشف أنه "منذ عام (2015 وحتى 2024)، تم تنفيذ 105 حالة إعدام بحق المعارضين السياسيين، وأن عدد أحكام الإعدام الباتة واجبة النفاذ منذ (2013 حتي تشرين الأول/ أكتوبر 2024) بلغت 107 أحكام، وأنه بعام 2024، تم توثيق 1385 حالة إخفاء قسري، وأن حالات القتل بالإهمال الطبي بلغت 27 معتقلا".

وتشهد السجون وأقسام الشرطة المصرية ارتفاعا بمعدلات الوفيات نتيجة لتردي أوضاع الاحتجاز وافتقار أماكن الاحتجاز إلى الحد الأدنى من معايير الرعاية الصحية والطبية، وفق حقوقيين.

وخلال الشهر الجاري شهدت السجون والمعتقلات 4 حالات وفاة بسبب الإهمال الطبي والتعنت مع السجناء وحرمانهم من حقهم في العلاج وإدخال الدواء، وباقي حقوقهم التي يكفلها القانون والدستور المحلي، وفق منظمات محلية.

وبحسب رصد وتوثيق لهم، توفي المعتقل إبراهيم خالد (64 عاما)، بسجن وادي النطرون، إثر إصابته بجلطة دماغية، لتوافيه المنية بعد 10 سنوات من اعتقاله عام 2014 من أبوصوير بمحافظة الإسماعيلية (شرق القاهرة).

وبعد أيام من إجرائه عملية دقيقة في العمود الفقري، جرى اعتقال المهندس محمد عز الدين الشال (58 عاما)، تعسفيا، واحتجازه بمقر الأمن الوطني بمدينة ههيا، مسقط رأس الرئيس الراحل محمد مرسي، بمحافظة الشرقية، لتحدث له وفاة غامضة الثلاثاء الماضي. 

وفي 2 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، حصلت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان معلومات تفيد بوفاة معتقل سياسي محتجز احتياطيا في سجن "بدر"، دون تمكنها من الكشف عن هوية المعتقل وملابسات وفاته.


كذلك، أدانت الشبكة "استمرار منهجية الاعتقال العشوائي خارج إطار القانون، وغياب الرقابة أو المحاسبة، فضلا عن سياسات الإفلات من العقاب". 

وبعد حبسه 3 سنوات وتعذيبه بقسم شرطة ديرمواس بالمنيا في صعيد مصر، ما أدى لإصابته بالشلل وتدهور حالته الصحية ما أدى به لجلطة دماغية وفقدان للذاكرة، توفي المعتقل السياسي فضل سليم محمود (64 عاما)، بسجن المنيا مطلع الشهر الجاري.

"المراجعة الدورية.. وقلق حكومي"
انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، ستكون حاضرة خلال المراجعة الدورية الشاملة UPR التي تتم كل 4 سنوات لسجل حقوق الإنسان في مصر بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في جنيف بسويسرا، المقررة الشهر المقبل.

وتعرضت حكومة القاهرة قبل 4 سنوات وخلال الاستعراض السابق في 2019، لانتقادات واسعة، وتلقت 375 توصية شملت 28 توصية بشأن وقف توقيع عقوبة الإعدام، و7 توصيات تتعلق بالاختفاء القسري، و29 توصية متعلقة بوقف التعذيب وسوء المعاملة، و19 توصية تتعلق بالمحاكمات العادلة والمنصفة.


وشملت الانتقادات فرض القيود على المجال العام والتضييق على عمل الأحزاب السياسية والنشطاء وفرض إجراءات تحد من حرية الإعلام والصحافة، إلى جانب الاعتقالات والاحتجاز التعسفي، وما يشوب المحاكمات من تقييد لحقوق المسجونين في الدفاع عن أنفسهم.

وتهتم الحكومة المصرية بشكل كبير بتلك المراجعة التي يشرف عليها السيسي، الذي تسلم الأربعاء الماضي، من وزير الخارجية بدر عبدالعاطي، رئيس اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، التقرير الثالث لـ"الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، التي أطلقها في 11 أيلول/ سبتمبر 2021.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية حقوق وحريات مصر سوريا القاهرة سوريا مصر القاهرة المزيد في سياسة حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات حقوق وحريات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المعتقلین السیاسیین حقوق الإنسان فی سوریا إلى أن فی مصر

إقرأ أيضاً:

اقتحام قسم المعصرة يهدد بقاء السيسي

" يارب أنا عملت اللي عليا".. صرخة أطلقها شاب مصري فأسمعت من به صمم.

