جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-13@08:20:39 GMT

التعليم والعصر الجديد

تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT

التعليم والعصر الجديد

 

محمد بن أنور البلوشي

"أنا لست أروى الأمس يا أبي. أروى اليوم مُختلفة. لديها رؤية جديدة للحياة بمعانٍ مختلفة. دعها تكون مختلفة، وأريدك أن تراها كذلك يا أبي"، قالت إحدى الطالبات خلال نقاش حيوي في الفصل الدراسي في الكلية. كانت كلماتها مليئة بالإصرار والوعي الذاتي، تعكس هوية متطورة كانت تحتضنها بثقة.

لامست كلمات أروى أعماق الحاضرين في القاعة، وأشعلت نقاشًا حول النمو الشخصي، والطموحات المستقبلية، والقوة التحويلية للتعليم.

على الرغم مما يُقال عن هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا على جيل "زد"، إلا أنني أرى قصة أعمق. هذا الجيل يصوغ معاني جديدة للحياة ويعيد تعريف النظام العالمي بطرق مُبتكرة. العنصر الوحيد المفقود هو الفرصة. متى ما أُتيحت لهم المنصة المناسبة، فإنَّ لديهم القدرة على التفوق وإعادة تشكيل المعايير.

"ما هي المهارات التي يبحث عنها أصحاب العمل في الخريجين الجدد؟" سألتني إحدى الطالبات. وأضافت أخرى: "كيف أُعد نفسي لأكون جاهزة لسوق العمل؟"

توقفت للحظة قبل أن أجيب، مدركًا أهمية هذه الأسئلة. "اليوم، التوقعات في سوق العمل مرتفعة للغاية"، قلت. "أصحاب العمل يُعطون الأولوية لقدرتك على الأداء والتزامك. يبحثون عن أشخاص يمكنهم التعرف على المشكلات وحلها بشكل استباقي، حتى قبل أن تُدرك الشركة وجود هذه المشكلات. هذه العقلية الاستباقية هي المفتاح في بيئة العمل التنافسية اليوم".

واصلت قائلًا: "بناء شبكة علاقات قوية لا يقل أهمية. العلاقات لا تُعزز حياتك المهنية فحسب، بل تضيف قيمة للشركة التي تمثلها من خلال فتح أبواب للفرص والعقود الجديدة. علاوة على ذلك، فإنَّ الذكاء العاطفي والاجتماعي أصبح من المهارات التي لا غنى عنها. أصحاب العمل يقدرون المرشحين الذين يستطيعون إدارة العلاقات بتعاطف مع إظهار الوعي الاجتماعي والمرونة."

أثارت هذه النقاط المزيد من الأسئلة، مما أدى إلى نقاش ديناميكي وتبادل للأفكار. واحدة من اللحظات المؤثرة جاءت عندما تناولت جوهر التعلم في الفصل الدراسي: "التعليم الحقيقي لا يقتصر على استيعاب ما هو متوفر بسهولة، بل يتعلق بتطوير القدرة على خلق الفرص والحلول في أماكن تبدو مستحيلة."

يتماشى هذا المفهوم مع فلسفة باولو فريري في البيداغوجيا النقدية. فريري أكد أن التعليم يجب ألا يكون مجرد عملية نقل للمعرفة، بل ممارسة للتحرر. وكتب في كتابه "بيداغوجيا المقهورين": "يجب أن يبدأ التعليم بحل التناقض بين المعلم والطالب، من خلال التوفيق بين الطرفين بحيث يكون كلاهما في نفس الوقت معلمين وطلابًا."

لذلك، يجب أن تكون الفصول الدراسية أماكن تُشجَّع فيها الأسئلة، ويكون الحوار هو الأساس.

النقاشات مثل تلك التي أثارتها أروى ضرورية لسد الفجوة بين التعليم النظري والتحديات الواقعية التي سيواجهها الطلاب. من خلال تعزيز الفضول والتفكير النقدي، يمكن للمعلمين إعداد الطلاب ليس فقط للتعامل مع مجالاتهم، ولكن لتحويلها أيضًا.

سألت طالبة أخرى بتردد: "ماذا لو فشلت؟ ماذا لو لم يتحقق حلمي؟"

"إذا لم يتحقق الحلم"، أجبت، "عليك أن تعودي لإعادة النظر وتحليل رحلتك. ما الذي حدث؟ ولماذا؟ التعلم من الفشل لا يقل أهمية عن الاحتفال بالنجاح. التعليم هو بوصلتك؛ استخدميها لإعادة ضبط مسارك ورسم طريق جديد."

