ما بعد الاحتفالات.. ما التحديات الكبرى في طريق سوريا الآن؟
تاريخ النشر: 15th, December 2024 GMT
مضت سبعة أيام كاملة على انتهاء نظام الأسد وهروبه، وما تبع ذلك من أفراح وقصص وحكايات عما مرّ به كثير من أهل سوريا من معاناة سواء التشريد والنزوح أو السجون والتعذيب، وهي قصص يندى لها جبين الإنسانية.
لكن الأفراح وحدها لن تغير واقع هذا البلد العربي الكبير، ولن تقدم حلولًا عاجلة لما يرزح تحته من مشكلات، ولن يزيح من الطريق كثيرًا من التحديات التي يلزم التصدي لها والتعامل معها دون إبطاء.
يحمل العالم الغربي وكذلك المحيط العربي نظرة غير جيدة لهذا الشكل من القادة بالنظر لخلفياتهم الفكرية والأيديولوجية السابقة، وما يبدو عليهم من سمات توحي بأنهم سيكررون بعض نماذج الإسلام السياسي في العالم العربي والإسلامي، سواء لارتباطهم بتنظيم القاعدة، أو هيئة تحرير الشام، وغير ذلك من الحركات والفصائل التي لا تخفَى هويتها، مما يدخلهم في تصنيفات جاهزة، مثل: الإرهاب، أو التطرف، أو التشدد، أو أسلمة الدولة والمجتمع، أو اضطهاد الناس على خلفية معتقداتهم وغير ذلك.
وهناك لدى الغرب وغيرهم من أعداء الأمة الإسلامية مخزون رهيب من الحملات الدعائية الناجحة جدًا، والصور النمطية الجاهزة لتشويه الصورة من خلال عناصر الهوية والسمات فقط.
إعلان القوى الإقليمية المتضررةهناك جهات ودول تضررت من سقوط الأسد ونظامه وهي قوى قادرة وذات إمكانات وتستطيع التأثير سلبًا في المرحلة القادمة، ولديها أسبابها ومبرراتها، وتلزم خطط للتعامل مع هذا التحدي، وستكون سوريا بحاجة إلى عزل كل مصادر التشويش من خلال بناء علاقات مستقرة مع كل هذه القوى، بدلًا من الصدام معها، أو تركها لتعمل ما يناسبها.
تبدل الإدارات الأميركيةتعيش أميركا مرحلة انتقال السلطة بين إدارة بايدن وإدارة ترامب، وهذا الأخير غير معروف الاتجاه ولا مضمون المواقف، وغالبًا سيكون موقفه معاكسًا للقيادة السورية الجديدة، خلافًا لما تحمله إدارة بايدن التي تغادر البيت الأبيض، ولا يهمها كثيرًا ما سيجري بعد ذلك.
جمع الفصائل المسلحةوهي عملية قد تبدو سهلة في الظروف الراهنة، لكنها تصبح أكثر صعوبة مع تقدم الأيام وبدء مرحلة التمكين والتحكم بمفاصل الدولة وإمكاناتها وجغرافيتها، والمنطق السليم أن يدخل الجميع في إطار جيش وطني يجمع الكل، ويمنع أي تصادم أو صراع، خصوصًا عندما تتضح مواقف كل القوى المحيطة بسوريا، وطبيعة العلاقات التي ستبنيها مع سوريا الجديدة.
الاحتياجات المادية الهائلةلا أدعي المعرفة، ولكن أتوقع أن النظام السابق لم يترك في خزائن سوريا شيئًا وربما أغرقها في الديون، وهذا سيجعل الإدارة الجديدة صعبة للغاية، وستزداد الحاجة لمساعدة الآخرين سواء إقليميًا أو دوليًا، ولا شيء يُعطى بدون ثمن.
العدالة الانتقاليةوهو ملف شائك فكم من المظالم، وكم من المطالبين بالتعويض، وكم من الراغبين بالانتقام وغير ذلك، والمطلوب التعامل بحساسية وشفافية وحزم مع هذا الموضوع، وعدم ترك الناس دون خارطة طريق واضحة تمكنهم من الحصول على أي حقوق أُهدرت، وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار.
