موقع 24:
2025-06-10@18:28:12 GMT

سوريا والسقوط في مستنقع الطائفية

تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT

سوريا والسقوط في مستنقع الطائفية

على الرغم من الوعود التي أطلقها أبو محمد الجولاني باحترام الأقليات العرقية والدينية، فإن هناك قلقاً بالغاً يساور أطيافاً عديدة من تلك الأقليات التي كان بعضها يدعم نظام بشار الأسد الذي سبق أن وفر لهم الحماية من العنف الذي مارسته تنظيمات مثل داعش والنصرة. فمع

 انتقال السلطة إلى فصائل المعارضة المسلحة بقيادة «هيئة تحرير الشام»، تشعر العديد من الأقليات بقلق متزايد حيال ما قد يحمله المستقبل لها، فبعض الأعمال الانتقامية التي شهدتها البلاد قد زادت من حدة الغموض الذي يواجه أمن ومستقبل تلك الأقليات، فسوريا تمر بمرحلة بالغة التعقيد تتطلب حلولاً عاجلة من أجل تهدئة المجتمع حتى لا تسقط البلاد في مستنقع الطائفية،

إذ توضح الإحصاءات المبدئية للتوزيع الطائفي والعرقي في سوريا أن المسلمين السنة يمثلون 72% من السوريين مقابل 11% من العلويين الشيعة و8% من المسيحيين و6% من الأكراد و3% من الدروز، وتكمن الخطورة في إمكانية أن تلجأ بعض القوى الإسلامية الصاعدة إلى محاولة أن تعطى لوناً طائفيّاً للمشهد السائد واعتباره صراعاً بين الغالبية السنية في مواجهة الأقلية العلوية المدعومة من الأقليات الدينية الأخرى،

فخلال حكم عائلة الأسد الذي استمر لأكثر من خمسة عقود، سيطرت الأقلية العلوية التي تنحدر منها أسرة الأسد التي حكمت البلاد طوال 54 عاماً على السلطة في الدولة السورية ذات الأغلبية السنية، إذ كانت سوريا هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي كانت إدارتها وحكمها بيد أقلية طائفية، إذ استحوذ العلويون في ظل حكم الأسد على أكثر من 80% من المناصب العليا في الحكومة والجيش والأجهزة الأمنية، وهم يواجهون الآن مصيراً غامضاً مليئاً بالخوف من الانتقام بسبب ارتباطهم بالنظام السابق، وتُعتبر العلوية إحدى طوائف الشيعة، ويتمركز العلويون في سوريا بشكل رئيسي في مدينتي اللاذقية وطرطوس على ساحل البحر المتوسط، وقد غادرت عائلات كثيرة الأحياء ذات الأغلبية العلوية في دمشق إلى منطقة الساحل، كما عبرت العديد من العائلات العلوية الحدود السورية اللبنانية، خاصة بعد أن تعرضت بعض ممتلكاتهم للسرقة والنهب من قِبَل عناصر هيئة تحرير الشام، وقد شهدت العديد من المحافظات السورية مظاهرات عبّر خلالها أبناء الطائفة العلوية عن رفضهم الانتهاكات ضد العلويين وتعرض مقام ديني علوي في حلب لعمليات تخريب.

 


