حكم سب الدين وكفارته وهل يخرج من الملة؟ دار الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
حكم سب الدين وكفارته وهل يخرج من الملة؟ ذكر الفقهاء في حكم سب الدين أنه أمر مُحرم شرعًا؛ فإن قصد به المتلفِّظُ طريقةَ الشخص وتدينه وأخلاقه فهو آثمٌ شرعًا مُرتكبٌ لمعصيةٍ سمَّاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسقًا؛ فقال: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» متفقٌ عليه، أمَّا مَن سبَّ الدين مريدًا به دينَ الإسلام قاصدًا عالِمًا مختارًا فهذا هو الكفر المخرج عن الملة.
اتفق الفقهاء على أن سب الدين جريمة عظيمة وأمر محرم شرعاً، وعلى المسلم أن يكون عفيف اللسان، روى الشيخانِ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقُلْ خيرًا أو ليصمُتْ»، وعن أبي موسى رضى الله عنه قال : قلت : يا رسول الله! أيُّ المسلمين أفضل ؟ قال : «من سلم المسلمون من لسانه ويده» (متفق عليه).
كيفية التوبة من سب الدينقال الشيخ محمود شلبي، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء، إن الشرع لم يحدد كفارة سب الدين، منوهًا بأن مَنْ يسب الدين عليه التوبة إلى الله تعالى، والاستغفار، وعدم تكرار هذا الأمر مرة أخرى، وليس عليه أن ينطق الشهادتين، لأن القاضي هو المنوط به أن يحكم على أحد بالكفر وليس أي شخص آخر.
وأضاف «شلبي» في إجابته عن سؤال: «هل من سب الدين عليه أن يتشهد؟»، أن سب الدين حرام وهو من الكبائر، وينبغي على المسلم ترك هذا الأمر المحرم.
وأوضح أن بعض الناس يستهينون بسب الدين، بدرجة أصبح بها هذا الفعل دارجًا بينهم، بزعم أنه غير مقصود، وكلمة يرددها الشخص وتجري على لسانه دون قصد أو شعور عند الغضب.
وأشار إلى أن سب الدين فعل عظيم الضرر، ويجري على ألسنة الناس في وقت الغضب مثل الطلاق، الذي يهدد رباط الزواج المقدس ، فهذا لا يُرضى الله عز وجل منوهًا بأن كفارة سب الدين هي أن يستغفر الله سبحانه وتعالى ويتوب إليه، ويقلع عن هذا الفعل ولا يعود إليه مرة أخرى.
هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟
هل يجوز الجمع بين المغرب والعشاء بدون عذر؟
أفاد الشيخ عبد الله العجمي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، بأن سب الدين جريمة عظيمة في الشريعة إذا أراد بها صاحبها دين الله تعالى.
ونوه الشيخ عبد الله العجمي، في إجابته عن سؤال «ما حكم سب الدين وجزاء من يفعل ذلك؟»، أن سب الدين أمر مستفظع مستقبح يؤدي بصاحبه إلى درجة قبح يحل به إلى الكفر وذلك إذا قصد الديانة، أما إذا لم يقصد الديانة وقصد الشخص ذاته فإن هذا أمر مستقبح وليس محمودًا ومذموم فى الغاية، فضلًا عن أنه كبيرة من الكبائر وحرامًا، فلا يجوز سب الدين أو سب غير المسلم فلا يسب له دينه لأنه يؤدي إلى سب دين المسلمين.
وأشار إلى أنه يجب على الإنسان أن يكون حكيم نفسه فيقرأ الواقع وما يراه أمامه وعلى ضوئه يتصرف ولكن عليه أن يبتعد عن سب الدين للغير.
قال الدكتور مجدي عاشور، العالم الفقيه، إنه لا يجب على المسلم الاغتسال إذا لعن الدين في وقت غضب، لأننا لا نكفر أحد، ، وثقافة التكفير مرفوضة، فالغرض أن نصلح علاقتنا مع الله - عز وجل-.
وأضاف «عاشور» عبر فيديو البث المباشر لدار الإفتاء على صفحتها الرسمية بموقع « فيسبوك» أن الدين نهي عن سباب الخلق مسلم وغير مسلم، وأمر بعف اللسان، فما بالك بالدين الذي هو شريعة رب العالمين.
