لجريدة عمان:
2025-07-27@16:29:31 GMT

سيناريو أساسي للاقتصاد العالمي في2025

تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT

من التقاليد المتبعة في شهر ديسمبر من كل عام دراسة وتقييم العام الذي يقترب من نهايته والنظر فيما قد ينتظرنا في المستقبل. يصدق هذا على مستوى شخصي: في أسرتي، نميل إلى القيام بهذا حول مائدة العشاء. لكنه يصدق أيضا على نطاق أوسع، حيث يدعو هذا الوقت من العام إلى دراسة تقاطع الاقتصاد، والسياسة الوطنية، والأحوال الجيوسياسية العالمية.

أنت معذور إذا توقعت، كنقطة بداية، أن تكون هذه المجالات الثلاثة متساوقة. فهي في النهاية مترابطة بدرجة عميقة، مما يشير إلى ديناميكيات ذاتية التعزيز. لكن عام 2024 جلب بعض التشتت غير المعتاد إلى هذه العلاقة التي اتسعت في الواقع، بدلا من أن تضيق، على مدار العام، لنبدأ بالأحوال الجيوسياسية في عام 2024، نجحت روسيا في تأمين ميزة أكبر في الحرب الدائرة في أوكرانيا مقارنة بكل التوقعات الـمُـجْـمَـع عليها قبل عام. على نحو مماثل، تجاوزت المعاناة الإنسانية والدمار المادي الناجم عن الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة توقعات معظم المراقبين والتي كانت متشائمة بالفعل، وامتدت إلى بلدان أخرى، مثل لبنان. وكان إفلات الأقوياء الواضح من العقاب، مقترنا بغياب الوسائل الفعّالة لمنع الأزمات الإنسانية الرهيبة، سببا في تعميق الشعور لدى كثيرين بأن النظام العالمي مختل جوهريا، ويفتقر إلى أي حواجز حماية قابلة للتنفيذ. أما عن السياسة الداخلية، فقد كانت الاضطرابات هي سيد الموقف في عديد من البلدان. فانهارت الحكومة في كل من فرنسا وألمانيا ــ اثنين من أكبر اقتصادات أوروبا ــ ليصبح الاتحاد الأوروبي دون قيادة سياسية. وفي أعقاب فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية التي جرت الشهر الماضي، تستعد الولايات المتحدة الأميركية لانتقال سياسي من المرجح أن يُـفضي إلى زيادة كبيرة في النفوذ السياسي لصالح «نخبة مضادة» جديدة. من ناحية أخرى، يسعى «محور الملاءمة» ــ الذي يضم الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا ــ إلى تحدي النظام الدولي الذي يهيمن عليه الغرب. وقد عززت تطورات أخرى حديثة ــ من إعلان رئيس كوريا الجنوبية، المعزول الآن، الأحكام العرفية على نحو مفاجئ (والذي سرعان ما أُلغي) إلى انهيار نظام بشار الأسد في سوريا ــ الانطباع بأننا نعيش في زمن يتسم بالتقلبات الجيوسياسية والسياسية الاستثنائية. جلب العام الماضي أيضا بعض التطورات المثيرة للقلق في الاقتصاد الكلي. فقد تعمقت وعكة أوروبا، حيث تتصارع البلدان مع النمو المنخفض وعجز كبير في الميزانية. وفشلت الصين في الاستجابة بمصداقية للخطر الواضح الحاضر المتمثل في «التحول إلى الحالة اليابانية، إذ أدت التركيبة السكانية غير المواتية، وتراكم الديون، وتراجع سوق العقارات لفترة طويلة إلى تقويض النمو، والكفاءة الاقتصادية، وثقة المستهلك.

مع ذلك، ظلت أسواق الأسهم مستقرة نسبيا وحققت عوائد مرتفعة، بما في ذلك ما يقرب من 60 إغلاقا غير مسبوق في الارتفاع لمؤشر S&P. ويُعد أداء الاقتصاد الأمريكي الاستثنائي أحد الأسباب الرئيسية وراء ذلك. فبعيدا عن أي ضعف، كما توقع معظم خبراء الاقتصاد، حققت الولايات المتحدة مزيدا من التقدم، ونظرا لحجم رأس المال الأجنبي الذي تجتذبه الولايات المتحدة، وحجم استثماراتها في محركات الإنتاجية والتنافسية والنمو في المستقبل، من المرجح أن تستمر في التفوق على اقتصادات كبرى أخرى في عام 2025.

