معادلة ردع استباقي جديدة تُربِكُ حسابات العدوّ وتحبِطُ تحَرّكاته
تاريخ النشر: 17th, December 2024 GMT
يمانيون../
تواصلُ القواتُ المسلحة اليمنية تنفيذَ العمليات الصاروخية في عمق الاحتلال الصهيوني، مستهدفةً المواقع العسكرية التابعة للعدو في عمقه الحساس “يافا – تل أبيب”؛ ما يؤكّـد دخول اليمن بقوة في معركة تهشيم عظم العدوّ، وخلخلة قواه؛ بهَدفِ تعطيل القدر الممكن من تحَرّكاته العسكرية.
وفي عملية نوعية، تركت آثارًا غير مسبوقة، وفتحت معها الباب لمرحلة أقوى من التصعيد اليمني في مرحلته الخامسة، نفذت القوات المسلحة اليمنية عملية صاروخية استهدفت هدفًا عسكريًّا للعدو الصهيوني في “يافا”، محقّقة مبتغاها، ومعها أَيْـضًا تحقّقت العديد من الاضطرابات في كامل المنظومة الداخلية للعدو.
وأعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، مساء الاثنين، في بيان عسكري، تنفيذ العملية بصاروخ فلسطين2 البالستي الفرط صوتي، مؤكّـدًا أن العملية – التي تأتي ضمن المرحلة الخامسة من التصعيد – حقّقت أهدافَها بنجاح.
وحمل البيانُ رسائلَ شديدة اللهجة أكّـدت استعداد اليمن التام لردع أية حماقة أمريكية صهيونية بريطانية، حَيثُ أكّـد العميد سريع أن “القواتِ المسلحةَ ومعها كافةُ أبناء الشعبِ اليمنيِّ العزيزِ المجاهدِ على استعداد لمواجهةِ أي عدوانٍ إسرائيليٍّ أمريكيٍّ يستهدفُ اليمنَ وذلك بمزيدٍ من العملياتِ العسكريةِ النوعيةِ والمؤثرة”.
وإذ جدّدت القوات المسلحة التأكيدَ على ثبات المعادلة بـ “مواصلةِ تنفيذِ عملياتِها العسكريةِ وضربِ كافةِ الأهداف التابعةِ للعدوِّ الإسرائيليِّ في الأراضي المحتلّةِ”، والتأكيد على أن “هذه العملياتِ لن تتوقفَ إلا بوقفِ العدوانِ على غزةَ ورفعِ الحصارِ عنها، فقد أكّـدت هذه العملية ثبوت وثبات الفشل الصهيوني الأمريكي في خط المواجهة، حَيثُ لم تقتصر أصداء العملية على صافرات الإنذار التي دوت في كامل “تل أبيب”، بل ذاع صيت الفشل المعادي إلى مناطقَ واسعة بما حملته العملية من تداعيات على مختلف المستويات، منها هروب الملايين للملاجئ وكان على رأسهم المجرم نتنياهو، وتعطل مطار بن غوريون، ورفع حالة الطوارئ”.
وبالتركيز على رسالة القوات المسلحة اليمنية بشأن الاستعداد التام والجهوزية العالية لتنفيذ العمليات القوية والمؤثرة على العدوّ الصهيوني باستهداف مراكز قواه العسكرية، فَــإنَّ هذا يشير إلى جاهزية اليمن لكل السيناريوهات القادمة، في ظل الحديث عن تصعيد صهيوني مرتقب.
مؤشراتٌ استباقية قد تخلطُ أوراقَ العدوّ وخططه:
بهذه العملية وضمن المرحلة الخامسة من التصعيد، تؤكّـد القوات المسلحة اليمنية قدرتها على فرض زخم ناري كبير يضاعف الضغوط على العدوّ الصهيوني، إلا أنها أَيْـضًا تدشّـن مسارًا جديدًا من الضربات الاستباقية اليمنية التي تسعى لتهشيم صفوف العدوّ وجيشه الذي يسعى لشن عدوان واسع على اليمن، وفق تقارير صهيونية أشَارَت لذلك.
