حكايات يكتبها خيري حسن : عطية معبد..شاعر التفاصيل ضد التفاصيل الأخرى
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
كنت صغيراَ فى السن عندما ذهبت إلى بيت ثقافة إهناسيا المدينة - وهى مدينة فرعونية قديمة تبعد عن القاهرة ما يقرب من 140 كم جنوباً.
استقلبنى رئيس نادى الأدب الشاعر نور سليمان بترحاب شديد، وعندما استمع إلى شعر العامية الذى كنت أكتبه فرح جداً بى وقال:" جهز نفسك لندوة فى بيت ثقافة الفشن - وهى مدينة قريبة من محافظة المنيا وتبعد عن القاهرة 160كم جنوباَ أيضاً.
وبالفعل ذهبت مع مجموعة من الأدباء والقيت الشعر الذى أكتبه( وهو ليس بشعر أصلاَ) ثم صعد على المنصة الشاعر عطية معبد - من أسرة نادى أدب مدينتى إهناسيا - ليلقى قصيدة عنوانها عبقرى، ومذهل مازلت أذكره ولا أنساه حتى اليوم.
على المنصة صعد عطية معبد ناحل الجسد، شارد الذهن، مبتسماَ فى خجل طفولى ظاهر، ويمسك فى يده علبة سجائر نصف فارغة يبدو أنها لا تفارقه ثم امسك بالورقة الفولسكاب التى أمامه ليقرأ واعتدل ثم قال:
" تفاصيل ..ضد التفاصيل وتفاصيل أخري"!
وكان هذا هو العنوان..وكانت هذه هى اللحظة التى توقعت فيها أننى أمام شاعر - رغم عمره الصغير وقتها - سيكون علامة بارزة فى قصيدة النثر المصرية.
ودارت الأيام دورتها وجئت للقاهرة، وشغلتنى نداهة، ومتاهة الصحافة، واختفى عطية معبد عن الحياة الأدبية لأسباب كثيرة ربما من بينها تركيبته الشخصية الخجولة، والكسولة، التى لم تجعله يأخذ المكان الذى يستحقه بين كتاب قصيدة النثر فى جيله ومن أسبابها أيصاَ - بطبيعة الحال - دوائر العلاقات المتشابكة فى وسط الصحافة الثقافية فى القاهرة الذى عانى منها عطية وكل موهبة مثل موهبة عطية.. بسبب التجاهل، والتهميش، والاقصاء، والاستبعاد، لسنوات طويلة. ولكن رغم ذلك ظل اسمه وعنوان قصيدته محفوران فى ذهنى لا أنساهما!
بعد سنوات طلبنى الزميل خالد ناجح - وكان رئيسا لتحرير مجلة الهلال وكتاب الهلال ورواية الهلال - للعمل معه كمديراَ لتحرير مجلة الهلال وبالفعل وافقت وقدمت للصحافة الثقافية مع أسرة تحرير المجلة - فى حدود ما استطعت - 7 أعدادا مازال الزملاء فى دار الهلال وخارجها يذكرونهم حتى اليوم.
وأثناء هذه الفترة بحثت عن شعر عطية معبد حتى أنشره فلم أجده، وبحثت عن عطية نفسه حتى أحاوره فلم أجده..وذات يوم وأنا فى المجلة فتحت درج مكتب قديم فوقه أطنان من التراب! فى حجرة مجاورة كان يضم كتب ومجلات قديمة فوجدت أمامى اسم عطية معبد على ديوان له كان صادراَ عن الهيئة العامة لقصور الثقافة ضمن سلسلة ( إبداعات - العدد 54 ) - أول فبراير - 1998 عنوانه:
( هكذا أموت..عادة)
ففرحت به وفرحت أكثر عندما وجدت فى الديوان قصيدته التى لم انساها" تفاصيل ضد التفاضيل.. وتفاصيل أخري) والديون واضح من شكله أنه لم تمسه يد، ولم ينشر عنه حرفا، ولم يكتب عنه أحدا ( على الأقل فى مجلة الهلال ) وظل مركونا فى الدولاب القديم ما يقرب من 20 سنة حتى جئت ووجدته!
وعندما قررت أن أكتب عن الديوان وعن عطية معبد فى العدد التالى من المجلة حدث - لسوء حظى - ولسوء حظ عطية ( كده..كده عطية حظه سىء ) ابتعدت عن إدارة تحرير المجلة، لأسباب ليس الآن المجال لذكرها.. لتبقي تفاصيل - عطية معبد - ضد التفاصيل وتفاصيل أخري " باقية، وحاضرة، وشاهدة على مواهب حقيقية - مثل موهبة عطية معبد - لم تأخذ مكانها، ولا اتسع لها زمانها بالقدر الذى تستحقه. وربما من أجل ذلك جعل عطية معبد عنوان ديوانه:
" هكذا أموت..عادة" فهل الموت الذى كان يقصده هو موت الموهبة؟! ربما!!
