انتخاب الفريق جوزيف عون يعزز آمال تحسين العلاقات الليبية اللبنانية
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
ليبيا – العلاقات الليبية اللبنانية: فرصة لتجاوز الأزمات بعد التحولات الإقليمية
رأى المحلل السياسي اللبناني، أمين بشير، أن العلاقات بين ليبيا ولبنان قد تشهد مرحلة جديدة من التطور، في ظل التغيرات الجذرية التي تمر بها المنطقة، مشيرًا إلى تداعيات الحرب الأخيرة على غزة ولبنان، وسقوط نظام الأسد في سوريا، التي قد تعيد تشكيل خريطة النفوذ الإقليمي.
بشير، في تصريحات لوكالة “سبوتنيك“، أوضح أن الحدث التاريخي الذي شهده لبنان أخيرًا، والمتمثل في انتقال البلاد إلى مرحلة سياسية جديدة، قد يعيد تشكيل سياساتها الخارجية، بما في ذلك العلاقة مع ليبيا. وأضاف: “العودة إلى الحضن العربي والانفتاح على المجتمع الدولي قد ترسم معالم السياسة اللبنانية القادمة، رغم التوترات السابقة المرتبطة بقضية نجل القذافي”.
نفوذ حزب الله ومستقبل السياسة اللبنانيةوأشار بشير إلى أن القرار السياسي في لبنان كان يتأثر بشكل كبير بـ”حزب الله” والثنائي الشيعي، خصوصًا في ظل حساسية العلاقة بين ليبيا وحركة “أمل” برئاسة نبيه بري. إلا أنه أبدى تفاؤله بأن هذه الحقبة قد تصبح جزءًا من الماضي، مع توقعات بتحولات إيجابية مدفوعة بالمصالح المشتركة بين البلدين.
قضية هانيبال القذافيوفيما يتعلق بملف احتجاز نجل القذافي، هانيبال القذافي، أشار بشير إلى وجود أصوات متزايدة داخل الشارع اللبناني تطالب بإطلاق سراحه، مشددًا على أن توقيفه بات يُنظر إليه من قبل الكثيرين كاعتقال تعسفي. وأضاف أن التغيرات الجديدة في لبنان قد تتيح مقاربة هذا الملف من زاوية مختلفة تفضي إلى حله.
انتخاب جوزيف عون وتأثيره على العلاقاتواعتبر بشير أن انتخاب جوزيف عون رئيسًا للبنان يعكس قبولًا للواقع الجديد في المنطقة، رغم التجاذبات التي شهدتها المرحلة السابقة. وأكد أن هذه الخطوة تمثل بداية لمرحلة جديدة ستشهد تغييرات كبيرة على المستويات السياسية والاقتصادية، بما في ذلك الملفات الشائكة بين ليبيا ولبنان.
توقعات لمستقبل العلاقات الليبية اللبنانيةوأضاف بشير أن العلاقات بين البلدين قد تدخل مرحلة من التعاون البناء، مدفوعة بتغير موازين القوى في المنطقة، ما قد يفتح الباب أمام تسوية الخلافات وتحقيق تطورات إيجابية تخدم المصالح المشتركة.
وختم بشير حديثه قائلاً: “الأمل يبقى قائمًا بأن تُشكل قيادة الرئيس الجديد فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، وفتح حوار بنّاء يُفضي إلى تحسين العلاقات وتجاوز الأزمات التي أثرت سلبًا على التعاون بين البلدين”.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
الأزمة الليبية.. من يُعطّل الحل؟
مقدمة
ليبيا، الدولة الغنية بثرواتها والمتميزة بموقعها الجغرافي، تعيش منذ أكثر من أربعة عشر عامًا أزمة معقدة، امتزجت فيها الصراعات السياسية بالانقسامات المناطقية، وغابت فيها الدولة لصالح التشكيلات المسلحة والولاءات الضيقة.
ورغم تعاقب الحكومات والمبادرات الأممية والدولية، ما زال السؤال مشروعًا وملحًا: من يُعطّل الحل في ليبيا؟
من الثورة إلى الفوضى
بعد أحداث 2011، اتضح لكثير من الليبيين، حتى لمن شاركوا في تلك الأحداث، أن ما جرى لم يكن ثورة بمعناها النقي، بل كان خدعة كبرى مهدت لتدخلات أجنبية أطاحت بالسيادة، ومزقت البلاد إلى كانتونات تتحكم فيها جماعات مسلحة، وسط غياب مشروع وطني حقيقي.
لقد شعر الليبيون بالخذلان، إذ تحوّلت مطالبهم بالحرية والعدالة إلى فوضى، وعمّ الصراع المناطق والقبائل، وبرزت نخبة جديدة مستفيدة من الانقسام، تحكمت في القرار السياسي والاقتصادي، بينما بقيت الغالبية تعاني من الفقر والمرض والتهميش.
