انتكاسة فرنسا في أفريقيا.. هل يكون 2025 عام إنهاء الوجود الفرنسي بالقارة السمراء؟
تاريخ النشر: 3rd, January 2025 GMT
تزايدت خلال العام المنصرم، مطالبات القادة الأفارقة للقوات الفرنسية بمغادرة بلادهم، فيما يشبه انتكاسة لنفوذ باريس في أفريقيا التي شكّلت لأكثر من قرنين محور السياسة الخارجية والحضور العسكري الفرنسي خارج الحدود.
وظلّت أفريقيا، لعقود، المزوِّد الرئيسي لفرنسا بالطاقة واليورانيوم والمعادن، إذ تضخّ دول أفريقيّة مثل النيجر ومالي وتشاد 25 في المئة من احتياجات المفاعلات النووية التي تعتمدها فرنسا للتزود بالكهرباء.
كما تضع فرنسا يدها على العديد من ثروات القارة عن طريق الشركات الفرنسية العملاقة. ووفق تقديرات بعض الخبراء، فإن 80 في المئة من كل ما يتم استخراجه من الموارد والثروات المعدنية في أفريقيا يصدّر بإشراف فرنسي نحو القارات الأخرى.
ويرى متابعون أن الخروج العسكري الفرنسي من إفريقيا ستكون لها تداعيات على حجم نفوذها في القارة، خصوصا في ظل ظهور منافسين أقوياء لباريس في شمال وغرب القارة، مثل الصين وروسيا.
إنهاء الوجود العسكري
بعد مالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد، التحقت السنغال وساحل العلاج بركب البلدان الإفريقية التي قرّرت إنهاء الوجود العسكري الفرنسي بها؛ حيث أعلن الرئيس الإيفواري، الحسن واتارا، أنّ: بلاده قرّرت "الانسحاب المنسق والمنظم للقوات الفرنسية من أراضيها".
وحدّد الرئيس الإيفواري، شهر كانون الثاني/ يناير الجاري موعدا لتسليم القاعدة الفرنسية في أبيدجان. مضيفا أنه: "سيتم تسليم المعسكر 43، كتيبة المشاة البحرية في بورت بويه في أبيدجان للقوات المسلحة الإيفوارية اعتبارا من شهر يناير 2025".
وسوف يتغير اسم المعسكر ليصبح "الجنرال واتارا توماس داكوين"، وهو أول رئيس أركان للجيش الإيفواري.
من جهته، أعلن الرئيس السنغالي، باسيرو ديوماي فاي، أنه قد أصدر تعليمات لوزير دفاعه باقتراح: "نهج جديد للتعاون في مجال الدفاع والأمن يفضي بالإضافة لنتائج أخرى، إلى إنهاء الوجود العسكري للدول الأجنبية في السنغال، اعتبارا من 2025".
وأشار الرئيس السنغالي، في كلمة بمناسبة العام الجديد أنه: "سيتم التعامل مع جميع أصدقاء السنغال كشركاء استراتيجيين، في إطار تعاون منفتح ومتنوع وخال من العقد".
وفي مقابلة صحفية قال الرئيس السنغالي، إن بلاده "دولة مستقلة، وذات سيادة، والسيادة لا تتفق مع وجود قواعد عسكرية أجنبية"، مؤكدا أنّ: "رفض وجود عسكري فرنسي في بلاده لا يعني قطيعة بين البلدين".
قطيعة مع بلدان الساحل
فيما أكدت ساحل العاج والسنغال، أن قرار إنهاء الوجود الفرنسي "لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على التعاون مع فرنسا"، فقد بدا الأمر مختلفا بالنسبة لدول افريقية أخرى، خصوصا بلدان الساحل الإفريقي، التي طردت القوات الفرنسية على وقع أزمة مع باريس، وانحازت بشكل واضح للمعسكر الروسي.
وأنهت من دول الساحل مختلف الاتفاقات المتعلقة بالحضور الغربي وأغلقت القواعد العسكرية الفرنسية والألمانية والغربية بشكل عام. وبدأ إنهاء الحضور الفرنسي من مالي التي ألغت كافة الاتفاقات العسكرية مع باريس ودعت القوات الفرنسية إلى مغادرة أراضيها.
إلى ذلك، استكملت فرنسا قبل أشهر انسحابها من مالي وأغلقت قواعدها العسكرية في هذا البلد، تلتها ألمانيا التي سحبت أيضا قواتها وغادرت الأراضي المالية.
من جهتها، أنهت النيجر وبوركينافاسو الاتفاقيات العسكرية مع فرنسا، وغادر آخر الجنود الفرنسيين المنتشرين في النيجر نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
كذلك، أنهت تشاد كافة الاتفاقيات المتعلقة بالحضور العسكري الفرنسي في البلد، حيث بدأ الجنود الفرنسيون منذ نحو شهر مغادرة الأراضي التشادية.