ونشرت وسائل إعلام صهيونية ودولية أن سلاح الجو الصهيوني يسعى لتنفيذ أكبر عملية جوية، دون أن تحدّد المكان أَو الزمان، غير أن المؤشرات تؤكّـد سعي العدوّ الصهيوني لتنفيذ عمليات عدوانية على اليمن وإيران، في ظل رفعه لعناوين الصفقة وقرب وقف إطلاق النار في غزة؛ وذلك بغرض إرباك المشهد في جبهات الإسناد، وَأَيْـضًا تحقيق أكبر قدر من المكاسب العسكرية قبل أي نجاح للصفقة – في حال كانت نواياه حقيقية لإبرامها – غير أن هذه الخُدَعَ لا تنطلي على اليمن، خُصُوصًا في ظل الدعوات المُستمرّة التي يطلقها السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي للتحَرّك المبكر في ضرب العدوّ قبل أن يأتي هو، منوِّهًا في أحد خطاباته إلى أن التحَرّك المبكر في هذا السياق يوفر الكلفة والوقت ويضعف أي هجوم من قبل العدوّ. وهو ما قد يتحقّق بعد العملية هذه اليمنية، وما قد يليها من عمليات، في ظل تصاعدها الصاروخي وَأَيْـضًا بالمسيرات التي نفذت خلال الأسبوع الفائت أربع عمليات في عمق العدوّ، منها ثلاث عمليات في ثلاثة أَيَّـام متتالية.
ونقلت صحيفة “هآرتس” الصهيونية والقناة الـ12 العبرية، تصريحات لمسؤولين صهاينة قولهم إن سلاح الجو “الإسرائيلي” يعمل لتنفيذ ما أسموها “المهمة الكبرى” مرجِّحةً أن تكون الضربة موجهة لإيران واليمن، مؤكّـدةً أن هذه الضربة تأتي بدعم كبير من ترامب؛ ما يشير إلى أنها كذلك في سياق الضغوط على المقاومة الفلسطينية بتوجيه ضربات للجبهات المساندة، وَأَيْـضًا في سياق خلط الأوراق بين السلم والحرب لتمرير المكاسب والأهداف التي تسعى لها “إسرائيل”.
وفيما تناولت القناة العبرية تصريحات قالت فيها: إن “إسرائيل” أمام فرصة تاريخية لضرب المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية خلال هذه الفترة في ظل نشوة ترامب، فقد ذكرت بدورها صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية في تقرير لها أن جيش العدوّ الصهيوني ينظر باهتمام كبير لضرب الجبهة اليمنية، لافتةً إلى أن من أسمتهم “الحوثيين لم يتعرضوا لأية انتكاسة رغم الضربات الأمريكية البريطانية”، مضيفة “لقد تمتعت الجماعة عُمُـومًا بالقدرة على تنفيذ ضربات بعيدة المدى إلى “إسرائيل” في وقت تخفي أسلحتها في أماكن تحت الجبال وأماكن أُخرى يصعب تحديدها”.
وبناء على ما جاء في التقرير، فقد أكّـدت “جيروزاليم بوست” – ضمنيًّا – أن فشل واشنطن ولندن عن ثني الموقف اليمني على مدار عام كامل من العدوان الذي انطلق في الـ12 من يناير الفائت، قد يدفع بالعدوّ الصهيوني لتنفيذ غارات واسعة على اليمن، غير أن هذا التوجّـه الصهيوني قد يصطدم بحتمية الفشل، سيما مع استباق صنعاء بهذه العملية، واحتمال شن عمليات أُخرى لاحقة لإفشال مخطّط العدوّ الصهيوني، كما أفشلت القوات المسلحة اليمنية في الـ12 من نوفمبر الماضي أكبر هجوم عدواني جوي على اليمن، وذلك باستهداف حاملة الطائرات الأمريكية “إبراهام ليكنولن” ومدمّـرتين عسكريتين، في عملية استباقية أفشلت مخطّطَ واشنطن آنذاك، وأجبرتها على الهروب بالحاملة بعد عقود من الهيمنة البحرية؛ وهو ما ضاعف فضائح واشنطن، وكشف فشلَ كُـلّ خياراتها أمام اليمن.
ملايين الغاصبين يهربون.. نتنياهو على رأس الفارّين:
إلى ذلك أظهرت مقاطعُ مصوَّرة نشرها مستوطنون صهاينة في مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل إعلام صهيونية، لحظات مرور الصاروخ اليمني وفشل المنظومات الاعتراضية الصهيونية في التصدي له.
وأظهرت المقاطع المصورة، والأخبار والتقارير التي تناولتها وسائل إعلام العدوّ، أن صافرات الإنذار دوَّت بشكل كبير في يافا الفلسطينية المحتلّة التي يسميها العدوّ “تل أبيب”، جراء تشغيلِ جميع منظومات الدفاعات الصهيونية.
