إستراتيجية الشطيرة.. كيف تنتقد الآخرين بطريقة أكثر قبولا؟
تاريخ النشر: 24th, December 2024 GMT
غالبا ما تفقد رسالتنا معناها المقصود، وتنحرف المحادثات عن مسارها، خاصة عندما تتضمن نقدا للطرف الآخر. في مثل هذه الحالات، قد يتخذ الشخص موقفًا دفاعيا سريعا أو يختار إنهاء النقاش فورا، تجنبا للإحراج، الشعور بالذنب، أو بسبب اختلاف وجهات النظر.
تعتبر إستراتيجية "الساندويتش" أو الشطيرة واحدة من الأساليب الشائعة للحوار، حيث تساعد على تجنب إثارة غضب الآخرين والحفاظ على العلاقات، خصوصا أثناء الخلافات أو النزاعات.
ظهرت هذه التقنية في ثمانينيات القرن الـ20 كوسيلة للمديرين لتقديم ملاحظات حول أداء الموظفين في بيئات العمل. ومع مرور الوقت، توسّع استخدامها ليشمل مجالات متنوعة، مثل التعليم والعلاقات الشخصية، سواء مع الأصدقاء أو العائلة أو الجيران، وحتى في معالجة النزاعات.
تعتمد هذه الإستراتيجية على أسلوب تواصل واعٍ وفعّال يهدف إلى تقديم الملاحظات أو النقد البنّاء بطريقة تحافظ على أجواء إيجابية وداعمة. وقد استلهمت تسميتها من فكرة "الشطيرة"، حيث تمثل قطعتا الخبز الملاحظات الإيجابية، بينما تمثل الحشوة، كاللحم أو الطعام بينهما، الملاحظات السلبية. تتألف هذه الطريقة من 3 خطوات: تبدأ بتعليق إيجابي أو إطراء كطبقة علوية، تليه ملاحظات نقدية كحشو، وتختتم بنبرة إيجابية أو مشجعة كطبقة سفلية.
إعلان خطوات تطبيق أسلوب الشطيرةفي مقال نشره عالم النفس الأميركي مارك ترافيرز على موقع متخصص في علم النفس، أوضح الخطوات الثلاث لتطبيق طريقة الشطيرة في تقديم الملاحظات، وجاءت كالتالي:
عند فتح حوار حساس أو صعب، يُفضل أن تبدأ بتقدير الطرف الآخر وإظهار احترامك له، مما يسهم في تهيئة الأجواء لتلقي الملاحظات بشكل أفضل. دراسة نُشرت في مجلة علم النفس الاجتماعي عام 2019 أشارت إلى أن الملاحظات السلبية قد تؤثر على الصحة النفسية وتزيد من السلوكيات العدائية مقارنة بالملاحظات الإيجابية أو المحايدة.
الحشوة: تقديم النقد البناءفي هذه المرحلة، يتم التركيز على السلوكيات أو الأفعال التي تحتاج إلى تعديل، بدلا من توجيه النقد لشخصية الطرف الآخر. دراسة أجريت عام 2022 ونُشرت في مجلة الآراء الحالية في علم النفس، أوضحت أن الأفراد يميلون إلى اعتبار الملاحظات تهديدًا عندما تتناول شخصياتهم وليس أفعالهم، حيث يؤدي ذلك إلى انخفاض احترام الذات واستحضار مشاعر الخجل أو الإهانة، مما يدفعهم إلى ردود أفعال دفاعية بدلا من التركيز على حل المشكلة.
الطبقة الأخيرة: التعزيز الإيجابييُنصح بإنهاء الحوار برسالة إيجابية تُبرز نقاط قوة الطرف الآخر وتؤكد على إمكانياته وقدرته على التحسن في المستقبل. هذا النهج يخفف من الآثار السلبية للنقد، ويحفز الدافع الداخلي للنمو والتغيير.
