قال عبد اللطيف وهبي وزير العدل، إن مضامين مراجعة مدونة الأسرة، تهْدف إلى تجاوز بعض النقائص والاختلالات، التي ظهرت عند تطبيقها القضائي، ومواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي وديناميته، وما تفرضه متطلبات التنمية المستدامة، وكذا ملاءمتها مع التطورات التشريعية، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا؛

وأضاف وهبي اليوم الثلاثاء 24 دجنبر 2024، خلال تقديمه الخطوط العريضة لما تحقق في موضوع مراجعة قانون الأسرة، بعد الجلسة التي ترأسها الملك محمد السادس، مساء الاثنين، اضاف نحن اليوم، أمام مراجعة جوهرية لنص مدونة الأسرة، تستجيب للمبادئ والمرجعيات، كما حددتها الرسالة الملكية السامية، ووفق الضوابط والحدود التي وَضَعتها؛ غايتها إنجاز صيغة جديدة لمدونة الأسرة تُناسب مغرب اليوم، قادرة على الاستجابة للتطورات المجتمعية التي يشهدها، في حِرص شديد على أن تكفل مقتضياتها، في الآن ذاته، تعزيز مكانة المرأة وحقوقها، وحماية حقوق الأطفال، والمُحافظة على كرامة الرجل؛

وهكذا، فإن من بين ما تم اعتماده، تأسيسا على مقترحات الهيئة والرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى، يمكن الإشارة، على الخصوص، إلى ما يلي:

أولا- إمكانية توثيق الخِطبة، واعتماد عقد الزواج لوحده لإثبات الزوجية كقاعدة، مع تحديد الحالات الاستثنائية لاعتماد سماع دعوى الزوجية، وتعزيز ضمانات زواج الشخص في وضعية إعاقة، مع مراجعة للإجراءات الشكلية والإدارية المطلوبة لتوثيق عقد الزواج؛

ثانيا- إمكانية عقد الزواج، بالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج، دون حضور الشاهدين المسلمين في حال تعذر ذلك؛

ثالثا- تحديد أهلية الزواج بالنسبة للفَتى والفَتاة في 18 سنة شمسية كاملة، مع وضع استثناء للقاعدة المذكورة، يُحدد فيها سن القاصر في 17 سنة، مع تأطيره بعدة شروط تضمن بقاءه، عند التطبيق، في دائرة “الاستثناء”؛

رابعا- إجبارية استطلاع رأْي الزوجة أثناء تَوثيق عقد الزواج، حول اشتراطها عدم التزوج عليها، من عدمه، والتنصيص على ذلك في عقد الزواج.

وفي حال اشتراط عدم التزوج عليها، فلا يحق للزوج التعدد وفاء منه بالشرط؛

وفي حال غياب هذا الاشتراط، فإن “المبرر الموضوعي الاستثنائي” للتعدد، سيُصبح محصورا في: إصابة الزوجة الأولى بالعقم، أو بمرض مانِع من المعاشرة الزوجية، أو حالات أخرى، يُقدرها القاضي وفق معايير قانونية محددة، تكون في الدرجة نفسها من الموضوعية والاستثنائية؛

خامسا- إحداث هيئة، غير قضائية، للصلح والوساطة، يكون تدخلها مطلوبا، مبدئيا، في غير حالة الطلاق الاتفاقي، مع حصر مَهَمتها في محاولة الإصلاح بين الزوجين، والتوفيق بينهما في ما يترتب عن الطلاق من آثار؛

سادسا- جعْل الطلاق الاتفاقي موضوع تعاقد مباشر بين الزوجين، دون الحاجة لسلوك مسطرة قضائية، وتقليص أنواع الطلاق والتطليق، بحكم أن التطليق للشقاق يُغطي جُلها، وتحديد أجل ستة (6) أشهر كأجل أقصى للبت في دعاوى الطلاق والتطليق؛

سابعا- تأطير جديد لتدبير الأموال المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، مع تثْمين عمل الزوجة داخل المنزل، واعتباره مساهمة في تنمية الأموال المكتسبة خلال قيام العلاقة الزوجية؛

