في مسلسل دائرة كاملة.. عصابات العالم السفلي تطارد العائلات الأميركية
تاريخ النشر: 18th, August 2023 GMT
يقدم مسلسل "دائرة كاملة" (Full Circle) خليطا من السحر الأسود، والفساد المالي، والأسرار العائلية المشينة، خلال 6 حلقات فقط تجعل المشاهد على أطراف أصابعه تحرقا في نهاية كل حلقة، غير قادر على استجلاء أسرار المسلسل، وفي حاجة لمزيد من التوضيح والمعلومات التي تأتي قطرة تلو الأخرى.
"الدائرة الكاملة" مسلسل تلفزيوني أميركي كتبه إد سولومون، وأخرجه ستيفن سودربيرغ لصالح شبكة "ماكس"، وتم عرضه لأول مرة الصيف الحالي.
تبدأ أحداث المسلسل "دائرة كاملة" بمنزل لأسرة من الطبقة الوسطى العليا، عائلة يتضح غناها من طريقة تأثيث البيت، وملابس وطريقة تعامل الأب والأم. ويبدو على الجميع الهناء، إلا من بعض المنغصات التي لا تبدو أساسية، مثل فقدان الابن المراهق لبضعة أغراض، مثل حذاء وسترة، ولكن الأمر يستفز الوالدين عندما يفقد كذلك هاتفه. وفي إحدى الليالي، تأتيه مكالمة تخبره أن أشياءه كلها مع ولد آخر يكبره في العمر، وعليه أن يحضر للحديقة للحصول عليها.
نرى على الناحية الأخرى جزءا آخر من القصة تُنسج خيوطه في العوالم السفلى لمدينة نيويورك، عائلة تبدو كما لو أنها عصابة كبيرة، أفرادها من أحد بلدان أميركا الجنوبية. وبعد جنازة عميد العصابة، تبدأ تحركات لما يشبه عملية إجرامية قادمة، ولكن يصاب الجميع بالتوتر، فالأمر ليس فقط اختطاف أو فدية، بل كل خطوة محسوبة بشكل يدل على جانب ماورائي واضح.
هذان الخطان الدراميان سيتقاطعان بعد قليل، وحين يقتربان، يتخطى كل منهما الآخر بلعبة من القدر، الأمر الذي يعقد الحبكة ويجعل اللغز يمتد لـ6 أجزاء بلا أي ملل، فبدلًا من اختطاف "جاريد" ابن الأسرة الغنية التي يترأسها الشيف "جيف" (جد المراهق)، يتم اختطاف "نيك" الشاب الذي دأب على سرقة حاجيات جاريد بشكل مهووس لشهور.
أزمة عائلة الشيف لا تتوقف عند هذه النقطة، فبدخول الشرطة على الخط يكتشف كل أفراد العائلة أنهم يخفون أسرارا عن بعضهم بعضا، وأن ما كاد يحدث للحفيد ليس إلا رد على فعل قام به أحد أفراد الأسرة قبل ميلاده، وحان وقت سداد الثمن.
يغزل المسلسل خيوط حبكته على مدار الحلقات الست، فلا يمكن الكشف عن أبعاد ما يحدث بالكامل إلا في آخر ربع ساعة، فيبدو كما لو أنه فيلم طويل من 5 ساعات، بلا لحظة ملل واحدة، الأمر الذي استلزم الحفاظ على الإثارة، وما يجعل ذلك أكثر صعوبة إيقاع المسلسل الهادئ، الذي لا يعتمد على موسيقى تصويرية صاخبة، أو حوار كاشف، أو انفعالات شديدة من الممثلين.
حاكى المخرج سودربيرغ في إيقاع المسلسل الحياة الواقعية، بلا انعطافات في الحبكة، أو مفاجآت كبرى، بل استنتاج يتم عبر خطوات كثيرة، فتجعل المشاهد يفكر -في كثير من الأحيان- كما لو أنه أحد شخصيات المسلسل بالفعل.
جريمة مختلفةاشتهر سودربيرغ بسلسلة أفلام "أوشن" (Ocean) التي تنتمي لنوع أفلام السرقة، وقام ببطولتها مجموعة من أشهر نجوم السينما، على رأسهم جورج كلوني، وبراد بيت وجوليا روبرتس، أفلام حققت نجاحا متتاليا، فتحولت لظاهرة ثقافية.