وقد أظهرت المقاطع حتمية الفشل الصهيوني الدفاعي، ورغم تمكّن منظوماته في رصد الصاروخ وتفعيل الصافرات ورفع الاستنفار لباقي المنظومات، إلا أن جميع الخطوط الدفاعية فشلت في اعتراض الصاروخ الذي وصل لهدفه بنجاح، فكانت مهمة تلك الدفاعات هي نشر حالة الرعب والخوف والهلع في صفوف المستوطنين الغاصبين بما سبّبته من ضجيج بعد تشغيلها لصفارات الإنذار.
كما أظهرت المقاطع المصورة لحظةَ الهروب الجماعي للمستوطنين، والذين فروا إلى الملاجئ بأعداد مليونية.
ووفق ما نشرته وسائل إعلام العدوّ، فقد دوّت صافرات الإنذار أَيْـضًا في قاعة المحكمة التي يدلي فيها المجرم نتنياهو بشهاداته، على خلفية محاكمته في قضايا فساد، وهو ما يضاعفُ التهديداتِ لمُجْرِمِ الحَرْبِ.
وقد أكَّـدَ إعلامُ العدوِّ أنَّ المُجْرِمَ نتنياهو وصل للمحكمة المركزية في “تل أبيب” للإدلاء بشهادته في مِلَفّات الاتّهام بالفساد الموجهة إليه لليوم الثالث في إطار جلسات الاستماع، مشيرةً إلى أن شهادته التي تتمحور حول القضية المعروفة بـ”الملف 4000″، قد تستمر “6 ساعات، ما لم يحدث طارئ” وفق القناة الـ12 العبرية؛ أي إن التأكيدات تشير إلى تواجد المجرم نتنياهو في تلك اللحظات خلال تفعيل صافرات الإنذار وتفشِّي حالة الرعب إلى كُـلّ المرافق “الإسرائيلية”؛ ما دفعه للهروب الطارئ والاختباء في مكان محصِّن في المحكمة.
وما يزيد فاعلية العملية في إرباك المجرم نتنياهو وجعل الرعب مقرونًا به، هو تصاعد مخاوفه من استمرار الزخم العملياتي اليمني، لا سيما أن مجرم الحرب قرّر عدم حضور المحكمة الثلاثاء؛ أي في اليوم التالي للعملية، ما يؤكّـد فعلًا أن الرعب اليمني بات يطال كُـلّ الغاصبين في فلسطين المحتلّة، سواء مستوطنين أَو مسؤولين.
وفي السياق ذاته سبَّبَ الصاروخُ اليمني حالةَ اضطراب كبيرة في أوساط العسكريين الصهاينة، حَيثُ أدلى متحدِّثُ جيش العدوّ بتصريحات أكّـد فيها وصولَ الصاروخ اليمني إلى هدفه وقد تسبب بحالةِ رعب كبيرة في “تل أبيب”، وزاد من إظهار التخبط عندما أكّـد أن جيش العدوّ وجَّه بجُملةٍ من الإجراءات للتحقيق في باقي التفاصيل عن وصول الصاروخ.
وأيضًا ذكر الإعلامُ الصهيوني أن الرحلات الجوية من وإلى “مطار بن غوريون” في يافا المحتلّة، توقفت بشكل مؤقت، مع تداعيات الضربة اليمنية؛ ما يؤكّـد أن هذه العملية قد أربكت كامِلَ المنظومة الصهيونية داخل “تل أبيب”.
الكثيرُ من الأحداث صاحبت العمليةَ اليمنية، وقبلها الكثير من التكهنات بشأن التحَرّكات الصهيونية، فكانت صنعاءُ على لسان قياداتها قد أكّـدت استعدادَها التام لمواكبة أي تحَرّك معادٍ، وأكّـدت هذا الاستعدادَ بصاروخ أربك المشهدَ الصهيوني داخليًّا، وقد يكون فاتحةً للمرحلة الجديدة القادمة الموازية للتحَرّكات “الإسرائيلية” المعادية، لتكونَ النتيجة هي معادلة يمنية إضافية تنهي زمنَ الجمود أمام الاعتداءات الإسرائيلية، بل أضافت هذه المعادلةُ رقمًا لم يسبق له مثيلٌ طيلة تاريخ الصراع مع هذا العدوّ، حَيثُ يتضمَّنُ هذا الرقمُ سُرعةَ السبق في ضرب الكيان وتكرار الصفعات؛ ما يجعلُه تائهًا بين خيارات متضائلة وملخبطة، تنوَّعت بين التفرج ثم تحريك الأدوات الدولية وتوكيلها، وُصُـولًا إلى إجباره على الخروج بعيدًا عن الوكالات السابقة، وقد بات خروجُه مريضاً من البداية بفعل توالي صفعات أيادي اليمن الطولى.