في ليلة الجمعة 25 يوليو 2025، هزّت منطقة المعصرة بحلوان المشهد السياسي المصري بحدث غير مسبوق، حيث اقتحمت مجموعة شبابية أطلقت على نفسها اسم "الحديد 17" مبنى أمن الدولة في قسم شرطة المعصرة وقامت باحتجاز عدد من أفراد الأمن لعدة ساعات في سابقة هي الأولى منذ انقلاب السيسي على السلطة عام 2013.

 العملية، التي وثقتها مقاطع فيديو انتشرت على نطاق واسع، لم تكن مجرد هجوم على مبنى أمني، بل تعبير عن غضب شعبي متصاعد ضد سياسات النظام المصري، خصوصًا دوره المتخاذل والذي وصل إلى حد التواطؤ في إغلاق معبر رفح وتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة والذي ظهر جليا في حوار بين الشابين وعدد من أفراد الأمن المحتجزين حول إغلاق معبر رفح من الجانب المصري والذي علق الضابط على المطالبة بفتحه بكلمة واحدة : مستحيل.

عبر قناة تدعى "طوفان الأمة" على تليغرام تحتوي على ما يقارب 50 الف مشترك ظهرت مقاطع مصورة تُظهر مجموعة من الشبان داخل مبنى مركز أمن الدولة بالمعصرة، ويحتجزون عددًا من الضباط لساعات. الفيديوهات، التي حصدت ملايين المشاهدات، أظهرت الشباب وهم ينددون بإغلاق معبر رفح، الذي يُعد شريان الحياة لأهل غزة، وباعتقال ناشطين مصريين جمعوا تبرعات لدعم القطاع المحاصر.

كيف وصل هؤلائ الشبان إلى مكتب الأمن الوطني بهذه السهولة؟

منذ سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مايو 2024، تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وفاة العشرات، غالبيتهم أطفال، بسبب المجاعة. النظام المصري، الذي ينفي مسؤوليته عن الإغلاق، يواجه اتهامات بالتقاعس عن الضغط لإعادة فتح المعبر. هذا الموقف أثار غضبًا شعبيًا عارمًا، يرى فيه البعض خضوعًا لضغوط إسرائيلية وأمريكية، على حساب القضية الفلسطينية.إجابة على هذا السؤال جاءت سريعة، فبعدها بدقائق نشرت قناة طوفان الأمة على تليجرام مجموعة من الوثائق المسربة من داخل مكتب الأمن الوطني تظهر كشوفات تحتوي على أسماء لما يطلق عليه المراقبة الأمنية وهي سياسة تتبعها وزارة الداخلية المصرية مع السجناء المفرج عنهم للقدوم إلى مراكز الشرطة بشكل دوري شهريا أو أسبوعيا للتوقيع ومقابلة ضابط الأمن الوطني.

في أحد الفيديوهات المنشورة يقول أحد الشبان أنهم قرروا القيام بتلك العملية قبل صلاة الجمعة الموةافق 25 يوليو لأن الإجراءات الأمنية في هذا التوقيت تكون سهلة وغير مشددة وهو ما أكده عدد من المعتقلين السابقين الذين نشروا شهادات عن سهولة دخول مبنى قسم المعصرة والصعود إلى الطابق الرابع حيث يوجد مكتب الأمن الوطني للتوقيع في كشف المراقبة الأمنية ومقابلة الضابط وهذا ما يفسر كيف وصل هؤلاء الشبان إلى هذا المكان ثم قاموا باتحداز أفراد الأمن.

الوثائق المسربة كشفت أيضا عن مجموعة من الأسماء لمعتقلين حاليين ومختفين قسريا على ذمة قضايا تتعلق بالتظاهر والانضمام لجماعة الإخوان المسلمين كما أظهرت الوثائق أيضا تصنيفات أمنية لمن تم إلقاء القبض عليهم تنوعت ما بين منتمي لجماعة الإخوان أو السلفيين أو متعاطف معهم.

على صفحتها الرسمية على موقع فيس بوك نشرت منصة التحقق بالعربي تحليلا مطولا عن الفيديوهات والوثائق المسربة أكدت فيه صحة بعض الأسماء الواردة في الوثائق على سبيل المثال:

بطاقة متابعة باسم فتحي رجب حسان أحمد وهو أحد المتهمين في قضية كتائب حلوان ، وبطاقة متابعة أخرى باسم أحمد نادي حداد درويش والذي ورد اسمه في نفس القضية.

وفي أحد المستندات ظهر اسم عبد الرحمن رمضان محمد عبد الشافي وهو نفس الشخص الذي ورد اسمه في منشور عام 2024 على صفحة مركز الشهاب لحقوق الإنسان بعنوان " مختفون ظهروا بنيابة أمن الدولة العليا".

