عربي21:
2025-07-30@16:34:08 GMT

الاحتلال والحوثي: صمود يتحدى القوة

تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT

بدا مشهد كيان الاحتلال عبثيا مثيرا للسخرية والاستهزاء، وهو يعلن عزمه تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، تتهم جماعة الحوثي اليمنية بتكرار اعتداءاتها الصاروخية على مدن إسرائيل، وتطالب بتصنيف الحوثي كمنظمة إرهابية، بينما هذه الإسرائيل هي أم الإرهاب والوحشية والهمجية والعنصرية الدموية، وعبرت مرارا عن احتقارها للأمم المتحدة ذاتها، وقام مندوبها بتمزيق ميثاق المنظمة الدولية علنا، واتهامها بأنها هيئة إرهابية، واتهام أمينها العام أنطونيو غوتيريش بالعداء للسامية، وبالتحالف مع حركة حماس ضد إسرائيل، المدانة بمئات القرارات الدولية، والمطارد رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بقرار اعتقال من محكمة الجنايات الدولية.



ومن خطاب المسكنة إلى خطاب التهديد، راح جدعون ساعر وزير خارجية الكيان يخلي مكانه لوزير الحرب إسرائيل كاتس، الذي توعد الحوثي بالويل والثبور وسخائم الأمور، وهدد عبد الملك الحوثي بمصائر حسن نصر الله وإسماعيل هنية ويحيى السنوار، وقال متعجرفا، لقد أسقطنا نظام بشار الأسد والدور على الحوثي، وزاد زميل كاتس وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، وخاطب الحوثيين متهكما إنكم لم تجربوا بعد ثقل ذراع إسرائيل الطويلة، مع أن هذه الإسرائيل لم تحقق أي نصر في الحرب على غزة، أو في الحرب على لبنان، ولا نجحت في إلحاق أذى مؤثر في الحرب مع الحوثيين، عبر ثلاث حملات قصف جوي شنتها وتفاخرت بها، وانتهت كلها على طريقة «إيش تاخد الريح من البلاط»، كما يقول المثل العامي المصري.

تماما كما انتهت عشرات غارات حلفاء إسرائيل من الأمريكيين والبريطانيين على اليمن، وكلها لم تفلح في وقف غلق الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر، ومنعهم أي سفينة متوجهة لموانئ إسرائيل من العبور، ومطاردة حاملات الطائرات الأمريكية الضخمة في عرض البحر، وإسقاط العديد من الطائرات المسيرة الأمريكية الأكثر تطورا، بل التسبب بإسقاط طائرة أمريكية مقاتلة من طراز إف ـ 18، وقد اعترفت واشنطن بسقوط الطائرة، وإن عزت السبب إلى نيران أمريكية صديقة، وفي كل مرة إغارة إسرائيلية أو أمريكية أو بريطانية، يأتي الرد الفوري من الحوثي، وتنطلق الطائرات المسيرة من اليمن.

إضافة للصواريخ الباليستية التي يقال إن بعضها فرط صوتي، وتصل في دقائق إلى عمق كيان الاحتلال، وتعجز الدفاعات الجوية الإسرائيلية والحليفة عن التصدي لها غالبا، وإذا تصدت ونجحت في شطر الصواريخ اليمنية من طراز فلسطين ـ 2، فإن شظايا الصواريخ تلحق أضرارا وإصابات وقتلى أحيانا، على نحو ما حدث في تدمير مدرسة بالقرب من تل أبيب، أو إحداث عشرات الإصابات بالمستوطنين المفزوعين مع انطلاق صفارات الإنذار، وتدافع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ.

ومن مناطق الوسط في الكيان إلى ميناء عسقلان، وقبله ميناء إيلات، الذي توقف عمله تماما بسبب ضربات الحوثيين، بحرا وجوا، إضافة إلى خسائر الاقتصاد الإسرائيلي المتراكمة، وزيادة أسعار السيارات والسلع المستوردة من شرق آسيا بالذات، مع تضاعف تكاليف الشحن البحري، واضطرار السفن المتجهة إلى الكيان للذهاب عبر مسارات بديلة طويلة.