المسيرة – نوح جلّاس
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: القوات المسلحة الیمنیة صافرات الإنذار المجرم نتنیاهو وسائل إعلام هذه العملیة م نتنیاهو على الیمن المحتل ة تل أبیب إلى أن ة التی
إقرأ أيضاً:
أكاذيب الكيان الصهيوني التي لا تنتهي
لم يعرف التاريخ الإنساني، وأعتقد لن يعرف حتى قيام الساعة، دولة تكذب وتتحرى الكذب في كل أقوالها وأفعالها مثل دولة الكيان الصهيوني الغاصب التي تكذب كما تتنفس، وتعيش على الكذب الذي قامت على أساسه وتحيا عليه.
الدولة التي قامت على كذبة في العام 1948، لا يمكن أن تستمر وتبقى سوى بمزيد من الأكاذيب التي تنتجها آلة الدعاية الصهيونية المدعومة بوسائل الإعلام العالمية، بشكل يومي لكي تستدر عطف العالم الغربي وتبرر احتلالها البغيض للأراضي الفلسطينية وعدوانها الدائم والهمجي على أصحاب الأرض، وعلى كل من يحاول الوقوف في وجهها وكل من يكشف أكاذيبها ويقاوم غطرستها، وجرائمها التي لا تتوقف ضد الإنسانية.
بدأت الأكاذيب الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر مع نشأة الحركة الصهيونية، بالترويج لأكذوبة أن «فلسطين هي أرض الميعاد التي وعد الله اليهود بالعودة لها بعد قرون من الشتات في الأرض». وكانت هذه الأكذوبة، التي تحولت إلى أسطورة لا دليل على صحتها تاريخيا، المبرر الأول الذي دفع القوى الاستعمارية القديمة، بريطانيا تحديدا، الى إصدار الوعد المشؤوم «وعد بلفور» قبل عام من نهاية الحرب العالمية الأولى بانشاء وطن لليهود في فلسطين. وكان هذا الوعد، كما يقول المؤرخون، الذي صدر عن وزير الخارجية البريطاني أرثر بلفور حجر الأساس لأكبر عملية سرقة في التاريخ، سرقة وطن كامل من أصحابه، ومنحه لمجموعة من العصابات اليهودية دون وجه حق. الوعد الذي لم يعره العالم انتباها وقت صدوره تحول إلى حق مطلق للصهاينة في السنوات التالية، ومن أكذوبة «أرض الميعاد» ووعد الوطن القومي أنتجت الصهيونية العالمية سلسلة لا تنتهي من الأكاذيب التي ما زالت مستمرة حتى اليوم، والمسؤولة، في تقديري، عما يعيشه الفلسطينيون الآن من جحيم تحت الاحتلال الصهيوني.
الكذبة الأولى الخاصة بأرض الميعاد، والتي صدقها العالم نتيجة تكرارها وبفعل التأثير التراكمي طويل المدى لوسائل الاعلام التي سيطر عليها اليهود طوال القرن العشرين، لم تكن سوى أكذوبة سياسية ذات غطاء ديني غير صحيح. إذ تم تفسير النص التوراتي بطريقة ملتوية لتخدم المشروع الصهيوني. ولم تُثبت الحفريات التي يقوم بها الصهاينة أسفل المسجد الأقصى وجود هيكل سليمان أو وجود مملكة داود وسليمان في فلسطين كما تزعم الرواية التوراتية المحرفة، بل أن بعض المؤرخين الإسرائيليين شككوا في وجود اليهود في فلسطين كأمة قبل إنشاء إسرائيل.
دعونا في هذا المقال نتتبع أبرز الأكاذيب الصهيونية التي روجت لها إسرائيل لاستمرار سياساتها العنصرية والتي لم تكن مجرد دعاية عابرة، بل جزءًا من استراتيجية تم وضعها وتهدف في النهاية الى تحقيق الحلم الصهيوني بدولة تمتد «من النيل إلى الفرات»، والترويج للسردية الصهيونية في الاعلام العالمي وحصار السردية الفلسطينية والعربية.
الأكذوبة الثانية التي تمثل امتدادا للأكذوبة الأولى والمرتبطة بها ارتباطا وثيقا، هي أن فلسطين كانت أرضا بلا شعب، وبالتالي يمكن الاستيلاء عليها واحتلالها وتهجير أهلها منها، وجعلها وطنا للشعب اليهودي الذي كان بلا أرض»، وبذلك يتم نفي الوجود العربي الفلسطيني فيها. وتم الترويج لهذه الأكذوبة في الغرب المسيحي المحافظ من خلال خطاب إعلامي يربط إقامة إسرائيل بقرب ظهور المسيح (عليه السلام). وقد نجح الإعلام الصهيوني والمتصهين في تصوير اليهود باعتبارهم عائدين إلى أرضهم، فيما تمت شيطنة الفلسطينيين والتعامل معهم باعتبارهم إرهابيين يعارضون الوعد الإلهي. وكانت هذه الأكذوبة من أخطر الأكاذيب الصهيونية لتبرير احتلال فلسطين بدعوى أنها خالية من السكان، في حين كان يعيش فيها قبل إعلان قيام إسرائيل نحو مليون وثلاثمائة ألف عربي فلسطيني من المسلمين والمسيحيين.