وبدأت فرنسا بالفعل بنقل نحو ألفي جندي فرنسي ومعدات عسكرية خارج تشاد، فيما أعلنت الخارجية التشادية، أنّ: فرنسا نقلت بالفعل سلاحها الجوي وأن المقاتلات الفرنسية غادرت الأراضي التشادية بشكل كامل.
وكانت فرنسا، قد أعلنت قبل أشهر، عن خطة لخفض حضورها العسكري في غرب أفريقيا، وذلك في خطوة سوف تقلص من نفوذ القوة الاستعمارية السابقة.
أيضا، قرّرت فرنسا مراجعة وجودها في غرب أفريقيا بعدما اضطر جنودها للانسحاب من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث توترت العلاقة بين باريس والقادة العسكريين الممسكين بالسلطة في هذه الدول.
روسيا تشغل الفراغ
استغلّت روسيا انتكاسة فرنسا في غرب أفريقيا لشغل الفراغ الذي خلفه الانسحاب العسكري الفرنسي، حيث تصاعد الحضور الروسي في منطقة الساحل الأفريقي، بشكل متسارع، خلال العام 2024، مدفوعا بمزاج شعبي يميل لصالح موسكو بدل باريس التي هيمنت على المنطقة لسنوات، خصوصا في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وشهدت هذه البلدان الثلاثة (مالي وبوركينا فاسو والنيجر) خمس انقلابات عسكرية، آخرها في النيجر، ما أدّى إلى تشكل مجالس عسكرية مناهضة للتواجد العسكري الفرنسي في المنطقة، واستبداله بالتعاون العسكري مع روسيا، وشركتها الأمنية فاغنر.
عوامل تراجع النفوذ الفرنسي
يرجع الخبير المختص في الشأن الإفريقي، أحمد ولد محمد المصطفى، تراجع النفوذ الفرنسي في أفريقيا بشكل عام وغرب إفريقيا بشكل خاص، إلى عدة عوامل متضافرة، أبرزها: "وعي شعبي شبابي متزايد بحجم التحكم الفرنسي في دولهم التي كانت مستعمرة من قبل فرنسا، وقد أخذ هذا الوعي طابعا نضاليا مناهضا للوجود الفرنسي، وتركز أساسا في المجال الاقتصادي والسياسي".
وأشار ولد محمد المصطفى في تصريح لـ"عربي21" إلى أن: "ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، قد ساهمت في مستوى تنسيق القوى الشبابية الإفريقية المناهضة لفرنسا، وللهيمنة الغربية بشكل عام".
وأوضح: "بين عوامل تراجع النفوذ الفرنسي، فشل فرنسا المزمن في تجاربها العسكرية في المنطقة، ومن آخرها عمليتي (سيرفال) و(برخان) في منطقة الساحل، والتي أدّت عمليا لزيادة التحديات الأمنية حجما ومستوى بدل القضاء عليها".
زمن فرنسا يطوى بشكل متسارع
اعتبر الخبير المختص في الشأن الإفريقي، أحمد ولد محمد المصطفى، أنّ: "التراجع الفرنسي في أفريقيا كان على مستويات عدة سياسية، وعلمية، واقتصادية".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "الواضح الآن، أن الزمن الفرنسي في غرب إفريقيا يطوى بشكل متسارع، سواء على شكل قطيعة وأزمة مستحكمة، كما حدث في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، أو بشكل دبلوماسي، أو بشكل أقل حدة كما حدث تشاد، أو بشكل سياسي ودبلوماسي كما يجري الآن في السنغال وساحل العام وغيرهما".
رغبة الشعوب ومخاوف الحكام
أوضح ولد محمد المصطفى "رغبة الشعوب الراغبة في استعادة قرارها، والتخلص من هيمنة المستعمر الذي جثم على صدورها لعقود، التقت مع مخاوف الحكام من مستوى صراع وتنافس القوى الكبرى في المنطقة، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من جهة وروسيا من جهة أخرى".
وفي السياق نفسه، أبرز أنّ: "هذه العوامل ساهمت في الوضع الذي تعرفه علاقات فرنسا مع بلدان القارة السمراء".
الدائرة تتسع
رجّح المتحدث أن تتسع دائرة الرفض الإفريقي للوجود العسكري الفرنسي خلال العام 2025. مضيفا أنه: "نتيجة لكل هذه العوامل، فالمرجح، أن يتواصل التراجع الفرنسي في المنطقة، وأن تتوسع دائرة الخروج من التبعية الفرنسية، والبحث عن تحالف وتموقع في خارطة المنطقة والعالم الآخذة في التشكل من جديد".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة دولية أفريقيا فرنسا مالي روسيا القارة السمراء فرنسا روسيا أفريقيا مالي القارة السمراء المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العسکری الفرنسی وبورکینا فاسو إنهاء الوجود الفرنسی فی فی المنطقة فی أفریقیا فی غرب
إقرأ أيضاً:
محرز يفجّرها: ماندريا ليس جاهزًا… وبن بوط يستحق أن يكون الحارس الأول في “كان 2025”!
