سلط تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على اندفاع دول الخليج نحو الاستثمار في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، وما يرافق ذلك من تحديات تتعلق بالشفافية والعقوبات وخطط إعادة الإعمار.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن دول الخليج كثفت منذ سقوط بشار الأسد إعلاناتها عن استثمارات في قطاعات النقل والطاقة والاتصالات، بهدف دعم  جهود الرئيس أحمد الشرع في  تثبيت استقرار سوريا خلال المرحلة الانتقالية.



وأوضحت الصحيفة أن السعودية وقطر سارعتا إلى إرسال مساعدات إنسانية وشحنات من المحروقات إثر سقوط النظام السابق. كما دفع البلدان 128 مليون دولار لتأمين رواتب موظفي القطاع العام لمدة ستة أشهر، وقاما بشطب ديون سوريا المستحقة للمؤسسات الإقليمية والدولية، بما في ذلك دين بقيمة 15 مليون دولار لفائدة البنك الدولي.

وبحسب الصحيفة، فإن الرئيس أحمد الشرع يعول على المستثمرين من دول الخليج لتمويل إعادة إعمار بلاده، وهي عملية قُدّرت تكلفتها بـ216 مليار دولار وفق البنك الدولي.

ويمتلك بعض هؤلاء المستثمرين أصولاً عقارية ومصرفية داخل سوريا، من بينهم الأمير السعودي الوليد بن طلال، الذي استعاد فندق "فورسيزونز" بعد أن صادره منه النظام السابق.

وقال الشرع في 29 تشرين الأول/ أكتوبر، خلال مشاركته في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في السعودية: "نريد إعادة بناء سوريا عبر الاستثمارات لا عبر المساعدات"، مؤكداً حصول بلاده على 28 مليار دولار من الاستثمارات منذ توليه السلطة.



قطر في الصدارة
أكدت الصحيفة أن قطر تتصدّر قائمة التعهّدات الاستثمارية، فقد أعلنت "شركة أورباكون القابضة" التي تتولى قيادة ائتلاف تجاري قطري تركي أمريكي، مشروعاً لاستثمار 4 مليارات دولار في مطار دمشق الدولي. 

وذكرت الصحيفة أنه في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر 2025، وُضع الحجر الأساس لبناء محطة "التيم" لتوليد الكهرباء بمحافظة دير الزور، بواسطة "شركة أورباكون القابضة، بحضور وزير الطاقة السوري محمد البشير. 

وكان الوزير السوري قد وقّع مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر عقوداً مع الأخوين الخياط، وهما رجلا أعمال قطريان من أصول سورية، لبناء ثماني محطات كهرباء خلال السنوات الأربع المقبلة، تشمل أربع محطات تعمل بالغاز وأربع محطات بالطاقة الشمسية، بقدرة إنتاجية إجمالية تبلغ 6 آلاف ميغاواط. 

ويُتوقّع أن تعيد الاستثمارات القطرية المُقدَّرة بنحو 7 مليارات دولار إحياء شبكة الكهرباء السورية التي أنهكتها الحرب وندرة الاستثمارات.

وتعهّدت شركات سعودية بضخ 6.4 مليارات دولار من الاستثمارات في قطاعات الإسمنت والاتصالات والفلاحة والخدمات المالية.

أما في دولة الإمارات العربية المتحدة، رصدت "الشركة الوطنية للاستثمار" 2 مليار دولار لإنشاء مترو دمشق، بينما تتطلع مجموعة "موانئ دبي العالمية، العملاق العالمي في إدارة الموانئ، لاستثمار 800 مليون دولار في تطوير ميناء طرطوس.

مخاوف وعراقيل
وقالت الصحيفة إن عدة خبراء يبدون قلقهم من غياب الشفافية فيما يتعلق بهذه الاستثمارات التي أُبرمت من دون مناقصات، وفي ظل عدم وجود خطة لإعادة الإعمار، ولا يزال معظمها في إطار مذكرات تفاهم.

كما ينتظر المستثمرون الخليجيون الرفع النهائي للعقوبات الأمريكية المفروضة منذ سنة 2019 بموجب ما يُعرف بـ"قانون قيصر" على الجهات التي تتعامل تجارياً مع سوريا. 

ورغم عودة سوريا إلى نظام "سويفت" في حزيران/ يونيو الماضي، إلا أنها لا تزال مدرجة على "القائمة الرمادية" في الهيئة الحكومية الدولية المكلّفة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. 

وحسب الصحيفة، يُنظر إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي والديون، وتحسين الإطار التنظيمي - خصوصاً في ما يتعلق بتسوية النزاعات- على أنها شروط مسبقة لإلغاء العقوبات بشكل كامل. 

ونقلت لوموند عن دبلوماسي عربي قوله: "نسعى للحصول على ضمانات للقطاع الخاص المتردد بسبب قانون قيصر وغياب الوضوح بشأن وضع البلد. لكن إذا كان مستوى المخاطرة مرتفعاً، فهذا يعني أن هناك هامشا كبيرا للربح".



