ترتفع وتيرة وحدة المواجهة بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة إلى محاور مختلفة في قطاع غزة  بناءً على وقع مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وكبدت فصائل المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام وسرايا القدس -الجناحان العسكريان لحركتي حماس والجهاد الإسلامي– جيش الاحتلال خسائر كبيرة على الصعيدين البشري والمادي في شمال قطاع غزة وجنوبها خلال الأسابيع الأخيرة.

وتأكيدا على ذلك، قال مسؤول عسكري إسرائيلي لشبكة "سي إن إن" إن تحقيق الأهداف التكتيكية في غزة صار "أصعب الآن"، وأقر في الوقت نفسه أن "إسرائيل لم تحقق جميع أهدافها الحربية بالكامل".

ومنذ بداية الحرب على غزة، رفعت إسرائيل شعار "النصر المطلق" وضرورة تحقيق أهداف الحرب، وهي: القضاء على قدرات المقاومة الفلسطينية وبنيتها التحتية، وإنهاء حكم حركة حماس، واستعادة الأسرى المحتجزين، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا مستقبليا.

ويتفق الخبير العسكري العقيد حاتم كريم الفلاحي مع تصريحات هذا المسؤول الإسرائيلي، وأرجع ذلك إلى أسباب عدة:

الطبيعة الحضرية للمناطق المبنية، فهي مكتظة سكانيا، مما يعيق تحقيق الأهداف التكتيكية لصعوبة التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية. آلية عمل فصائل المقاومة، إذ قد ينفذ مقاتلان عملية عسكرية نوعية، فالأمر لا يحتاج أعدادا كبيرا، مما يصعب الوصول إلى هذه الأهداف والتخلص منها. طبيعة المنطقة الجغرافية ووجود الأنفاق يصعب على قوات الاحتلال الوصول لأهداف مهمة. العمل في بيئة حضرية تحتوي على أنقاض أصعب بكثير من العمل في بيئة حضرية طبيعية. الكفاءة القتالية لفصائل المقاومة تختلف عن قوات الاحتلال في إمكانية التصدي والتنقل داخل هذه المناطق.

وفي وقت سابق اليوم الخميس، أعلنت كتائب القسام استهداف ناقلة جند إسرائيلية بقذيفة "الياسين 105" المضادة للدروع -أمس الأربعاء- في شارع المجمع الإسلامي بمدينة خان يونس (جنوبي القطاع)، مؤكدة اشتعال النيران فيها وهبوط الطيران للإخلاء.

إعلان

كما أعلنت سرايا القدس تدمير دبابة ميركافا إسرائيلية وسط خان يونس، كاشفة أن العملية تمت بتفجير عبوتين من مخلفات الاحتلال عبر الهندسة العكسية.

كما أعلنت السرايا تفجير مقاتليها -أمس الأربعاء- جرافة إسرائيلية من نوع "دي 9" بعبوة كانت مزروعة سابقا أثناء توغلها في حي الشجاعية شرقي غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

لماذا تظهر الآن بوادر صفقة بين إسرائيل وحماس؟

في اليوم 634 للحرب، خرجت لأول مرة منذ شهور طويلة تصريحات متزامنة من واشنطن وتل أبيب تشير إلى تحول إستراتيجي، أو على الأقل تكتيكي، في الموقف الإسرائيلي من الحرب على غزة.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن أن إسرائيل وافقت على صيغة هدنة تمتد لـ60 يومًا، منسقة مع قطر ومصر، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي يُنهي العمليات العدائية ويعيد تحريك ملف الرهائن.

بالتزامن، تأكدت التحضيرات لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، في لقاء وُصف بأنه قد يحمل مفاتيح حسم ثلاثة ملفات دفعة واحدة: الحرب، والرهائن، ومستقبل الحكم.

في إسرائيل، لا نهايات سعيدة بلا أثمان باهظة. فهل قرر نتنياهو طيّ صفحة المعركة؟ أم يناور باسم الصفقة لترتيب أوراق حكمه؟ وهل تمنحه إدارة ترامب الجديدة مخرجًا من عبء التحالف اليميني المتشدد، أم تُعيده إلى حضنها وتغرقه أعمق في الحرب؟

أولًا: لماذا الآن؟

بعد أكثر من 600 يوم من حرب مفتوحة، تآكلت ركائز الرهان الإسرائيلي. النصر المطلق بات أقرب للوهم، والمجتمع الإسرائيلي- رغم الضخ الإعلامي- بات يستشعر عمق المأزق السياسي والعسكري.