أكد جون ديوي، أحد أبرز مصلحي التعليم، على دور التعليم في إعداد الأفراد للنمو المستمر. وقال: "التعليم ليس إعدادًا للحياة؛ التعليم هو الحياة نفسها." تعزز هذه الفلسفة أهمية التعلم مدى الحياة والقدرة على التكيف، وهما مهارتان حاسمتان في عالم يتغير بسرعة.

مع تقدم النقاش، أدركت أن دوري يتجاوز الإجابة عن الأسئلة. كان يتعلق بتمكين الطلاب من التفكير النقدي والمستقل. وفي تأملاتي، شاركتهم فكرة شخصية: "يجب أن تكون الفصول الدراسية نموذجًا مصغرًا للعالم الخارجي. إذا فشلنا في مواجهة التحديات الواقعية هنا، فإننا نخسر الغاية الحقيقية للتعليم."

قالت إحدى الطالبات: "يبدو أن التعليم يدور حول إيجاد مكانك في العالم." أومأت بالموافقة، ثم أضفت: "كما أنه يدور حول تشكيل العالم ليعكس قيمك وطموحاتك."

مع نهاية الجلسة، تغيّر الجو في القاعة. لم يعد الطلاب مجرد متلقين للمعلومات، بل أصبحوا مشاركين نشطين في رحلتهم التعليمية. بدأوا في رؤية التعليم كطريق للتمكين واكتشاف الذات، وليس مجرد مجموعة من التعليمات.

كمربين، نحن نحمل مسؤولية رعاية هذا التحول. علينا أن نخلق مساحات يشعر فيها الطلاب بالأمان لطرح الأسئلة، والاستكشاف، والابتكار. عندما نحقق ذلك، ندرك الإمكانات الحقيقية للتعليم في تغيير الحياة وإلهام التغيير.

كلمات أروى في بداية النقاش ما زالت تتردد في ذهني: "أروى اليوم مختلفة." كلماتها تذكير بأن الهدف الأسمى للتعليم هو التحول، ليس فقط في المعرفة، بل في الهوية والرؤية والغاية. وعندما يتحقق هذا التحول، فإنه لا يغير الفرد فقط؛ بل يغير العالم بأسره.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

طلاب التعليم الفنى بأسيوط يخضعون لتدريب عملي بمراكز مديرية العمل

أطلقت مديرية التربية والتعليم بأسيوط بالتعاون مع مديرية العمل برنامج تدريب عملي لطلاب التعليم الفنى بهدف صقل مهاراتهم وتأهيلهم لسوق العمل من خلال مراكز التدريب المتطورة والمجهزة بأحدث الورش والمعامل.

أعلن محمد ابراهيم دسوقى وكيل وزارة التربية والتعليم بأسيوط بدء تدريب طلاب التعليم الفنى بمراكز تدريب مديرية العمل وذلك تنفيذا لتوجيهات اللواء دكتور هشام أبوالنصر محافظ أسيوط ولتفعيل البروتوكول الموقع بين مديرية التعليم ومديرية العمل لتأهيل الطلاب لسوق العمل. 

وشارك طلاب مدرسة أسيوط الثانوية الزخرفية في ورش العمل العملية بمركز التدريب المهنى المطور ببنى غالب، بهدف اكتساب مهارات عملية مباشرة في الحرف والمهن المختلفة.

أكد محمد ابراهيم دسوقى على تعزيز التعاون المستمر مع الدكتور حازم على وكيل وزارة العمل بأسيوط لإشراك طلاب مدارس التعليم الفنى في برامج التدريب المتنوعة التي تنفذها مديرية العمل بمراكزها المختلفة. 

وأوضح أن هذه الورش تهدف إلى توفير خبرات عملية للطلاب في جميع المجالات المهنية بما يسهم في إعدادهم لسوق العمل ويزيد من فرص توظيفهم مستقبلا.

توسيع نطاق التدريب العملي

أشار وكيل وزارة التربية والتعليم إلى أن مراكز التدريب المطورة التابعة لمديرية العمل تحتوي على ورش متخصصة في النجارة والأخشاب وصيانة السيارات والأجهزة الكهربائية، بالإضافة إلى ورش تعليم الخياطة ومعامل الحاسب الآلي والتبريد والتكييف وصيانة المحمول والأجهزة المنزلية، واللحام والسباكة والتوصيلات الكهربائية، وأكد أن الطلاب يتمكنون من استغلال هذه الورش لاكتساب مهارات عملية مباشرة تؤهلهم للعمل بكفاءة عالية.