كما أن القلق يساور أيضاً المجتمع المسيحي في سوريا، والذي يُعد من أقدم المجتمعات في العالم، إذ تضم البلاد أقدم الأماكن المقدسة الشهيرة، حيث تتحدث المراجع عن أول المباني المسيحية في العالم، (الكنيسة المنزلية)، التي تحتضنها سوريا قرب مدينة دير الزور، وكنيسة القديس سمعان العمودى، ودير الراهب بحيرا في بصرى، وكنيسة ازرع في محافظة درعا جنوب سوريا، ونظراً لما يتردد أنه سبق أن أيدت نسبة كبيرة من المجتمع المسيحي في سوريا حملة الأسد لسحق القوى المعارضة خلال الحرب الأهلية التي اندلعت عام 20111، فإن الشريحة الكبرى منهم تعيش حالياً في حالة خوف وترقب، خاصة بعد أن قامت مجموعة من الملثمين بحرق شجرة عيد الميلاد في ريف حماة، ويتردد أن المجتمع المسيحي في سوريا سيحاول أن يركز على تأمين وجوده فيها، وعلى الرغم من ضبابية الموقف وغياب الضمانات، فإنهم يتخوفون من انعكاسات تولى هيئة تحرير الشام بخلفيتها الأصولية التي ليست بعيدة عن الإرهاب والتطرف على مستقبل الطائفة المسيحية التي تمثل 8% من المجتمع.
وفيما يتعلق بالدروز، الذين يمثلون 3% من السكان ويتمركزون في نواحى دمشق ومدينة السويداء وجبل حوران والجولان كما يعيشون أيضاً في لبنان وإسرائيل، فقد التقى الزعيم الروحى للدروز في السويداء مؤخراً مع «أبومحمد الجولاني» بهدف مطالبته باحترام حقوق الدروز، إلا أن اللقاء، وفقاً لما أفادت به صحيفة «يديعوت أحرونوت»، انتهى بخيبة أمل عميقة للوفد، إذ شدد الجولاني على أهمية الحفاظ على وحدة سوريا، داعياً إلى إبرام عقد اجتماعي يضمن العدالة الاجتماعية بين جميع المكونات، ومع ذلك، لم يقدم أي وعود تضمن الحرية الدينية للطائفة الدرزية، وقد أعرب أحد كبار مسؤولي الطائفة الدرزية عن مخاوفه مما وصفه بتوجه الجولاني لفرض «مركزية سلطة قائمة على الشريعة الإسلامية»، معتبراً ذلك تهديداً لهوية الدروز واستقلالهم الديني، وأضاف المصدر أن ما يحدث يعكس نية الإكراه الديني، «مما يزيد من قلقنا حول مستقبلنا في البلاد».
أما بالنسبة للأكراد الذين يمثلون 6% من السكان، فعلى الرغم من تأكيد «أبومحمد الجولاني» أن الأكراد جزء من الوطن وشركاء في سوريا القادمة وقيام الدائرة الذاتية الكردية برفع العَلَم السوري الجديد على كافة مؤسساتها في مناطق سيطرتها شمال شرقي البلاد، وتأكيد مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، «قسد»، الكردية، المدعومة أمريكيّاً وإسرائيليّاً، أن التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين، فإن المشكلة الكردية هي في جانبها الأكبر مع تركيا، وقد تشكل صداماً بين تركيا وبين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، حيث سبق أن تولت «قسد» مسؤولية محاربة تنظيم داعش، وهي تحتجز بالفعل أعداداً كبيرة من كوادر داعش وأسرهم في معسكر الهول وغيره من المعسكرات، الأمر الذي يتزامن مع مصادمات تتم من قِبَل الجيش الوطني السوري المعارض المدعوم من تركيا، وتكمن المشكلة بالنسبة للأكراد في توافق «أبو محمد الجولاني» مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على ضرورة حل جميع الفصائل المسلحة وتسليم سلاحها للدولة، بما في ذلك الفصائل الكردية، هذا في الوقت الذي ترى فيه تركيا أن قضية حماية الأكراد تُعد بمثابة امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يطالب بالانفصال عن تركيا لإنشاء دولة كردستان المستقلة، فهناك حشود عسكرية تركية في منطقة الحدود تتزامن مع توعد الرئيس التركي أردوجان باستهداف «قسد»، فالموقف بالنسبة للأكراد يمكن أن ينتقل من السيء الذي كانوا يعانون منه خلال حكم الأسد إلى الأسوأ بعد سقوط نظامه.
ونظراً لأن الثورات لا تنتهي بمجرد سقوط الأنظمة، فسوريا بعد سقوط نظام الأسد في حاجة إلى نظام يضمن حماية الأقليات، وهي لا تزال بعيدة تماماً عن ذلك أو عن تطبيق نتائج اجتماع العقبة الذي تناول تلك القضية تحديداً، فمع المشهد الراهن فإنه من المرجح أن تنزلق البلاد إلى مصادمات داخلية أو أن تنقسم إلى مناطق للنفوذ بما يهدد نسيج الدولة وتكامل أراضيها، فكافة الأقليات دون استثناء تشعر بقلق متزايد حيال ما قد يحمله لها المستقبل في ظل مشهد لم تكتمل كافة ملامحه بعد، خاصة أن التخلص من النفوذ الإيراني بصدد أن يحل محله نفوذ تركي بأجندة خاصة حول مستقبل سوريا التي تتواجد على أرضها 5 قوى عسكرية أجنبية، وهي قوى تركية وروسية وأمريكية وإسرائيلية وبقايا قوات إيرانية ولحزب الله وهو ما يتزامن مع محاولات لـ«أبومحمد الجولاني» للتبرؤ من انتماءاته الإرهابية السابقة لتنظيمي القاعدة وداعش بأفكارهما التي لا تحتوى على أدنى قدر من التسامح مع المعتقدات والثقافات المغايرة، لذا فنحن في حقيقة الأمر أمام أزمة ممتدة لا تجعلنا نتوقع عودة سريعة للأمن والاستقرار للبلاد بما يسمح بالاستجابة لطموحات الشعب السوري في مستقبل أفضل.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات سقوط الأسد فی سوریا