وكان استيلاء الجيش المصري على مضيق باب المندب اليمني مع أول ساعات حرب أكتوبر 1973، خطوة جوهرية لتحقيق النصر العسكري، فيما يتحكم الحوثيون اليوم بالنيران في باب المندب، ويخنقون إسرائيل تجاريا.

وقد وجدوا بما فعلوا وسيلة فعالة لنصرة الشعب الفلسطيني في حرب غزة، وزادوا في النصرة بإطلاق صواريخهم ومسيراتهم على الكيان، رغم تنائي المسافات، وعبور القذائف إلى أهدافها على بعد يزيد على ألفي كيلومتر، ومع كل غارة إسرائيلية على الحديدة وصنعاء ورأس عيسى وغيرها، يتفاخر العدو بقدرة مقاتلاته الأمريكية والتزود بالوقود في الجو، بينما يفعلها الحوثيون ويصلون إلى مدن الكيان.

وعلى نحو أبسط في وقت قصير عابر، لا في ساعتين كما يفعل الإسرائيليون، خصوصا عند استخدام الصواريخ الباليستية بعيدة المدى فرط الصوتية، التي لا يزيد ثمنها على آلاف الدولارات، بينما يتكلف كل صاروخ اعتراضي إسرائيلي ملايين الدولارات، وعلى نحو دفع إسرائيل مؤخرا إلى رصد 550 مليون دولار إضافية لتأمين المزيد من صواريخ حيتس الاعتراضية.

وبهدف تحسين القدرة على صد الصواريخ الحوثية، إضافة لاستجداء إسرائيل المزيد من دعم الحلفاء الغربيين، ودعوتهم للمشاركة في ضربة قاصمة ضد الحوثيين، لا تبدو نتائجها سارة لهم إن جرت، فهؤلاء الحلفاء فعلوا من قبل كل ما يستطيعون، وأنشأوا ما سموه تحالف الازدهار في البحر الأحمر، بدعوى حماية الملاحة البحرية الدولية من هجمات الحوثيين ومن دون تحقيق الهدف في ردع الحوثيين، الذين يعلنون في حزم ووضوح، أن الهجمات لن تتوقف إلا إذا توقفت حرب الإبادة الجماعية الأمريكية الإسرائيلية في غزة، وقد صدقوا في ما قالوا حتى اليوم.

ومن دون أن تنكسر إرادتهم، ولا اهتز قرارهم الصلب، حتى بعد تراجع في الموقف الإيراني المعلن المتنصل غالبا من سلوك الحوثيين، وإيران ـ كما يعرف الكل ـ هي المصدر الأساسي لصواريخ الحوثيين وطائراتهم المسيرة، وهى المورد الغالب لتكنولوجيا صناعاتها إلى اليمن، وإن كان الحوثيون نجحوا على ما يبدو في اكتساب تكنولوجيا التحدي، واستطاعوا صناعة وتطوير عدد من طرازات الصواريخ والمسيرات، وهم لا يخفون صلاتهم الوثقى بالمحور الإيراني، وإن بدا طبع العناد اليمني ظاهرا في تصرفاتهم، وحرصهم على إعلان الاستقلال في القرارات، وعلى مداومة نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، وبمزيج من الدواعي القومية والدينية.

وقد تكون مثلي، ومثل الكثير من اليمنيين بالذات، من غير المعجبين كثيرا أو المؤيدين لسلوك جماعة الحوثي في الشأن اليمني المنهك الممزق، وبأدوارهم ـ مع غيرهم ـ في التقسيم الفعلي لليمن العزيز، وإن كان دورهم في نصرة الشعب الفلسطيني، مما يستحق الإعجاب والتقدير.