ويقول عطية معبد:
" ليس من سبب
يدعونى للأحتفاظ بعلب المارلبوبو
الفارغة
غير رغبتى
فى أن ارى الخراب
ملوناَ"
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الصحافة الثقافية قصور الثقافة محافظة المنيا
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: ترامب يحلم بنصر سريع على إيران.. لكن الواقع مختلف
تثير تقارير استخباراتية مسربة الشكوك حول فعالية الضربة الأخيرة التي استهدفت منشآت التخصيب الإيرانية، ورغم الإعلان عن تدمير مواقع استراتيجية في نطنز وفوردو، إلا أن المعطيات الأولية تشير إلى أن البرنامج النووي تأخر لأشهر فقط.
ونشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا حول ما قالت إنها الفنتازيا المغرية للنصر السريع على إيران، حيث جاء فيه إن المعلومات الاستخباراتية الغامضة تقترح أن احتواء النظام الإيراني يحتاج إلى سنوات من استعراض القوة الأمريكية، فبعد النشوة، الشك أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه عملية "مطرقة منتصف الليل" "محت بالكامل" منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية.
وأضاف التقرير أن تقييم استخباراتي مبكر سرب في 24 حزيران/يونيو إلى أن البرنامج النووي قد تأخر لأشهر فقط، وأن بعض اليورانيوم المخصب ربما يكون قد سرق.
وقالت المجلة إن التقرير يعد تقييما أوليا وبدرجة ثقة متدنية، رفضته إدارة ترامب والمصادر الإسرائيلية. لكنه يركز الضوء على مشكلة أكبر وهي أن ترامب يريد حلا سريعا للكابوس الإيراني بضربة ضخمة واحدة وواضحة، يتبعها وقف إطلاق نار ثم ازدهار. إلا الحقيقة غير ذلك، كما تقول المجلة، فأمريكا ستواجه سنوات من عدم اليقين حول قدرات إيران النووية.
وأشارت إلى أن افتراض ترامب بأنه يستطيع تحقيق انتصار نصر حاسم وفي يوم واحد بالشرق الأوسط، ثم تأمين صفقة دائمة وسريعة، افتراض في غير محله.
وتابع التقرير أن الأخبار الجيدة لترامب هي أن وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه في يوم 24 حزيران/ يونيو مستمر، كما أن التقرير المسرب من وكالة الاستخبارات الدفاعية ليس قاطعا، وسيتعرض للمراجعة وستظهر عدة تقييمات مخالفة من وكالات استخبارات أمريكية أخرى.
وأكدت مصادر إسرائيلية للتقرير أن صور الأقمار الاصطناعية لا تظهر وحدها إلا القليل نسبيا عن فعالية الضربات تحت الأرض، وتصر على أن إسرائيل احتفظت بسجلات اليورانيوم عالي التخصيب، وقال نائب الرئيس، جيه. دي. فانس، في 23 حزيران/يونيو، بأن اليورانيوم ربما "دفن" تحت الأنقاض.
وأضاف التقرير أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التابعة للأمم المتحدة، أن أضرارا جسيمة قد وقعت في موقعي التخصيب الرئيسيين. ويقول خبراء إن الانفجار ربما أحدث موجات كافية لإتلاف أجهزة الطرد المركزي الهشة حتى لو لم يدمر الهياكل الإسمنتية الرئيسية تحت الأرض.
وتعتقد المجلة أن هذا الغموض الجنوني ليس عيبا، بل هو طبيعة متأصلة في الحروب التي تشن من الجو. ولكنه يطرح سؤالا مقلقا، وهو، إذا تمسك قادة إيران بالسلطة واستمروا في محاولات تطوير وراء برنامج نووي سري، فإن التعامل معهم سيتطلب التزاما عسكريا أمريكيا طويل الأمد تجاه المنطقة. فهل أمريكا مستعدة حقا لذلك؟
والجواب على حد تعبير المجلة "ربما"، ذلك أن الرئيس ترامب تحدث عن وقف النار بأنه سيظل للأبد، وقدم مقارنة في 24 حزيران/يونيو بين قنابله الخارقة للتحصينات على نطنز وفوردو والقنبلة النووية الأمريكية على هيروشيما في الحرب العالمية الثانية " التي أنهت الحرب، وهذه أنهت الحرب".
وعلق فانس أن عقيدة ترامب الجديدة في السياسة الخارجية لـ "تغيير العالم" تحتوي على "تحديد واضح" للمصالح الأمريكية ومفاوضات "عدوانية" وإذا لزم الأمر اللجوء إلى "القوة الساحقة".
ومع ذلك ترى المجلة أن التوقعات بشأن إيران، تبدو أكثر غموضا. قد تفوض أمريكا مهمة قمع الجيش الإيراني وأي برنامج نووي قائم إلى إسرائيل، التي أظهر جواسيسها مهارة استثنائية في اختراق النظام والتي يسيطر طياروها على الأجواء. ومع ذلك، فإن إسرائيل بلغت أقصى قدراتها، وستعيد إيران بناء دفاعاتها. قد تضطر أمريكا إلى تقديم دعم وأسلحة مستمرة، وقد يطلب منها الدفاع عن إسرائيل والخليج من الغارات الإيرانية. وربما اضطرت لإرسال المقاتلات مرة أخرى لضرب أهداف لا تستطيع إسرائيل الوصول إليها.
