عربي21:
2025-08-01@11:33:17 GMT

سلطة رام الله في مواجهة شعبها

تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT

لم تُبتلَ قيادة وطنية ومشروع تحرُّر، كما ابتُلي الشعب الفلسطيني بقيادته، وتحديدا تحت قيادة محمود عباس، ولم تخدم سلطة (تحت مسميات وطنية) الاحتلال والاستعمار الجاثم على صدر شعبها كما خدمته سلطة رام الله.

الدور الوظيفي لسلطة رام الله وصل إلى درجة غير مسبوقة من الازدراء والغضب الشعبي، فثمة أغلبية ساحقة فلسطينية أو شبه إجماع بنزع الثقة من عباس وبضرورة استقالته (90 في المئة من أبناء الضفة الغربية، التي يحكمها عباس، يريدون استقالته)، وثمة أغلبية فلسطينية نفضت يدها من مسار التسوية بل وتؤيّد حلَّ السلطة.



السلطة هذه الأيام، على طريقة "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، تنفذ أجندة إسرائيلية أمريكية بامتياز من خلال محاولة إخضاع مخيم جنين لمعايير الاحتلال، وتنفيذ ما لم يستطع الاحتلال تنفيذه في السنوات الماضية من القضاء على المقاومة ونزع أسلحتها، وإعادة جنين إلى "الحظيرة".

طوفان الأقصى والواقع الذي فرضه أدى إلى التأخر بالتنفيذ بانتظار ظروف أفضل، لكن طول المعركة وفوز ترامب بالرئاسة الأمريكية واقتراب توليه للحكم، دفعتا سلطة رام الله لتقديم "أوراق اعتمادها" باعتبارها "جديرة بالثقة الأمريكية"، وأنها يمكن الاعتماد عليها في تطويع الشعب الفلسطيني
عباس أصدر أوامر صارمة لقادته الأمنيين بإطلاق عملية السيطرة على جنين ومخيمها، وأبلغهم أن من سيخالف الأوامر فسيتم فصله. وتتداول وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلا صوتيا لأحد ضباط أمن السلطة يتحدث بلغة عامية، بما مضمونه، أنه بناء على تعليمات "سيادة الرئيس" وقادة الأمن فلا انسحاب من مخيم جنين قبل أن يُداس على رؤوسهم (أي شباب المقاومة) ويُداس على رقاب أهاليهم، ويُنزع السلاح تماما من المخيم. واللافت في التسجيل إشارته أو اعترافه أن الانسحاب دون تحقيق الهدف يعني نهاية السلطة!! ولعل ذلك ما لوَّح به الإسرائيليون والأمريكيون لسلطة رام الله.

أدى تصعيد السلطة الأمني إلى سقوط ضحايا من الطرفين، وإلى حالة احتقان شعبية واسعة ضد السلطة. وحتى في وسط العديد من موظفي الأجهزة الأمنية لم يكن ثمة منطق فيما تقوم به السلطة، على الرغم من انتمائهم لها، واتساقهم مع خطها السياسي والأمني العام. ونقلت مصادر محسوبة على المقاومة تسريبات وصلت إليها أن السلطة احتجزت 237 من عسكرييها، الذين رفضوا المشاركة في عملية جنين (لم يتأكد الخبر من مصادر أخرى).

* * *

تعود الخطة التي تقوم سلطة رام الله بتنفيذها في جنين ومخيمها إلى قمة العقبة التي عُقدت في 26 شباط/ فبراير 2023، والتي جمعت سلطة رام الله والاحتلال الإسرائيلي والأردن ومصر والولايات المتحدة، وقمة شرم الشيخ في 19 آذار/ مارس 2023 التي جمعت الأطراف نفسها؛ وتركّز النقاش فيها على خطة أمنية أمريكية يُشرف عليها الجنرال الأمريكي مايكل فنزل (Michael Fenzel) تقترح تدريب نحو خمسة آلاف عنصر أمني فلسطيني في الأردن بإشراف أمريكي، ويتم استخدامهم في السيطرة على جنين ونابلس.

