تأجيج الأوضاع.. إسرائيل تهدد بـ«غزة ثانية» في الضفة الغربية بعد هجوم «كدوميم»
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
هدد مسئولون إسرائيليون بتصعيد الأوضاع فى الضفة الغربية إلى مستوى قد يشبه "غزة ثانية" وذلك عقب الهجوم الذي نفذته مجموعة من المقاومين الفلسطينيين ضد مركبات إسرائيلية قرب مستوطنة كدوميم الواقعة شمال الضفة الغربية.
الهجوم أسفر عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة ٨ آخرين، وهو ما دفع سلطات الاحتلال الإسرائيلية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لملاحقة منفذى الهجوم وتكثيف الهجمات الانتقامية فى المنطقة، حيث استنفر جيش الاحتلال قواته بشكل واسع بعد الهجوم، وبدأ عملية ملاحقة كبيرة فى شمال الضفة الغربية، وقام بتطويق العديد من المدن الفلسطينية فى المنطقة.
كما أُعلن عن تحويل مدن شمال الضفة إلى مناطق عسكرية مغلقة، مع نصب عشرات الحواجز الأمنية على الطرق وشنت مجموعة من المستوطنين هجمات على عدة قرى وبلدات فلسطينية فى الضفة الغربية، مما أسفر عن أضرار فى الممتلكات.
من جانبها نددت وزارة الخارجية الفلسطينية، بالاعتداءات التى ينفذها المستوطنون وبالتصريحات التى أدلى بها مسئولون إسرائيليون بشأن تدمير المدن والبلدات الفلسطينية وفرض عقوبات إضافية فى الضفة الغربية المحتلة.
وأعربت الوزارة فى بيان عن إدانتها "للتصريحات التحريضية التى صدرت عن عدد من المسئولين الإسرائيليين حول فرض مزيد من العقوبات الجماعية على المواطنين الفلسطينيين، وتدمير المناطق السكنية فى الضفة الغربية كما يحدث فى قطاع غزة".
وأضافت الوزارة: "كما نستنكر بشدة اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين باستخدام القوة، بما فى ذلك إحراق سيارات وممتلكات الفلسطينيين، وتفلتهم المستمر من أى محاسبة تحت حماية جيش الاحتلال ووزراء إسرائيليين متطرفين".
ووصف البيان تلك التصريحات والهجمات بأنها "تسهم فى تأجيج الوضع، وتزيد من تصعيد العنف والصراع بشكل متعمد".
وأكدت وزارة الخارجية الفلسطينية أن "الحل السياسى هو السبيل الوحيد لإعادة الهدوء وتحقيق السلام"، داعيةً إلى "تدخل دولى حقيقى لوقف حرب الإبادة والتهجير، واتخاذ خطوات ملموسة نحو تنفيذ خيار حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، وحماية الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى التحرك الجاد لوقف مخططات الاحتلال فى الاستيلاء على الأراضى وضم الضفة الغربية".
وفى أعقاب ذلك، صرح وزير المالية الإسرائيلى بتسلئيل سموتريتش قائلًا: "يجب أن تصبح بلدات مثل بندق ونابلس وجنين مثل جباليا، حتى لا تتحول كفار سابا إلى كفار غزة".
وطالب سموتريتش بتحويل شمال الضفة الغربية إلى "غزة ثانية"، مشيرًا إلى أن مفهوم الأمن الإسرائيلى يجب أن يتغير ويشمل هزيمة ما أسماه "الإرهاب" فى الضفة الغربية وغزة وإيران، مشيرًا إلى أن "التهديدات" التى تشكلها هذه المناطق يجب أن يتم القضاء عليها. التصريحات التى أطلقها سموتريتش تثير القلق بين الفلسطينيين والمراقبين الدوليين بشأن التصعيد المحتمل فى المنطقة.
رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو توعد بالوصول إلى منفذى العملية وكل من ساعدهم، وأكد أنه سيتم اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لملاحقتهم. وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أعلن بدوره عن اتخاذه قرارًا باستخدام القوة المفرطة ضد الأماكن التى قد تقود إليها التحقيقات المتعلقة بالهجوم، مشددًا على أن الرد سيكون قاسيًا ومباشرًا. هذه التصريحات تأتى فى وقت حساس، حيث يرى البعض أن إسرائيل قد تدفع باتجاه تصعيد أكبر فى المنطقة كجزء من استراتيجيتها الأمنية.
كما دعا عدد من المسئولين الإسرائيليين إلى شن حرب شاملة على المنطقة. وطالب رئيس ما يسمى المجلس الإقليمى فى شمال الضفة، يوسى داجان، حكومة الاحتلال الإسرائيلية بالتحرك الفورى وبدء الحرب، مؤكدًا أن المستوطنين الإسرائيليين فى المنطقة يحتاجون إلى الأمن بسرعة. هذه الدعوات لشن عملية عسكرية واسعة النطاق قد تؤدى إلى تحول الضفة الغربية إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين قوات الاحتلال الإسرائيلى والمقاومة الفلسطينية.