واستشهد ما روى عنِ ابنِ مسعود - رضى الله عنه- قَالَ: قَالَ رسُولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم-: «سِباب المُسْلِمِ فُسوقٌ، وقِتَالُهُ كُفْرٌ»، متفقٌ عَلَيهِ، وبما روىعن فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ ؟ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ : مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُجَاهِدُ: مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَالْمُهَاجِرُ: مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذَّنُوبَ»، رواه أحمد.
ونبه على أننا نريد أن نغير من ثقافة الشتم واللعن عمومًا التي لا تفرح أحدًا سوى الشيطان، وتعني أن الشيطان تحكم في الإنسان بقوة، مؤكدًا: « لن نتدخل في نية هذا الشخص، ويستحب له أن يذكر الله كثيرًا، لأن من يذكر الله صُعب عليه أن يذكر ألفاظًا قبيحًا على لسانه، كما يستحب له الاستغفار أيضًا، وإخراج الصدقات تكفيرًا عن الذنوب اخيارًا وليس اجبارًا.
هل سب الدين كفر دار الإفتاء المصريةقالت دار الإفتاء، إنه اتفق الفقهاء على أن مَن سَبَّ ملة الإسلام أو دين المسلمين فإنه يكون كافرًا، أما مَن شتم دينَ مسلم فإنه لا تجوز المسارعة إلى تكفيره؛ لأنه وإن أقدم على أمر محرَّم شرعًا إلا أنه لما كان محتملًا للدين بمعنى تدين الشخص وطريقته، فإن هذا الاحتمال يرفع عنه وصف الكفر، إلا أنه مع ذلك لا ينفي عنه الإثم شرعًا؛ لأنه أقدم على سب مسلم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» أخرجه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كما أنه تجرأ بذلك على لفظ سَيِّئ قبيحٍ دائر بين الكفر والإثم؛ فإن سلِم من الكفر فإنه واقع في المعصية.
وأضافت: نهى الشرع عن إطلاق الألفاظ الموهمة التي تحتمل معاني فاسدة، فكيف إذا احتملت الكفر وسب دين الإسلام! وعلى ذلك جرى كلام الفقهاء في تأثيم صاحبه واستحقاقه للأدب من قبل الحاكم، مع المنع مِن المبادرة بتكفيره:
فمقتضى كلام فقهاء الحنفية كما يقول العلامة ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (4/ 230، ط. دار الفكر): [أنه لا يكفر بشتم دين مسلم؛ أي لا يحكم بكفره لإمكان التأويل. قال: ثم رأيته في "جامع الفصولين" حيث قال بعد كلام: أقول: وعلى هذا ينبغي أن يكفر من شتم دين مسلم، ولكن يمكن التأويل بأن مراده أخلاقه الرديئة ومعاملته القبيحة لا حقيقة دين الإسلام، فينبغي أن لا يكفر حينئذٍ، والله تعالى أعلم. اهـ. وأقره في "نور العين"، ومفهومه: أنه لا يحكم بفسخ النكاح، وفيه البحث الذي قلناه. وأما أمره بتجديد النكاح فهو لا شك فيه احتياطًا، خصوصًا في حق الهمج الأرذال الذين يشتمون بهذه الكلمة، فإنهم لا يخطر على بالهم هذا المعنى أصلًا].
هل سب الدين كفر أم معصية ويستوجب الغسل؟ اعرف كيفية التوبة منه
ونصَّ على ذلك المالكية أيضًا؛ ففي فتاوى العلامة الشيخ عليش المالكي "فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك" (2/ 347، ط. دار المعرفة): [يُؤخَذ مِن هذا: الحكم فيمن سب الدين أو الملة أو المذهب، وهو يقع كثيرًا من بعض سفلة العوام كالحمَّارة والجمَّالة والخدَّامين، وربما وقع من غيرهم؛ وذلك أنه إن قصد الشريعة المطهرة والأحكام التي شرعها الله تعالى لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فهو كافرٌ قطعًا، وإن قصد حالة شخص وتَدَيُّنَه فهو سب المسلم؛ ففيه الأدب باجتهاد الحاكم، ويفرق بين القصدين بالإقرار والقرائن].
وعلى ذلك جرت الفتوى بدار الإفتاء المصرية؛ فقد جاء في الفتوى رقم 638 لسنة 1941م، لفضيلة المفتي الأسبق الشيخ عبد المجيد سليم: [لا يُفتَى بكفر مسلم أمكن حمل كلامه على محمل حسن، وأن من ذلك ما يقع من العامة من سب الدين، فإنه يمكن حمل كلامهم على محمل حسن؛ لأنهم لا يقصدون سب دين الإسلام].