ويبدو أنه تم تأجيل تنفيذ الخطة، ربما بانتظار تدريب العناصر المطلوبة، غير أنه على ما يظهر فإن طوفان الأقصى والواقع الذي فرضه أدى إلى التأخر بالتنفيذ بانتظار ظروف أفضل، لكن طول المعركة وفوز ترامب بالرئاسة الأمريكية واقتراب توليه للحكم، دفعتا سلطة رام الله لتقديم "أوراق اعتمادها" باعتبارها "جديرة بالثقة الأمريكية"، وأنها يمكن الاعتماد عليها في تطويع الشعب الفلسطيني.

* * *

بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، فالدور الوظيفي الأمني هو المبرر الأساس لوجود السلطة الفلسطينية. وبحسب وزير الخارجية الإسرائيلية السابق يائير لابيد، عندما كان في منصبه (في أيلول/ سبتمبر 2021) فإن "90 في المئة من العلاقة مع السلطة تتعلق بالتنسيق الأمني"، وهو تصريح يعبر عن القطاع الأوسع السياسي والأمني والعسكري الإسرائيلي. وإذا كان لابيد يمثل حالة "الوسط" الإسرائيلي؛ فلك أن تتصور مواقف اليمين المتشدد بقيادة الليكود أو الصهيونية الدينية بقيادة سموتريتش وبن غفير. وهي مواقف تميل إما إلى تحويل سلطة رام الله إلى حالة "لحدية" أي حالة "عمالة كاملة"، أو تفكيك السلطة نفسها إلى ستة أو سبعة كانتونات في الضفة الغربية، تقوم بأدوار أمنية مكشوفة ومباشرة في خدمة الاحتلال.

السلطة الفلسطينية في رام الله التي فقدت البوصلة، وفقدت الإحساس بالمسؤولية الوطنية، فشلت في قراءة مدلولات معركة طوفان الأقصى، وفشلت في التعامل بالحد الأدنى مع الوحشية والمجازر البشعة والدمار والتجويع الذي يستفرغ فيه الاحتلال كافة أشكال حقده وعنصريته ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وقمعت مظاهر الدعم الشعبي الفلسطيني في الضفة الغربية لغزة وللمقاومة، وتجاهلت مشاعر ومواقف الأغلبية الساحقة للشعب الفلسطيني المؤيدة للمقاومة والرافضة لمسار أوسلو وللتنسيق الأمني والمطالبة لعباس بالاستقالة.

قيادة السلطة على ما يبدو تريد أن تنهي سيرتها (بانسجام مع تاريخها في السنوات الماضية) بالإصرار على تقزيم نفسها، والانكفاء على حساباتها الشخصية ومماحكاتها الفصائلية، باعتبارها أسوأ قيادة لشعب في حالة تحرر وطني
سلطة رام الله ترى بعينها كيف يقوم الاحتلال الإسرائيلي بشكل منهجي في تقويض سلطتها، ومصادرة الأرض والمقدسات وتهويدها، وكيف يعلن قادة الحكومة الخاليين انتهاء مسار أوسلو، وإسقاط كم الدولة الفلسطينية والرغبة في ضم الضفة الغربية أو معظمها.. تقوم بالتنسيق مع الأمريكان حتى يسمح لها الإسرائيليون بالتزود بأسلحة أمريكية لقمع المقاومة في جنين، بل وترى السلطة في ذلك (بحسب موقع أكسيوس) "لحظة حاسمة" بالنسبة لها. وكأن السلطة تلاحق الزمن لتبرير وجودها لدى الاحتلال، وربما لدى ترامب القادم، الذي تخشى أن يتبنى في الأيام القادمة وجهة النظر الإسرائيلية "المتطرفة" بضم مناطق "ج" التي تشكل 60 في المئة مساحة الضفة، وبالتالي تُسدل الستار على تجربة السلطة؛ خصوصا وأن ترامب نفسه لا يأبه لا باتفاق أوسلو ولا بمسار التسوية.

وكان من المفترض، انسجاما مع الموقف الشعبي الفلسطيني وموقف معظم الفصائل والقوى الفلسطينية، ألا تقوم السلطة بمزيد من الاستجداء ومزيد من الخدمات للعدو، بحيث تتعرى تماما من دورها الوطني، وتنهي عمليا مبرر وجودها لدى الفلسطينيين. بل كان عليها ما دامت هي ذاتها وكافة جدليات وجودها في عين الاستهداف، أن تستقوي بشعبها، وأن تستقوي بمقاومتها، وأن تستقوي بالوحدة الوطنية وبتعزيز الصف الفلسطيني.. خصوصا مع عدو لا يفهم إلا لغة القوة.