مفارقات المشهد الليبي
كيف تُبنى دولة والسلاح خارج شرعيتها؟ العاصمة تحت قبضة التشكيلات المسلحة التي تفرض قراراتها على الحكومات، وسط صمت أممي مريب.
كيف لمناطق معينة أن تسيطر على مفاصل الدولة دون كفاءة أو شرعية؟ فيما يُقصى الكفاءات الحقيقية.
كيف تُصرف الملايين على سفارات وهمية وتُهمل مستشفيات الداخل والخارج؟ بينما يعاني المواطن من غياب الدواء وفرص العمل.
كيف يمرّ القفز على استحقاقات انتخابية كـ25 ديسمبر 2021 دون مساءلة؟ كأن إرادة الليبيين لا قيمة لها.
دور الإعلام والمثقفين
إن استمرار هذه الأزمة هو أيضًا نتيجة صمت النخب، وضعف الوعي الجماهيري. وعلى الإعلام والمثقفين الوطنيين مسؤولية كبرى في فضح التضليل، وخلق رأي عام فاعل يواجه حملات التشويه التي تقودها الأطراف المتنفذة لحماية مصالحها على حساب الشعب.
من المسؤول؟
الحقيقة أن الليبيين لا يكرهون بعضهم، بل تم التغرير بهم بخطابات الكراهية والمظلومية، وتورط الشباب في حروب خاسرة عادوا منها بجراحات وآلام، تُركوا بعدها دون رعاية أو تعويض، بينما استمرت النخب المتنفذة في مكاسبها.
ومع تنامي الوعي، باتت عديد المناطق تدرك حقيقة الأزمة ومن يقف وراءها، وبدأ صوت الشارع يعلو، رافضًا للواقع المرير، ومطالبًا بتغيير حقيقي.
المؤسسة العسكرية.. ضمانة الاستقرار
يُجمع كثير من الليبيين اليوم على ضرورة تمكين المؤسسة العسكرية الوطنية، وفي مقدمتها القيادة العامة للجيش الليبي، التي نجحت في محاربة الإرهاب في الشرق، وتحرير الجنوب من العصابات الإجرامية، فيما بقيت مناطق أخرى رهينة للجماعات المسلحة المدعومة من أطراف خارجية.
ورغم حملات التشويه الإعلامية التي تتعرض لها هذه المؤسسة، فإن دورها كان واضحًا في حماية وحدة البلاد ومنع تمدد الفوضى.
قرارات 5+5 وإرادة الشارع
إن تنفيذ قرارات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 هو مفتاح العودة إلى المسار السياسي الحقيقي، ويجب أن تحترمه الحكومات المحلية والدول الراعية.
كما أن حراك الشارع في طرابلس ومدن أخرى دليل على أن الشعب كسر حاجز الخوف، وبدأ يستعيد زمام المبادرة، رغم محاولات بث الفرقة وشيطنة الاحتجاجات.
الانتخابات لن تُجرى تحت فوهة السلاح
لا يمكن الحديث عن انتخابات في ظل هيمنة السلاح، وهو ما يدركه الليبيون جيدًا. فكل دعوة للانتخابات دون نزع السلاح وتفكيك التشكيلات المسلحة هي دعوة للتمديد لا للتغيير.
لذلك فإن تمكين المؤسسة العسكرية أولًا هو شرط لضمان نزاهة أي عملية انتخابية.
بين خيارين
تقف ليبيا اليوم أمام خيارين مصيريين:
خيار الإرادة الشعبية التي تفرض مسار العدالة الانتقالية والدستور وتداول السلطة، وهو مسار يتطلب وعيًا جماعيًا ونضالًا سلميًا طويل النفس. خيار السلطة القوية القادرة على ضبط الفوضى، وبناء المؤسسات، وقيادة البلاد نحو استحقاقات ديمقراطية حقيقية، وهو ما يتطلب شخصية وطنية تمتلك الإرادة والشجاعة.خاتمة
لقد سقطت شعارات “الثورة” المزيفة، وانكشفت خرافة “رفض الحكم الفردي” التي قادت البلاد إلى فوضى عارمة.
آن الأوان لأن ينتفض الشعب الليبي بكل وعي ومسؤولية، لاستعادة دولته المختطفة، وبناء وطن يُحكم بقوة القانون لا بقانون القوة.
فليبيا ليست ملكًا لفئة أو جماعة، بل وطن لكل الليبيين، ولا خلاص إلا بوحدة الصف، وكسر دائرة الفساد، وبناء دولة مدنية ديمقراطية تحفظ كرامة المواطن وتعيد الهيبة للمؤسسات.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.