وكثير من الأطراف الوطنية اليمنية المخالفة والمعارضة للحوثيين، هم مثل الحوثيين في موقف العداء لكيان الاحتلال ولحماته الغربيين المستكبرين، ويتمنون لو كانت لهم القدرة ذاتها، التي يملكها الحوثيون في المواجهة المسلحة لكيان الاحتلال الإرهابي الغاصب، بل يفاخر بعضهم بما يفعله خصومهم الحوثيون في الأداء المسلح ضد طغيان العدو الأمريكي الإسرائيلي.

بينما يعجز العدو عن ردعهم كأنهم دولة عظمى، ربما بسبب الطوبوغرافيا والتضاريس الجبلية الصعبة المميزة لليمن، بما يتيح للحوثيين وغيرهم من اليمنيين إن أرادوا، مقدرة على إخفاء مخازن ومنصات إطلاق الصواريخ والمسيرات، وتحركات القوات والقتال الشرس، حتى لو لجأ العدو إلى أساليب اغتيال الزعماء والقادة، أو حتى دعوة دول مجاورة للمشاركة في حملة حرب برية ضد الحوثيين، وأغلب الظنون، أن الدول المعنية لن تقبل المشاركة مع إسرائيل وأمريكا في حرب العار المفضوح، التي قد لا يتحمس طرف يمني واحد ـ أيا كان مذهبه ـ للمشاركة في إثمها، وهو ما يزيد من مأزق كيان الاحتلال في التعامل مع التحدي اليمني.

ربما لذلك، تفضل أطراف في الكيان الذهاب لضرب إيران لوأد النار اليمنية، وهذه قصة أيسر من ضرب الحوثيين، مع توافر قواعد معلومات استخباراتية إسرائيلية عن الداخل الإيراني، مقارنة بانغلاق الحوثي، وإن كان لا أحد يستبعد، أن تحاول إسرائيل الجمع بين المغامرتين، وبالذات مع تولي دونالد ترامب الحكم رسميا في البيت الأبيض بعد أسابيع، وكان كل ما فعله ترامب في ولايته الأولى، أن وضع الحوثيين في قائمة المنظمات الإرهابية، وهو ما عادت إليه إدارة جو بايدن، ومن دون أن يعني ذلك قليلا ولا كثيرا، فسلطة الحوثيين في اليمن قائمة بحكم الأمر الواقع، وليس من اعتراف دولي رسمي بحكومتهم سوى عند إيران، أي أنهم لن يخسروا شيئا بتصنيفات الإرهاب وسواها.

وقد قدموا بطاقة اعتمادهم للجمهور العربي بنصرتهم الجادة للحق الفلسطيني، وربما يساعدهم ذلك في المعادلات اليمنية المعقدة، وفى كسب مزايا أفضل في المفاوضات القابلة للتجدد عن الشأن اليمني، ودونما خشية ظاهرة من تحرك الآخرين نحو صنعاء، فقصة اليمن مختلفة بالجملة عن القصة في سوريا، والسند الشعبي اليمنى للحوثيين حقيقي ومرئي، وهو ما لم يكن متوافر لنظام الأسد المعلق في هواء، إضافة لتردد الأطراف الإقليمية المعنية في استئناف المواجهة مع الحوثيين، وهو ما قد يعنى في المحصلة، أن أحلام العدو في ضرب الحوثيين قد تظل متعثرة، وتراوح مكانها، حتى لو جرى اللجوء الخشن لاغتيال قيادات حوثية بارزة، فلم تستفد إسرائيل من اغتيال قادة المقاومة في فلسطين وفي لبنان، ولا مبرر للظن، أن الاغتيالات في اليمن قد تنفع العدو.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال الحوثي اليمنية اليمن الاحتلال البحر الاحمر الحوثي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وهو ما

إقرأ أيضاً:

الفلبين تطلب من "الدول الصديقة" المساعدة في تحرير 9 بحارة محتجزين لدى الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)

أعلنت الفلبين، اليوم الثلاثاء أنها ستطلب من "الدول الصديقة" المساعدة في تأمين إطلاق سراح تسعة بحارة فلبينيين محتجزين لدى الحوثيين في اليمن.