غير أن قيادة السلطة على ما يبدو تريد أن تنهي سيرتها (بانسجام مع تاريخها في السنوات الماضية) بالإصرار على تقزيم نفسها، والانكفاء على حساباتها الشخصية ومماحكاتها الفصائلية، باعتبارها أسوأ قيادة لشعب في حالة تحرر وطني.

x.com/mohsenmsaleh1

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني الضفة السلطة المقاومة فلسطين السلطة المقاومة الضفة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی الضفة الغربیة سلطة رام الله

إقرأ أيضاً:

اقتسام السلطة واحتساب الشعب

▪️ *القصاص* .. هو أدنى مطالب ضحايا المؤامرة الخبيثة التي لا يزال يكابدها الشعب السوداني ، والذين يرون أن القلم بأيديهم والخيار بأيديهم ويعانون من شهيتهم المفتوحة للتفاوض والتفاهمات مع الإمارات أو قحت أو الدعم السريع .. عليهم أن يضعوا هذه الحقيقة في حساباتهم ، وما عاد استمرار الحرب مما يمكن أن يُبتزَّ به الذين فقدوا أحباءهم وخسروا أموالهم وأعراضهم وأُخرِجوا من ديارهم .. فهذه حرب الكرامة وليست حرب الخروج من المنازل ، ولا حرب اجتذاب الاستثمار ، ولا حضن المجتمع الدولي ، وأولياء الدم لن ينسوا ولن يعفروا.
▪️ما الذي ظل يمنع السلطة التي زعمت أنها جاءت للحرية والسلام والعدالة من تشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة وشفَّافة يُنتَدب لها شخصيات وطنية مُستقلَّة مشهودٌ لها بالكفاءة والنزاهة والخبرة من القضاة ورجال القانون والعسكريين ، وذلك للتحقيق في الأسباب التي قادت لاندلاع هذه الحرب وتحديد المسئولية القانونية على من تسبَّبوا فيها .. عوضاً عن المراهنة على تطاول الزمن ، وازدياد الأسى ، وتلاشي الوقائع ، وفناء الشهود ، وتناسي الكارثة .. تماماً كما ظنوا أن الناس قد نسيت وغفرت فض الاعتصام ، ومذابح بورتسودان ، وقتل المتظاهرين ، وأحداث جنوب كردفان ودارفور ، وغيرها.

▪️أخرج البخاري ومسلم عن الرسول عليه الصلاة والسلام : (واللَّهِ لا يُؤْمِنُ ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ) ، قِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ خَابَ وخَسِرَ ، مَنْ هَذاْ؟ ، قَالَ: (الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ) ، ولا تنتطح عنزان في أن أخوف ما يخافه الشعب السوداني منذ ٢٠١٩م وحتى اليوم هو ما قد تفجأه به السُّلطة من بوائق ، واليوم قد باتت قلوبهم شتى ، وكالعهد بهم لاتزال تنقصهم الشجاعة لمكاشفة شعبهم أو مواجهة بعضهم على ما انطوت أنفسهم من دخن .. واستسهلوا أن يُغرِقوا الناس بالتسريبات والتصريحات والهواجس ، وما برحوا يعملون بمنهجٍ يفضي لأن تلِد السُّلطة المِحَنْ وأن يَلُوْلِي الشعب صغارها وكبارها ، وقد حُدِّثنا عن معقل بن يسارٍ فيما أخرجه البخاري ومسلم من قوله عليه الصلاة والسلام: (ما مِنْ عبدٍ يسترْعيه اللهُ رعيَّةً ، يموتُ يومَ يموتُ ، وهوَ غاشٌّ لرعِيَّتِهِ ، إلَّا حرّمَ اللهُ عليْهِ الجنَّةَ).

