ماذا بعد انتخاب جوزيف عون رئيسا للبنان؟
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
بيروت– بعد أكثر من عامين وشهرين من الفراغ الرئاسي، شهد لبنان محطة مفصلية بانتخاب قائد الجيش، العماد جوزيف عون، رئيسا جديدا للجمهورية اللبنانية. وهذا الحدث جاء بعد فشل البرلمان في حسم الاستحقاق الرئاسي خلال 12 جلسة سابقة، ليحقق اللبنانيون أخيرا بعضا من تطلعاتهم نحو استقرار طال انتظاره.
وعملية الانتخاب لم تكن سهلة، حيث لم يتمكن العماد عون من حسم الرئاسة في الدورة الأولى، إذ حصل على 71 صوتا من أصل 128، بينما سجلت 37 ورقة بيضاء و20 ورقة ملغاة، هذا الوضع دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تعليق الجلسة لمدة ساعتين للتشاور، قبل أن تنطلق دورة ثانية شهدت تحولا في النتائج.
وفي الدورة الثانية، حصل العماد عون على 99 صوتا، بينما تراجعت الأوراق البيضاء إلى 9، مع وجود 18 ورقة ملغاة، ليعلن رئيسا للجمهورية لمدة 6 سنوات.
ففي الدورة الأولى، برزت إشارات واضحة لموقف سياسي مدروس، حيث اختار الثنائي الشيعي، المتمثل في حزب الله وحركة أمل، التصويت بأوراق بيضاء، إذ يملك الثنائي الشيعي 30 صوتا موزعة بالتساوي بين الكتلتين بواقع 15 صوتا لكل كتلة، أما في الدورة الثانية فقد شهدت الأوراق البيضاء تراجعا ملحوظا، مما يعكس التوصل إلى توافق حول نقاط خلافية كانت عالقة، وهو ما مهد الطريق لفوز العماد عون.
إعلانولم تخلُ جلسة الانتخابات من الخلافات القانونية والجدل السياسي، إذ ينص الدستور اللبناني على منع انتخاب موظفي الفئة الأولى أثناء توليهم مناصبهم، وحتى مرور عامين على استقالتهم أو إحالتهم إلى التقاعد، هذا التحدي أضاف تعقيدا إلى المشهد السياسي، لكنه لم يمنع انتخاب العماد عون بدعم إقليمي ودولي.
ويأتي انتخابه رئيسا للجمهورية في وقت لا يزال لبنان يعاني من تداعيات الانهيار المالي الذي شهده عام 2019، فضلا عن آثار الحرب الإسرائيلية الأخيرة، كما ينتظر أن يشهد البلد جهودا مكثفة لتشكيل حكومة جديدة وتنفيذ إصلاحات جوهرية في مختلف القطاعات.
العماد جوزيف خليل عون، قائد الجيش اللبناني منذ الثامن من مارس/آذار 2017، لم يسبق له أن تولى مناصب سياسية، ويعرف بعلاقاته الجيدة مع مختلف القوى السياسية، كما يتمتع بعلاقات قوية مع دول أجنبية، أبرزها الولايات المتحدة التي تعد من أكبر داعمي الجيش اللبناني ماليا إلى جانب فرنسا، والسعودية.
ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي، جورج علم، في حديثه للجزيرة نت، أن لبنان قد دخل مرحلة جديدة بعد أن أغلق الفراغ الذي استمر مدة عامين و3 أشهر، وقد أُسست هذه المرحلة بدعم واضح من الخماسية العربية الدولية تحت رعاية الولايات المتحدة الأميركية، وفرنسا، ومصر، والمملكة العربية السعودية، وقطر.
ويضيف علم "كان هناك دعم كبير من هذه الدول للرئيس المنتخب العماد جوزيف عون خاصة في ظل عدم قدرة مجلس النواب والكتل النيابية على التوصل إلى اتفاق بشأن رئيس توافقي دون تدخل دولي".