الاحتلال الإسرائيليغالبًا سيكون هذا هو أكبر التحديات وأهم العقبات، وقد بدا ذلك منذ اليوم الأول لسقوط الأسد، فالإسرائيلي لن يرتاح له بال إلا إذا دمر كل إمكانات سوريا، وأضعف قوتها وشل قدرتها على التفكير في الاحتكاك به أو الصدام الخشن معه، ليس فقط من أجل الحقوق السورية كجبل الشيخ والجولان والمنطقة العازلة والتصدي للغارات الدائمة، ولكن أيضًا من أجل فلسطين وغزة والقدس التي تنتظر من سوريا الجديدة موقفًا قويًا مساندًا، كما ينتظر المواطن السوري شعورًا بالأمان من عدوان الاحتلال، ولن يقبل تكرار أفكار مثل حقّ الرد في الزمان والمكان المناسبين.
إعلانومن المؤكد أن القيادة السورية الجديدة وداعميها يدركون كل هذه التحديات، لكنهم بحاجة لإشراك جميع السوريين في خططهم لمواجهة كل ذلك؛ لأن تجارب الشعوب تؤكد أن طريق النجاح يتطلب جمع الصفوف، والنظر للأمام فقط، والاستفادة من الماضي، بدلًا من البكاء على اللبن المسكوب.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
اتفاق الـ 7 مليارات.. هل تعيد الطاقة رسم ملامح سوريا الجديدة؟
في تطور اقتصادي لافت هو الأول من نوعه منذ عقدين، وقعت الحكومة السورية، يوم الخميس، اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 7 مليارات دولار مع تحالف شركات دولية، لتشييد مشاريع طاقة كهربائية ضخمة تشمل إنشاء أربع محطات غازية ومحطة طاقة شمسية، بقدرة إجمالية تصل إلى 5 آلاف ميغاواط. اعلان
الاتفاق الذي جرى توقيعه في دمشق بحضور رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع ومبعوث ترامب لسوريا توماس باراك، يمثل تحوّلًا محوريًا في السياسة الاقتصادية للمرحلة الانتقالية، كما يعكس بوضوح اتجاهًا دوليًا جديدًا نحو الانخراط في عملية إعادة إعمار سوريا.
تفاصيل المشروع: محطات غازية وطاقة شمسية بتقنيات غربيةوفق تصريحات وزير الطاقة السوري محمد البشير، يشمل المشروع أربع محطات غازية في:
دير الزور (شرق البلاد)
محردة وزيزون (ريف حماة)
تريفاوي (ريف حمص) وسط البلاد، إضافة إلى محطة طاقة شمسية بسعة 1000 ميغاواط في منطقة وديان الربيع جنوب البلاد.
وسيتم تنفيذ المشروع باستخدام تقنيات أمريكية وأوروبية عبر شركات منضوية ضمن مجموعة UCC العالمية، التي تضم مؤسسات من تركيا، قطر، والولايات المتحدة، وتهدف هذه المشاريع إلى تعزيز الاستقرار الكهربائي، وتقليص ساعات التقنين التي أرهقت السوريين على مدار السنوات السابقة.
Relatedتقرير: مفاوضات مباشرة بين سوريا وإسرائيل لتخفيف التوتر على الحدودمبعوث ترامب يعيد افتتاح مقر سفير واشنطن بدمشق ويقول ثمة حاجة لاتفاقية عدم اعتداء بين سوريا وإسرائيلسوريا توقع صفقات كهرباء بـ7 مليارات دولار مع شركات أميركية وقطرية وتركيةأبعاد اقتصادية وتنموية: فرص عمل ونقلة تحتيةبحسب ما أعلنه رامز الخياط، الرئيس التنفيذي لشركة "أورباكون القابضة" (التي يقع مقرها في قطر)، من المتوقع أن يولد المشروع 50 ألف فرصة عمل مباشرة، و250 ألف فرصة غير مباشرة الأمر الذي قد ينعكس بشكل إيجابي على سوق العمل المحلي الذي يعاني من سنوات، ومن شأن الاتفاق إذا ما نُفذ بالطريقة الصحيحة أن يحرّك قطاعات مرتبطة بالطالقة بشكل مباشر مثل المقاولات والخدمات اللوجستية.