وتزعم الأكذوبة الصهيونية الثالثة أن الفلسطينيين غادروا أرضهم طواعية بعد هزيمة الجيوش العربية وإعلان قيام دولة إسرائيل في العام 1948. وتم استخدام هذه المزاعم للتغطية على مجازر التطهير العرقي الذي قامت به عصابات الصهاينة، وأبرزها مجازر دير ياسين، واللد، والرملة، لطرد الفلسطينيين من أراضيهم وبيوتهم.
لقد ثبت للعالم كله كذب إسرائيل في كل ما روجت له من مزاعم تخالف الحقيقة في الإعلام العالمي المتواطئ معها والمساند لها على الدوام. ومن هذه المزاعم القول بإنها «واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط» الذي لا يعرف الديمقراطية. ولم ينتبه العالم إلى أن الديمقراطية الإسرائيلية ترى بعين واحدة، ومخصصة لليهود فقط، ولا تشمل سكانها من الفلسطينيين الذين يعانون من تمييز وفصل عنصري في كل مجالات الحياة. وتستخدم هذه الديمقراطية الأسلحة المحرمة والإبادة الجماعية وسياسات الاغتيال والاعتقال والتعذيب كوسيلة للتعامل مع الفلسطينيين المحرومين من حقوقهم السياسية.
وشبيه بهذا الزعم القول إن «الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم». ومع الأسف ما زالت هذه المقولة تتردد على ألسنة العسكريين والسياسيين الصهاينة وفي بعض وسائل الاعلام الغربية، رغم الجرائم الموثقة من جانب منظمات حقوقية عالمية، والتي ارتكبها ويرتكبها هذا الجيش «عديم الأخلاق» في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا وإيران، واستهدافه المدنيين من النساء والأطفال، والصحفيين والأطباء وغيرهم، واستخدامه لسلاح التجويع في غزة ومنع الإمدادات الإنسانية من الدخول الى القطاع وإتلافها عمدا، وقتل الجوعى.
ولا تتوقف آلة الكذب الصهيونية عند هذا الحد وتضيف لها الجديد من الأكاذيب كل يوم، مثل الأكذوبة المضحكة التي أصبحت مثار سخرية العالم، وهي إن «إسرائيل تواجه تهديدا وجوديا من جيرانها العرب» المحيطين بها، في الوقت الذي يعلم فيه القاصي والداني أن الكيان الغاصب هو الدولة الشرق أوسطية الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية قادرة على محو جميع الدول العربية، وتتمتع بتفوق عسكري يضمنه ويحافظ عليه ويعززه الشريك الأمريكي ودول غرب أوروبا، وتمنع بالقوة أي دولة في المنطقة من امتلاك الطاقة النووية حتى وإن كان للأغراض السلمية، كما فعلت مع العراق وايران. وينسي من يردد هذه الأكذوبة إن إسرائيل فرضت من خلال الولايات المتحدة التطبيع معها على العديد من الدول العربية، ليس فقط دول الجوار التي كان يمكن ان تهددها، وإنما على دول أخرى بعيدة جغرافيا عنها، وفي طريقها لفرضه على المزيد من الدول.
ويكفي أن نعلم أن غالبية الحروب التي دخلتها إسرائيل كانت حروبا استباقية، وكانت فيها المبادرة بالعدوان، وآخرها الحرب على إيران. والحقيقة أن حربها المستمرة منذ نحو عامين على غزة والتي تزعم أنها، أي الحرب، «دفاع عن النفس» ما هي إلا أكذوبة أخرى تأتي في إطار سعيها لتفريغ القطاع من سكانه وتهجيرهم خارجه بعد تدميره وحصاره المستمر منذ العام 2007 وحتى اليوم، وهو ما ينفي الأكذوبة الأكثر وقاحة التي ترددها الآن بأن «حركة حماس هي المسؤولة عن معاناة أهل غزة، وهي من تجوعهم»، مع أن العالم كله يشاهد كيف حولت القطاع إلى أطلال وإلى أكبر سجن مفتوح في العالم بشهادة الأمم المتحدة.