لم تنتظر وزارة الداخلية كثيرا هذه المرة لنفي كل شيء ، فسارعت إلى إصدار بيان نفت فيه صحة الفيديوهات، زاعمة أنها مفبركة وجزء من مؤامرة تقودها جماعة الإخوان لكنها في الوقت نفسه لم تنف صحة الوثائق المسربة بلأشارت إلى أنها لا تمت للواقعة المذكورة بصلة وأعلنت القبض على عدد من الأشخاص المتورطين في نشرها.

 هذا الرد، الذي اعتاد عليه الرأي العام، لم يُخفِ الإحراج الذي تسبب به الحدث لوزارة الداخلية بل زاد من الانتقادات التي تتهم النظام بالغرق في حالة من الإنكار لكل الانتقادات الموجههة إليه بشكل مستمر.

بعد بيان الداخلية الضعيف والذي لاقى انتقادات وسخرية واسعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت قناة التليجرام نفسها مقطع فيديو جديد لأحد الشابين وقد ظهر وهو ينزف من رأسه مصابا بعدة جروح وملابس ممزقة ما يؤكد حدوث مشاجرة بينه وبين أفراد الأمن قبل احتجازهم ، الفيديو أكد فيه الشاب أنهم غير إرهابيين وأنهم دخلوا إلى مكتب الأمن الوطني ومعهم مسدس صوت فارغ ولو أرادوا قتل أحد لفعلوا ذلك ولكنهم أرادوا إيصال رسالة.

طالب الشاب من أحد أفراد الامن المحتجزين التأكيد أنه لن يصاب بأذى إذا أفرج عنهم وهو ما أكده الضابط ولكن الاتصال انقطع تماما مع الشابين بعدها بدقائق كما اختفت كل الرسائل السابقة على قناة طوفان الأمة على تليجرام ولم نتأكد هل تم السيطرة على قناة التليجرام من قبل الأجهزة الأمنية بعد اعتقال الشابين أو أن إدارة القناة هي من حذفت جميع الرئاسل.

قبل اختفاء رسائل قناة التليجرام بساعات وعلى طريقة إصدارات الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة نشرت قناة طوفان الأمة تسجيلا صوتيا وصفته بأنه بيان تبني عملية الحديد 17، صادر عن الشابين أبطال الواقعة وهما أحمد عبد الوهاب ومحسن مصطفى .

في هذا التسجيل ، أكد المنفذون أنهم لا ينتمون إلى أي تيار سياسي، واصفين أنفسهم بـ”أحفاد عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص ” الذين يسعون لإعادة إحياء الروح الوطنية المصرية. وجهوا رسالة واضحة: "نريد وقف الإبادة في غزة، ونرفض قمع الشعب المصري".

اللافت في هذا البيان هي طبيعة الرسائل التي وجهها الشابان لعدد من الجهات أبرزها الشعب المصري الذي أشارا لأنه تعرض لضربات قوية للغاية وهو ما دفعهم لإحياءه من موته على حد قولهم.

على مواقع التواصل الاجتماعي اختلف المعلقون بين مشكك في صحة الفيديو ومؤمن بما جاء فيه ، حالة الانقسام كذلك كانت واضحة في تحليل أسباب ما حدث ، حمل البعض النظام المصري المسؤولية عن انفجار الأوضاع نتيجة القمع المستمر والقبضة الأمنية القوية ، وذهب البعض الآخر إلى تحميل جماعة الإخوان المسملين وبعض الاطراف الإقليمية مسؤولية ما أطلقوا عليه المؤامرة لإسقاط الدولة المصرية عبر نشر فيديوهات مفبركة وأخبار كاذبة.

اقتحام قسم شرطة المعصرة، إلى جانب احتجاجات السفارات، يكشف عن تصاعد الضغط على النظام المصري، الذي يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية واجتماعية. هذه التحركات قد تشجع قوى المعارضة على تنظيم نفسها بشكل أكبر، خاصة مع تزايد القمع الأمني. النظام، الذي يعتمد على سياسة القبضة الحديدية، قد يجد نفسه أمام مأزق إذا استمر في تجاهل المطالب الشعبية، سواء في دعم غزة أو تحسين الأوضاع الداخلية. الحراك الحالي قد يكون بداية لمرحلة جديدة، حيث يستعيد الشعب المصري صوته، مستلهمًا إرث ثورة يناير.صباح اليوم نشرت صفحة المتحدث باسم الرئاسة المصرية بيانا مقتضبا عن اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع وزير الداخلية المصري محمود توفيق دون الإشارة لتفاصيل ما جرى في هذا الاجتماع.

