سواليف:
2025-06-10@18:52:12 GMT

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. تلك الرائحة

تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT

#تلك_الرائحة

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ … 29 / 4 / 2017

في بيتنا حوض نعناع، ومزراب كََفّ عن البكاء منذ غياب الشتاء، وزجاج دُهن باللون الأزرق خوفاً من غارة جوية ذات حرب، وأسراب نمل كثيرة تنقل خزينها على مهل من كيس ما زال ينزفُ حَبّاً بعد أن ثقبه “مسمار” تاجر لم يعجبه كثيراً امتلاء القمح لهذا العام، النملُ لصّ شريف يسرق في وضح النهار يسرق ليعيش، يسرق ليطعم مملكته، لكنه لا يخونها أو يأكل خيراتها وإن مات جوعاً.


كنت أمضي ساعات بين حوض النعناع وشجرة التوت، محاولاً أن أكوّن صداقات مع بعض النملات الدؤوبة التي لا تعرف الهزل أو الابتسامة، كنت أضع قدمي في طريقها لتتسلّق جلدي الطري وتدغدغ أطراف أصابعي ثم تنزل دون أن تؤذيني متّجهة إلى بيوتها الغائرة في التراب، كنت أحب هذه الكائنات الكادحة التي تنقل ما يسقط من ثرثرات الغربال من قشّ وزِوَان وقمح ضعيف إلى مخازنها المخفية تحت أقدامنا، لا شيء يدّلني إلى تلك البيوت التي تشبه بؤبؤ العين سوى التراب الناعم المندلق خارجها وبعض العاملات الطالعات للتو من عتمة المكان يعملن ويعملن لا يطالبن بزيادة الأجر أو تحديد ساعات العمل أبداً.
لا أصدقاء لي في الطفولة، سوى النمل على الأرض والغيم في السماء، عندما أفقد السرب الأسود أو أضيع خارطة البيوت وثقوب الطين، أنظر إلى الفضاء طويلاً كانت تدهشني خراف الغيم البيضاء الصغيرة التي تقفز في بحر المدى وتلتحم مع بعضها بعضاً لتصبح شيخاً مسنّاً، هكذا أنا، كنت مجنوناً أبدد طفولتي في الخيال، أمضي وقتي بين جماد يرتفع مئات الأميال ولا يراني، وكائنات صامتة جادة مفرطة في الصغر لا تراني أيضاَ، لا أدري ربما كان تصرّفاً لا إراديا في إشغال وقتي حتى لا أشتاق إلى أبي المسافر، كي لا أحن إلى عينيه العسليتين المتدفقتين طيبة، ولا أبتسم توقاً كلما تذكّرت لحيته الشوكية وهو تدغدغ خدّي الصغير.

مقالات ذات صلة الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية بصاروخ أرض – جو في أجواء مأرب / فيديو 2025/01/01

من فرط طفولتي نسيتُ أن أقول له إني أحبك، بصراحة لم يكن لديّ وقتها مفردات كافية لأقولها، أو ربما كنت خجولاً متردداً، ترددت كثيراً بالبوح بها، وعندما أتقنت لغة الكلام مات أبي.
من فرط طفولتي نسيتُ أن أحبَّ أبي، نسيت التعلّق به كما يفعل كل من هم في سنّي، من يكتبون رقم “3” بالمقلوب، ويفشلون في تعرجات الــ”4″، لم أكن أملك في ذلك العمر مفردات كافية لأقول له إني أحبّك، لكنّي فعلاً كنت أحبه، كنت أحب طيات جبهته عندما يقول لي “لا”، وأعشق ابتسامته التي كانت تطلع رغم شقائه كما تطلع الوردة من قلب الصخر، كنت أحبّه أكثر من خِراف الغيم وأكثر من صديقاتي النملات، كنت أحبّه أن يبقى قريباً منّي، أن ينام قريباً من فراشي على بعد خطوتين أو ثلاث، المهم أن أرى ظل ركبته على الحائط في الليل مثل جبل شاهق، لا أدري لماذا ترددت كثيراً أن أقول له: أحبّك، كما يفعل ابني الآن معي.

ما أجبنني! من فرط طفولتي نسيتُ أن أقول له إني أحبك، بصراحة لم يكن لديّ وقتها مفردات كافية لأقولها، أو ربما كنت خجولاً متردداً، ترددت كثيراً بالبوح بها، وعندما أتقنت لغة الكلام مات أبي.

كان يحزنني غيابه كثيراً وأنا عاجز عن التعبير، تماماً كما يعجز الرضيع أن يشير إلى وجعه، هو فقط يبكي، والبكاء تشخيص في كثير من الأحيان، لذا كنت ألهي نفسي بالزحف وراء سرب النمل الأسود أو بالركض وراء سرب الغيم الأبيض كالهرب من الليل والنهار، كي لا أبكي، وكي لا ينكشف التشخيص.

يُتم الطفولة، ظمأ دائم، بعده لا يمكن الارتواء أبدا، مثلاً قد أنسى أشياء كثيرة في حياتي إخفاقي نجاحي أعدائي أصدقائي، لكنني لا أستطيع أن أنسى رائحة المسافات في “جاكيت” أبي الرمادي، ولا رائحة الدخان المتغلغل في ملابسه الشتوية، لا أستطيع أن أنسى ملوحة عرقه التي التصقت بشفتيّ عندما قبّلت يده آخر مرّة عاد فيها، كان منهكاً، يلهث كثيراً، لكنه ابتسم لنا ونحن نحيط به، كان مثل الغيم لا يشكو التعب حتى لا يخدش الشوق وفرح اللقاء.

