عقوبات جديدة على «حميدتي»: هل تعزز الحل أم تؤجج الصراع في السودان؟
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
فرضت إدارة بايدن عقوبات جديدة على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” وشخصيات وشركات مرتبطة بها، العقوبات تأتي في وقت حرج، مع تزايد الانتهاكات الميدانية. الخبراء يرون أن العقوبات قد تضيق الحلول السلمية، بينما يشير البعض إلى أن “حميدتي” قد يصبح أكثر شراسة ميدانيًا. كما يتوقع البعض أن العقوبات المقبلة ستطال قيادات في الجيش السوداني.
.
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
فرضت إدارة بايدن، قبيل مغادرتها البيت الأبيض، عقوبات جديدة استثنائية على قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، بالإضافة إلى سبع شركات مقرها الإمارات وأحد المدراء التنفيذيين وهو أبو ذر عبد النبي حبيب الله أحمد.
وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية أن هذه العقوبات تأتي بسبب تورط القوات في انتهاكات جسيمة، من بينها “الإبادة الجماعية” بدارفور.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في بيان إن قوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، شملت العنف الجنسي واسع النطاق، وإعدام مدنيين ومقاتلين عُزَّل. وأضاف أن القوات استخدمت وسائل مثل حرمان الشعب السوداني من الإغاثة الإنسانية كسلاح حرب، في مخالفة للقانون الإنساني الدولي وإعلان جدة لعام 2023 ومدونة السلوك العامة لعام 2024.
تطور العقوباتلم تكن العقوبات الأمريكية الأخيرة ضد قوات الدعم السريع الأولى من نوعها. فقد فرضت واشنطن خلال شهري سبتمبر وأكتوبر الماضيين عقوبات على أشقاء قائد قوات الدعم السريع، “عبد الرحيم” و”القواني”، بالإضافة إلى عقوبات على عبد الرحمن جمعة بارك الله، أحد قادة الدعم السريع، في نوفمبر.
وفي سياق مماثل، أصدرت لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي عقوبات على قائد عمليات الدعم السريع عثمان محمد حامد محمد، وعبد الرحمن جمعة بارك الله، متهمة إياهما بالمساهمة في زعزعة استقرار السودان من خلال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.
ردود الأفعالانتقدت قوات الدعم السريع القرار الأمريكي، حيث وصفه عز الدين الصافي، عضو وفد التفاوض بالدعم السريع، بأنه “غير عقلاني”، معتبرًا أنه يضر السلام والاستقرار في السودان والمنطقة.
على النقيض، رحّبت وزارة الخارجية السودانية بالقرار، داعيةً المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات مماثلة ضد قيادة الدعم السريع والداعمين لها.
تأثير العقوباتبحسب بيان الخارجية الأمريكية، فإن العقوبات الجديدة تستهدف “حميدتي” شخصيًا، محملةً إياه المسؤولية عن “الأفعال البغيضة وغير القانونية لقواته”. واعتبر الخبير الاستراتيجي محمد إبراهيم كباشي هذه الخطوة رسالة نفسية تهدف إلى الضغط على القيادة العسكرية للدعم السريع.
عقوبات واشنطون الجديدة على “حميدتي” محاولة من إدارة بايدن “لحفظ ماء الوجه”..
خبير دبلوماسي
ووصف خبير دبلوماسي – طلب عدم ذكر اسمه – العقوبات بأنها محاولة من إدارة بايدن “لحفظ ماء الوجه” قبل مغادرتها، مستشهدًا بتقارير حقوقية ووثائق إعلامية تؤكد تورط قوات الدعم السريع في جرائم يومية.
وأشار الخبير إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى من خلال هذه الخطوة إلى تحقيق توازن سياسي، لا سيما بعد تمرير صفقة أسلحة للإمارات المتهمة بدعم قوات الدعم السريع.
أبعاد سياسية وعسكريةيرى الخبير الاستراتيجي محمد كباشي أن تأثير العقوبات ينحصر في البُعد النفسي أكثر من العملي، مشيرًا إلى أن تجارب مشابهة أثبتت محدودية جدوى العقوبات الشخصية. وقال: “لدينا تجربة مع البشير، كما أن مؤسسات العدالة الدولية أثبتت انتقائيتها وعدم قدرتها على تغيير الواقع الميداني”.
وأضاف كباشي: “هذه العقوبات جاءت كهدف في الزمن بدل الضائع، إلا أن الإدارة الأمريكية المقبلة قد تعتمد نهجًا مختلفًا، خاصة مع تركيز الجمهوريين على الاقتصاد”.
واستشهد كباشي بإعلان الرئيس المنتخب دونالد ترامب عن استثمارات بمليارات الدولارات مع الإمارات، مما قد يعقد الموقف الأمريكي تجاه الأزمة السودانية.
