الوحدة نيوز:
2025-07-06@14:22:01 GMT

أزال الجاوي: إسرائيل بين عجز الردع وأوهام القوة

تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT

أزال الجاوي: إسرائيل بين عجز الردع وأوهام القوة

تسعى إسرائيل من خلال هجماتها المتكررة إلى فرض معادلة ردع جديدة وإثبات قدرتها على التدخل في أي مكان ترى فيه تهديدًا لمصالحها. إلا أن تكرار استهدافها لنفس الأهداف باستخدام الوسائل والأساليب ذاتها، دون تحقيق تغييرات جوهرية في موازين القوى، يكشف عجزًا واضحًا في تحقيق معادلة الردع التي تطمح إليها والقدرة على فرض إرادتها بشكل حاسم.

في بعض الأحيان، يكون “الصمت الاستراتيجي” أكثر جدوى من الردود المتكررة، إذ يمنع منح الطرف الآخر (اليمن) فرصة لتعزيز صورته كند قوي ومتماسك. إلا أن غرور القوة وأوهام الهيمنة يدفعان إسرائيل إلى قرارات تضعف موقفها أكثر مما تعززه، خصوصًا عندما تُقابل هجماتها بردود غير تقليدية وغير متوقعة من صنعاء، التي أثبتت مرارًا قدرتها على الصمود والمناورة ، وإدارة المواجهة بأساليب تفوق توقعات خصومها.

على المستوى الإستراتيجي، هذا النهج المستمر لا يضعف فقط صورة إسرائيل كقوة إقليمية “لا تُقهر”، بل يُبرز أيضًا صلابة الموقف اليمني، الذي يبدو أنه ينجح في استنزاف الخصم على المستويات النفسية والسياسية والعسكرية والاقتصادية. وفي الواقع، فإن ردود إسرائيل حتى الآن، بدلًا من تحقيق الردع، تُظهر عجزها، وتبدو كأنها تخدم صنعاء وتعزز مكانتها أكثر مما تُحقق أي مكاسب ميدانية أو استراتيجية لصالح تل أبيب.

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي

إقرأ أيضاً:

ترامب وسلام القوة!

“سلام القوة”، طريقة ابتدعها دونالد ترامب لوقف الحروب وحل النزاعات، فالسلام في الوضع الطبيعي يؤسس على رغبة طرفي النزاع –كليهما أو أحدهما- في وضع حد للمواجهات والجلوس إلى طاولة المفاوضات بعد استشعار حالة إنهاك كبيرة في عتادهما الحربي أو عنصرهما البشري، مما يجعل الاستمرار في الحرب شكلا من أشكال المغامرة التي لا تحمد عقباها، وهناك أمثلة كثيرة عن هذا السلام في تاريخ الصراعات العالمية لا يتسع المقام لذكرها.

وأما السلام عند ترامب فسلامٌ من نوع آخر وهو “سلام القوة ” الذي يعني اللجوء إلى القوة العسكرية لحمل الأطراف المتنازعة أو طرف بعينه على قبول عرض السلام أو مواجهة العقوبات، وقد تجلى ذلك في حالات كثيرة: في الحرب الروسية الأوكرانية، وفي الحرب الإيرانية الإسرائيلية، وفي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية.

إن اللجوء إلى استخدام القوة لا يكون بقرار انفرادي بل بقرار جمعي، ويكون في حالة واحدة وهي رفض طرف من الأطراف عرض السلام واستمراره في العدوان كما يرد تفصيله في قوله تعالى: “وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيىء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين”. (الحجرات 9).

إن الجهة التي تقوم بمهام قتال الفئة الباغية في العصر الحاضر تتمثل في قوات حفظ السلام المكلفة بحفظ السلام ومنع خرق وقف إطلاق النار وقتال المتسببين في ذلك، تقوم بهذه المهمة باسم القوة الدولية المجتمعة وليس باسم الإرادة المنفردة لدولة أو رئيس دولة كما هو الشأن في نموذج السلام الذي يسعى ترامب لتكريسه في الوقت الحاضر.