التحول الأخير يرتكز على أربعة عوامل محورية:

عودة ترامب إلى الواجهة منحت نتنياهو غطاءً إستراتيجيًا مزدوجًا: خارجيًا باعتباره لا يرضخ بل يتحالف، وداخليًا باعتبار أن التهدئة ثمرة تنسيق مع أقرب حليف وليس نتيجة ضغوط دولية. دعم داخلي مؤقت من غانتس ولبيد، عبر عرض "شبكة أمان" تتيح لنتنياهو هامش تحرك يتجاوز ابتزاز بن غفير وسموتريتش دون انهيار الائتلاف. رأي عام مرهق بدأ يجاهر بتعبه، مع تزايد احتجاجات عائلات الرهائن، وتصاعد الأصوات الإعلامية التي تتساءل: إلى أين تقود هذه الحرب؟ ضغط المؤسسة العسكرية نفسها: صحيفة هآرتس كشفت في 28 يونيو/ حزيران أن ضباطًا كبارًا في هيئة الأركان عبّروا عن خشيتهم من (تعب المعركة)، محذرين من الانهيار المعنوي في الجبهة الداخلية، والدعوة إلى مخرج سياسي يُنهي الاستنزاف. إعلان ثانيًا: الصفقة على الطاولة.. دون إعلان استسلام

بحسب تسريبات إسرائيلية، وافقت حكومة نتنياهو فعليًا على مسوّدة اتفاق أميركية، تتضمن وقفًا لإطلاق النار مدته 60 يومًا، وآلية تدريجية لتبادل الأسرى، مع ضمانات بعدم استئناف العمليات خلال فترة التفاوض. لكن نتنياهو، في خطاب متلفز أعلن عكس ذلك تمامًا حين قال: "سنُجهز على حماس حتى الأساس".

هذا التناقض ليس جديدًا في تكتيك نتنياهو. بل هو النمط الثابت: التقدم نحو التهدئة بيد، والتشبث بخطاب الحرب باليد الأخرى.

في غزة، تُثير فكرة الهدنة تساؤلات أكثر مما تقدم إجابات. تقرير للأمم المتحدة في يونيو/ حزيران 2025 حذر من أن استمرار الحصار، حتى مع هدنة مؤقتة، قد يفاقم الأزمة الإنسانية، حيث يعاني 80% من السكان من انعدام الأمن الغذائي.

حماس، من جانبها، قد ترى في الصفقة فرصة لإعادة تموضع سياسي، لكنها تواجه ضغطًا شعبيًا لضمان إغاثة فورية. هل يمكن للهدنة أن تكون جسرًا لتخفيف المعاناة في غزة، أم ستتحول إلى أداة ضغط سياسي جديدة؟

يُدرك نتنياهو أن تمرير الصفقة داخل الليكود، فضلًا عن ائتلافه الديني-القومي، مهمة شبه مستحيلة دون خطاب تعبوي يربط الصفقة بـ"المعركة المستمرة". لذلك يمنح كل جمهور ما يريد سماعه، ويراهن على الوقت لتمرير مرحلة انتقالية دون خسائر سياسية فورية.

ثالثًا: زيارة واشنطن.. ممر نحو "صفقة أكبر"؟

زيارة نتنياهو المرتقبة إلى واشنطن تتجاوز بعدها الدبلوماسي، وتمثل محاولة لإعادة تشكيل شبكة الحماية السياسية من الخارج. ترامب، على عكس بايدن، لا يضغط علنًا، بل يمنح نتنياهو فرصة "بيع الصفقة" كإنجاز مشترك، لا كتنازل سياسي.

لكن بالمقابل، ترامب بحاجة إلى:

وقف العمليات لاحتواء الأصوات الناقدة لدعم إسرائيل المفتوح. إنجاز سياسي سريع آخر قابل للتسويق في الإعلام الأميركي، يتمثل في عودة بعض الرهائن وتهدئة الجبهات.

من جهة أخرى، يسعى نتنياهو من هذه الزيارة إلى:

تحصين الاتفاق داخليًا بغطاء أميركي يمنحه شرعية وسط جمهوره. غلق ملف محاكمته مؤقتًا، عبر تعزيز صورته كرجل دولة، لا متهم جنائي. طرح رؤيته لـ"غزة ما بعد الحرب"، بما يشمل خطة منزوعة السلاح، برعاية إقليمية غير معلنة.

زيارة تعيد إلى الأذهان زيارته الشهيرة في 2015 حين خاطب الكونغرس ضد الاتفاق النووي مع إيران، لا لمصلحة أميركية بقدر ما كانت للتهرب من أزماته الداخلية. اليوم، يعود لنمطه المعتاد: الهروب من الداخل إلى الخارج، والعودة بورقة توت أميركية.

رابعًا: بن غفير وسموتريتش.. انحسار أم كمين؟

الشخصيتان الأشد تطرفًا في الحكومة باتتا في الهامش الإعلامي والسياسي. لا تهديدات، لا تصريحات نارية، ولا وجودَ فعليًا في محادثات الصفقة.

وسائل إعلام عبرية مثل يديعوت أحرونوت تحدثت عن "تفكك الائتلاف فعليًا، حتى لو لم يُعلن ذلك رسميًا"، مضيفة أن نتنياهو يتحرك الآن وكأن بن غفير وسموتريتش ليسا في المشهد.

