حكم إقامة الموالد للصالحين وتعليق الزينات والأنوار
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن إحياء ذكرى الأولياء والصالحين وحبُّهم والفرحُ بهم أمرٌ مرغَّبٌ فيه شرعًا؛ لما في ذلك من الباعث على التأسي بهم والسير على طريقهم، ولا بأس من تحديد أيام معينة يُحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين، سواء أكانت أيام مواليدهم أم غيرها؛ فإن هذا داخل تحت عموم قوله تعالى: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5].
وأما ما قد يحدث في هذه المواسم من أمور محرمة؛ كالاختلاط الفاحش بين الرجال والنساء، فيجب إنكارها وتنبيه أصحابها إلى مخالفة ذلك للمقصد الأساس الذي أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفة.
حكم طلب المسلم المددَ من الأولياء والصالحين وإحياء ذكراهم
وأوضحت الإفتاء أن طلب المسلم المددَ من الأولياء والصالحين أحياءً ومنتقلين محمولٌ على السببية لا على التأثير والخلق؛ فلا مانع منه شرعًا.
وأضافت الإفتاء أنه يجوز الذكر باسمٍ من أسماء الله الحسنى سرًّا أو جهرًا، فرادى أو جماعات، حيث أنه مشروع بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية .
وعن إقامة الموالد إحياءً لذكرى الأولياء والصالحين وحبهم والفرح بهم، قالت الإفتاء إنه أمرٌ مُرَغَّبٌ فيه شرعًا؛ لما فيه من الباعث على التأسي بهم والسير على طريقهم، ولا بأس من تحديد أيام معينة يُحتَفَل فيها بذكراهم؛ سواء أكانت أيام ميلادهم أم غيرها.
حكم الصلاة في المساجد التي يوجد بها أضرحة الأولياء والصالحين
أما عن حكم الصلاة في المساجد التي يوجد بها أضرحة الأولياء والصالحين، قالت الإفتاء إنها صحيحةٌ ومشروعةٌ، بل إنها تصل إلى درجة الاستحباب، وذلك بالكتاب، والسُّنَّة، وفعل الصحابة، وإجماع الأمة الفعلي.
-فمن القرآن الكريم: قوله تعالى: ﴿فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾ [الكهف: 21].
قال الإمام الرازي في "تفسيره": [﴿لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾: نعبد الله فيه، ونستبقي آثار أصحاب الكهف بسبب ذلك المسجد] اهـ.
وقال الشهاب الخفاجي في "حاشيته على تفسير البيضاوي": [في هذه دليل على اتخاذ المساجد على قبور الصالحين] اهـ.
ومن السُّنَّة: حديث أبي بصير رضي الله عنه الذي رواه عبد الرزاق عن مَعمَر رضي الله عنه، وابن إسحاق في "السيرة"، وموسى بن عُقبة في "مغازيه" -وهي أصح المغازي كما يقول الإمام مالك- ثلاثتهم عن الزُّهرِي عن عُروة بن الزُّبَير رضي الله عنه عن المِسوَر بن مَخرَمة ومروان بن الحكم رضي الله عنهم: أن أبا جَندَلِ بن سُهَيل بن عمرو رضي الله عنه دفن أبا بَصِير رضي الله عنه لَمَّا مات وبنى على قبره مسجدًا بسِيف البحر، وذلك بمحضر ثلاثمائة من الصحابة. وهذا إسناد صحيح؛ كله أئمة ثقات، ومثل هذا الفعل لا يخفى على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك فلم يَرِد أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر بإخراج القبر من المسجد أو نبشه.
كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «في مسجد الخَيفِ قَبرُ سبعين نبيًّا» أخرجه البزار والطبراني في "المعجم الكبير"، وقال الحافظ ابن حجر في "مختصر زوائد البزار": [هو إسناد صحيح] اهـ.
وقد ثبت في الآثار أن سيدنا إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر رضي الله عنها قد دُفِنا في الحِجر من البيت الحرام، وهذا هو الذي ذكره ثقات المؤرخين واعتمده علماء السِّيَر؛ كابن إسحاق في "السيرة"، وابن جرير الطبري في "تاريخه"، والسهيلي في "الروض الأنف"، وابن الجوزي في "المنتظم"، وابن الأثير في "الكامل"، والذهبي في "تاريخ الإسلام"، وابن كثير في "البداية والنهاية"، وغيرهم من مؤرخي الإسلام.
وأقرَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ولم يأمر بنبش هذه القبور وإخراجها من مسجد الخيف أو من المسجد الحرام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أولياء الله الصالحين الأولياء الأولياء الصالحين الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم ر رضی الله عنه
إقرأ أيضاً:
ما الواجب على من فاتته صلاة الجمعة لعذر؟.. الإفتاء تجيب
ما الواجب على من فاتته صلاة الجمعة لعذر؟ سؤال أجابت عنه دار الإفتاء المصرية.
وكتبت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى على فيس بوك عن السؤال قائلة: إذا فاتت صلاة الجمعة على المكلف لعذرٍ؛ كالنوم ونحوه -أو لغير عذر-؛ وجب عليه قضاؤها بالإجماع؛ قال العلامة ابن بزيزة في "روضة المستبين" (1/ 374، ط. دار ابن حزم): [وقد انعقد الإجماع على وجوب قضاء الصلوات الفوائت بنسيان أو نوم] اهـ.
يدلُّ على ذلك: ما أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا».
وما أخرجه أبو داود في "سننه" أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ».
وما أخرجه الترمذي في "جامعه" عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: ذكروا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم نومهم عن الصلاة، فقال لهم صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي اليَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا».
وأخرج الإمام مسلم في "صحيحه" نحو هذا في قصة نومهم في صلاة الفجر؛ ولفظه: «أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الْأُخْرَى، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا، فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا».
قال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار" (2/ 33، ط. دار الحديث): [والحديث يدل على أنَّ النائم ليس بمكلف حال نومه، وهو إجماع] اهـ.
وقال العلامة الملَّا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (2/ 532، ط. دار الفكر): [(ليس في النوم)؛ أي: في حالهِ (تفريطٌ)؛ أي: تقصير ينسب إلى النائم في تأخيره الصلاة (إنما التفريط)؛ أي: يوجد (في اليقظة)؛ أي: في وقتها بأن تسبب في النوم قبل أن يغلبه، أو في النسيان بأن يتعاطى ما يعلم ترتبه عليه غالبا؛ كلعب الشطرنج، وأنه يكون مقصرًا حينئذٍ، ويكون آثمًا، (فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها؛ فليصلِّها إذا ذكرها)؛ أي: بعد النسيان أو النوم] اهـ.
كيفية قضاء صلاة الجمعة لمن فاتته
وأوضحت الإفتاء أن قضاء الجمعة تكون بأن يصلِّيَها المكلف ظهرًا أربع ركعات بالإجماع؛ قال الإمام ابن المنذر في "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (4/ 107، ط. دار طيبة): [أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أنَّ من فاتته الجمعة أن يصلي أربعًا] اهـ.
وقال العلامة ابن الملقن في "عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج" (1/ 359، ط. دار الكتاب): [ولا تقضى إذا فاتت جُمعةً، بل ظهرًا إجماعًا] اهـ. بتصرف يسير.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 254، ط. مكتبة القاهرة): [فأمَّا إذا فاتته الجمعة فإنَّه يصير إلى الظهر؛ لأنَّ الجمعة لا يمكن قضاؤها؛ لأنَّها لا تصح إلا بشروطها، ولا يوجد ذلك في قضائها، فتعيَّن المصير إلى الظهر عند عدمها، وهذا حال البدل] اهـ.
وبينت أن مَن فاتته صلاة الجمعة بسبب النوم من غير تهاونٍ ولا تقصيرٍ لا يكون آثما شرعًا، ويلزمه قضاؤها ظهرًا اتفاقًا.
وعلى المسلم أن يحتاطَ لأمر صلاة الجمعة ويحرص على حضورها، وأن يأخذَ بما يعينه على أدائها من الأساليب والأسباب؛ كالنوم باكرًا وعدم السهر بلا فائدة، أو كأن يعهد إلى أحدٍ أن يوقظَه، أو أن يضبط ساعته أو منبه هاتفه لإيقاظه ونحو ذلك من الوسائل التي تعين المرء على أداء صلاة الجمعة في وقتها؛ قيامًا بالفرض، وتحصيلًا للأجر وعظيم الفضل.