ثامنا- اعتماد الوسائل الالكترونية الحديثة للتبليغ في قضايا الطلاق والتطليق، مع قَبول الوكالة في هذه القضايا باستثناء مرحلة الصلح والوساطة؛

تاسعا- اعتبار حضانة الأطفال حقا مشتركا بين الزوجين أثناء قيام العلاقة الزوجية، مع إمكانية امتداده، في حال الاتفاق، بعد انفصام العلاقة الزوجية، وتعزيز الحق في سُكْنى المحضون، بالإضافة إلى وضع ضوابط جديدة فيما يخص زيارة المحضون أو السفر به؛

عاشرا-عدم سقوط حضانة الأم المطلقة على أبنائها بالرغم من زواجها؛

حادي عشر- وضع معايير مرجعية وقيمية تُراعى في تقدير النفقة، وكذا آليات إجرائية تساهم في تسريع وتيرة تبليغ وتنفيذ أحكامها؛

ثاني عشر- جعل “النيابة القانونية” مشتركة بين الزوجين في حال قيام العلاقة الزوجية وبعد انفصامها. وفي الحالات التي لا يَتَأتى فيها الاتفاق بين الزوجين، على أعمال النيابة القانونية المشتركة، يُرجع، في ذلك، إلى قاضي الأسرة للبت في الخلاف الناشئ، في ضوء معايير وغايات يحددها القانون؛

ثالث عشر- تحديد الإجراءات القانونية التي يتعين على المحكمة سلْكها من أجل ترشيد القاصر، وتعزيز الحماية القانونية لأمواله، وفرض الرقابة القضائية على التصرفات التي يُجريها وليه أو وصيه أو المقدم عليه؛

رابع عشر- حق الزوج أو الزوجة بالاحتفاظ ببيت الزوجية، في حالة وفاة الزوج الآخر، وفق شروط يحددها القانون؛

خامس عشر- تفعيل مقترح المجلس العلمي الأعلى، بخصوص موضوع “إرث البنات”، القاضي بإمكانية أن يهب المرء قيد حياته ما يشاء من أمواله للوارثات، مع قيام الحيازة الحُكمية مقام الحيازة الفِعلية؛

سادس عشر – فتح إمكانية الوصية والهبة أمام الزوجين، في حال اختلاف الدين؛

وبالنظر إلى أن الأمر يتعلق بمراجعة عميقة لمدونة الأسرة، فسيتم تبني صياغة بعبارات حديثة، من خلال استبدال بعض المصطلحات سيما إذا تَوقف العمل بها في منظومتنا القانونية والقضائية؛

 

السيدات والسادة

أما فيما يتعلق بالمقترحات ذات الصبغة العامة، الهادفة إلى مواكبة هذا الإصلاح، فتهم على الخصوص:

أولا- توفير الموارد البشرية المؤهلة والكافية للاضطلاع بقضايا الأسرة من قضاة وأطر، مع ضمان التكوين التخصصي المستمر؛

ثانيا- مراجعة المساطر والإجراءات في قضايا الأسرة، مع وضع دليل عملي ومرجعي للمدونة؛

ثالثا- تسهيل الولوج إلى القضاء الأسري، عبر إحداث “شباك موحد” على مستوى محاكم الأسرة؛

رابعا- تأهيل المقبلين على الزواج، من خلال توعيتهم بالحقوق والواجبات المترتبة عن الزواج، مع إقرار سياسة عمومية مواكبة للموضوع؛

خامسا- دراسة إمكانية إحداث سجل وطني تُسجل فيه عقود الزواج والطلاق؛

 

السيدات والسادة

لقد حرص جلالة الملك نصره الله، خلال إشرافه على كل مراحل هذا الإصلاح، على أن يُحيطه بكل فضائل المشاركة والتملك، وذلك بتوفير إطار للتوافق البناء، القادر على إدماج مساهمة الجميع، كل من موقعه، بالشكل الذي يؤدي إلى استمرار غايات التجديد والتطوير والاجتهاد، التي عبرت عنها مدونة الأسرة لحظة وضعها سنة 2004، وبما حظيت به، من ترحيب وتنويه وطني ودولي، مُشدد على تميز منهج المملكة في الإصلاح؛ المبني على الثبات والتدرج والتراكم، ووسطية واعتدالية مرجعيتها الدينية السمحة، وقُدرة أدوات الاجتهاد المُبدع على خلق التوفيق بين مقاصد الشريعة، وبين التطورات المُسجلة على مستوى الحقوق والحريات؛

