تغييرات في سياسة فيسبوك وإنستجرام وواتساب تقلق المستخدمين
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في تحول جذري لسياسات واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، أعلنت شركة ميتا بلاتفورمز، المالكة لفيسبوك وإنستجرام وثريدز وواتساب، عن سلسلة من التغييرات الاستراتيجية التي تهدف إلى إعادة تشكيل طريقة إدارة المحتوى على منصاتها. جاءت هذه التغييرات على لسان مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي للشركة، حيث أعلن عن إلغاء خدمة تدقيق الحقائق وتخفيف الرقابة على المحتوى لتعزيز حرية التعبير.
إلى جانب هذه التغييرات، كشفت ميتا عن خطط طموحة لتعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي على منصاتها من خلال أدوات مبتكرة تتيح للمستخدمين إنشاء شخصيات ذكاء اصطناعي تفاعلية، وبينما أثارت هذه التحركات ترحيب البعض باعتبارها خطوة نحو الانفتاح والإبداع، أعرب آخرون عن مخاوفهم من تداعياتها على جودة المعلومات وأمان المستخدمين.
وتسعى ميتا إلى إعادة هيكلة منصاتها بقرارات جريئة تشمل تخفيف الرقابة على المحتوى وتعزيز الذكاء الاصطناعي، بينما تعكس هذه الخطوات محاولة لاستعادة ثقة المستخدمين وتوسيع قاعدة الشباب، تواجه الشركة انتقادات حادة تتعلق بخطر تضخم المعلومات المضللة وتأثيرها على جودة المحتوى، في ظل هذه التحديات، ستحدد الأشهر القادمة مدى نجاح ميتا في تحقيق توازن بين حرية التعبير وضمان أمان المحتوى.
يستعرض هذا التقرير تفاصيل هذه القرارات، تأثيرها على المستخدمين، والانتقادات التي واجهتها الشركة، مع تحليل لتوجهها المستقبلي في عالم التواصل الاجتماعي.
أولاً: إلغاء خدمة تدقيق الحقائق وتخفيف قيود المحتوى
في خطوة غير مسبوقة، أعلن مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، عن تغييرات جذرية تشمل إنهاء خدمة تدقيق الحقائق (Fact Checking) وتخفيف القواعد المفروضة على حرية التعبير عبر منصات الشركة، بما فيها فيسبوك، إنستجرام، وثريدز. تأتي هذه الخطوة كجزء من توجه جديد تسعى ميتا من خلاله إلى تعزيز حرية التعبير وجذب المستخدمين.
أهم ملامح هذه التغييرات:
1. إنهاء عمل مدققي الحقائق:
• صرح زوكربيرج بأن الشركة ستتخلص من فريق تدقيق الحقائق، وتستبدله بـ”ملاحظات المجتمع”، وهي آلية مشابهة لنظام المستخدمين على منصة “إكس” (تويتر سابقًا).
• سيبدأ هذا النظام الجديد تدريجيًا في الولايات المتحدة قبل التوسع عالميًا.
2. تقليل الرقابة وتعزيز المحتوى السياسي:
• أعلن زوكربيرج أن ميتا ستقلل من قيود الرقابة على المحتوى وتوصي بالمزيد من المحتوى السياسي على منصاتها.
• وعلل ذلك بأن القيود السابقة والتدقيق المفرط أضرا بثقة المستخدمين في الشركة.
3. نقل فرق مراقبة المحتوى:
• فرق مراقبة المحتوى في ميتا ستنتقل من كاليفورنيا إلى تكساس، حيث أشار زوكربيرج إلى أن المناخ السياسي هناك أقل تأثيرًا على حياد الفرق.
4. ردود الفعل على القرار:
• جيسي ستيلر، مدير موقع “Check Your Fact”، وصف القرار بالصادم، مشيرًا إلى أنه سيؤثر سلبًا على العاملين في هذا المجال.
• روس بورلي، مؤسس مركز Information Resilience، انتقد القرار ووصفه بأنه “خطوة إلى الوراء” في مكافحة المعلومات المضللة، معتبرًا أنه يهدف لتهدئة الأجواء السياسية أكثر من كونه سياسة ذكية.