لماذا يُنصح باستخدام طريقة الشطيرة في التواصل؟تعتمد طريقة الشطيرة على المزج بين التعزيز الإيجابي والملاحظات البناءة لتحقيق تواصل فعّال يجعل النقد أكثر قبولًا وأسهل استيعابًا. وتتميز هذه الطريقة بعدة فوائد:
التخفيف من حدة الانتقادات: وضع النقد بين ملاحظات إيجابية يقلل من ردود الفعل السلبية ويهيئ الطرف الآخر لتقبل التغيير.
الحفاظ على العلاقات: تُبرز هذه الطريقة التقدير والاعتراف بنقاط القوة، مما يُسهم في الحفاظ على العلاقات حتى عند مواجهة التحديات.
إعلانتحسين الأداء وتعزيز التغيير الإيجابي: تقديم النقد البناء بأسلوب داعم مع اقتراح حلول واضحة يُحفّز الأفراد على معالجة نقاط الضعف والعمل على تحسينها.
كيف تقدم النقد بفاعلية باستخدام أسلوب الشطيرة؟إذا اخترت استخدام هذا الأسلوب، فإليك بعض النصائح لضمان تحقيق الهدف بشكل فعّال:
كن دقيقا في الإطراء: المدح العام قد يبدو غير صادق، استبدل العبارات العامة مثل "أنت متميز" بتعليقات محددة مثل "أعجبتني دقتك في إنجاز هذه المهمة".
لا تغرق في الإيجابية: الإفراط في التعليقات الإيجابية قد يُضعف تأثير النقد، مما يجعل المشكلة أقل وضوحًا للطرف الآخر. حافظ على التوازن: احرص على أن تكون الملاحظات الإيجابية حقيقية بنفس درجة النقد. كما يجب أن يتضمن النقد اقتراحات واقعية لتحسين الوضع. تجنب استخدام "لكن": الانتقال من الإيجابية إلى النقد باستخدام كلمة "لكن" قد يُلغي تأثير العبارات الإيجابية. بدلا من ذلك، استخدم كلمات مثل "ومع ذلك" أو "من جهة أخرى". اترك مساحة للرد: دع المجال للطرف الآخر للتعبير عن رأيه، مما يعزز التفاهم المتبادل ويضمن الشعور بالمشاركة. اعرف متى تتجنب هذه الطريقة: قد لا تكون هذه الإستراتيجية مناسبة دائمًا، خاصة في المواقف التي تتطلب النقد المباشر مثل حالات الطوارئ أو السلوكيات التي قد تسبب خطرا.عندما تلاحظ أن صديقك يبتعد عنك، يمكنك استخدام هذه الطريقة للتعبير عن مشاعرك. ابدأ بإظهار تقديرك لصداقته، مثل: "أنا أقدّر كثيرًا دعمك لي على مدار السنوات". ثم عبّر عن قلقك بلطف: "لاحظت أنك أصبحت مشغولا مؤخرًا وأفتقد الحديث معك". واختم بالتأكيد على أهمية العلاقة: "أتمنى أن نعود للتواصل كما كنا دائمًا، فأنت شخص مهم جدًا بالنسبة لي".
إعلان مع نفسك:يمكنك تطبيق هذه الطريقة لتعزيز تعاطفك مع ذاتك. ابدأ بالاعتراف بنقاط قوتك: "لقد أظهرت تقدمًا كبيرًا في إدارة وقتك". ثم عالج ما تريد تحسينه: "لكن لا يزال بإمكاني العمل على تحديد أولوياتي بشكل أفضل". واختم بدعم ذاتك: "أعلم أن لدي القدرة على التوازن، وسأواصل تطوير نفسي بثقة".
في العمل:عند التعامل مع زميل لا ينجز دوره في مشروع مشترك، استخدم أسلوب الشطيرة بدلا من التوبيخ المباشر. على سبيل المثال:
ابدأ بالثناء: "أعجبني كثيرًا نجاحك في التعامل مع هذا العميل الجديد، لقد بذلت مجهودًا رائعًا".
انتقل إلى الموضوع: "لكن مشروعنا المشترك تأخر قليلًا، وأنا متأكد أن مساعدتك ستعيدنا إلى المسار الصحيح".
اختم بالتشجيع: "أثق بقدرتك على التوازن بين المهام، وأنا متحمس للنتائج التي يمكننا تحقيقها معًا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات اجتماعي هذه الطریقة الطرف الآخر الشطیرة فی بدلا من
إقرأ أيضاً:
مجلة بريطانية تسلط الضوء على حضرموت.. الجانب الآخر من اليمن البعيد عن صخب الحرب والحوثيين (ترجمة خاصة)
سلطت مجلة "ذا سبيكتاتور" البريطانية، الضوء على محافظة حضرموت (شرقي اليمن) التي تعج بالحياة، بعيدا عن ضجيج الحرب وجماعة الحوثي.
وقالت المجلة في تقرير أعده الكاتب الأسترالي "ماركوس راي" الذي زار حضرموت مؤخرا إنه في المخيلة الغربية، يُنظر إلى اليمن على أنها رمز للإرهاب والموت. وتُختزل صورها في عناوين الصحف العالمية في ثلاثية من المعاناة: الحوثيون، والجوع، واليأس.
وأضافت المجلة في التقرير الذي ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن الحرب الأهلية استمرت لأكثر من عقد، تاركةً معظم أنحاء البلاد في حالة دمار، الحياة قاسية على ملايين الناس الذين يعيشون حياتهم اليومية وسط حالة من عدم الاستقرار المزمن. يواصل الحوثيون - المتحصنون في العاصمة صنعاء - تشديد قبضتهم على السلطة في الشمال الغربي. وقد أثارت هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر ردود فعل انتقامية دولية وأججت التوترات الإقليمية. ولا تزال وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية البريطانية تنصح المواطنين البريطانيين بعدم السفر إلى البلاد.
وتابعت "لذا، فإن اليمن ليست وجهة العطلات التقليدية. لكن اليمن أكثر من مجرد الحوثيين".
يقول ماركوس "على حافة الربع الخالي، في شمال شرق البلاد، تقع حضرموت. ومن هنا أتيتُ لألقي نظرة على يمن مختلف، بعيدًا عن خطوط المواجهة وبعيدًا عن متناول سيطرة الحوثيين. لقد نجت من صخب الحرب اليومي، ولذلك - متحمسًا للمغامرة والسفر كسائح، على الرغم من التحذيرات - صعدتُ على متن طائرة إيرباص قديمة تابعة للخطوط الجوية اليمنية إلى مدينة سيئون، بوابة إلى المناطق النائية في المنطقة".
وأضاف "تمتد حضرموت عبر وديان جافة محفورة في عمق الصحراء. تحيط بها منحدرات تحبس حرارة حضرموت القاسية، وتنتشر عجائب معمارية شامخة في تحدٍّ أشبه بالأحلام تتخلل مناظرها الطبيعية".
وأكد أن مدينة شبام هي أروع هذه الآثار الطينية والزمنية. كانت في يوم من الأيام عاصمة مملكة غابرة ومحطة قوافل مهمة على طريق البخور عبر جنوب شبه الجزيرة العربية. اليوم، تشتهر شبام، المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، بناطحات السحاب الطينية ذات الحواف الحادة التي تُهيمن على أفقها، والمبنية على أنقاض أساساتها.
وحسب ماركوس "تُعتبر شبام، التي تُستشهد بها غالبًا كأول مثال عالمي للتخطيط الحضري العمودي، شاهدًا على الخيال اليمني. وقد أطلقت عليها فريا ستارك، التي جابت المنطقة في ثلاثينيات القرن الماضي، لقب "مانهاتن الصحراء".
وأردف "يعود تاريخ العديد من الأبراج البالغ عددها 444 برجًا، والتي يمكن أن يصل ارتفاعها إلى 11 طابقًا، إلى القرن السادس عشر. وهي ذات شكل شبه منحرف، مصنوعة من طين الوادي، ومغطاة بجص من الحجر الجيري الباهت، وأسطحها عبارة عن خليط من اللونين الأصفر والأبيض. وتُحيط بالأبواب أعمال خشبية مزخرفة".