يتجلى سلام القوة الذي ينتهجه ترامب من خلال ما سماه “صفقة السلام” بين روسيا وأوكرانيا وبين إيران وإسرائيل، وصفقته بشأن وقف الحرب في غزة.

أولا: ترامب وصفقة السلام بين روسيا وأوكرانيا
قد يتوهم بعض سطحيي الثقافة السياسية أن دونالد ترامب يسعى إلى إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية من منطلق الرغبة المجردة في تكريس السلام، هذا وارد، ولكن المتمعن في التصريحات التي أدلى بها ترامب يدرك أنه يريد استخدام القوة الأمريكية واستغلال حالة الإنهاك الاقتصادي والاجتماعي والعسكري لطرفي النزاع لحملهما على توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار أو مواجهة العقوبات، وفي الحالة الروسية، لمح دونالد إلى إمكانية ازدياد شوكة التحالف الأوروبي ضد موسكو في حالة رفضها العرض الأمريكي للسلام وإلى ازدياد حالة الإنهاك الاقتصادي داخل المجتمع الروسي، وكأن ترامب يريد بذلك أن يلتمس مخرجا لفلاديمير بوتين من المأزق الذي وضع نفسه فيه باجتياحه لأوكرانيا في 24 فبراير 2022 وعدم قدرته على إحراز النصر رغم التفوق العسكري للجيش الروسي.
ولدى استقبال ترامب للرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي بدا وكأنه يسدي أوامر لهذا الأخير من خلال توبيخه وتهديده بالمصير المجهول الذي ينتظره في حالة رفض المقترح الأمريكي والذي سيزيد من تفاقم حالة الانهيار التي لحقت بالبنية التحتية لأوكرانيا.كل هذا له تفسير واحد في الأدبيات السياسية، وهو أن ترامب يؤمن بسلام القوة لا بثقافة السلام.

ثانيا: ترامب وصفقة السلام بين إيران وإسرائيل
كان لترامب خطابٌ مزدوج ومتناقض في كثير من الأحيان حيال المواجهة الإيرانية الإسرائيلية في حرب الاثني عشر يوما، فهو يتظاهر من جهة بتغليب منطق السَّلام على منطق الحرب ويبدي تخوُّفه من اتساع هذه الحرب إقليميًّا بما يكون له آثار مدمرة على أمن الخليج والعالم، ويفصح من جهة أخرى وعلى النقيض من ذلك عن تحيزه لإسرائيل بذريعة الخطر الوجودي الذي يهددها في حالة استمرار إطلاق الصواريخ الإيرانية، وينتقد ترامب التصرف الإيراني ويبارك التصرف الإسرائيلي، بل اقتنع أخيرا بأن الحل الحاسم يكمن في ضرب مفاعلات إيران.

وحتى عند وضع صفقة لإنهاء الحرب لم يكفّ ترامب عن تحذير إيران وتهديدها بضربة أمريكية مزلزلة في حالة العودة إلى تخصيب اليورانيوم. يمكن تقبل هذا التحذير وهذا التهديد لو كان يشمل إيران وإسرائيل على سواء، فالحرص على شرق أوسط آمن هو رغبة كل عربي وكل مسلم، ولكن أن يقتصر ذلك على إيران فهو في اعتقادي قسمة ضيزى لا تساهم في إرساء السلام بل تؤجل العودة إلى الحرب إلى حين لتعود بعد ذلك أشد وأنكى مما كانت.

إن العمل للسلام يتناقض مع خطاب النصر الذي ألقاه ترامب ومع التبريكات التي أسداها لنتنياهو بمناسبة ما سماه “النصر المؤزر” على إيران. إن السلام لا يتحقق بهذه الطريقة، فشتان بين إرادة تحقيق السلام وسلام القوة.