التصعيد المحتملتوقع خبير عسكري – طلب عدم ذكر اسمه – أن تؤدي العقوبات إلى تصعيد ميداني من قبل قوات الدعم السريع، موضحًا أن “حميدتي” قد يحاول تحسين صورته أمام العالم من خلال تعزيز السيطرة الميدانية، مما قد يزيد من حدة القتال.
العقوبات ستؤدي إلى تصعيد ميداني من قبل قوات الدعم السريع
خبير عسكري
وأضاف الخبير: “العقوبات قد تدفع حميدتي إلى اتخاذ خطوات أكثر عدائية، مشابهة لما فعله قائد المعارضة السورية أحمد الشرع، الذي تغيرت النظرة الدولية تجاهه بعد تحركات عسكرية بارزة”.
وأشار الخبير العسكري إلى احتمال أن تؤثر العقوبات على إمدادات الدعم السريع من الأسلحة والأموال الخارجية، مما قد يقلل من حدة المعارك على المدى الطويل.
استهداف الجيشلم يستبعد الخبير العسكري أن تشمل العقوبات الأمريكية المقبلة قيادات من الجيش السوداني، مشيرًا إلى تصريحات بلينكن التي أكدت أن العقوبات على الدعم السريع لا تعني تفضيل واشنطن للجيش. وقال: “على الأرجح، ستبدأ العقوبات المستقبلية ضد الجيش بقادة ميدانيين قبل أن تصل إلى رأس القيادة العسكرية”.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية تعمل على جمع الأدلة اللازمة قبل استهداف شخصيات بارزة مثل عبد الفتاح البرهان، مشددًا على أن الخطوات الأمريكية المستقبلية قد تغير مسار الصراع في السودان.
ومنذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دخل السودان في دوامة من العنف والدمار. الاشتباكات تسببت في مقتل أكثر من 20 ألف شخص وتشريد أكثر من 14 مليون آخرين.
وإلى جانب المعاناة الإنسانية، تشهد البلاد انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان من كافة الأطراف، بما في ذلك عمليات إبادة جماعية، عنف جنسي، وإعدام المدنيين العزل. هذا النزاع يعقد الوضع السياسي والإنساني في السودان ويجعل الوصول إلى حل سلمي بعيد المنال.
الوسومإدارة بايدن العقوبات الأمريكية على الدعم السريع حرب الجيش والدعم السريع حميدتيالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إدارة بايدن العقوبات الأمريكية على الدعم السريع حرب الجيش والدعم السريع حميدتي قوات الدعم السریع إدارة بایدن عقوبات على فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
ما هي المصلحة الأوروبية من فرض عقوبات على إسرائيل؟
ذكر مقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" أنه لربما يكون صبر أوروبا على حرب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد قطاع غزة، وعلى اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، على وشك النفاد.
وأضاف المقال الذي كتبه مارتن ساندبو، أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأ وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي مراجعة في اتفاقية ارتباط "إسرائيل" بالكتلة، بينما أوقفت بريطانيا المحادثات التجارية، وقام صندوق الثروة السيادي في النرويج بوضع شركة إسرائيلية على القائمة السوداء بسبب تسهيلها إيصال الطاقة إلى مستوطنات الضفة الغربية، وهدد زعماء كل من فرنسا وبريطانيا وكندا بفرض العقوبات.
وأوضح أنه "حتى ألمانيا، أكثر البلدان الأوروبية دعما لإسرائيل، راحت تنتقد سلوك البلد، قد يقول البعض إن هذا قليل جداً ومتأخر جداً. وسوف يشيرون إلى السرعة التي بادر بها الغرب إلى فرض عقوبات على روسيا، بأساليب ذات معنى وطرق غير مسبوقة، وذلك بعد أن قام بوتن بغزو أوكرانيا على نطاق واسع، ويخلصون إلى أن النفاق هو السبب من وراء الاختلاف بين التصرفين.
وذكر أنه "لا ريب في أن الغرب عامل روسيا وإسرائيل بشكل مختلف، ولا شك أن النفاق جزء من ذلك. ولكن القياس على الحرب في أوكرانيا مضلل أيضاً. فروسيا لم تواجه حملة ضد وجودها، ولم تتعرض لهجوم شنيع كذلك الذي تعرضت له إسرائيل على أيدي حماس".
وأشار إلى أن "المقارنة البسيطة لا تدرك ما هو مهم. من الممكن – بل من المعقول – رؤية أن من حق إسرائيل شن حرب ضد حماس في غزة مع الإصرار على أن يكون ذلك عبر طرق مشروعة، واستنتاج أن هذه الحدود المشروعة قد تم تجاوزها منذ وقت طويل. بالفعل، اجتمعت لدى الأمم المتحدة أدلة دامغة على ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة وفيما يتعلق بالاحتلال الذي يزداد توحشاً في الضفة الغربية".