الهجوم الذى وقع قرب قرية الفندق استهدف مركبات إسرائيلية كانت تسير على الطريق الرئيسية "٥٥"، الذى يعد شريانًا رئيسيًا يستخدمه الفلسطينيون والإسرائيليون على حد سواء. الهجوم أسفر عن مقتل ثلاثة إسرائيليين؛ اثنان من النساء فى الستينات من العمر كانتا فى إحدى السيارات، ورجل فى الأربعينات من عمره كان فى السيارة الثانية. كما أصيب ثمانية آخرون كانوا على متن حافلة كانت تسير فى المنطقة، بمن فيهم السائق الذى أصيب بجروح خطيرة.
فى المقابل، يواجه الفلسطينيون فى الضفة الغربية تدهورًا متسارعًا فى أوضاعهم الاقتصادية، حيث إن العديد من الفلسطينيين فقدوا وظائفهم فى إسرائيل، بالإضافة إلى أن الموظفين الحكوميين لم يتلقوا رواتبهم لعدة أشهر. هذا التدهور الاقتصادى يعكس تفاقم الأوضاع المعيشية فى الضفة الغربية ويزيد من حدة الغضب الشعبى تجاه الاحتلال وسياسات الحكومة الإسرائيلية. كما حذر الجيش الإسرائيلى من أن هذه الأوضاع قد تؤدى إلى انفجار "انتفاضة ثالثة" فى حال استمرار هذه السياسات.
فى السياق، قررت المحكمة المركزية فى القدس، مصادرة مبلغ ٢٠ مليون شيكل من أموال المقاصة كتعويض لعائلات مستوطنين اثنين قتلا فى عملية قبل عامين فى حوارة جنوب نابلس.
وقالت القناة السابعة العبرية إن ذلك يأتى فى أعقاب دعوى قضائية رفعتها عائلة القتيلين الأسبوع الماضى وفقا لقانون ما يسمى "تعويض ضحايا الإرهاب".
وكانت الضفة الغربية، التى يقدر عدد سكانها بحوالى ٢.٨ مليون فلسطيني، قد شهدت حالة من التوتر الشديد بسبب الإجراءات العسكرية الإسرائيلية المستمرة. ووفقًا للتقارير، فإن الضفة الغربية تشهد حاليًا تصعيدًا فى العمليات الفدائية ضد الاحتلال، وهو ما قد يؤدى إلى تحول المنطقة إلى ساحة مفتوحة للمقاومة.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الضفة الغربية مسئولون إسرائيليون غزة إسرائيل الفلسطينيين فى الضفة الغربیة شمال الضفة فى المنطقة
إقرأ أيضاً:
لوبوان: كيف أفلتت أحداث 7 أكتوبر من رقابة الاستخبارات الإسرائيلية؟
تساءلت مجلة لوبوان في تقرير تحليلي، عن الكيفية التي أفلتت بها تحضيرات هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 من أعين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية التي طالما وصفت بأنها من بين الأقوى والأكثر تطورا في العالم.
وقال المجلة -في تقرير بقلم رومان غوبير- إن الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والذي مثل اختراقا واسعا للحدود من غزة إلى داخل الأراضي الإسرائيلية، شكل صدمة عميقة داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صحيفة إسرائيلية: وثيقة مسرّبة تكشف خطة توني بلير لإدارة قطاع غزةlist 2 of 2لوباريزيان تروي قصة جنود احتياط يرفضون العودة لجيش إسرائيلend of listوردت المجلة الصدمة إلى أن المخابرات الإسرائيلية، من جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) إلى شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) إلى الاستخبارات الخارجية (الموساد)، لم تبد أي استجابة استباقية، ولا حتى توقعات بحجم الهجوم رغم توفر مؤشرات استخباراتية مبكرة.
وكانت المفاجأة أن حماس نفسها لم تتوقع هذا القدر من النجاح، ولا البطء في رد الفعل الإسرائيلي -كما أفادت تقارير لاحقة- خاصة أن الهجوم أدى إلى عبور الآلاف من سكان غزة للحدود، بينهم مقاتلون من قوات النخبة التابعة لحماس، ونتج عنه مقتل حوالي 1200 شخص، بينهم عشرات الجنود، فضلا عن عملية احتجاز رهائن غير مسبوقة.
رغم مرور عامين -كما تقول المجلة- لم تشكل لجنة تحقيق رسمية داخل إسرائيل، مما يزيد من استياء الرأي العام، فإن تقارير داخلية من أجهزة الأمن مثل الشاباك وأمان، أقرت بوقوع أخطاء فادحة وسوء تقدير، واعترف قادتها بالفشل في قراءة طبيعة وحجم التهديد، رغم توفر إنذارات أولية.