▪️من المعلوم سلفاً أن السودان ظلَّ مُستهدفاً بالاختراق والجواسيس وتجنيد الخونة لزمانٍ طويلٍ طويل .. ومنذ ٢٠١٩م فتحَت السُّلطة رسميَّاً أبواب السودان على مصراعيها لكلِّ مُستهدِفيه كما لم يحدث على امتداد تاريخه قط حتى استجلبت عليه وصاية أعدائه ، فاستعرت كل أنشطة الاختراق والتجسس وغارت عميقاً حتى ارتدَّت بالبلاد وأهلها إلى ما تعلمون … والسؤال للدولة التي تزعم أنها تُريد أن تنتصر وتستكمل النَّصر : كم عدد العملاء الذين تم القبض عليهم وشبكات التجسس التي تم تفكيكها في هذه الفترة؟ وإلى متى يبقى جهاز الأمن منقوص الصلاحيات؟؟ وكيف يكتمل النصر لدولةٍ مُخترقةٍ حتى نخاعها؟؟؟

▪️مسجد الضرار كانت تسنده حُجَّة أنه للضعفاء وذوي العِلَّة في الليلة الشاتية ، وكانت تُقام فيه ذات الصلوات التي تُصلَّى في المسجد النبوي ، وقد كان وعدهم الرسول عليه الصلاة والسلام أن يأتيهم فيُصلِّي فيه ، ولكنَّ الله ﷻ منعه من ذلك ، لنتعلَّم أن بعض الأشياء غير قابلةٍ للإصلاح ولا الموادعة ، ولا يَصِحُّ إلا هدمها وحرقها ونسفها كعِجل السامري ، وقد عدَّد القرآن من الأسباب ما جمع فأوعى لمن كان له قلبٌ أو ألقى السمع وهو شهيد ، فمسجد الضرار فكرةٌ لا تقتصر على قُباء وأبو عامر الفاسق ، كما لم ينحصر العِجل في السامري واليهود.

▪️ *قديماً* .. طفق المشركون يطالبون رُسُلَهم بالمعجزات ليُثبتوا بها مصداقيتهم .. في الوقت الذي لم يطالبوا فيه أصنامهم التي يعكفون عليها ويدافعون عنها بأي معجزةٍ أو أي شئٍ على الإطلاق!! .. كذلك يفعل أشياعهم اليوم إذ لم يسألوا آلهتم من الزعماء عن أي مشروعية أو أي مصداقية أو أي مسئولية ، ولكنهم يكتفون بالخنوع في معابدهم ، والتطبيل لمواكبهم ، والموت في معاركهم ، والإمعان في اغتيال ضمائرهم زُهْداً في آخرتهم .. تغيَّر الزمن ، وتطوَّرت الأصنام ، وظلَّ القوم هم القوم ، والله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.
*مُحَمَّدُ هل لهذا جـئت تـسـعى*
*وهـل لك يـنـتـمـي هَـمَـلٌ مُـشاعُ*
*أإِســلامٌ ويغــلِبـُـهــم نِفاقٌ*
*وآســادٌ وتــقــهــرهــم ضـِـبــاعُ*
*أيــشـغـلُهـم عـن الجُـلَّـى نـِزاعٌ*
*وهـــذا نـَــزْعُ مــوتٍ لا نِــزاعُ*
*شـرعـت لهـم سـبيل المجد لكن*
*أضاعوا شرعك السامي فضاعوا*
*ﷺصباحٌ نُرزق فيه هدي محمدﷺ*

اللواء (م) مازن محمد اسماعيل

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تشكيلات إدارية جديدة في سلطة العقبة
  • الطاشناق يختار قيادة جديدة ويشدد على الحوار مع مختلف القوى اللبنانية
  • اقتسام السلطة واحتساب الشعب
  • الاحتلال يدفع بتعزيزات لمخيم جنين ودعوات أممية لإنهاء العنف بالضفة
  • طريقة عمل سلطة مكرونة بالتونة والخضار
  • الاحتلال يحتجز عدداً من أهالي مخيم جنين حاولوا الوصول إلى منازلهم
  • الاحتلال يحتجز عدد من أهالي مخيم جنين حاولوا الوصول إلى منازلهم
  • في أول مواجهة.. معلول أساسيا ويحمل شارة قيادة الصفاقسي أمام شبيبة القيروان
  • سلطة المهرة عن إفراج القيادي الحوثي الزايدي: حق الدم لا يسقط بالتقادم
  • اقتحامات إسرائيلية في جنين ونابلس والخليل بالضفة الغربية