عودة البنك الدولي
وذكرت الصحيفة أن دول الخليج تسعى إلى حثّ المؤسسات الدولية على مساعدة السلطات السورية في تحسين الإطار التنظيمي، بما يوفّر حماية من المخاطر المرتبطة بهذه الاستثمارات. 

ورغم تردّد الرئيس أحمد الشرع في اللجوء إلى القروض التي تقدمها المؤسسات المالية الدولية، فإنه فتح قنوات تواصل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للاستفادة منهما في إعداد مشاريع إعادة الإعمار وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة.

وقد قدّم البنك الدولي منحة بقيمة 146 مليون دولار لمشروع إعادة تأهيل شبكة الكهرباء. ويقول جان كريستوف كاريه، المدير الإقليمي للبنك الدولي لإدارة الشرق الأوسط: "إنه حدث تاريخي، إذ لم تُسجَّل مشاريع للبنك الدولي في سوريا منذ أربعين عاماً".

ويعتزم البنك الدولي تقديم مليار دولار لسوريا في شكل منح خلال ثلاث سنوات، وتم تحديد ثلاث أولويات: استعادة الخدمات الأساسية، وإعادة تفعيل الأنظمة الحكومية، مثل نظام إدارة المالية العامة وأنظمة الدفع الإلكتروني، وإعادة إعمار البنى التحتية الكبرى، بما في ذلك الموانئ والمطارات والسدود وخطوط السكك الحديدية.

وقال كاريه: "جميع هذه المشاريع الخاصة بإعادة تأهيل البنى التحتية ستستغرق وقتاً، وتتطلّب في مرحلة أولى دراسات جدوى".

وختمت الصحيفة بأن المملكة العربية السعودية تستعد بالفعل لتنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار سوريا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة دولية صحافة إسرائيلية صحافة دولية دول الخليج الاستثمار سوريا إعادة الإعمار قيصر سوريا دول الخليج الاستثمار إعادة الإعمار قيصر صحافة دولية صحافة دولية صحافة دولية صحافة دولية صحافة دولية صحافة دولية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البنک الدولی ملیون دولار ملیار دولار الصحیفة أن دول الخلیج

إقرأ أيضاً:

خطط جاهزة للإعمار.. وزير الحكم المحلي الفلسطيني: دمار غزة يشمل البنية التحتية والمباني

قال الدكتور سامي حجاوي، وزير الحكم المحلي الفلسطيني، إن الدمار في قطاع غزة يشمل البنية التحتية والمباني والمنشآت، ومن بينها مقرات البلديات والمؤسسات الحكومية، مؤكدًا أن حجم الدمار هائل ويتجاوز 90% من مقومات عمل البلديات.

لتحقيق الأمن.. الهباش: يجب عودة السلطة الفلسطينية لإدارة غزةأوضاع مأساوية.. أونروا تحذر من انتشار الأمراض داخل قطاع غزةحتمية وقف الحرب في غزة.. الرئيس السيسي يتلقى اتصالًا من ملك البحرينفلسطين.. غزة تواجه كارثة شتوية بسبب نقص المعدات والخيام

وأضاف حجاوي، خلال مداخلة على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن الحكومة الفلسطينية أعدت خططًا جاهزة للتعامل مع هذه الأوضاع، وعرضتها على الجهات الدولية، في إطار الخطة العربية التي تم اعتمادها خلال القمة العربية بالقاهرة في مارس الماضي.

وأوضح أن خطة وزارة الحكم المحلي ترتكز على مسارين رئيسيين: الأول إعادة تمكين البلديات من تقديم الخدمات الأساسية من خلال توفير المعدات والتجهيزات اللازمة، أما المسار الثاني فيتعلق بأزمة النفايات الصلبة، حيث تراكمت نحو 700 ألف طن من النفايات في شوارع القطاع نتيجة توقف المكبات وتدميرها، مشددًا على أن إعادة تأهيل هذه المكبات والتعامل مع النفايات المتراكمة يمثلان أولوية عاجلة في المرحلة الحالية.

طباعة شارك غزة قطاع غزة اخبار التوك شو فلسطين الاحتلال

مقالات مشابهة

  • هاريس يبلغ الأعرجي‏ بضرورة حماية البنية التحتية من هجمات الميليشيات
  • لتعزيز البنية التحتية.. مبادرات مجتمعية جديدة لتحسين الطرق في المحويت وذمار
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • خطط جاهزة للإعمار.. وزير الحكم المحلي الفلسطيني: دمار غزة يشمل البنية التحتية والمباني
  • الأردن وقطر يبحثان تعزيز الاستثمارات المشتركة في الصناعة والبنية التحتية والأمن الغذائي
  • خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
  • إطلاق برنامج تمويل مشاريع البنية التحتية الاجتماعية في قطاع التعليم
  • بلدية غزة تحذر من خطر انهيار البنية التحتية مع اشتداد المنخفض الجوي
  • إصلاح كسر خط المياه وتعزيز البنية التحتية بالمناطق الصناعية في العاشر من رمضان