من جانبه، أكد وزير الطاقة أن المشروع "يشكل نقطة تحول لإعادة بناء البنية التحتية المتهالكة في قطاع الكهرباء"، و"يعزز مشاريع الطاقة المتجددة"، في بلد يمتلك احتياطيات غاز مؤكدة تقدر بـ 8.5 تريليونات قدم مكعب، مع إنتاج يومي يقارب 250 مليون متر مكعب من الغاز غير المصاحب.
دلالات سياسية: رفع العقوبات وعودة أمريكية مشروطةفي خطوة مفاجئة، أعلنت الولايات المتحدة عن رفع جزئيللعقوبات المفروضة على سوريا، عبر ترخيص عام أصدرته وزارة الخزانة في 23 مايو/أيار، تبع قرارًا سياسيًا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 13 من الشهر ذاته.
المبعوث الأمريكي توماس باراك اعتبر الاتفاقية "لحظة لا تتكرر"، مؤكدًا أن واشنطن "تدعم جهود الاستقرار والتنمية"، وناقلاً تحيات ترامب للحكومة السورية الجديدة.
هذا التحول في السياسة الأمريكية تجاه دمشق يشير إلى رغبة حقيقية في الاستثمار بالاستقرار دون التورط السياسي المباشر، خاصة في ظل تعقيدات المشهد السوري خلال السنوات الماضية، وانسداد الأفق السياسي لفترة طويلة.
مشاركة شركات من قطر وتركيا والولايات المتحدة في المشروع، تحمل دلالات تتجاوز الأبعاد الاقتصادية، إذ تُظهر هذه الاتفاقية توافقًا سياسياً بين أطراف دولية كانت ولاتزال فاعلة بالملف السوري، كما يفتح الاتفاق المجال أمام نموذج تشاركي جديد لإعادة الإعمار، مختلف تماماً عن الأطراف التقليدية التي كان يعوّل عليها النظام السابق.
هذا التحالف يضع سوريا ضمن منظومة إقليمية اقتصادية ناشئة، ويمكن أن يخلق توازنات جديدة في سوق الطاقة لمنطقة شرق المتوسط.
الرهانات والتحديات: نجاح مشروط بأكثر من التمويلرغم التفاؤل الكبير الذي رافق توقيع الاتفاق، إلا أن هناك بعض الحقائق التي لا يمكن إنكارها، فالمشروع يواجه عدة تحديات جوهرية، ولعل أبرز هذه التحديات هي الهشاشة الأمنية في بعض مناطق المشروع، خصوصًا دير الزور وريف حماة، التي لا تزال عرضة لخروقات أمنية وتدخلات من أطراف مسلحة، ما قد يهدد سلاسة تنفيذ الأعمال، كما أن أداء الحكومة الحالية لا يزال تحت الاختبار، وهو ما يجعل من استدامة الدعم الدولي رهنًا بالأداء الداخلي والتوافق الإقليم، كل هذا يضاف إليه الجانب الأهم وهو تقلبات الموقف الأمريكي، فعلى الرغم من رفع العقوبات، إلا أن واشنطن كانت واضحة جداً في هذا الملف، من خلال الاعتماد على مبدأ " خطوة بخطوة"، واضعة الكرة في ملعب حكومة وقيادة دمشق.
صحيح أن الاتفاقية تمثل دون شك خطوة اقتصادية جريئة نحو بناء سوريا الجديدة التي تعتمد على التنمية لا على النزاعات، لكن نجاحها لن يتحقق بمجرد التوقيع أو الإعلان، بل يحتاج إلى توافر شروط دقيقة من الشفافية، الاستقرار والمساءلة.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة