سواليف:
2025-05-10@09:37:49 GMT

ما قلّ ودل

تاريخ النشر: 4th, January 2025 GMT

#ما_قل_ودل

د. #هاشم_غرايبه

لا شك في أن حال أمتنا في هذا الزمان مؤلم، كثيرون منا مطمئنون الى أنه عُسرٌ من بعده يسر، وقليلون انهزموا من داخلهم فاستسلموا للأمر الواقع، لكن الفريقين كليهما في واقع الأمر لم يفعلوا شيئا باتجاه الخروج من هذا الحال، فالمطمئنون قعدوا ينتظرون نصر الله الموعود لأمته، ومن غير أن يقدموا ما أوجبه الله عليهم وفق سنته الكونية لشروط تغيير الحال، الخاضعة لقاعدتين: القاعدة العامة لكل البشر: ” إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”، والقاعدة الخاصة بالمؤمنين: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”.


وأما الإنهزاميون فكانوا يطمعون بأن ينصر الله الأمة مجانا، ويعتقدون أنهم كونهم يؤدون الفرائض فقد استحقوا من الله النصر، فلما لم يحققه لهم انقلبوا على أعقابهم، والتحقوا بالغالب الكافر، بل بالغ بعضهم في غيّهم، فأخذوا يصدون عن دين الله ويحاربون منهجه.
خطأ الفريقين أنهم اعتقدوا أن الله تعالى عندما نصر المؤمنين الأوائل على قلتهم وضعفهم حينئذ، فتغلبواعلى الذين كفروا رغم كثرتهم وقوتهم، كان مكافأة فقط من الله لهم على إيمانهم، وليس لأنهم أخذوا بالأسباب المؤدية الى النصر أيضا.
أولئك النفر الذين أنشأوا المشروع العالمي الأهم في تاريخ البشرية، كانوا تلاميذ نجباء للمعلم الأكبر “محمد” صلى الله عليه وسلم، الذي تلقى الحكمة والعلم الخالص من لدن الخالق مباشرة، وليس من المدارس التجريبية التي تعتمد على التجربة والخطأ، فعلّمهم أن الكون يسير وفق كلمة من الله سبقت، وهي سنن إلهية ناظمة لسيرورة الأحداث، وتكون فيها النتائج مبنية على المدخلات العملية، وهي ثابتة ماضية في كل خلق الله، لا يغيرها ولا يعدلها لمصلحة أحد من البشر مهما علا شأنه وارتفع مقامه، فلا مبدل لكلماته، ولا راد لحُكمه.
فهمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتزم بها، فعندما هاجر الى المدينة، ورغم أنه كان مطمئنا إلى أن الله حاميه “ما ظنك باثنين الله ثالثهما”، إلا أنه أخذ بأقصى ما استطاع من إجراءات التخفي عن عيون مطارديه.
وفي بدر كان الدرس الأبلغ، فعلّم المسلمين أن عليهم الإيفاء بشرطين: الأول جمع ما امكنهم من قوة، وليس شرطا القوة المكافئة، إذ لم تبلغ ثلث قوة قريش، والثاني صدق النية في نصرة منهج الله، وليس تحصيل المكاسب (التي هي غاية الحروب)، عندها يستحق العون الإلهي، أما بيان تفصيلات ذلك فقد أوضحه تعالى في سورة الأنفال:-
1 – من أوفى بما اشترطه الله استجاب لدعائه: “إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ”، والمدد هنا ليس المهم فيه العدد، فواحد من الملائكة كاف لهزيمة جيش من البشر، لكن رقم الألف لكي يبين الله أنه خصص لكل جندي من المشركين ملَكاً.
2 – الغاية من الإمداد بالملائكة ليس القتال نيابة عن المؤمنين، بل لتطمينهم بأن الله معهم: “وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”.
3 – لكن ما تكفل الله به هو ما لا يمكن لأحد فعله إلا هو، هو إرعاب الكافرين: “سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ” لأنه لا يتحكم بقلوب البشر غير الله، أما دور الملائكة فكان للمسلمين دعما معنويا: “إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ”، وللكافرين إحباطا لفعلهم: “فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ”، وما فوق الأعناق فهي الرؤوس، وضربها لا يعني قطعها بل تشتيت الذهن وإذهاب التركيز، وضرب البنان الذي يتم فيه توجيه الفعل، يعني أن تطيش السهام والرماح بعيدا عن هدفها وتضعف ضربة السيف ولا تؤدي فعلها.
هكذا رأينا أن الملائكة لا تقاتل بالنيابة عن المؤمنين، كما أن الله لا يغير في سننه، ورغم أنه لا يخلف وعده: “إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ” [غافر:51]، وحتى بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم قائدا، إلا أن نصره بقي موقوفا على الإيفاء التام بالأمرين: بذل قصارى الجهد في إعداد القوة، وإخلاص النية بالدفاع عن منهج الله، فعندما طمع المسلمون بالغنائم هُزموا في أحد، وعندما غرّتهم الكثرة هُزموا في حنين.