في حوار صريح وشامل خصّ به موقع “العربي الجديد“، قدّم حارس المنتخب الجزائري سابقاً، سيد أحمد محرز، تقييماً دقيقاً لمستوى “الخضر” في الفترة الحالية.
محرز-يفجّرها-ماندريا-ليس-جاهزًا-وبن
وسلّط الضوء على التحديات الكبرى التي تلاحق المنتخب. وعلى رأسها أزمة حراسة المرمى.
كما عبّر عن رأيه بخصوص مستقبل الخُضر في كأس أمم أفريقيا 2025 بالمغرب. ومصير المنتخب المحلي بقيادة بوقرة في الدفاع عن لقب كأس العرب.
وعلّق سيد أحمد محرز، على الخسارة الودية الأخيرة أمام السويد (4-3)، قائلًا إن المنتخب الجزائري “قدّم وجهين مختلفين تماماً” خلال اللقاء. حيث بدا تائهاً وباهتاً في بداية المباراة. قبل أن يتحسّن أداؤه بشكل ملحوظ في آخر نصف ساعة.
واعتبر أن الضغط العالي غير المدروس الذي حاول الفريق تطبيقه منذ البداية، رغم الحالة البدنية المرهقة للاعبين في نهاية موسم شاق. كان من الأسباب المباشرة لهذا التراجع.
ولم يتردد محرز في توجيه انتقادات لبعض الخيارات الفنية. مشيراً إلى أن ريان آيت نوري لا يصلح للعب في خط دفاع رباعي. وهو الأمر ذاته بالنسبة للمدافع محمد فارسي، الذي لم ينسجم مع الثنائي ماندي وبن سبعيني.
كما لفت إلى وجود “خلل واضح في محور الدفاع” يجب معالجته قبل دخول المنافسات الرسمية.
وبوصفه مدرباً سابقاً للحراس، تحدّث محرز، مطولًا عن تراجع مستوى الحارس أنتوني ماندريا. معتبرًا أن ما يمرّ به “أزمة ذهنية بالدرجة الأولى”. ورأى أن إشراكه أساسياً أمام السويد كان قرارًا خاطئًا. خاصة بعد موسم كارثي مع نادي كان الفرنسي. حيث تلقى 44 هدفاً وهبط إلى الدرجة الثالثة الفرنسية.
كما أوضح أن الهدف الثاني يعد مسؤولية فردية لماندريا، في حين يتحمل جزءاً من مسؤولية الهدف الأول. مشيراً إلى أن بقية الأهداف يصعب تحميله مسؤوليتها الكاملة، لكنها تظهر تراجع الثقة والتمركز.
وفي السياق ذاته، رشّح محرز حارس اتحاد الجزائر أسامة بن بوط، ليكون الحارس الأول لـ”الخُضر”، قائلاً: “هو الأفضل من حيث الجاهزية والاستقرار الذهني، وقدّم موسماً ممتازاً مع فريقه محلياً وقارياً. ولديه خبرة بالملاعب الأفريقية، وهو ما نحتاجه قبل كأس أفريقيا”.
أما عن الحارس ألكسيس قندوز، فعبّر عن استغرابه من إبعاده، مشدّداً على أنه “لم يخيب عندما تم الاعتماد عليه سابقاً”. وأنه “من غير المنطقي إبعاده دون مبرر فني واضح”.
ورغم تحفظه على ترشيح الجزائر للفوز بكأس أفريقيا المقبلة في المغرب. أكد محرز أن الأجواء المريحة في المغرب قد تساعد المنتخب على مفاجأة الجميع. تماماً كما حدث في مصر 2019. قائلاً: “الضغط هذه المرة سيكون أقل، وهذا قد يتحول إلى نقطة قوة إذا أحسن استغلالها”.
وبخصوص المنتخب المحلي، أشار محرز إلى أن الأمور ستكون أكثر صعوبة من نسخة 2021. لأن البطولة القادمة ستتزامن مع كأس أفريقيا. ما يعني غياب لاعبي المنتخب الأول.
ورغم ذلك، اعتبر أن المدرب مجيد بوقرة يملك خيارات بديلة محترمة مثل: براهيمي، سعيود، لكحل، وعبيد، إضافة إلى إمكانية الاستعانة بلاعبين من الدوريات الأسكندنافية والروسية.
ختاما، علّق محرز، على خبر انتقال عادل بولبينة إلى نادي الدحيل القطري. قائلاً: “أعرف هذا النادي جيداً واحترافيته العالية. بولبينة يستحق هذه الفرصة. وأتمنى أن يمنح بعض الوقت مع المنتخب الأول. لأنه يملك ما يكفي من الإمكانيات”.