وتحيط بالمدينة، التي تقع على قمة تل، سور محصن، كان في السابق حصنًا منيعًا ضد غزاة البدو المهاجمين. يقول ماركوس "قضيتُ يومًا صيفيًا قائظًا أتجول في أزقتها، برفقة حراسة عسكرية تحمل كلاشينكوف. في وقت مبكر من بعد الظهر، انكشفت متاهة داخلية - معلقة في الزمن وخالية من الحياة - في الداخل. كان الهواء كثيفًا برائحة الطين المخبوز بأشعة الشمس، وقد لجأ سكان شبام البالغ عددهم 3000 إلى الظلال والظلال بحثًا عن ملجأ صامت.
وزاد "امتزجت أي علامات على الحداثة بسلاسة مع الهندسة القديمة لأبراج المدينة. بين الحين والآخر، يقف مبنى مهجورًا، حيث يتفتت الطين عائدًا إلى الأرض، وقد غادر سكانه السابقون منذ زمن طويل إلى المملكة العربية السعودية أو إلى الخارج. لم يكن صدى ثغاء الماعز يتردد من تجاويف مظلمة. ومع ذلك، لم يكن صمت المدينة يعني العزلة. خلف النوافذ الشبكية، كان جمهور صامت يراقب الغرباء".
ولكن مع غروب الشمس، بدأت شبام تنبض بالحياة. خرج الأطفال للعب في الأزقة، متجمعين في مجموعات ضاحكة. تدافع كبار السن إلى الساحة وهم يحملون أكياس القات - ذلك النبات المخدر الذي يُلين الكلام ويُطيل الزمن - مستعدين لبدء مضغهم المسائي. انطلقت أصوات ألعاب الدومينو على الصناديق الخشبية خارج المقاهي في الساحة الرئيسية. عاد إيقاع شبام بنبضات هادئة. انطلقت المدينة في رقصة رثائية خاصة بها، تعطلت للحظات بسبب أقدام الأجانب، وفق الكاتب الاسترالي.
وأشار إلى أن حضرموت تحتضن العديد من الأماكن الأخرى التي تُشبه عظمة القصص الخيالية. هناك مدينة تريم الدينية، وقرية حيد الجزيل، وقصر بقشان الفخم، الذي تتناقض ألوانه الساحرة مع محيطه القمري. خارج هذه المنطقة أيضًا، ثمة ثراءٌ لا يقلّ شهرةً عن صنعاء، وإن كان الكثير منه لا يزال مُعرّضًا لخطر الدمار، وهو، في الوقت الحالي، بعيد المنال.
على الرغم من روعتها -وفق ماركوس- إلا أن روائع حضرموت بدت سينمائيةً للغاية لدرجة أنها لم تُجسّد ديناميكية اليمن الحديث. في سيئون، كانت الحياة تنبض بالحياة بكل ألوانها، حيث كانت الدراجات النارية تتهادى بين أكشاك العسل والمآذن، حاملةً الأذان.
واستدرك "كانت رائحة الهيل والديزل تفوح في الهواء، بينما كان التلاوة الرقيقة تنبعث من مدرسة دينية قريبة. كان الأطفال يتدربون على ملاعب كرة قدم رملية، وكان الفنيون يجلسون تحت سيارات مُتهالكة، ودخان السجائر يتصاعد فوق هياكلها".
وقال " زأرت فتاةٌ في مروحة، مُبتهجةً بصوتها الأجشّ المُتقطّع، ثم انقلبت ضاحكةً. كان رجلٌ يُضبط عوده القديم تحت نخلة تمر. هذا النوع من الأمور العادية لا يُصبح خبرًا. لكن في بلدٍ غالبًا ما يُنظر إليه من منظور الانهيار، يُمكن للحياة الطبيعية أن تُشعِرنا بالكشف".
وختم الكاتب الأسترالي ماركوس تقريره بالقول "تقاوم إيقاعات حضرموت اليومية وعجائبها المعمارية الروايات السهلة المفروضة من بعيد. ليس كل شيء هنا يتوافق مع صورة أمة مُحاصرة. اليمن أكثر من مجرد عناوين رئيسية تُعرّفها. إنه بلدٌ يعيش فيه التاريخ جنبًا إلى جنب مع الصعاب، ويصمد شعبه دون أي استعراض".