ليس جنوناً إن قلت إنني حتى اللحظة ما زلت أشتاقه وأتخيّل طرقة الباب من يده، وأشتاق إلى تلك الرائحة التي لا تستطيع أي أنفاس أن تنتجها أو تشبهها، لكنني في نفس الوقت أحزن كثيراً لأنني لم أقل له “أحبّك” بما فيه الكفاية!

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

مضى #184يوما … بقي #92يوما

#الحريه_لاحمد_حسن_الزعبي

#سجين_الوطن

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سجين الوطن حسن الزعبی کنت أحب

إقرأ أيضاً:

مسلسل Mercy for None .. الدراما الكورية التي فجّرت الجدل على نتفليكس!

أحدث المسلسل الكوري Mercy for None  الكثير من الجدل منذ بدء عرضه على نتفليكس، وأثار موجة من التفاعل والجدل، حيث جذب أنظار عشاق الإثارة والجريمة منذ اللحظة الأولى.

اقرأ ايضاًكل ما تريد معرفته عن الموسم الخامس والأخير من مسلسل Stranger Thingsمسلسل Mercy for None: قصة انتقام لا تعرف الرحمة

تدور أحداث المسلسل الكوري الذي يُعرض بالعربية تحت عنوان “لن أرحم أحدًا”، حول شخصية “نام جي جون”، رجل قاتل مأجور ذو ماضٍ دموي، كان أحد أبرز أعضاء عصابة بونجسان، المعروفة بقسوتها وهيمنتها في عالم الجريمة.

رغم أنه ابتعد عن ذلك العالم المظلم منذ أكثر من عقد، وبدأ حياة جديدة هادئة يعمل خلالها بتوزيع المشروبات لشركات مرتبطة بالعصابةءالسابقة، إلا أن موت شقيقه المفاجئ يعيده مجددًا إلى قلب دوامة العنف والدم.

من هنا تنطلق رحلة انتقام قاتمة، يغوص خلالها “جي جون” في دهاليز الخيانة والغموض، في محاولة للعثور على الحقيقة ومحاسبة كل من يقف في طريقه.

من الويبتون إلى الشاشة: ولادة مشروع جريء

يستند المسلسل إلى ويب تون شهير بعنوان “Plaza Wars” حروب بلازا من تأليف أوه سي-هيونغ ورسوم كيم جيون-تاي، وقد جرى تحويله إلى عمل درامي مبهر هو الأول من نوعه لفريق الإخراج والكتابة، حيث أخرجه تشوي سونغ-إيون وكتبه يو كي-سونغ في أولى تجاربه الدرامية.

ورغم أنها تجربة إنتاجية أولى، إلا أن النتيجة جاءت مليئة بالتوتر، والقتال، والتحولات النفسية القاتلة، التي تُبقي المشاهد متيقظًا حتى اللحظة الأخيرة من كل حلقة.

نجوم مسلسل Mercy for Noneسو جي-سوب في عودة قوية بدور نام جي جونهيو جون-هو بدور الزعيم لي جو-وونجونغ ميونغ بدور جو جون-موتشوو يونغ-وو في شخصية غامضة تُدعى لي جيوم سونجو هان-تشيول بدور تشوي سيونغ-تشولنجاح عالمي منذ الحلقة الأولى

بدأ عرض المسلسل يوم 6 يونيو 2025، ويتكون من 7 حلقات مشحونة بالأكشن والدراما.

ومنذ لحظات عرضه الأولى، دخل المسلسل قوائم الأكثر مشاهدة على نتفليكس في عدة دول، وسط تفاعل جماهيري ضخم وتغريدات على مواقع التواصل تثني على الأداء العالي والقصة القوية.

ووصفه النقاد بأنه: “دراما عصابات كلاسيكية بطابع بصري حديث وأداء تمثيلي لا يُقاوَم”.

بينما يرى الجمهور أن العمل استفز حواسهم وتجاوز التوقعات، خاصة بفضل عودة “سو جي-سوب” بدور معقد يتطلب صمتًا كثيفًا وعيونًا تتكلم!

 

كلمات دالة:Mercy for None تابعونا على مواقع التواصل:InstagramFBTwitter

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

هيا أبو جبارة محررة في قسم باز بالعربي

محررة في قسم باز بالعربي

الأحدثترند مسلسل Mercy for None .. الدراما الكورية التي فجّرت الجدل على نتفليكس! مها الصغير تكشف عن تفاصيل مرضها النادر لاول مرة.. والتشخيص الخاطئ بـ "السرطان" المستثمرون الأجانب يسحبون 44 مليار دولار من الأسهم الأميركية أكثر من ربع مليون شخص يتظاهرون في روما رفضا للحرب على غزة الإعلام السوري: طي صفحة شاهد على فصول مأساة النزوح Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • ضغوط أوروبية لإنقاذ الكاتب بوعلام صنصال.. الجزائر في مرمى الانتقادات
  • الهندية بانو مشتاق الحائزة على بوكر ترى أن على الكاتب وصف الوردة وأشواكها
  • الهندية بانو مشتاق الحائزة بوكر: على الكاتب وصف الوردة وأشواكها
  • آيت نوري :”فخور بتمثيل الجزائر والجمهور دعمني كثيرا للالتحاق بالسيتي”
  • ايت نوري :”فخور بتمثيل الجزائر والجمهور دعّمني كثيرا للالتحاق بالسيتي”
  • الشفافية التي غابت عن الفترة الإنتقالية
  • والي ولاية القضارف يشيد بالمنظمات التي ساهمت في توفير الأضحية لفئات مجتمع الولاية
  • أسرة تحرير صدى البلد تنعى الكاتب الصحفي معتز مجدي
  • نائب أمل شكر وقفة عون المشرفة التي طال انتظارها
  • مسلسل Mercy for None .. الدراما الكورية التي فجّرت الجدل على نتفليكس!