نشرت بعض المواقع المصرية المقربة من النظام أن الاجتماع بحث مستجدات الأوضاع الأمنية وحركة تنقلات ضباط وزارة الداخلية والمتوقع الإعلان عنها في السساعات القادمة ولم توضح تلك المواقع إذا ما كان السيسي قد تطرق إلى ما جرى ليلة الأمس في مكتب الأمن الوطني في المعصرة أم لا وهل ستشمل حركة تنقلات وزارة الداخلية قرارا بالإطاحة بوزير الداخلية على خلفية تلك الحادثة أم لا.

الحقيقة أن حادثة اقتحام قسم المعصرة لم تأت من فراغ، بل جاءت امتدادًا لموجة احتجاجات بدأت الأسبوع الماضي أمام السفارات المصرية في عواصم أوروبية حيث بدأ ناشطون، على رأسهم أنس حبيب في هولندا، أحملة لإغلاق أبواب السفارات المصرية رمزيًا احتجاجًا على إغلاق معبر رفح. هذه التحركات، التي امتدت إلى مدن أخرى، أرسلت رسالة قوية إلى النظام: الشارع المصري، داخليًا وخارجيًا، لن يصمت على ما يراه تواطؤًا في معاناة غزة. اقتحام المعصرة يعزز هذا الحراك، ويظهر أن الغضب بدأ يتحول إلى أفعال ميدانية.

منذ سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح في مايو 2024، تفاقمت الأزمة الإنسانية في غزة، حيث أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن وفاة العشرات، غالبيتهم أطفال، بسبب المجاعة. النظام المصري، الذي ينفي مسؤوليته عن الإغلاق، يواجه اتهامات بالتقاعس عن الضغط لإعادة فتح المعبر. هذا الموقف أثار غضبًا شعبيًا عارمًا، يرى فيه البعض خضوعًا لضغوط إسرائيلية وأمريكية، على حساب القضية الفلسطينية.

ما أشعل الأمور أكثر هي تصريحات اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء بالأمس مع الإعلامي المصري المقرب من النظام مصطفى بكري واللذي أشار فيها إلى أن مصر لا تستطيع فتح معبر رفح بالقوة لأنها ستواجه الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما لا تستطيع مصر أن تفعله وهو ما اعتبره مراقبون اعترافا ضمنيا بمسؤولية النظام المصري المباشرة في إغلاق معبر رفح.

اقتحام قسم شرطة المعصرة، إلى جانب احتجاجات السفارات، يكشف عن تصاعد الضغط على النظام المصري، الذي يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية واجتماعية. هذه التحركات قد تشجع قوى المعارضة على تنظيم نفسها بشكل أكبر، خاصة مع تزايد القمع الأمني. النظام، الذي يعتمد على سياسة القبضة الحديدية، قد يجد نفسه أمام مأزق إذا استمر في تجاهل المطالب الشعبية، سواء في دعم غزة أو تحسين الأوضاع الداخلية. الحراك الحالي قد يكون بداية لمرحلة جديدة، حيث يستعيد الشعب المصري صوته، مستلهمًا إرث ثورة يناير.

في النهاية، يبقى اقتحام قسم المعصرة صرخة مدوية ضد الظلم، سواء في غزة أو داخل مصر. النظام أمام اختبار حقيقي: إما الاستجابة لهذه الأصوات، أو مواجهة تصعيد قد يغير قواعد اللعبة.

مقالات مشابهة

  • خلية نحل داخل المجلس القومي لحقوق الإنسان استعدادا لانتخابات الشيوخ
  • برلماني: رسائل الرئيس السيسي للعالم ترجمة لأخلاق الدولة المصرية
  • القومي لحقوق الإنسان يؤهل منظمات المجتمع المدني لتغطية انتخابات الشيوخ
  • أبو العينين: مشهد دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة يعكس أصالة الشعب المصري
  • الائتلاف المصري لحقوق الإنسان يختتم تدريبات متابعيه لانتخابات الشيوخ
  • الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: 1200 مسن ماتوا جوعا في قطاع غزة
  • عصام شيحة: مشاركة المصريين في انتخابات مجلس الشيوخ خطوة في صناعة القرار
  • تحسبا لعمليات خاصة لتحرير الأسرى .. حماس تفعّل بروتوكول “التخلص الفوري” وتعلن حالة الاستنفار
  • المجلس القومي لحقوق الإنسان ينظم لقاء تنشيطيا لمنظمات المجتمع المدني
  • اقتحام قسم المعصرة يهدد بقاء السيسي