لهذا، فإن التعليمات السامية لجلالة الملك، والتي حرص بلاغ الديوان الملكي، في الموضوع، على بَيانها، والموجهة إلى السيد رئيس الحكومة، وإلى السيدة الوزيرة والسادة الوزراء المعنيين مباشرة بمشروع مراجعة مدونة الأسرة، تُؤكد على ضرورة أن تستمر هذه الروح، في مرحلة صياغة مشروع المراجعة، وكذا في سياق مناقشته والتصويت عليه من قبل البرلمان، للوصول إلى اعتماد صيغة جديدة للمدونة، تُثمن مكاسب نُسختها الأولى وتُعضدها، وتُراجع نِقاط تعثُرها. على أن تكون الغاية المشتركة في ذلك، تحقيق المساواة والتوازن الأسري، وترسيخ مبادئ العدل والإنصاف والتضامن والانسجام، بانخراط الجميع، وبحس المواطنة المعهود، لوضع لبنة جديدة في مسلسل دعم دولة الحق والقانون، وبناء المجتمع الديمقراطي، الذي يقوده، بحزم وعزم، جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأَيده.

المصدر: مملكة بريس

كلمات دلالية: العلاقة الزوجیة مدونة الأسرة بین الزوجین عقد الزواج فی حال

إقرأ أيضاً:

أستاذ قانون دولي يكشف التداعيات الكارثية للهجوم الإسرائيلي على إيران

أشاد الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي، وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، بالبيان الصادر من الخارجية المصرية والذي أدان الهجوم الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية فجر اليوم، وأكد أنها تمثل انتهاكات واضحه لميثاق الأمم المتحدة، وتُعَد تهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الدوليين.

ووصف الدكتور محمد مهران في تصريحات صحفية، الضربة الإسرائيلية على إيران بأنها جريمة حرب واضحة تستدعي تدخلاً دوليًّا عاجلاً.. محذرًا من أن التداعيات قد تصل إلى حد اندلاع صراع عالمي يهدد السلم والأمن الدوليَّين.

وأكد مهران أن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف الأراضي الإيرانية وأسفر عن مقتل كبار القادة العسكريين الإيرانيين يشكل انتهاكًا جسيمًا لأهم مبادئ القانون الدولي، خاصة مبدأ عدم جواز استخدام القوة في العلاقات الدولية المنصوص عليه في المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة.

وأوضح أستاذ القانون الدولي، أن العملية العسكرية الإسرائيلية المسماة «الأسد الصاعد» تنتهك عدة مواثيق ومعاهدات دولية أساسية، بما في ذلك مثياق الأمم المتحدة، واتفاقية لاهاي لعام 1907 الخاصة بقوانين وأعراف الحرب البرية، واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية.. مشيرًا إلى أن استهداف القيادات المدنية والعسكرية في دولة ذات سيادة يُعَد جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وحذر الدكتور مهران من أن الآثار السياسية لهذا العدوان ستكون مدمرة على كل من المستوى الإقليمي والدولي.. مؤكدًا أن الهجوم سيؤدي إلى انهيار كامل للتوازنات الإقليمية وقد يدفع إيران وحلفاءها إلى ردود فعل عسكرية واسعة النطاق تشمل الميليشيات المسلحة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، مما يهدد بتحويل الصراع إلى حرب إقليمية شاملة.

وأشار إلى أن التداعيات الاقتصادية ستكون كارثية على الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل موقع إيران الاستراتيجي على مضيق هرمز الذي يمر عبره حوالي 20% من إمدادات النفط العالمية.. محذرًا من أن أي اضطراب في هذا الممر المائي الحيوي سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار النفط والغاز يضرب الاقتصاد العالمي ويُدخل العالم في ركود اقتصادي عميق.