ثانياً: تعزيز الذكاء الاصطناعي على منصات ميتا
بالتوازي مع تغييرات سياسة المحتوى، أعلنت شركة ميتا عن خطط لتعزيز استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) في منصاتها، في خطوة تهدف إلى الحفاظ على قاعدة المستخدمين وجذب الأجيال الشابة.
أبرز ملامح هذه المبادرات:
1. شخصيات ذكاء اصطناعي مبتكرة:
• ستوفر ميتا أدوات جديدة لمساعدة المستخدمين على إنشاء شخصيات ذكاء اصطناعي مخصصة لكل من فيسبوك وإنستجرام.
• هذه الشخصيات ستكون أشبه بملفات تعريف المستخدمين، وستشمل سير ذاتية وصورًا شخصية، وستكون قادرة على إنشاء محتوى ومشاركته.
2. أدوات AI Studio:
• أداة جديدة تتيح للمستخدمين الذين لا يجيدون التعامل مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي إنشاء شخصيات AI بناءً على اهتماماتهم.
• يمكن للمستخدمين أيضًا إنشاء امتداد ذكاء اصطناعي لأنفسهم يعكس شخصياتهم وهواياتهم.
3. الإبلاغ عن المحتوى الكاذب:
• ستُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحذير المستخدمين من الأخبار الكاذبة المنتشرة على المنصات.
• ومع ذلك، أثيرت مخاوف بشأن احتمالية استخدام هذه الأدوات لإنتاج محتوى مزيف ونشره.
4. التوسع التدريجي:
• حاليًا، تقتصر أدوات AI Studio على المستخدمين في الولايات المتحدة، مع خطط لتوسيع النطاق عالميًا في وقت لاحق من العام.
تحليل التوجه الجديد لشركة ميتا:
1. إيجابيات التغييرات:
• التركيز على حرية التعبير قد يعيد ثقة المستخدمين الذين شعروا بأنهم مقيّدون سابقًا.
• أدوات الذكاء الاصطناعي توفر تجربة جديدة تعزز التفاعل الإبداعي على المنصات.
2. السلبيات والمخاوف:
• الانتقادات بأن تقليل الرقابة قد يؤدي إلى زيادة انتشار المعلومات المضللة والمحتوى الضار.
• قد تواجه أدوات الذكاء الاصطناعي تحديات في التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: انستجرام فيسبوك مارك زوكربيرج ميتا واتساب الذکاء الاصطناعی حریة التعبیر ذکاء اصطناعی
إقرأ أيضاً:
هل اقتربنا من سيناريوهات انفجار الذكاء الاصطناعي؟
انتقل الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة تُستخدم في الترجمة وإعداد النصوص وتحليل البيانات إلى قوة صاعدة تفرض نفسها في برامج الهندسة والصناعة والطب وحتى الإعلام والسياسة والأمن.
ولم يعد النقاش الحالي يتناول قضايا الذكاء الاصطناعي وقدرته على أداء المهام التقليدية من ترجمة وتحليل للبيانات وتلخيص للنصوص، وإنما أصبح التركيز يدور حول الفرضيات التي تقول إن هذا المجال سيدخل في مرحلة "الانفجار الذاتي" أي إعادة برمجة ذاته عبر تطوير خوارزميات جديدة من دون الاعتماد على المبرمج البشري.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لماذا تدعم دول جزر المحيط الهادي إسرائيل؟list 2 of 2أبرز ما نشرته مراكز الدراسات والأبحاث في أسبوعend of listوبشأن الأبحاث والتقارير التي تناقش فرضية الذكاء الاصطناعي ودخوله قريبا في مرحلة جديدة تتيح له أن يصبح كيانا مستقلا قادرا على إعادة تصميم ذاته، نشر موقع مركز الجزيرة للدراسات ورقة بحثية تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي وإعادة البرمجة الذاتية: سيناريوهات الانفجار الذكي".