رغم تراجع بن غفير وسموتريتش إعلاميًا، فإن تهديدهما بسحب الدعم من الائتلاف يبقى ورقة ضغط. تقرير في "يديعوت أحرونوت" (30 يونيو/ حزيران 2025) كشف عن تحركات للقاءات بينهما لتنسيق موقف موحد ضد الصفقة. هل يمكن لنتنياهو تفكيك هذا التحالف دون إسقاط حكومته؟

إعلان

لكن من يعرف نتنياهو يعلم أنه لا يقفز دون مظلة. المرجح أنه سيستخدم الغطاء الأميركي ومعارضة غانتس ولبيد كـ"بطانة شرعية" لتجاوز الحليفين المتطرفين، دون كسر كامل معهما، بانتظار اتضاح مصير الصفقة.

خامسًا: مسرح الانتصارات المصطنعة

منذ بداية الحرب، بدا واضحًا أن نتنياهو لا يبحث عن نصر تقليدي، بل عن لحظة قابلة للتسويق داخليًا كـ"نصر سياسي". هذه اللحظة قد تكون صفقة رهائن جزئية، أو هدنة مؤقتة، أو حتى خطاب "استعدنا السيطرة على غزة"، دون تحديد ما هي هذه السيطرة أو ما الذي استُعيد فعلًا، حرب إيران كمثال.

في خطابه الأخير، أعاد نتنياهو استخدام عبارات مثل: "ضربنا قدرات حماس"، و"الردع تحقق"، و"الجيش يسيطر على الأرض"، رغم أن تقارير استخباراتية إسرائيلية- مثل تلك التي نشرتها قناة "كان 11"- أشارت إلى أن حماس ما زالت تحتفظ ببنية قتالية في وسط وجنوب القطاع، وميدانيًا تنفذ كمائن وعمليات تفجيرية بصورة متكررة.

في هذا السياق، يبدو أن نتنياهو يحاول إنتاج "مسرح انتصارات مصطنعة" يوازن بين فشل معنى الحرب الحقيقي، وضرورة الحفاظ على صورة الحكومة أمام جمهورها القومي والديني.

المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تعرف ذلك. رئيس الشاباك السابق، نداف أرغمان، تحدث في لقاء مغلق (بحسب ما كشفته صحيفة "هآرتس") عن "خطر بيع الوهم للجمهور بدل التعامل مع الحقيقة الميدانية".

وهنا يكمن المأزق الحقيقي: إذا كانت الصفقة هي مجرد مرحلة في مسرح سياسي أكبر، فمن الذي يضمن ألا يُستأنف القتال بمجرد انتهاء مدة الـ60 يومًا؟

وهل تتحوّل الرهائن – مرة أخرى – إلى أدوات تسويق تكتيكية، لا إلى غاية إنسانية فعلية؟

وهل باتت إسرائيل- دون أن تعترف – عالقة في حرب لا تقدر على كسبها، ولا تجرؤ على إنهائها؟

نهاية حرب أم استراحة محارب؟

الهدنة المقترحة لـ60 يومًا ليست مجرد وقف لإطلاق النار، بل هي اختبار لإمكانية صياغة نهاية سياسية لحرب طالت أكثر مما تحتملها إسرائيل.

ما هو واضح أن نتنياهو لم يعد رهينة كاملة لائتلافه. استعاد- ولو مؤقتًا- هامش مناورة يتيح له اللعب على حبال الداخل والخارج.

السؤال لم يعد: هل ستُبرم الصفقة؟ بل: كم من الوقت يمكنه مواصلة المناورة قبل أن يُجبر على كشف أوراقه؟ وما إذا كانت هذه "الاستراحة" هي بداية النهاية.. أم مجرد فاصل درامي في مسلسل لا ينتهي، وملف رهائن قد يقرر مصير آلاف العائلات.. وربما مستقبل النظام السياسي الإسرائيلي بأكمله؟

أما في غزة، فلا هدنة في المعنى الإنساني. بل وقتٌ معلّقٌ بين موت مؤجل، وأمل غامض.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • اشتباكات عنيفة في خان يونس.. ومروحيات إسرائيلية تهبط وسط قصف مكثف
  • فزغلياد: لماذا تَجدد الحربِ بين إسرائيل وإيران لا مفر منه؟
  • د. لبيب قمحاوي يكتب .. الصورة الجديدة للصراع مع إسرائيل
  • إسرائيل تتحدث عن تصفية "خلية إرهابية" في غزة
  • لماذا تظهر الآن بوادر صفقة بين إسرائيل وحماس؟
  • “سرايا القدس”: قصفنا مستوطنة “سديروت” بالصواريخ
  • إعلام العدو يقر: حماس تفك شيفرة الجيش وتحوّل جنوده إلى أهداف مكشوفة في غزة
  • تحقيق :لماذا انتشرت فجأة كل هذه الأخبار الكاذبة عن المستشار الألماني ميرتس؟
  • فلسطين تحذر من إفشال إسرائيل جهود تحقيق وقف إطلاق النار في غزة