وفيما يتعلق بخطاب الرئيس المنتخب خلال مراسم قسمه، يعلق العلم قائلا "لقد كان بمثابة بيان تأسيسي للبنان، حيث تناول العديد من القضايا المهمة مثل القضايا الاجتماعية، والقضائية، والمالية، والاقتصادية، وكان التركيز على أن لبنان بحاجة إلى عملية إعادة إعمار شاملة".
إعلانوأثار العلم السؤال الأكثر أهمية في المرحلة الحالية، وهو "ماذا عن الحكومة الجديدة؟"، مشيرا إلى أن الاهتمام اللبناني سيركز بشكل أساسي على تحديد من سيكون رئيس الحكومة، ومن سيشغل المناصب الوزارية، بالإضافة إلى معرفة البرنامج أو البيان الوزاري الذي ستتبناه الحكومة. ورأى أن هذه القضايا ستحدد المسار الذي ستسلكه البلاد في المرحلة المقبلة.
وخلص المحلل السياسي إلى أن الوضع الراهن يعكس انتهاء مرحلة الفراغ في لبنان وبدء عملية إعادة بناء مؤسساته، وأوضح أن من الضروري متابعة هذا المسار عن كثب في الفترة القادمة.
التسوية السياسية
من جهة أخرى، يعتبر المحلل السياسي الدكتور، علي مطر، في حديثه للجزيرة نت، أن ما حدث هو نتيجة حتمية للمرحلة التي تتطلب وجود رئيس جمهورية وتشكيل حكومة جديدة، بهدف تمكين لبنان من إعادة بناء نفسه وإعادة بناء الدولة اللبنانية.
ويشير مطر إلى أن ما حدث في الدورة الأولى كان واضحا، حيث لا يمكن انتخاب رئيس للجمهورية أو إجراء أي استحقاق سياسي ودستوري في لبنان دون موافقة الثنائي الشيعي، لافتا إلى أن البعض كان يراهن على ضعف حزب الله وتراجع نفوذه بعد الحرب، إلا أن مطر يرى أن هناك رسالة واضحة مفادها أنه من دون موافقة الثنائي الشيعي لا يمكن تمرير أي تصويت أو استحقاق في مجلس النواب.
ويعتبر مطر أن هذه كانت رسالة مهمة لجميع المكونات اللبنانية، مفادها أنه لا يمكن تجاوز التوافق مع الثنائي الشيعي أو تجاهل دوره. ويلفت إلى أنه كان هناك اجتماع بين الدورة الأولى والثانية بين الثنائي الشيعي والعماد جوزيف عون لتحديد أسس المرحلة الجديدة وبنائها. كما يرى أنه كان من الواضح أن "مشاركة الثنائي الشيعي هي التي قلبت كفة الميزان، وأسفرت عن وصول العماد عون إلى رئاسة الجمهورية".
نقاش دستوريمن ناحية أخرى، يرى المحامي الدكتور بول مرقص، رئيس مؤسسة "جاستيكا" في بيروت، والعميد في الجامعة الدولية للأعمال "آي إس إس" في ستراسبورغ، أن المشهد الانتخابي إيجابي، ويحمل في طياته التفاؤل رغم وجود بعض الشوائب التي كان يمكن تفاديها، مثل التوقف المطول غير الضروري للانتقال إلى الدورة الثانية، ومع ذلك لا يلاحظ المحامي وجود تجاوزات أو مخالفات قانونية جسيمة قد تؤثر على نزاهة الانتخابات التي طال انتظارها.
إعلانويضيف المحامي أنه ليس من الضروري إجراء أي تعديل دستوري حاليا، خاصة أن الانتخابات الرئاسية استغرقت قرابة السنتين، وعليه فإن تعديل المادة 49 من الدستور لتمكين موظفي الفئة الأولى أو ما يعادلها، بمن فيهم قائد الجيش، من الاستقالة لم يكن مبررا، لأن المهلة الزمنية لهذا التعديل قد سقطت بالفعل.