بجرأة شديدة قام سودربيرغ بتجربة النوع نفسه مرة أخرى، ولكن بقلبه رأسا على عقب، فبدلا من المشاهير لجأ لممثلين جدد، وجوه غير معروفة بشكل كبير، جزء كبير منهم ليسوا من الولايات المتحدة، ويتحدثون الإنجليزية بلكنة واضحة.
الأمر لم يتوقف عند عامل التمثيل، فقد استغنى المخرج عن عملية السرقة شديدة الإبهار، التي يفككها أمام المشاهد بصورة ذكية ومثيرة، واختار في مسلسل "دائرة كاملة" الغموض الشديد، وترك إثارة مشاهد الحركة جانبا، ليستخدم الواقعية التي تدفع المشاهد للتساؤل عن حقيقة ما جرى واحتمال حدوثه في أي مدينة بالعالم.
امتد الأمر إلى جوانب فنية أخرى، مثل اختيارات التصوير، فوضع جانبا الصورة البراقة واللامعة للمسلسلات التلفزيونية الحديثة، ولجأ إلى صورة شديدة التجريد، وألوان باهتة، تجعل المسلسل يتشابه مع الأفلام الأوروبية القديمة خاصة تلك القادمة من أوروبا الشرقية، عالم شديد البرودة، لا يتشابه مع هوليود التي تضفي الجمال على أكثر الأشياء بشاعة.
يتناول المسلسل قضايا من العالم الحقيقي، ليست فقط مغروسة في نسيج مسلسل إثارة وتشويق، بل هي أساسه، ومحرك حبكته، فالقصة تدور حول الفساد المالي الذي يجعل حياة مجتمع من سكان بلدة صغيرة مشردين في بلدهم، وكيف تقوم الرأسمالية بإيذاء الملايين حول العالم بصورة غير مباشرة.
يمثل السحر الأسود في هذا المسلسل مجازا يشير إلى العواقب الحقيقية التي قد تحدث نتيجة استفحال الفساد في الأرض، على يد الإمبريالية الجديدة، والاستعمار الحديث للبلاد الفقيرة من رأس المال الأميركي.
قدم سودربيرغ مسلسلا مميزا من الناحية الفنية، الأمر الذي جعله يستحوذ على إعجاب النقاد بتقييم 79% على موقع "روتن توماتوز"، ولكن الغموض الشديد والبعد عن الطابع الأميركي المعتاد في الإثارة تسبب في نفور المشاهد العادي، ليحصل على تقييم متواضع بلغ 56% فقط.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
عمل درامي يعيد إحياء الإرث الفني لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب
أعلنت أسرة الموسيقار المصري الراحل محمد عبد الوهاب عن بدء التحضيرات لإنتاج عمل درامي جديد يوثق مشواره الفني والإنساني، ويعيد إحياء إرثه وتأثيره العميق في تاريخ الموسيقى والسينما العربية، من خلال معالجة درامية تسرد تفاصيل مسيرته الممتدة لأكثر من سبعة عقود.
وقد أوشكت العائلة على الانتهاء من كتابة قصة المسلسل، الذي يعمل عليه فريق متكامل بدءًا من القصة مرورا بالسيناريو والحوار وصولا إلى مراحل التنفيذ والتصوير. وأوضح نجله المهندس محمد عبد الوهاب، في تصريحات صحفية، أن الهدف من العمل ليس مجرد تقديم سيرة ذاتية، بل التعمق في الجوانب الإنسانية والثقافية والاجتماعية التي شكلت شخصية "موسيقار الأجيال"، إلى جانب تسليط الضوء على علاقاته بالفنانين وأفراد أسرته، وبعض المواقف السياسية التي أثرت في مشواره، رغم حرصه على البقاء بعيدًا عن العمل السياسي المباشر.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2بعد إنهاء الخدمة العسكرية.. "بي تي إس" يعودون بألبوم جديدlist 2 of 2غضب جماهيري من أداء شيرين عبد الوهاب في ختام موازين.. هل فقدت بوصلة العودة؟end of listومن المقرر أن يجسد شخصية عبد الوهاب أكثر من ممثل لتغطية المراحل العمرية المختلفة في حياته، من الطفولة مرورا بفترة الشباب ثم سنوات النضج وحتى وفاته. ويتناول المسلسل أيضا لقاءه بالشاعر أحمد شوقي ودوره في دعمه، كما يستعرض أبرز المحطات في الأربعينيات والخمسينيات وغيرها من الفترات المهمة في تاريخه الفني.