ووجه محمد ابراهيم دسوقى الشكر للوزير المحافظ على الدعم المستمر الذي يوفره للمتدربين ويضمن لهم إمكانية تسويق منتجاتهم وعرضها في المعارض الدائمة والمؤقتة داخل وخارج المحافظة. 

كما أثنى على تطوير برامج التدريب لتلبية احتياجات سوق العمل وفق أحدث المعايير المهنية، مشيدا بالإشراف المباشر للخبراء والمتخصصين على تنفيذ هذه الورش التدريبية بمركز التدريب المهنى المطور.

توسيع فرص التدريب للمجتمعات المختلفة

أوضح الدكتور حازم على وكيل وزارة العمل بأسيوط أن المديرية تنفذ دورات تدريبية مستمرة للطلاب والشباب في المراكز وأماكن الإقامة المختلفة عن طريق العربة المتنقلة، خاصة في مهن التفصيل والتوصيلات الكهربائية. 

وأضاف أن الدورات تشمل ابنائنا من مدارس الصم بنين وبنات في مراحل التعليم النهائية وطلاب مدارس التعليم الفنى المتنوعة وفق بروتوكول التعاون مع مديرية التربية والتعليم بالمحافظة.

وأكد حازم على أن الهدف من التدريب هو رفع كفاءة الطلاب العملية وتمكينهم من المهن المختلفة وإتاحة الفرصة أمامهم للاستفادة من خبرات المراكز المتطورة، مع مراعاة دمج جميع فئات الطلاب بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصة. 

وأشار إلى أن هذه المبادرات تهدف إلى بناء جيل قادر على مواجهة تحديات سوق العمل والمساهمة في تطوير الاقتصاد المحلي من خلال مهارات عملية حقيقية.

وتبين أن تدريب طلاب التعليم الفنى بمراكز تدريب مديرية العمل يساهم في توفير بيئة تعليمية عملية متكاملة، ويعكس حرص الدولة على تأهيل الشباب وفق أحدث أساليب التدريب المهني، بما يضمن تطوير قدراتهم العملية ورفع جاهزيتهم لسوق العمل بشكل مستمر وفعال.

مدرسة التربية الفكرية بأسيوط تشهد تطوير شامل وتحسين الخدمات التعليمية انفجار كييف يسفر عن قتيل وإصابة في قلب العاصمة الأوكرانية طلاب أسيوط يتصدرون نتائج مسابقة أعياد الطفولة في التربية الموسيقية إصابة شاب بطلق ناري في ظروف غامضة بمركز أبو تشت بقنا إصابة شاب بطلق ناري أمام مزارع دينا بطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي شرطة السير في عدن تكشف عن إحصائية المخالفات المرورية الأسبوعية القياسية حادث سير مروع يضرب زفاف في كركوك العراق ويصيب 6 أشخاص ضبط تشكيل عصابي يسرق بطاقات كبار السن بأسلوب المغافلة في الإسكندرية سرقة الأسورة الأثرية تهز المتحف المصري وجلسة 14 ديسمبر للفصل في القضية سوهاج تشهد مأساة العثور على جثة وسط ترعة زيل الطارف

مقالات مشابهة

  • ياسمين عبدالعزيز تكشف عن المهنة التي تمنت العمل بها
  • أول تعليق من «التعليم» بشأن تحويل غير المسددين لمصروفات المدارس الخاصة إلى مدارس حكومية
  • “كتاب جدة” يستهل ندواته الحوارية بـ”الفلسفة للجميع”
  • إنوفيرا تطلق برامج تدريبية متقدمة في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني
  • وزارة التعليم: لا إجراءات جديدة ضد الطلاب غير المسددين للمصروفات بالمدارس الخاصة
  • طلاب التعليم الفنى بأسيوط يخضعون لتدريب عملي بمراكز مديرية العمل
  • طلاب الطب يحتجون على وزيرة التعليم العالي الإيطالية خلال مؤتمر "أتريو"
  • احتفال سنوي بمنحة ألبرت أينشتاين الألمانية للاجئين في مصرو إشادة دولية بدور التعليم
  • رئيس منطقة الوادي الجديد الأزهرية يتفقد فعاليات مسابقة «مداد - اقرأ وارتق»
  • مبادرة رواد النيل تدعم طلاب التعليم الفني في الشرقية