ثالثا: ترامب وصفقة السلام في غزة
يتحدث ترامب عن صفقة وقف الحرب في غزة، وتفيد الأخبار الواردة من البيت الأبيض أن نص الصفقة قد أصبح جاهزا وأن إسرائيل قد وافقت عليه، ويحقّ لنا أن نتساءل: بأي صيغة تمت هذه الصفقة ووفق أي شروط موضوعية أو توافقات أو تفاهمات؟  إذا كانت هذه الصفقة تتماهى مع ما صرّح به رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو فإنها بئس الصفقة؛ إنه يتحدّث عن تحرير “المخطوفين” وعن القضاء المبرم على حماس ونفي قادتها إلى الخارج، فماذا بقي للطرف الآخر أن يقول؟ وهل يمكن لحماس القبول بهذه الشروط المذلة والإملاءات في صفقة تسوَّق أمريكيًّا وإسرائيليًّا على أنها تجري وفق مفاوضات ومقترحات من طرفي النزاع؟

نتنياهو يريد من خلال هذه الصفقة تحقيق ما عجز عنه عسكريًّا، فبعد 21 شهرا من العدوان لم يستطع نتنياهو تحقيق ذلك. إن الإنهاك الذي يعانيه الجيش الإسرائيلي هذه الأيام بسبب الضربات الموجعة التي يتلقاها على يد المقاومة قد يجعل نتنياهو يتخلى عن شروطه التعجيزية وانتصاراته الوهمية ويقبل بالشروط التوافقية التي لن تحدث في غياب حماس ولا بتغييبها بفرض “سلام القوة” الذي اتخذه ترامب وسيلة لتمكين إسرائيل من “فتح” ثان بعد “الفتح الكبير” على إيران كما يروِّج لذلك في تغريداته المتكررة.

رابعا: دور الوساطة القطرية
أظن أن دور الوسيط القطري بشأن صفقة وقف إطلاق النار في غزة –ولو لستين يوما  كما هو متداول– سيكون حاسما، فلن تكون قطر جسرا يعبُر منه نتنياهو لتحقيق أحلامه الوردية في غزة على حساب دماء الذين حصدتهم آلة الإجرام الصهيوني وأشلائهم، ولن تعطي قطر صكًّا على بياض ولن تبيع صكوك الغفران لنتنياهو، إنها ستدير المفاوضات بشأن الصفقة وفقا لمبدأ العدل والإنصاف.

إن صفقة ترامب بشأن وقف الحرب في غزة لا تخدم إلا طرفا واحدا وهي أقرب إلى الأمر المفروض منها إلى التفاوض، وهي بالصيغة التي تحدَّث عنها نتنياهو مرفوضة من حماس، فمن ذا الذي يسلّم رقبته للذبح ويتنازل عن سلاحه لعدوه؟ أعتقد أن اللمسة القطرية على الصفقة ستهذّبها وتجعلها قابلة للتطبيق ومتوافقة مع العدل والمنطق. هذا ما أعتقده حول الدور القطري في إنصاف الطرف الفلسطيني، ولكل شرعة هو مولّيها.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • مصادر: لبنان سيطلب ضمانات من المبعوث الأمريكي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة
  • باحث أمني: الإعلان المستمر عن ضبط المخالفين يحمل رسائل مهمة منها الردع والتحذير
  • ترامب وسلام القوة!
  • تحرك برلماني عاجل بشأن الحوادث المتكررة على الطريق الإقليمي
  • باحث أمني: الإعلان المستمر لضبط المخالفين يحمل رسائل الردع والتحذير
  • داخلية كوردستان تحمل بغداد مسؤولية حماية الإقليم من الهجمات المتكررة
  • جماعة الحوثي تؤكد استمرار هجماتها تجاه إسرائيل
  • إسرائيل تكذب على العالم.. الاحتلال يسوق لصورة أكثر الجيوش أخلاقًا
  • قتل العلماء أو قتل القوة؟
  • لماذا أصبح تحقيق أهداف إسرائيل التكتيكية أصعب في غزة؟