وتتولى أسرة الموسيقار محمد عبد الوهاب تزويد فريق العمل بالمعلومات الدقيقة حول حياته، خاصة الجوانب العائلية التي لم تكشف من قبل. ومن بين ما تم توثيقه أن الفنان الراحل كان أبا لخمسة أبناء، توفي أحدهم، ويتابع عدد من أحفاده، الذين يبلغ عددهم 11 حفيدا، مراحل تنفيذ المشروع باهتمام وحماس كبير، إيمانا منهم بأهمية تقديم سيرة جدهم في عمل درامي يليق بتاريخه، لكنهم لن يشاركوا في التمثيل أو الظهور داخل العمل.
أوضح نجل الموسيقار محمد عبد الوهاب أنه لم يتم حتى الآن اختيار أي من الممثلين الذين سيجسدون شخصية والده في المسلسل، مشيرا إلى أنه لا يتابع الدراما الحالية بشكل مستمر، ولذلك فضل ترك مهمة الترشيح لفريق الإنتاج بالتنسيق مع أحفاد الموسيقار، الذين يشاركون في متابعة تفاصيل المشروع.
إعلانوكان حفيداه قد كشفا في مقابلة مع إحدى المنصات أن الهدف من المسلسل هو توثيق الإرث الضخم الذي تركه محمد عبد الوهاب، وأشارا إلى أن العمل يسعى لتحقيق توازن بين الجوانب الإنسانية في حياته ومسيرته الفنية التي كان لها أثر كبير في تاريخ الموسيقى العربية. وأوضحا أن من أكبر التحديات هو إيجاد توازن دقيق بين الأصالة والتجديد، مما ينعكس على أسلوب عبد الوهاب الفني نفسه. وسيتم تنفيذ المسلسل برؤية إنسانية وفنية معاصرة.
ويأتي المشروع ضمن جهود أسرة موسيقار الأجيال لإحياء تراثه الفني وتعريف الأجيال الجديدة بمشواره الفني والثقافي والاجتماعي، حيث أسست العائلة شركة متخصصة تعمل على صون إرث الفنان الراحل وتقديمه بطرق معاصرة. ومن بين هذه المبادرات إقامة حفل ضخم في لندن خلال نوفمبر/تشرين الثاني المقبل على مسرح دروري لين الملكي، بقيادة المايسترو نادر عباسي وبمشاركة السوبرانو فاطمة سعيد.
وكان نجله قد أبدى تحفظه على فكرة ظهور والده من خلال تقنية الهولوغرام، مشيرا إلى أنه شاهد تجربة مماثلة للسيدة أم كلثوم ولم تنل إعجابه، لكنه أكد أن القرار النهائي يعود إلى الجهة المنتجة، بشرط أن يتم تقديم عبد الوهاب بما يليق بمكانته كرمز من رموز الموسيقى العربية.
كما أوضح أنه لا يمانع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل، بشرط أن يتم توظيفها بشكل يحترم قيمة والده الفنية، ويسهم في تقديمه للأجيال الجديدة بصورة تحفظ إرثه الموسيقي الكبير.
ومن بين المبادرات التي أطلقتها عائلته خلال السنوات الماضية للحفاظ على تراثه، إعادة ترميم فيلم "ممنوع الحب" الصادر عام 1942 من إخراج محمد كريم، كما يجري حاليا ترميم خمسة أفلام أخرى شارك عبد الوهاب في بطولتها.
ويعد محمد عبد الوهاب المولود في مطلع القرن العشرين أبرز رواد الموسيقى العربية، حيث لقب بموسيقار الأجيال، وقام بتطوير الموسيقى الشرقية، وبدأ مشواره الفني وهو صغير في السن، وفي ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي قدم بطولة العديد من الأفلام الغنائية بدأها بفيلم "الوردة البيضاء" 1932، تاركا بصمة كممثل إلى جانب الغناء والألحان الموسيقية، وقدم ألحانا لأم كلثوم وليلى مراد ونجاة وعبد الحليم حافظ وفيروز ووردة الجزائرية، وقد رحل عن عالمنا عام 1991.