وتقول "إيكونوميست" إن أمريكا أصبحت شريكة داعية للحرب مع إسرائيل وتولت الملف النووي الإيراني. ولو انهار النظام في طهران، فسيطلب من ترامب التدخل ومحاولة وقف انتشار الفوضى بالمنطقة. ويخشى البعض في أمريكا أن هذا يصل إلى حد "الحرب الأبدية" ومواصلة بذل الجهود لاحتواء إيران المتمردة، وهو ما سيجر أمريكا إلى مستنقع إيران.
وتابع التقرير أن هناك من يقارن بين حرب الخليج الأولى عام 1991، عندما طردت أمريكا العراق من الكويت، بدون أن تطيح بنظام صدام حسين، وبدلا من ذلك حاولت السيطرة على أسلحة الدمار الشامل التي زعم أنه يملكها، ولتحقيق هذا فرضت نظام تفتيش صارم ومناطق حظر الطيران والقصف، ونقلت المجلة عن ريتشارد فونتين، من مركز الأمن الأمريكي الجديد، في واشنطن قوله: "إذا غيرت حرفا واحدا فقط في اسم الدولة، فقد يصبح كل شيء مألوفا بشكل مخيف". ويضيف فونتين: "السيناريو الأقل ترجيحا هو أن تختفي إيران ببساطة كتهديد أمني".
فقد كان احتواء العراق المرهِق مقدمة لغزو عام 2003. وترى المجلة أن البديل عن تغيير النظام، هو محاولة تحويل النجاح العسكري إلى تسوية سياسية دائمة.
وفي هذا المجال فشل رؤساء سابقون. فقد قادت رونالد ريغان لحفظ السلام في لبنان إلى هجمات انتحارية على جنود ودبلوماسيين أمريكيين عام 1983. وتسببت الحملة الجوية لباراك أوباما في ليبيا عام 2011 في حرب أهلية لا تزال مستعرة. وقد استحضر ترامب شعار ريغان ونسبه لنفسه: "السلام بالقوة".
وذكر التقرير أن مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، قال إن محادثات "واعدة" تجري مع إيران، بشكل مباشر وغير مباشر. ويؤكد الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، استعداد بلاده لحل خلافاتها مع أمريكا "في إطار المعايير الدولية". ومن هنا ترى المجلة أن الأولوية هي الحد واحتواء البرنامج النووي الإيراني، مع أن هذه الجهود تشتمل على وقف الحرب في غزة وتحقيق اتفاقية تطبيع بين السعودية وإسرائيل.
وأضاف أن الأولوية هي تقييد البرنامج النووي الإيراني (على الرغم من أن الجهد قد يمتد بشكل معقول إلى إنهاء حرب إسرائيل في غزة وتعزيز اتفاقية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية)، وما يهم في كل هذا هو التوصل لاتفاق يجبر إيران للتخلي عن قدرتها على تخصيب اليورانيوم والتنازل عن مخزونها من المواد الانشطارية المخصبة إلى درجة نقاء بنسبة 60 بالمئة، وهو ما يقترب من درجة صنع الأسلحة.
وأردف ان إيران أصرت دائما على حق التخصيب للأغراض "المدنية". وقد يجد ترامب أن إغراءاته بشأن التجارة وكسب المال والصداقة مع أمريكا ليست كافية لإغراء المتشددين الجدد في إيران الذين شعروا بالانزعاج بعد نجاح الهجوم الإسرائيلي والتوتر من افتقارهم إلى الردع. وكلما ضغط ترامب بقوة من أجل "صفر تخصيب "، زادت صعوبة إقناع إيران بالتوصل إلى اتفاق. ولإقناع قاعدته من ماغا، قال ترامب إن إظهار القوة لفترة قصيرة سيحقق نتائج.
وأضاف أنه لو عاد ترامب للتهديد باستخدام القوة من جديد، فستتوصل قاعدته الانتخابية إلى أنه يقود أمريكا إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط. وفي المقابل، لو قرر ترامب الالتزام باستراتيجية احتواء طويلة الأمد لإيران، فسيضطر لتحويل الأصول العسكرية الأمريكية التي من المفترض أنها موجهة لأسيا.
فقد نصت التعليمات الدفاعية الوطنية المؤقتة للإدارة، الصادرة في آذار/مارس، على أن أولويات الجيش الأمريكي من الآن فصاعدا هي الدفاع عن الوطن ومنع الغزو الصيني لتايوان. ولم يستغرق الأمر سوى ثلاثة أشهر حتى فرضت الأحداث واقعا مختلفا جدا.