الورقة البحثية -التي أعدها الدكتور خالد وليد محمود رئيس قسم الإعلام والاتصال في معهد الدوحة للدراسات العليا- ناقشت جذور فرضية الانفجار الذكي للذكاء الاصطناعي، ومن يتحكم في هذه القوة، وإشكالية الاستقلال والاعتماد على الذات.
في أبريل/نيسان 2025، نشر مشروع "مستقبل الذكاء الاصطناعي" تقريرا رسم صورة مذهلة عن الذكاء الاصطناعي مفاده أنه خلال عامين سيكون قادرا على القيام بدور المهندس، إذ يمكن أن يعتمد على ذاته في إعادة تصميم بنيته الداخلية.
وتفاعلت وسائل الإعلام العالمية مع هذا التقرير، حيث أشارت مجلة " ذا نيويوركر" (the new Yorker) إلى مسارين متباينين حول مستقبل الذكاء الاصطناعي:
الأول: يرجح أن يكون له مستقبل يفوق الإنسان في جميع المجالات. أما الاحتمال الثاني: فيفترض أن التحول لن يكون سريعا، لاعتماده على محدودية الموارد وتأجيل الحوكمة. إعلانوفي الوقت الذي وصفت فيه بعض وسائل الإعلام العالمية هذه التقارير والأبحاث بأنها تبقى في سياق الفرضيات المحملة بالجدلية، فإنها دعت إلى صياغة سياسات استباقية للتعامل مع احتمالية التطور الذي يفوق التدخل البشري.
ويعود جذور مفهوم "الانفجار الذكي" إلى عام 1965، حين نشر عالم الرياضيات البريطاني آي. جي. غود (I.j. good) مقالا بعنوان: "تخمينات حول أول آلة فائقة الذكاء"، تنبّأ فيه بأن أول آلة فائقة الذكاء ستتمكن من تحسين تصميمها الذاتي باستمرار حتى تصل إلى مرحلة يصعب على البشر اللحاق بها.
وقد تبين أن هذه الرؤية التي بدت حينها أقرب إلى الخيال العلمي أو التأمل الفلسفي، تحولت لاحقا إلى فرضية مركزية في أدبيات الذكاء الاصطناعي والفلسفة العقلية، وخرجت من نطاق النقاشات الأكاديمية إلى مجالات التطبيق والممارسة الفعلية.
وبعد فكرة العالم البريطاني، جاء الفيلسوف السويدي، نيك بوستروم (Nick Bostrom)، ليُطوّرها بشكل منهجي في كتابه: "الذكاء الفائق: المسارات، المخاطر، الإستراتيجيات"، حيث وضع فيه سيناريوهات مفصلة للانفجار الذكي، محذرا من أن لحظة الوصول إلى ذكاء فائق قد تكون أسوأ ما تواجهه البشرية.
من جانب آخر، وجّه باحثون -مثل غاري ماركوس (Gary Marcus) وأرفيند نارايانان (Arvind Narayanan)- انتقادات حادة لفكرة الانفجار الذكي، معتبرين أن الحديث عن قفزة مفاجئة نحو ذكاء فائق، يتجاهل القيود التقنية والمادية الصارمة التي تحكم تطور الخوارزميات.
ويجادل هذا الفريق بأن الذكاء الاصطناعي، مهما بلغت قدراته، سيظل قائما على بيانات ومعالجات مادية، وأنه لا يمكن فصله عن القيود البشرية المتعلقة بالطاقة والموارد والتكلفة.
وعلى الصعيد العملي، أصبح "الذكاء الفائق" جزءا من إستراتيجيات الحكومات الكبرى، فالولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي يتعاملون مع هذه الأفكار بوصفها سيناريو واقعيا لا محالة ينبغي الاستعداد له، وليس قصة من الخيال العلمي أو الأفكار الفلسفية.
مشكلة القدرة على الاستقلاليةورغم الإشارات القوية التي تصب في اتجاه فرضية الانفجار الذاتي للذكاء الاصطناعي، فإن الوقت الراهن يكشف أن الحاجة ما زالت قائمة للاعتماد على البشر، وأن الأنظمة الذكية لا تزال غير قادرة على الاعتماد على ذاتها.