ومن المقرر -حسب المجلة- أن يعقد مؤتمر في نهاية أكتوبر/تشرين الأول في الجامعة العبرية بالقدس، يجمع جواسيس وعملاء سابقين من كل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وسيشارك فيه عدد من السياسيين، وعشرات الباحثين، وذلك لبحث "كيفية تطوير الاستخبارات بعد الفشل" يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
"الهجوم لم يكن نتيجة لعدم توفر المعلومات، بل لعدم تحليلها بشكل سليم، وتجاهل التحذيرات، والاعتماد المفرط على التكنولوجيا، والانفصال بين السياسي والأمني، والافتراضات الخاطئة عن العدو"
غطرسة مؤسسيةوكانت الدراسة الأهم التي تناولت هذا الإخفاق قد نشرت تحت عنوان "المراقبة دون رؤية"، أعدها الباحث الفرنسي كليمان رينو، واعتمد فيها على المصادر المفتوحة، لاستحالة الوصول إلى الأرشيفات السرية.
إعلانوقد قدم رينو تحليلا دقيقا لتسلسل الإشارات التي سبقت الهجوم -حسب المجلة- والخلل العميق في طريقة تعاطي الأجهزة الإسرائيلية معها، ليصل إلى أن الفشل لم يكن ناتجا عن سبب واحد، بل عن تراكم اختلالات، أبرزها الغطرسة المؤسسية التي جعلت صناع القرار يعتقدون أن حماس غير قادرة على تنفيذ هجوم واسع بعد سلسلة من الضربات والاغتيالات التي أصابت قادتها.
كما ساهم في هذا الفشل -حسب الدراسة- الاعتقاد بأن قطاع غزة مراقب بالكامل، وبالتالي فإن أي تحرك كبير لا بد أن يكتشف، وعليه فإن هذه الثقة المفرطة بالتكنولوجيا الإسرائيلية المتطورة أدت إلى استبعاد فرضية الهجوم، خصوصا في غياب إشارات واضحة في أنظمة التحليل العليا.
ومع أن تدريبات ميدانية تحاكي الهجوم قد رصدت، وأن وثائق ظهرت بحوزة الاستخبارات الإسرائيلية، وأن تحذيرات نقلت من مصر، كما توفرت مؤشرات تقنية كتنشيط شرائح هاتف نقال بشكل غير معتاد ليلة الهجوم، إضافة إلى معلومات حساسة من عميل بشري، فإن كل هذه المعطيات لم تدمج بشكل تحليلي يترجم إلى إنذار فعال.
في المقابل، أظهرت حماس تطورا ملحوظا في قدراتها الاستخباراتية -حسب الدراسة- سواء من حيث تجنيد عملاء من الداخل الإسرائيلي، أو استخدام مصادر المعلومات المفتوحة، أو من خلال خداع تقني عالي المستوى.
فقد تعمدت الحركة بث رسائل مضللة عبر الهاتف المحمول، في الوقت الذي كانت فيه العمليات الفعلية تدار من خلال اتصالات سلكية داخل شبكة أنفاق ضخمة تحت الأرض، مما جعلها خارج نطاق التنصت الإسرائيلي التقليدي، كما تقول الدراسة.
فشل متعدد الأبعادومع أن الإستراتيجية الإسرائيلية تجاه حماس اعتمدت على الاغتيالات والتضييق المالي، وحتى دعم الحركة بشكل غير مباشر من خلال قنوات خارجية، لإبقائها تحت السيطرة، فقد ساهم ذلك في خلق واقع مغاير، واستغلته حماس لتطوير تكتيكاتها وتهيئة نفسها لشن هجوم بهذا الحجم.
السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان صدمة متعددة الأبعاد، لم تكشف فقط عن ثغرات استخباراتية، بل عن أزمة أعمق في بنية التفكير الإستراتيجي الإسرائيلي
أخيرا، لم يكن البعد الأمني وحده المسؤول عن هذا الإخفاق -كما رأت الدراسة- بل كان للواقع السياسي الداخلي الإسرائيلي دور كبير، إذ ساهمت حالة الانقسام الداخلي، وتراجع ثقة السياسيين بالأجهزة الأمنية، في تهميش التنبيهات الصادرة عنها.
كما كان التركيز السياسي منصبا على قضايا أخرى مثل الضفة الغربية، باعتبارها ذات أولوية إستراتيجية، في حين تم التعامل مع غزة كجبهة ثانوية غير فاعلة، مما أدى إلى تقليل أهمية أي تهديد صادر عنها، حسب المجلة.
وخلصت الدراسة إلى أن الهجوم لم يكن نتيجة لعدم توفر المعلومات، بل لعدم تحليلها بشكل سليم، وتجاهل التحذيرات، والاعتماد المفرط على التكنولوجيا، والانفصال بين السياسي والأمني، والافتراضات الخاطئة عن العدو.
وختمت المجلة بأن السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان صدمة متعددة الأبعاد، لم تكشف فقط عن ثغرات استخباراتية، بل عن أزمة أعمق في بنية التفكير الإستراتيجي الإسرائيلي.