وأضاف "بمعنى آخر، لا توجد حاجة لاعتبار الحربين متكافئتين بأي شكل من الأشكال من أجل الحكم بأن العقوبات مبررة في الحالتين. ولهذا فقد آن لأوروبا أن توضح تحديداً كيف ستفرض عقوبات على إسرائيل، ثم تطور قراراتها بفرض العقوبات لتتحول إلى إطار سياسة منتظمة حول كيفية استخدام هذه الأداة الجيوإقتصادية بشكل عام".
وأوضح أنه فيما يتعلق بالتفاصيل، لقد "غدا واضحاً أنه فيما لو اختارت البلدان الأوروبية فرض عقوبات، فلا مفر من أن تفعل ذلك بدون الولايات المتحدة. ولذا فقد حان الوقت لرسم خارطة للميادين التي سيكون فيها للعقوبات التي تفرضها أوروبا منفردة (أو بالاشتراك مع أي حليف راغب في ذلك) الأثر الأكبر. يغلب على الظن أن العقوبات المصرفية والمالية لن تكون فعالة، وذلك لأن الولايات المتحدة بإمكانها أن تضاعف أي دفعات وتزيد من قنوات التمويل".
وأكد أن "هناك استثناء واحد، يتمثل في تجميد احتياطيات العملات الأجنبية، كما فعل الغرب مع روسيا، لأن من شأن ذلك أن يفرض تكلفة اقتصادية. يستثمر بنك إسرائيل ما يقرب من ربع احتياطياته الضخمة نسبياً في أوروبا. فيما لو صدر الأمر بالتجميد فإن هذه الاحتياطيات لن تكون متوفرة وسوف يتعذر استخدامها من أجل تحقيق الاستقرار المالي، ويمكن مع مرور الزمن تكريس هذه الأموال لدفع أي تعويضات تستحق للفلسطينيين. أما أقسي العقوبات فلربما تكون في ميداني التجارة والسفر".
وتجلب "إسرائيل" ما يقرب من نصف بضائعها المستوردة من أوروبا، وتبعث بما يزيد عن ثلث صادراتها إلى القارة، وذلك طبقاً لما يقوله مكتب الإحصائيات التابع لها. يشكل الوقود نصيباً كبيراً من المستوردات، وهي تجارة تتمتع أوروبا بنفوذ فائق فيها نظراً لما لديها من هيمنة في مجال خدمات الشحن البحري.
وما لا يقل عن ربع تجارة الخدمات الإسرائيلية الضخمة تتم أيضاً مع الأسواق الأوروبية. وأي قيود تفرض على الخدمات التجارية وعلى السياحة يمكن أن تسبب كثيراً من الإعاقة، ولذلك فإن التحضير للعقوبات أمر مهم ويتجاوز الواجب الأخلاقي والسياسي في الرد على ما يتم ارتكابه من انتهاكات للقانون الدولي.
وذكر المقال أن الاتحاد الأوروبي يحتاج بشكل خاص إلى تطوير آلية اتخاذ القرارات بشأن فرض العقوبات، موضحا أن "إجراءاته القوية تحققت ضد روسيا على الرغم من الشجارات السياسية والمزاعم بعدم الوضوح من الناحية القانونية. لا مفر من أن تستمر هذه المثالب، رغم أنه أمكن التغلب عليها مراراً في حالة العقوبات المفروضة على موسكو، في إعاقة قدرة الاتحاد على استخدام نفوذه الدبلوماسي".
وبين أن الاتحاد الأوروبي يحتاج أيضا إلى توضيح وتكريس ما هي المسالك تفضي إلى ردود أفعال معينة، ويحسن به تخليص القرارات الخاصة بالعقوبات من متطلب الإجماع المعمول به حالياً، والذي يقوض قدرة سياستها الخارجية على ممارسة النفوذ.
وقال إن "ثمة حاجة إلى إعداد العدة لمواجهة أي محاولة أمريكية للتخريب، علماً بأن التخريب جار حالياً من خلال تحركات واشنطن التي تهدف إلى إضعاف المحكمة الجنائية الدولية.
وأوضح أنه "بإظهار أنه مستعد لاتخاذ إجراء ضد إسرائيل فيما لو اختار ذلك، يثبت الاتحاد الأوروبي أنه على استعداد للتصرف ضد كل من يرتكب انتهاكات جسيمة بحق القانون الدولي".
وختم بان "الالتزام الثابت بالقانون من شأنه أن يجعل التهديدات بفرض العقوبات تبدو أكثر صدقية.
كما أن المحفزات على احترام الخطوط الحمر الأوروبية سوف تعزز من احترامها وفي نفس الوقت تعطي مؤشراً على وجود تبعات يتحملها من يتجاوزها. كان أحد الرؤساء الأمريكيين هو من نصح بالحديث بنعومة وحمل عصا غليظة. والاتحاد الأوروبي اليوم هو أحق الناس بالأخذ بهذه النصيحة".