 

وقال وكيل وزارة الخارجية الفلبينية، إدواردو دي فيغا، أن الحوثيين يحتجزون تسعة بحارة فلبينيين. وفقا للصحيفة الصينية "ساوث تشاينا مورنينج بوست".

 

وقال: "لا أريد استخدام مصطلح رهينة. على الأقل نعلم أنهم على قيد الحياة".

 

وأضاف: "لن نتحدث مباشرة مع الحوثيين. سنطلب المساعدة من الدول الصديقة".

 

وأمس الاثنين، نشر الحوثيون المدعومون من إيران لقطات فيديو لأفراد الطاقم المفقودين بعد الهجمات على سفينتي الشحن "إترنيتي سي" و"ماجيك سيز"، زاعمين في بيان مصاحب أنهم "أنقذوا" البحارة.

 

وفي الأسبوع الماضي، قالت هيومن رايتس ووتش إن المتمردين يحتجزون الطاقم بشكل غير قانوني، وإن هجماتهم على السفن ترقى إلى جرائم حرب. واتهمت الولايات المتحدة الحوثيين بالاختطاف.

 

وقالت فرقة العمل البحرية "عملية أسبيدس" التابعة للاتحاد الأوروبي إن 15 من أصل 25 شخصًا كانوا على متن السفينة "إترنيتي سي" ما زالوا في عداد المفقودين، ويُفترض أن أربعة منهم في عداد الموتى.

 

ولم تستجب وزارة العمال المهاجرين الفلبينية، التي أشرفت على جهود إعادة الناجين إلى ديارهم، فورًا لطلب التعليق.

 

وأغرق الحوثيون السفينتين "ماجيك سيز" و"إترنيتي سي" في هجومين منفصلين في البحر الأحمر هذا الشهر، بعد توقف مؤقت في حملتهم على حركة الملاحة البحرية.

 

وأعلن الحوثيون في بيانهم أنهم أنقذوا 11 من أفراد الطاقم، بينهم اثنان مصابان، كما انتشلوا جثة من على متن السفينة قبل غرقها.

 

يبدو أن الفيديو يُظهر لحظة انتشال الطاقم، الذي كان معظمهم من الفلبينيين، من البحر وهم يرتدون سترات النجاة.

 

يشكل البحارة الفلبينيون ما يصل إلى 30% من قوة الشحن التجاري في العالم. وتشكل الأموال التي أرسلوها إلى ديارهم في عام 2023، والتي بلغت نحو 7 مليارات دولار أميركي، حوالي خمس التحويلات المالية إلى الدولة الأرخبيلية.

 


مقالات مشابهة

  • شبكة ألمانية: إسرائيل والحوثي.. من يحسم المعركة؟
  • إطلاق صاروخ باليستي من اليمن على وسط الكيان
  • إسرائيل تعترض صاروخا أطلق من اليمن
  • شاهد/ صاروخ يمني يبث الذعر في الكيان وينشر البهجة لدى الفلسطينيين ..فيديو
  • الفلبين تطلب من "الدول الصديقة" المساعدة في تحرير 9 بحارة محتجزين لدى الحوثيين في اليمن (ترجمة خاصة)
  • دول عربية وإسلامية كبرى تدعم إسرائيل اقتصادياً وتزوِّد الكيان المجرم بالبضائع :شركة الشحن الإسرائيلية ZIM تستمر في أنشطتها عبر الموانئ التركية
  • مستنقع اليمن.. لماذا لا تنتصر القوة الأمريكية على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • صنعاء : المرحلة الرابعة سيكون لها تداعيات اقتصادية على الكيان
  • الحوثي: قررنا تصعيد عملياتنا والبدء بالمرحلة الرابعة من الحصار على العدو
  • رواية مدين نجل "صالح" عن مقتل والده برصاص الحوثيين تثير الجدل في اليمن