إقرأ أيضاً:

سوريا تعود لنظام سويفت للتحويلات خلال أسابيع

قال محافظ مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية إن بلاده ستعود إلى الربط الكامل بنظام سويفت للمدفوعات الدولية "في غضون أسابيع"، ما يُعيد ربط البلاد بالاقتصاد العالمي بعد 14 عامًا من الحرب والعقوبات التي جعلتها دولة منبوذة.

وتُعدّ عودة سويفت أول إنجاز رئيسي في الإصلاحات التحررية التي تُجريها الحكومة السورية الجديدة للاقتصاد السوري، ومؤشرًا على أن السلطات الجديدة تتحرك بسرعة لجذب التجارة والاستثمار الدوليين بعد رفع الولايات المتحدة العقوبات الشهر الماضي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الصين تحكم قبضتها على المعادن النادرة وتربك التصنيع العالميlist 2 of 2يونيو يبدأ باختبار الأسواق.. العملات والذهب تحت ضغط البياناتend of list خارطة طريق

وقدّم حصرية، في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، خارطة طريق لإعادة هيكلة النظام المالي والسياسة النقدية في سوريا من أجل إعادة بناء الاقتصاد المُنهك، ويأمل في استعادة الاستثمار الأجنبي، وإزالة العوائق أمام التجارة وإصلاح القطاع المصرفي.

وقال حصرية: "نهدف إلى تعزيز صورة البلاد كمركز مالي بالنظر إلى الاستثمار الأجنبي المباشر المتوقع في إعادة الإعمار والبنية التحتية – وهذا أمر بالغ الأهمية.. لا يزال ثمة عمل كثير ينتظرنا".

وانقطعت سوريا عن الأسواق العالمية منذ عام 2011، عندما قمع الرئيس المخلوع بشار الأسد انتفاضة شعبية بعنف، ومع سقوط النظام في ديسمبر/ كانون الأول الماضي كان الاقتصاد في حالة انهيار، وخزائن الدولة مستنزفة.

إعلان

وتلقت سوريا دعما قويا الشهر الماضي عندما رفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب العقوبات بشكل غير متوقع، وفي حين أن هذه الخطوة كانت موضع ترحيب، قال حصرية، الذي تولى منصبه الجديد في أبريل/ نيسان الماضي، "لا تزال ثمة حاجة إلى تغيير شامل في السياسات.. حتى الآن، لم نشهد سوى إصدار تراخيص ورفع عقوبات انتقائي. يجب أن يكون التنفيذ شاملاً، لا ارتجالياً".

ويعمل حصرية، وهو تكنوقراط ومستشار مخضرم ساهم في صياغة العديد من قوانين المالية السورية في عهد الأسد، مع وزارة المالية على "خطة استقرار مدتها من 6 إلى 12 شهراً"، وتتضمن الخطة إصلاح القوانين المصرفية والبنك المركزي، وإصلاح شامل للضمان الاجتماعي وتمويل الإسكان لتشجيع السوريين في الشتات على الاستثمار في البلاد، من بين مبادرات أخرى.

يُعد القطاع المصرفي أساسياً لإعادة الإعمار، بعد أن انهار على نطاق واسع بسبب الحرب، والأزمة المالية التي ضربت لبنان عام 2019، وسياسات عهد الأسد العقابية، ويريد حصرية إنهاء إرث نظام الأسد التدخلي، واستعادة قدرات الإقراض والشفافية والثقة.