الآثار الأمنية للهجوم الإسرائيلي على إيران

ولفت الخبير الدولي إلى أن الآثار الأمنية للهجوم ستمتد لتشمل تنشيط الخلايا النائمة للجماعات المسلحة الموالية لإيران في مختلف أنحاء المنطقة، مما قد يؤدي إلى موجة من العمليات الانتقامية ضد المصالح الإسرائيلية والأمريكية والغربية في المنطقة.. مشيرًا إلى أن هذا السيناريو قد يدفع القوى الكبرى إلى التدخل العسكري المباشر مما يزيد من احتمالية اندلاع صراع عالمي.

وأكد الدكتور مهران أن موقف القانون الدولي من هذا العدوان واضح ولا لبس فيه، حيث يَعتبر الهجوم عملاً عدوانيًّا محظورًا ينتهك الأسس الراسخة للنظام القانوني الدولي منذ إنشاء الأمم المتحدة.. مشيرًا إلى أن الدفاع الشرعي المنصوص عليه في المادة 51 من الميثاق لا يمكن الاحتجاج به من قِبل إسرائيل في هذه الحالة لأنه يتطلب وجود هجوم مسلح فعلي وليس مجرد تهديد محتمل.

وطالب بضرورة عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لإدانة العدوان الإسرائيلي واتخاذ إجراءات رادعة ضد إسرائيل تشمل فرض عقوبات اقتصادية وسياسية شاملة.. محذرًا من أن فشل المجتمع الدولي في اتخاذ موقف حازم سيرسل رسالة خطيرة مفادها أن القوة هي المحدد الوحيد في العلاقات الدولية وليس القانون.

وشدد على ضرورة إحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم الحرب المحتملة وملاحقة المسؤولين عن التخطيط والتنفيذ.. مؤكدًا أن إفلات المعتدين من العقاب سيشجع على المزيد من الانتهاكات ويقوض مصداقية النظام القضائي الدولي برمته.

وحذر من أن التداعيات الإنسانية للتصعيد ستكون مأساوية، حيث قد تؤدي إلى موجات نزوح جماعي جديدة وأزمة لاجئين ضخمة تضاف إلى الأزمات الإنسانية القائمة في المنطقة.. مؤكدًا أن الشعوب هي مَن ستدفع الثمن الأكبر لهذا التهور السياسي والعسكري.

ودعا الدكتور مهران إلى تحرك عربي موحد لمواجهة هذا العدوان وحشد الدعم الدولي لإيران كدولة تعرضت لعدوان غير مبرر.. مؤكدًا أن الصمت في هذه اللحظة التاريخية الحرجة يعني التواطؤ مع الانتهاكات والمساهمة في تدمير النظام القانوني الدولي الذي استغرق عقودًا لبنائه.

اقرأ أيضًاهجوم إسرائيل على إيران.. طهران تدعو لجلسة طارئة في مجلس الأمن

إيران ترفع الرايات الحمراء.. وخامنئي: «تل أبيب ستدفع الثمن»

مصر تُدين الهجوم الإسرائيلي على إيران وتُحذر من تداعياته على أمن المنطقة

مقالات مشابهة

  • شراكة لا معركة .. خبيرة نفسية توضح قواعد التفاهم بين الزوجين
  • إيران: الحرس الثوري يكشف عن قائمة الأهداف التي هاجمها في إسرائيل
  • مصدر يكشف طبيعة الأصوات التي سمعت في العراق: ليست قصفا
  • أستاذ قانون دولي يكشف التداعيات الكارثية للهجوم الإسرائيلي على إيران
  • زوجة بمحكمة الأسرة: زوجى طردنى وسجل شقة الزوجية باسم زوجته الجديدة
  • أنا لسه طازة.. أحمد السقا يكشف موقفه من الزواج مجددًا
  • اجتهاد قضائي يقضي بثبوت الزوجية رغم تعذر حصول الزوج على الإذن بالتعدد
  • رسوم وتراخيص جديدة.. كيف غيّرت التعديلات وجه الاستثمار التعديني في مصر؟
  • القومي للطفولة والأمومة يكشف تفاصيل جديدة عن واقعة عريس متلازمة داون
  • من الزواج إلى الطلاق.. ماذا حدث خلال عام بين بشرى وخالد حميدة؟