كما يشير إلى سبب آخر لعدم الحاجة إلى تعديل الدستور، وهو أن قائد الجيش حصل على أكثرية موصوفة تتجاوز النصاب اللازم لتعديل الدستور وفقا للمادة 76 منه، وبالتالي لا حاجة لتعديل الدستور لانتخاب قائد الجيش رئيسا للجمهورية، بالإضافة إلى أسباب أخرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات العماد جوزیف عون الثنائی الشیعی الدورة الأولى العماد عون قائد الجیش فی الدورة إلى أن
إقرأ أيضاً:
فرنسا متخوفة من التهديد الإسرائيلي للبنان.. واجتماعات ثلاثية في باريس الاسبوع المقبل
الفترةَ الفاصلة عن نهاية السنة، وهو التاريخ الذي حدّده الجيش لانتهاء المرحلة الأولى من خطة حصرية السلاح والتي تشمل جنوب الليطاني، حافلة بالاجتماعات حول لبنان، مع توجّس كبير لما يمكن أن يحصل في العام الجديد في ضوء النيات الإسرائيلية المُبيّتة لتصعيد جديد.ومن المقرر أن يشهد الأسبوع المقبل نشاطاً دبلوماسياً – سياسياً – عسكرياً في باريس مع الزيارة التي يقوم بها قائد الجيش العماد رودولف هيكل للعاصمة الفرنسية للبحث في احتياجات الجيش، كما ستحضر المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس التي ستُجري محادثات مع المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان العائد من بيروت ومع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط آن كلير لو جاندر بعد زيارتها إسرائيل ولبنان.
كما يزور باريس للمشاركة في المحادثات حول لبنان الأمير يزيد بن فرحان، وذلك بعد اتصال حصل قبل أيام بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، يُفترض أنه تناول ملف دعم الجيش اللبناني، خصوصاً أن باريس، وباقي العواصم، غير مقتنعة بحسب ما نقله موفدين غربيين إلى لبنان، بأن التصعيد الإسرائيلي تراجع لصالح المسار الدبلوماسي رغمَ ملاقاة بيروت الطلب الأميركي بإطلاق مفاوضات مدنية مع العدو، فضلاً عن توجّس جديد يتمثّل في الإخلال بالسلم الأهلي الداخلي، وفق ما اوردت صحيفة" الاخبار".
اضافت: قالت مصادر مطّلعة، في هذا السياق، إن الموقف الأميركي من الملف اللبناني غير مفهوم، ففي حين يؤكّد الموفدون في رسائلهم للمسؤولين اللبنانيين أن الولايات المتحدة تكبح جماح إسرائيل بعدم الذهاب إلى تصعيد كبير حالياً قبل توضيح مفاعيل مفاوضات «الميكانيزم» بمدنيين التي تجتمع مجدّداً في 19 الجاري بصيغتها «المُحدَّثة»، لكن ثمة ما يؤكّد وجود مخططات تجعل جبهة الجنوب قابلة للانفجار في أي لحظة، تدخل ضمنها المحاولات المستمرة للتخلص من قوات الطوارئ قبل انتهاء مدة وجودها، فإسرائيل لا تريد أي قوة في جنوب النهر، لا الجيش اللبناني ولا اليونيفل. وهي إلى جانب تحريضها على الجيش باتهامه بأنه ينسّق مع حزب الله، لا تتوقف محاولاتها عن استهداف عناصر اليونيفل، باعتراف الأخيرة.