فالنماذج الأكثر تقدما في الذكاء الاصطناعي اليوم مثل "تشات جي بي تي" (ChatGPT)، و"جيميني" (Gemini)، و"كلود" (Claude) كلها تعمل ضمن إطار بنية تحتية بشرية معقدة وضخمة إلى حدّ مذهل، إذ تحتاج إلى ملايين من المعالجات الفائقة موزعة على مراكز بيانات عالمية، تستهلك وحدها طاقة كهربائية تعادل استهلاك مدن صغيرة أو حتى متوسطة الحجم.
وبالإضافة إلى ذلك تعتمد هذه الأنظمة على شبكات إنترنت عالية الكفاءة، وأنظمة تبريد هائلة للحفاظ على استقرار الأجهزة والوسائل اللوجيستية، وسلسلة طويلة من الخبراء والمهندسين الذين يشرفون على كل تفصيل، ويقومون بالمراقبة والتنظيم والتدخل.
ورغم كل ذلك فإن الباحثين يقولون إن المؤشرات تثبت وجود ملامح قدرات على إعادة البرمجة الذاتية، حيث ظهرت برامج تستطيع تعديل بنيتها الداخلية وتوليد خوارزميات وأكواد جديدة لتحسين الأداء.
إعلانوبناء على ذلك يمكن القول إن العالم يقف عند مفارقة لافتة للانتباه، وهي الأنظمة الحالية قوية وأصبحت تفوق توقعات العقد الماضي، بيد أنها في الوقت ذاته لا تزال هشة وتعتمد كليا على البشر.
من يمتلك الذكاء الفائق؟وانطلاقا من فرضية أن نظاما قادرا على تطوير نفسه قد ظهر بالفعل، فإن الإشكال الجيوسياسي سيزيد من التعقيد المتعلق بالذكاء الاصطناعي الخارق.
فمن سيملك التحكم في هذا النظام؟ هل تكون الولايات المتحدة عبر شبكات وادي السيليكون التي تسيطر على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وتملك رأس المال الثقافي والتمويلي؟ أم ستكون الصين التي تراهن على الدمج العميق بين الدولة والجيش والشركات، وتستثمر مواردها الهائلة لتصبح صاحبة الريادة؟
أوروبا بدورها اتخذت مسارا تشريعيا عام 2014، عبر قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي، الذي وضع قواعد صارمة للشفافية والأمان والنزاهة.
وعلى مستوى الشرق الأوسط، فقد ظهرت إستراتيجيات السيادة الرقمية التي تبنتها دولتا قطر والإمارات إدراكا بأن من يمتلك البيات يكون له حضور في المشهد السياسي والعسكري في المستقبل.
الأبعاد الأخلاقية وسيناريوهات المستقبلوفي سياق المخاوف، تطرح الأبعاد الأخلاقية لمسألة الذكاء الخارق، لأنه قد يتحول إلى صناديق سوداء يجهل البشر ما يجري بداخلها، فثورة الإنترنت التي غيرت مفهوم الزمان والمكان، لم تسلب الإنسان عقله ولم تغير دوره كفاعل معرفي، أما الذكاء الاصطناعي فإنه بهذه الفرضيات والتنبؤات يتجه إلى أن يحل محل العقل.
وفي هذا السياق الذي يشكل مخاطر وقيودا على عقل الإنسان، بدأت الأمم المتحدة في مناقشة إمكانية صياغة "معاهدة للذكاء الاصطناعي" شبيهة بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية على أساس أن المخاطر لا تقتصر على دولة أو شركة واحدة بل تمس الإنسانية كلها.
وحول المستقبل، هنالك احتمالات أهمها:
السيناريو التفاؤلي: الذي يقول إن الذكاء الاصطناعي سيكون شريكا حقيقيا وليس مجرد أداة مساعدة.
أما السيناريو التشاؤمي: فيرى أنه سيفوق الإنسان وينافسه في سوق العمل ويقضي على ملايين الوظائف.
وتفرض الثورة الحالية على البشرية أن تكون أكثر جرأة في التفكير لمواجهة الذكاء الاصطناعي، لأن التجارب التاريخية تقول إن التحولات الكبرى لا تنتظر البشر حتى يستعدوا لها.