مقالات ذات صلة سياسة الاستبغال في زمن الاستغفال . . ! 2025/01/03

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: ما قل ودل هاشم غرايبه أن الله

إقرأ أيضاً:

سوريا: إحباط محاولات تهريب البشر عبر البحر

دمشق (الاتحاد)

أخبار ذات صلة سوريا.. مقتل مدني وإصابة 5 بانفجار ألغام الملكية الأردنية تستأنف رحلاتها إلى مطار حلب في سوريا

نفذت القوى البحرية التابعة لوزارة الدفاع السورية، أمس، حملة أمنية واسعة، وذلك ضد مراكب تهريب البشر على السواحل السورية.
وقالت الوزارة في بيان لها، إنها «قبضت على مهربين خلال العملية التي جرت خلالها اشتباكات استمرت لساعات، وتم تسليم المهربين للجهات الأمنية بعد ضبط أسلحة وعتاد بحوزتهم». 
وتأتي حملة القوى البحرية السورية في سياق جهودها لمكافحة تهريب البشر عن طريق البحر، ولا سيما من جهة جزيرة أرواد في محافظة طرطوس نحو جزيرة قبرص أقرب الجزر إليها في البحر الأبيض المتوسط. 
وسبق أن انتشلت سلطات الإنقاذ في قبرص جثث 7 أشخاص منتصف شهر مارس الماضي، كانوا يحاولون الوصول إلى الجزيرة بعد أن انطلقوا على متن قارب من محافظة طرطوس يتوقع أنه كان يحمل على متنه 20 شخصاً. 
وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون القبرصية حينها، إنه «يوجد عدد غير محدد من الأشخاص الذين كانوا على متن القارب لا يزالوا مفقودين إلى الآن، فيما تم إنقاذ شخصين على قيد الحياة في المياه الدولية على بعد 55 كيلومتراً جنوب شرقي جزيرة قبرص».

مقالات مشابهة

  • سوريا: إحباط محاولات تهريب البشر عبر البحر
  • السفير الأمريكي: إسرائيل ستشارك في توفير الأمن بغزة وليس توزيع المساعدات
  • سوريا: اشتباكات بحرية تستهدف مراكب تهريب البشر
  • القوى البحرية في وزارة الدفاع تنفذ حملة واسعة تستهدف مراكب تهريب البشر
  • وسطي وليس محافظا.. التفاصيل الكاملة لاختيار بابا الفاتيكان الجديد
  • البشر عاشوا في الغابات المطيرة الأفريقية قبل 150 ألف سنة
  • بوتين: تحالف موسكو وبكين من أجل شعبينا وليس ضد أحد
  • غزة وفلسطين ..من صنعاء لهم فجر الحرية
  • عودة وحش أعماق المحيط الهادئ.. ماذا ينتظر البشر؟
  • مسؤول أميركي: ما توصّلنا إليه مع الحوثيين تفاهم شفهي وليس اتفاقا