تتمثل إحدى نتائج هذا النجاح في امتناع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن تقديم تخفيضات أسعار الفائدة الـمُـهَـدِّئة بنسبة 1.75 إلى 2 نقطة مئوية التي كانت الأسواق تضعها في الحسبان في تقدير الأسعار قبل عام، ومن المنتظر أن يستمر هذا الاتجاه أيضا: في اجتماع السياسة النقدية في ديسمبر، أشار الاحتياطي الفيدرالي إلى تخفيضات أقل في عام 2025، وسعر فائدة نهائي أعلى (في الأمد البعيد). غير أن الاضطرابات السياسية والجيوسياسية ــ والاحتمالات المحدودة لحدوث تحسينات كبيرة ــ تشكل خطرا يهدد دوام الاستثنائية الاقتصادية الأمريكية. وحتى إذا استمرت الولايات المتحدة في التفوق على نظرائها، كما هو متوقع، فإن نطاق النتائج المحتملة، فيما يتصل بالنمو والتضخم، قد اتسع. في الواقع، أصبحت النتائج الاقتصادية والسياسات العالمية ككل خاضعة الآن لمجموعة أكبر من الاحتمالات، سواء كان ذلك بسبب ازدياد المخاطر السلبية أو لأن الإبداعات على الجانب الإيجابي ــ مثل الذكاء الاصطناعي، وعلوم الحياة، والأمن الغذائي، والرعاية الصحية، والدفاع ــ من الممكن أن تحول القطاعات وتسرع من مكاسب الإنتاجية. في غياب إعادة ضبط رئيسية للسياسات، فإن السيناريو الأساسي من منظوري بالنسبة للولايات المتحدة يتضمن معدل نمو فوريا أقل إلى حد ما، حتى مع تفوق الاقتصاد الأمريكي على نظرائه، فضلا عن تضخم ثابت. وهذا يضع الاحتياطي الفيدرالي أمام خيارين: إما قبول التضخم فوق المستهدف أو محاولة خفضه والمجازفة بدفع الاقتصاد إلى الركود. على الصعيد العالمي، سيستمر التشرذم الاقتصادي، مما سيدفع بعض البلدان إلى تنويع احتياطياتها بعيدا بدرجة أكبر عن الدولار الأمريكي واستكشاف بدائل لأنظمة الدفع الغربية، وسوف يستمر ارتفاع العوائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل عشر سنوات ــ وهي معيار عالمي ــ ليجري تداولها في الأغلب في نطاق 4.75-5%. أما عن الأسواق المالية، فقد تجد الأسواق المالية صعوبة أكبر في الحفاظ على مكانتها باعتبارها «البيت الآمن» في جوار جغرافي اقتصادي عامر بالتحديات. هكذا تبدو الأمور الآن. ولكن، إلى جانب إدراك حالة تشتت النتائج الاقتصادية المحتملة الأوسع نطاقا في عام 2025، سيكون من المهم للغاية على نحو منتظم اختبار أي خط أساس يتبناه المرء مقابل التطورات الفعلية.

محمد العريان، رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج، وأستاذ في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا ومؤلف كتاب «اللعبة الوحيدة في المدينة: البنوك المركزية وعدم الاستقرار وتجنب الانهيار التالي».

خدمة بروجيكت سنديكيت

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی عام

إقرأ أيضاً:

غوتيريش: ما يحدث في غزة هو أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي

الثورة نت /..

وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ما تشهده غزة بأنها ليست مجرد أزمة إنسانية بل “أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي”.

وأكد في خطاب ألقاه عبر الفيديو أمام الجمعية العالمية لمنظمة العفو الدولية، في العاصمة التشيكية براغ، اليوم السبت، أن “حجم ونطاق ما نشهده في غزة يتجاوزان أي شيء رأيناه في الآونة الأخيرة”.

وأقر غوتيريش، بأن “الكلمات لا تطعم الأطفال الجياع” في غزة، وقال: “لا أستطيع تفسير مستوى اللامبالاة والتقاعس من قبل الكثيرين في المجتمع الدولي، هناك انعدام في الرحمة، وفي الحقيقة، وفي الإنسانية”.

وأبدى المسؤول الأممي الأول، صدمته مما يقوله بعض الأطفال الفلسطينيين: “الأطفال يتحدثون عن رغبتهم في الذهاب إلى الجنة، لأنهم كما يقولون، إنهم سيجدون طعامًا هناك”.

ولفت إلى الوضع المأساوي الذي يعانيه العاملون الأمميون الذين يتضورون جوعاً مثل كل من في القطاع، مشدداً على أن الأمم المتحدة “ستواصل رفع الصوت عند كل فرصة”.

وكشف أن المنظمة وثّقت مقتل أكثر من 1,000 فلسطيني منذ 27 مايو الماضي أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، قائلاً: “لم يُقتلوا في اشتباكات أو تبادل للنار، بل في لحظات يأس وهم يبحثون عن الطعام لأسرهم”.

وجدد غوتيريش، المطالبة بوقف فوري ودائم لإطلاق النار، داعياً إلى وصول إنساني عاجل وكامل إلى القطاع دون عوائق، وأكد أن الأمم المتحدة “مستعدة لتوسيع نطاق عملياتها الإنسانية بشكل كبير في غزة”، فور التوصل إلى وقف إطلاق نار جديد.

وبدعم أمريكي غربي، يرتكب العدو الإسرائيلي، منذ السابع من أكتوبر 2023 ، جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، قتلاً وتجويعاً وتدميراً وتهجيراً خلفت أكثر من 59,733 شهيدًا و144,477 مصاب حتى الآن.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: سنكثف جهودنا للوصول إلى أكبر عدد من الفلسطينيين في غزة
  • تقرير: تراجع أسعار الذهب عالميا بسبب انحسار المخاطر الجيوسياسية وتحسن بيانات الاقتصاد الأمريكي
  • اليمن نموذج فريد للمقاومة الاقتصادية.. لا بضائع أمريكية ولا (إسرائيلية) في الأسواق
  • غوتيريش: ما يحدث في غزة هو أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي
  • الأمم المتحدة: ما يحدث في غزة هو أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي
  • الخطيب يبحث مع نائب الوزير البرلماني للاقتصاد والتجارة الياباني تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية
  • المبعوث الأمريكي لسوريا يحذر من سيناريو مشابه لليبيا أو أفغانستان
  • “الرباعية” .. سيناريو مُعاد
  • وزيرة الاقتصاد والمالية: يمكن أن نراجع التوقعات الاقتصادية للميزانية جراء تداعيات التوترات
  • صفقة القرن الاقتصادية.. بريطانيا والهند تطلقان أكبر اتفاق تجاري منذ سنوات