وأفادت بأن سب الدين أمرٌ محرمٌ شرعًا؛ فإن قصد به المتلفظ طريقة الشخص وتدينه وأخلاقه فهو آثم شرعًا مرتكب لمعصية سمَّاها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فسقًا، ولكنه لا يكون كافرًا ولا يجوز إطلاق الكفر عليه، أمَّا مَن سب الدين مريدًا به دينَ الإسلام قاصدًا عالمًا مختارًا فهو كافر مرتد عن الدين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سب الدين المزيد صلى الله علیه وآله وسلم دار الإفتاء الله تعالى ن سب الدین الله عنه علیه أن م شرع ا
إقرأ أيضاً:
ما حكم أخذ المرتب بدون عمل؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دا ر الإفتاء المصرية سؤالا تقول صاحبته: ما حكم أخذ المرتب بدون عمل؛ فأنا معيدة بكلية الطب في مدينة غير التي أعيش فيها ويلزم ثلاث ساعات من السفر لأصل إليها، ومنذ فترة اكتشفت أني حامل بعد فترة من العلاج، ونصح الطبيب بالراحة وعدم الذهاب إلى العمل حرصًا على الحمل، ونقلت ذلك إلى رئيس العمل فاقترح أن آخذ إجازة مرضية، ولكني فضلت أن آخذ إجازة سنة بدون مرتب، واستغرقت الإجراءات ثلاثة شهور لم أذهب فيها للعمل ولكن تم صرف راتبي عنها، هل هذا الراتب حلال؛ حيث إني كنت أستحق إجازة مرضية ثلاثة شهور مدفوعة الراتب، ولكني فضَّلْت إجازة سنة حتى أتم الحمل؟
وأجابت الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إذا كانت فترة الثلاثة أشهر المشار إليها استغرقت في الإجراءات اللازمة للحصول على الإجازة فلا مانع شرعًا من أخذ راتب هذه الشهور، لكن إذا كانت السائلة تقيم في المنزل ولا تذهب إلى حيث يجب الذهاب لإتمام الإجراءات فإنه لا يحقُّ لها أخذ هذا الراتب، ويٌمكِنها أن تأخذ هذا الراتب إذا كان ذلك بعلم المدير المسؤول والإدارة وكان هذا التصرف معروفًا وسائدًا في المصالح الحكومية ومما يتسامح فيه عرفًا وعادةً بين الناس.
يأخذ راتبا شهريا دون أن يقوم بعمل
قال الدكتور عمرو الورداني، مدير إدارة التدريب وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه لا يجوز أخذ الأجرة أو الراتب الشهري على عمل لم يقم به الشخص، منوهًا بأن هذا المال لا يكون حرامًا ولا حرج فيه بهذه الحالة فقط.
وأوضح «الورداني» في إجابته عن سؤال: «إذا كان الشخص يعمل خارج البلاد، وكفيله يقوم بأداء عمله حيث إنه وظفه في مكان حكومي، على أن يتقاضى الشخص راتبه دون أن يؤدي أي عمل ولا حتى يذهب إلى هذا العمل، فما حكم أخذ أجر عن عمل لم أقم به؟»، أن الأجر يكون في مقابل العمل.
وأضاف أنه في هذا الأمر يتم الرجوع كذلك إلى نظام العمل داخل الدولة فإذا لم يسمح بذلك فهو مال حرام وباطل، وإذا كانت هناك ما يسمح به بأى مسوغ فهنا يكون لا حرج فيه بناء على قوانين الدولة، منوهًا بأن أن الإسلام يحث على العمل وأخذ الأجرة في مقابل هذا العمل من أجل تعمير وبناء هذا الكون.
وأشار إلى أن الموظفين والعاملين هم أُجَرَاءُ لأوقات معينة على أعمال معينة يتعاقدون عليها ويأخذون عليها أجرًا، وهذا الأجر في مقابل احتباسِهم أنفسَهم واستقطاعِهم جزءًا معينًا من وقتهم لصرفه في هذا العمل، فليس لهم أن يقوموا بأي عمل آخر من شأنه أن يأخذ من وقتهم ما يؤثر على جودة أدائهم في عملهم.
وتابع: ما لم يكن متفقًا عند التعاقد على استقطاع شيء من الوقت،وباستثناء ما جرى عُرف العمل على استثنائه؛ فإذا صرف العامل وقت عمله في غير ما تعاقد عليه كان مُخِلًّا بعقده، مستوجبًا للذم شرعًا وعُرْفًا، والمؤمنون على شروطهم.