وكتبت" النهار":خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قبل أيام قليلة، أثار معه موضوع عقد اجتماع لدعم الجيش اللبناني إضافة إلى الأوضاع في سوريا وغزة. وترى باريس أن التهديد الإسرائيلي للبنان ما زال قائماً بقوة رغم تعيين المفاوض المدني السفير السابق سيمون كرم في لجنة الميكانيزم، لذا تقوم باريس بجهود كبرى مع الإدارة الأميركية لإقناعها بالعمل على إقناع إسرائيل بضرورة عدم زعزعة استقرار لبنان، على غرار ما تعمل الإدارة الأميركية بمطالبة إسرائيل بعدم زعزعة استقرار سوريا. فواشنطن تبذل كل الجهود مع إسرائيل بالنسبة لاستقرار سوريا، فيما تمتنع عن الضغط على إسرائيل بالنسبة إلى لبنان بسبب "حزب الله". وتركزت جهود لودريان على إقناع الجانب اللبناني بتعزيز آلية وقف النار، على أن تتولى الميكانيزم التحقق من نزع سلاح "حزب الله" على الأرض وهي المهمة الفعلية للميكانيزم في رأي باريس. ونزع السلاح الحزب مطلوب ليس فقط في جنوب الليطاني، وإنما أيضاً في شمال الليطاني، وهذا الموضوع سيكون سبب جدل معقد وصعب داخل لبنان لكنه أساسي. وكانت مهمة لودريان أيضاً إقناع رئيس مجلس النواب نبيه بري بضرورة فك تعطيله للبرلمان.
وكتبت" الديار": فيما انتهت زيارة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان بتجديد المطالبة بالاسراع بالاصلاحات، وبوعد بتحريك جدي للمساعدات للجيش عبر مؤتمر الدعم المفترض العام المقبل، بعد تقييم فرنسي- سعودي ايجابي لعمل المؤسسة العسكرية جنوب الليطاني، في ظل رغبة بتعزيز قدراته لاستكمال عملية «حصر السلاح»، يصل رئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي الى بيروت مطلع الاسبوع المقبل، في محاولة جديدة لاستكشاف احتمالات استكمال الحراك الديبلوماسي المصري وتطويره كي يصبح مبادرة متكاملة يمكن طرحها على مختلف الاطراف.
وكتبت" البناء": توقفت أوساط سياسية عند الهجمة الدبلوماسية الأميركية الأوروبية العربية الكبيرة على لبنان وخلال فترة زمنية وجيزة، واللافت وفق ما تشير الأوساط هو زيارة السفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى إلى عين التينة للمرة الثانية خلال 24 ساعة ما يُنذر بأمر من اثنين إما أن هناك مسعى ما جدّي للحل استوجب الزيارة الثانية ويتطلب تبادل الرسائل بين الإدارة الأميركية والرئيس بري وإما لإبلاغ رسالة أميركية لبري تحمل تهديدات إسرائيلية بتصعيد كبير على لبنان مطلع الشهر المقبل إذا لم تلتزم الدولة بتطبيق حصرية السلاح على كامل الأراضي اللبنانية.
وتوقع مصدر نيابي أن يطول أمد التفاوض عبر الميكانيزم من دون التوصل إلى نتائج عملية لأن الإسرائيلي معروف بمراوغته بالتفاوض وغدره واستغلال الظروف لصالحه لا سيما أنّ أهدافه تتجاوز مسألة سلاح حزب الله إلى فرض مسار تفاوض مباشر وصولاً إلى التطبيع والتعاون الاقتصادي، كما بشر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. وتوقع المصدر تصعيداً عسكرياً إسرائيلياً واسعاً لكن تحت سقف الحرب الواسعة بهدف فرض التفاوض تحت النار وانتزاع المكاسب من لبنان تدريجياً.
مواضيع ذات صلة القناة 12 الإسرائيلية: فرنسا تمنع 8 شركات إسرائيلية من المشاركة في معرض للأمن الأسبوع المقبل في باريس Lebanon 24 القناة 12 الإسرائيلية: فرنسا تمنع 8 شركات إسرائيلية من المشاركة في معرض للأمن الأسبوع المقبل في باريس