الورطة السورية.. ومخاطر «الوصفة» الليبية
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
“تنتهي الأنظمة السياسية الأوتوقراطية دائما بورطة.. لأنها تبتلع الدولة فكراً ومؤسسات وتفتقر لسيناريو ما بعد الرحيل.. فتذهب الدولة والشعب للمجهول”
برحيل النظام السوري آخر (أيقونة) لأنظمة القومية العربية بعد أكثر من ستين عاما في الحكم، يسدل التاريخ الحديث للمنطقة العربية الستار على كوكبة الأنظمة القومية والعسكرية (العراق، ليبيا، اليمن، السودان، سوريا).
اللحظة المفصلية كانت في يونيو عام 2000 حينما شرعنت مؤسسات الدولة السورية توريث السلطة إلى (الأبن) بشار الأسد عقب وفاة الرئيس (الأب) حافظ الأسد على غرار الملكيات الوراثية.. وتحول النظام الجمهوري (الدستوري) إلى نظام طائفي وعائلي ووقف حزب البعث المؤسسة السياسية التاريخية العريقة بعضه متفرجا وجُله مشاركا في النقلة (الشطرنجية) الفارقة للسلطة في تاريخ المنطقة السياسي.
لقد كانت تلك الترتيبات (المبرمجة) لإنتقال السلطة للأسد (الأبن) الأسفين الأول في هيكل الدولة السورية العتيدة و(المُتعبة).. حيث منح النظام الشرعية لنفسه وأسواء الشرعيات تلك التي يمنحها الكيان لذاته.. وبدأت حالة الإنفصام والتوتر بين النظام وشعبه الذي أدخلته الضغوط الإقتصادية والقيود الأمنية في حالة الإستسلام للواقع والقادم المجهول حتى انفجرت الأوضاع الداخلية مطلع العام 2011 وغرز الكل من حول سوريا.. الأتراك ودول الخليج والكيان (الإسرائيلي) والجماعات الإرهابية شوكاتهم في خاصرتها وانزلقت سوريا إلى قائمة الدول المفككة والمضطربة في الإقليم المضطرب.
ومن ناحية أخرى فقد شكل الغزو الأميركي للعراق (الجارة) عام 2003 ونتائجه الكارثية على الإقليم مزيد من الضغوطات والتحديات على الدولة السورية المثقلة أصلاً منذ نشاتها نتيجة وقوعها في دائرة جيوسياسية شديدة التعقيدات والتقاطعات والتقلبات تضم القوى الرئيسية في الإقليم الكيان (الاسرائيلي) وتركيا وإيران.. وفسيفساء من الطوائف والقوميات والديانات المتعددة ذات الهويات والخصوصيات والإنتماءات والتطلعات المتباعدة (مسلمين، مسيحيين، يهود، شيعة، سُنة، عرب، أكراد، تركمان، دروز..) علاوة على التباين الحاد للثروات بين سوريا وبين جيرانها في الخليج والعراق.. كل هذه الظروف أدت ايضا الى إستسلام شامل للنظام للحليف الإستراتيجي (روسيا) بهدف حمايته من تقلبات الأيام والمتغيرات الجيوسياسية.
اللحظة المفصلية التاريخية الأخرى كانت صبيحة الثامن من ديسمبر.. فقد أظهرت الصور والوقائع والأحداث المتسارعة افتقار النظام السوري لأي ترتيبات لما بعد السقوط.. فغادر الرئيس على عجل إلى روسيا لتأمين نفسه وأسرته وغادرت سوريا للمجهول باقتصاد منهار ومجتمع محتقن ومنقسم وسيادة منتهكة.. تترصدها القوى الشرسة من جوارها لترسم لها مرحلتها الجديدة.. وهذه ضريبة أن يلتهم النظام الدولة.
سوريا الآن أمام الصدمة والحقيقة.. فقد أوقعها السقوط (الدراماتيكي) للنظام السابق والظروف مجتمعة في (ورطة) سيكون الخروج منها باهضاً وشاقاً وطويلاً.. بدءًا من استغلال الكيان (الإسرائيلي) بخبثه المعهود للظرف والوضع الإستراتيجي المفاجئ بالتوغل واحتلال أراضي سورية.. ومروراً بالحسابات التركية وخلفية الأمجاد (العثمانية).. وتوازياً مع إعادة التموضع العسكري الروسي والصفقة التي تمت بالخصوص.. إلى معالجة الإرث الإيراني المتجذر والثقيل وغيره من التحديات.
قادة سوريا الآن أمام مفترق ذو إتجاهين لتحديد وجهتها واستشراف مستقبلها.. فإما الإسراع بتشكيل قيادة مؤقتة متزنة تشمل الأطياف الرئيسية السياسية والأمنية والاجتماعية وتفادي حالة الفراع في القيادة ووضع الأولويات الأمنية والإقتصادية التي تضمن وحدة البلد وضمان سيادتها.. وإطلاق حوار وطني شامل لا يقصِ أحد حول مستقبل واستقرار الدولة.. ونبذ سياسات الإنتقام والثأر ومحاولة حرق الماضي على حساب المستقبل.. والحذر الكامل من فتح الأبواب للتدخل الأجنبي تحت أي ذريعة.