قال: "كان البنك المركزي يُدير النظام المالي بدقة متناهية، ويُفرط في تنظيم الإقراض، ويُقيّد عمليات سحب الودائع.. نهدف إلى إصلاح القطاع من خلال إعادة الرسملة، وإلغاء القيود التنظيمية، وإعادة ترسيخ دوره كوسيط مالي بين الأسر والشركات".

التجارة الخارجية

وأضاف أن عودة نظام سويفت ستُسهم في تشجيع التجارة الخارجية، وخفض تكاليف الاستيراد، وتسهيل الصادرات. كما ستُسهم في جلب العملات الأجنبية التي تشتد الحاجة إليها إلى البلاد، وتعزيز جهود مكافحة غسل الأموال، وتخفيف الاعتماد على الشبكات المالية غير الرسمية في التجارة عبر الحدود.

وقال حصرية: "الخطة هي أن تُمرر جميع التجارة الخارجية الآن عبر القطاع المصرفي الرسمي"، مما يُلغي دور الصرافين الذين كانوا يتقاضون 40 سنتًا عن كل دولار يدخل إلى سوريا. وأوضح أن البنوك والبنك المركزي مُنحت رموز سويفت، وأن "الخطوة المتبقية هي استئناف البنوك المراسلة معالجة التحويلات".

إعلان

وأضاف أن الاستثمار الأجنبي سيُدعم كذلك بالضمانات. وفي حين يحظى القطاع المصرفي العام بدعم كامل من الحكومة، يتطلع حصرية إلى إنشاء مؤسسة حكومية لضمان ودائع البنوك الخاصة.

وقبل سقوط نظام الأسد، فقدت الليرة السورية حوالي 90% من قيمتها مقابل الدولار، وقد ارتفعت قيمتها منذ ذلك الحين، لكنها لا تزال متقلبة، مع وجود فروق بين سعري السوق الرسمية والسوق الموازية، وصرح حصرية بأنه يهدف إلى توحيد أسعار الصرف، وأنه "ينتقل نحو تعويم مُدار" لليرة.

التحدي الأكبر

مع الدمار الذي لحق بمعظم أنحاء البلاد، وتكاليف إعادة الإعمار التي تُقدر بمئات المليارات من الدولارات، يُمثل إصلاح الاقتصاد التحدي الأكبر الذي يواجهه الرئيس السوري أحمد الشرع، وقد بدأت سوريا محادثات مع صندوق النقد الدولي، الذي أرسل وفدًا إلى سوريا الأسبوع الماضي، والبنك الدولي، وتسعى للحصول على مساعدة من دول المنطقة.

سوّت السعودية وقطر ديون سوريا المستحقة للبنك الدولي والبالغة 15.5 مليون دولار الشهر الماضي، والتزمتا بدفع رواتب القطاع العام لثلاثة أشهر على الأقل، كما وقّعت سوريا اتفاقيات أولية مع شركات إماراتية وسعودية وقطرية لمشاريع كبرى في البنية التحتية والطاقة.

وأضاف حصرية أن قادة البلاد قرروا عدم الاقتراض، لكن البنك المركزي ووزارة المالية يبحثان إمكانية إصدار سوريا، ولأول مرة، صكوكًا.

كما حصلت سوريا على منح، منها 146 مليون دولار من البنك الدولي لقطاع الكهرباء في البلاد، و80 مليون دولار من السويد لإعادة تأهيل مدارسها ومستشفياتها.

مقالات مشابهة

  • لجنة السلم الأهلي: العدالة ليست انتقاماً وحديث عن دور ضباط نظام الأسد في تحرير سوريا
  • صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة
  • سوريا تعود إلى الاقتصاد العالمي بعد 14 عاما من العزلة
  • النجاة من سجون سوريا فيلم وثائقي يكشف فظائع سجون الأسد
  • ترامب يستعد لإلغاء "مجموعة كبيرة" من العقوبات على سوريا
  • سوريا تعود لنظام سويفت للتحويلات خلال أسابيع
  • الاحتلال يزعم اغتيال عنصر من حماس بغارة على جنوب سوريا
  • سوريا.. أكثر من 7 آلاف قتيل منذ انهيار نظام الأسد
  • موقع عبري ينشر تقريرا عن معركة إسرائيل المقبلة مع سوريا الشرع وعن دور ملتبس لبلدين أحدهما عربي
  • أصغر متحدث رسمي في سوريا.. من هو الطفل الذي عينته وزارة الاتصالات؟