أما المسار الثاني الذي تبعه غيرهم ولم تقم لهم قائمة بعده فهو يشمل الإنتقام والثأر والقطيعة الكاملة مع الماضي والعزل والإقصاء والنهب والميليشيات والفساد.. وصولاً لتفكك الدولة وتسليم قرارها وسيادتها لعدد من الدول الأجنبية ترسم حاضرها ومستقبلها واستقلالها.. والدوران في فلك مرحلة إنتقالية لا نهاية لها.. وهي (الوصفة) الليبية لإعاقة مشروع بناء الدولة بدأت بخطاب الرئيس الإنتقالي حينها (مصطفى عبد الجليل) وهدية الزوجات الأربعة.. و(السويحلي) رائد العزل السياسي.. والمحامي (الحباسي) موزع صكوك الوطنية والنزاهة.. والمناضل (المقريف) عراب قرار غزوة بن وليد.. وهرطقة قانون تحريم تمجيد الطاغية.. وغيرها من السكاكين التي طعنت جسد الدولة والأمة الجريحة.
إن أبناء الشام في حلب وحمص ودمشق أحد أقدم مدن العالم والتي ولدت قبل الميلاد بآلاف السنين حيث الأصالة والعراقة والتاريخ وقد ساقت الترتيبات الإقليمية الجيوسياسية الجديدة لهم زمام الأمر أمام فرصة تاريخية لإعادة بناء سوريا.. والابتعاد عن استنساخ دروس التجربة (الليبية) المؤسفة االتي قادت البلد إلى التخبط على مدى ثلاثة عشر عاما.. حيث يزداد تصدير النفط ومعدلات الفقر.. وتخلو من الطوائف وتمتلئ بالجهل والحقد.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
إقرأ أيضاً:
مدبولي يؤكد دعم الدولة لمختلف المشروعات الثقافية المتنوعة التي تستهدف تقديم الخدمات خاصة للشباب والنشء
توجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال جولته بمشروعات المبادرة الرئاسية " حياة كريمة" بالقرى المستهدفة بمحافظة القليوبية، لتفقد مكتبة مصر العامة بمدينة شبين القناطر.
ولدى وصوله لمقر المكتبة، أكد رئيس مجلس الوزراء دعم الدولة لمختلف المشروعات الثقافية المتنوعة التي تستهدف تقديم الخدمات خاصة للشباب والنشء، مؤكدًا أن مكتبات مصر العامة تلعب دورًا محوريًا في نشر الوعي وتنمية مهارات الشباب والأطفال، وهذه المشروعات تأتي تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بالعمل على بناء الإنسان المصري وتحقيق أهداف رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
وأكد المهندس/ أيمن عطية، محافظ القليوبية، أن مكتبة مصر العامة بمدينة شبين القناطر تعد إضافة مهمة للمنظومة الثقافية في القليوبية، مشيرًا إلى أن هذه المشروعات تسهم في بناء الوعي والمعرفة لدى الأجيال الجديدة، وهناك حرص على تكثيف الأنشطة والفعاليات في جميع فروع المكتبات بالمحافظة؛ لضمان استفادة أكبر عدد من المواطنين من هذه الخدمات.
وأضاف المحافظ: تعتبر المكتبة الفرع الثاني بالمحافظة بعد مكتبة بنها، وجار العمل على إنشاء فرع ثالث في شبرا الخيمة، وهذا التوسع يعكس مدى اهتمام القليوبية بنشر الثقافة والمعرفة، مؤكدًا أن هذه المكتبات ستظل مصدرًا لإلهام الأجيال القادمة وتخريج المواهب والعظماء القادرين على بناء مستقبل الوطن، كما أكد أهمية القراءة في بناء الوعي والمعرفة للشباب والنشء بالمحافظة.
من جانبه، أوضح السفير/ رضا الطايفي، مدير صندوق مكتبات مصر العامة، أن منظومة مكتبات مصر العامة باتت تضم 34 مكتبة عامة منتشرة في 18 محافظة، إضافة إلى 24 مكتبة متنقلة، لافتا إلى أن مكتبة شبين القناطر هي الفرع 31 لمكتبات مصر العامة على مستوى الجمهورية، كما تعد الفرع الثاني لمكتبات المنظومة في محافظة القليوبية بعد مكتبة بنها، فضلا عن الفرع الثالث للمكتبة في شبرا الخيمة المنتظر افتتاحها في الربع الأول من العام القادم.
فيما أوضحت / أماني ناجي، مدير المكتبة، أن المكتبة الجديدة تضم 3 طوابق بمساحة 210م2، وبها قاعة اطلاع الأطفال، وقاعة اطلاع الكبار، ومركز للحاسب الآلي، وقاعة الأنشطة، كما تضم مسرحاً للعروض الثقافية والفنية، وقاعات أطفال للتعليم والأنشطة الإبداعية (قراءة – رسم – مهارات متنوعة)، وقاعات أخرى حديثة للتدريب مجهزة للكبار وذوي الهمم، بالإضافة إلى مكتبة إلكترونية متطورة.
وخلال تفقده قاعة اطلاع الأطفال الصغار بالطابق الأرضي، أجرى الدكتور مصطفى مدبولي حوارا وديا مع الأطفال، ونصحهم بضرورة الاهتمام بالقراءة في جميع المجالات، مؤكدًا أهمية معرفة تاريخ مصر وحضارتها ومختلف العلوم الأخرى، مؤكدا لهم أن القراءة لا غنى عنها لبناء مستقبل مشرق لهم ولبلدهم.
ثم صعد رئيس الوزراء للطابق الأول وتفقد معمل الحاسب الآلي، وقاعة الأنشطة، وقاعة اطلاع الكبار، حيث أجرى حوارا مع عدد من الطلاب المترددين على المكتبة، والذين أوضحوا استفادتهم من مختلف الأنشطة التي تقدمها المكتبة لهم، بجانب القراءة والاطلاع على أحدث الموسوعات العلمية، كما استمع إلى ابتهالات دينية قدمتها إحدى الطالبات في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم.