تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

استعرضت الكاتبة المسرحية جمانة الطراونة فى كتابها «تمثلات الحداثة وما بعدها في المسرح العماني» تطور المدارس المسرحية من الكلاسيكية إلى ما بعد الحداثة، ثم تحدثت عن فلسفة ما بعد الحداثة التى وجدت المناخ المناسب لها من خلال أعمال رولان بارت، وفوكو، وجيل دولوز، وجاك دريدا وجاك لكان، وأصبح هذا التلاقي هو البداية الحقيقية لما عرف بحركة ما بعد الحداثة الفلسفية.

البدايات المسرحية

انطلق المسرح في عمان من النشاطات المدرسية التى كانت تقام فى المدارس السعيدية على شكل اسكتشات مسرحية قصيرة، وهذا ما أكده كثير من المدرسين فى المقابلات التى أجراها معهم الدكتور محمد بن سيف الحبسى، حيث لم يتوفر لديه ما يوثق أى نشاط مسرحى خارج إطار المدرسة قبل عام 1970 وإن وجد، وكان موضوع هذه المسرحيات مستوحى من الموروث الشعبي، والقصص التاريخية، وقصص المعارك، والغزوات، والشخصيات الإسلامية وبعد ظهور المسرح المدرسى نشطت الحركة المسرحية فى الأندية، حيث انتقل الطلاب الذى كانوا يشاركون فى المسرحيات المدرسية للمشاركة فى الأندية مثل نادى عمان، والنادى الأهلي، ولم تثبت المشاركة النسائية فى تلك المرحلة إلا بعد عام 1970، إذ أن الأدوار النسائية كان يقوم بها الممثلون من الرجال.

تأسيس مسرح الشباب

ويمثل عام 1974 المرحلة الأولى لتأسيس فرقة «مسرح الشباب» وقد ظهرت هذه الفرقة فى فترة الازدهار المسرحى «للنادي الأهلى» و«نادى عمان» وضمت الفرقة فى بداية تأسيسها مجموعة من الهواة، وقد كان العنصر النسائى حاضرا فيها، وبدأت بتقديم عروضها على شكل مسرحيات قصيرة يتم تقديمها كل ثلاثة أشهر.

وكان أول عمل مسرحي تقدمه فرقة «مسرح الشباب» هو «تاجر البندقية» للكاتب المسرحى الإنجليزي وليم شكسبير، وهذا بحد ذاته يشكل أكبر تحدى بسبب التباين الثقافي بين بيئة العمل المسرحي والتذوق الفنى لأفراد المجتمع آنذاك.

أما فى التجربة الثانية للفرقة، فقد جرى الاستعانة بالمسرح العربي ووقع الاختيار على مسرحية «عيلة الدوغرى» للكاتب المسرحى المصرى نعمان عاشور، لأنها تطرح قضايا قريبة إلى حد ما من قضايا المجتمع العمانى، وبعد ذلك تم استقدام المؤلف المصري منصور مكاوى، ليعيش فى سلطنة عمان ويدرس عادات، وتقاليد، وتراث المجتمع العماني، ليكتب فيما بعد أعمالا مسرحية مستلهمة من الواقع، فكتب فى عام 1982 مسرحية «الوطن» التى تعد أول ملحمة وطنية تتحدث عن كفاح الشعب العمانى ضد الاستعمار البرتغالى، تبعها مسرحية «الطير المهاجر» عام 1983.

نضج الحركة المسرحية

وفى عام 1987 كانت أول مشاركة خارجية رسمية لمسرح الشباب فى المسابقة المسرحية الثانية لشباب دول الخليج العربى، التى عقدت فى الشارقة بمسرحية «السفينة ما تزال واقفة» للدكتور عبدالكريم جواد، وهى مسرحية غنائية تعتمد على الرمز، والأسطورة فى تقديم رؤية سياسية ناقدة، وبعد أن نضجت التجربة والخبرة المسرحية، توجه أعضاء مسارح الشباب إلى تأسيس الفرق المسرحية الأهلية، تحت إشراف وزارة التراث والثقافة، فكانت فرقة «الصحوة» هى أول فرقة مسرحية أهلية تشهر رسميا فى سلطنة عمان عام 1987، وقد خصصت الكاتبة المساحة الأكبر من الكتاب لتطبيقات على أربعة نصوص وعروض عمانية هى: «كأسك يا سقراط» للشاعر عبدالرزاق الربيعى، و«ساعة رملية للغضب والظلام والحب» للكاتب بدر الحمداني، و«الحلم» للدكتورة آمنة الربيع، و«سدرة الشيخ» للكاتب عماد الشنفرى.

تجليات الحداثة فى النصوص المسرحية

وتتضح تجليات الحداثة فى نص «كأسك يا سقراط» فى استعمال اللفظ وتوظيف الموقف وإدارة الأحداث فى غير مكانها المألوف والمعتاد عليه لتحقيق التغريب بجعل المتعارف عليه والمتفق على ماهيته غريبا، ليمنح الملتقى فرصة التفكير والتأمل فى أحداث المسرحية، واتخاذ القرار بالتغيير، وقد ركزت الكاتبة على رفض معايشة الممثل واندماجه فى المشهد عن طريق التقطعات السياقية والزمنية والمكانية والحركية والصوتية والضوئية التى تحدثت عنها سابقا، حتى لا تنتقل العدوى للمتلقي ويبقى يقظا محتفظا بعقله يراقب يفكر، ويحلل، ويصدر حكمه الذي سيسهم حتما بالتغيير فيما بعد.

وتنتمى مسرحية «ساعة رملية من الغضب والظلام والحب» بكل تمثلاتها لمسرح العبث الذي ظهر في ثلاثينات القرن العشرين، حيث تدور فى فلك اللامعقول دون الاكتراث بعامل الزمن، فكان الحوار غامضًا ومبهمًا يفتقد الموضوعية، أما شخوص المسرحية «الرجل والمرأة» فكانا يتحدثان بعبارات غير مترابطة او متجانسة، إذ ضربت الكاتبة الأسس التى قام عليها المسرح الكلاسيكي بعرض الحائط، كان غياب الفكرة فى النص هو الفكرة بحد ذاتها، أما المساحة التى تحركت بها الكاتبة داخل النص، فقد كانت بلا حدود وبسقف حرية مطلق، لتحقيق الدهشة التي تولد الصدمة.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: جمانة الطراونة المسرح العماني فرقة مسرح الشباب تاجر البندقية شكسبير سلطنة عمان النصوص المسرحية ما بعد

إقرأ أيضاً:

فرسان الحقيقة في زمن الحرب الكبرى.. صمود غزة وتحديات الأمة

هي حرب "الفرس والروم" تتجدد في عالمنا المعاصر بين الشرق والغرب، لا احترام فيها إلا للقوة، ولا تقدير فيها للضعفاء. "بوتين" يملك ملفات عن "ترامب" تعود إلى عهدته الأولى قد تودي بموقعه الرئاسي وتاريخه السياسي إلى النهاية. المهم نحن، الذين نملك مخزونا من الثقافة الرسالية لعالم هو اليوم أحوج ما يكون إليها. يقف قادتنا أمام الصلف الأمريكي بسلال فيها بيض وملح، وسيد البيت الأبيض يستصغر ما يفعل هؤلاء ويهينهم أمام الملأ، وما لجرح بميت إيلام. إنها الأقدار العادلة عندما تسجل للطغاة مشاهد ذلة لطالما أذاقوا شعوبهم منها.

بين الأزهر و"ألبانيز"

الروح المساندة للمقاومة في أرض الرباط والتشنيع على الصهاينة وعلى مشروعهم الخائب في المنطقة، لا ريب أنه جهاد باللسان يستدعي وقفة رجل واحد من أحرار الشمال الإفريقي كله ضد التطبيع والخنوع، ودعوة كل الجهات الرسمية والشعبية إلى تقديم ما بيدها من إمكانات لإسناد أهلنا في غزة. فليس من الإنسانية والرجولة أن نظل نتغنى بالحقيقة ولا نتبناها فعليا. في المملكة المغربية تطبيع مرفوض شعبيا لا بد أن يسقط، وفي الجزائر دعم بالأقوال يحتاج إلى تجسيد في الميدان، وفي تونس وليبيا وموريتانيا وجع لا بد أن يستحيل إلى طوفان.

إنها امرأة بألف رجل، كما يقول المثل، "رجل" ذي صبغة رسمية يحاضر في الأخلاق وقلبه قلب عصفور. وبالمناسبة فإن رؤية الحقيقة لا تتعلق بأصول من يعشقها وينادي بها، فكم ممن يصدع رؤوسنا مناديا بالحريات وحقوق الإنسان وهو عبد ذليل للسلطان، أو ممن  يرتدي مسوح الإيمان والتقوى وهو لا يقوى على دفع ذبابة، وما أكثر هؤلاء في المناصب السياسية والدينية والإعلامية! وحق للسيدة الإيطالية "فرانشيسكا ألبانيز" أن تكرم إذ أهانها المعتدون، وأن يهان في المقابل من يدعو فينا للخنوع والتطبيع.

الوعي وحده غير كاف، إن القطة عندما ترضع صغارها وترى الخطر قادما تهب للدفاع عن صغارها بما لديها من أنياب ومخالب، هذا وعي غريزي عند كل الكائنات. النبأ في الإدارة السورية الجديدة أنها تبحث عن طعام للرعية وعرينها مستباح من كل جهة، خاصة من الجنوب، بل إنها تسعى لإرضاء المعتدين بتقديم قرابين من لحمها الحي وتبني برجا في قلب دمشق لمن يرعى الإرهاب. فإلى أين تمضي السفينة يا حكام سورية؟ليأخذ من يخاف العزلة والتهديد العبرة من مجاهدي غزة أو ليستقل من منابر وجدت للدفاع عن الأمة، هناك من هو أقدر على حمل الأمانة. علماء الأزهر حملوا أنفسهم مسؤولية كبرى ولا مناص من تحملها أو فليتنازلوا عنها لمن يطيق حملها. من وقع على بيان غزة وفق فيه، ولم يكن موفقا حينما تراجع عنه.

هذه هي مشكلة المؤسسات الدينية غير المستقلة، لها سقوف يحددها ولي الأمر لا الضمير والشرع الحنيف، الذي يدعون سدانته والقيام عليه. بيان مشيخة الزهر عن دعم غزة وتحميل المسؤولية لكل مقصر ثم سحبه من الإعلام والتحجج بأن البيان قد يربك مفاوضات التهدئة محض هراء. فما أحوج الأمة اليوم وغدا إلى علماء مستقلين لا يخافون في الله لومة لائم، ثابتين على مواقفهم غير مبدلين ولا مغيرين، إلى أن يلقوا ربهم وهم على ذلك.

"وليجدوا فيكم غلظة"

الوعي وحده غير كاف، إن القطة عندما ترضع صغارها وترى الخطر قادما تهب للدفاع عن صغارها بما لديها من أنياب ومخالب، هذا وعي غريزي عند كل الكائنات. النبأ في الإدارة السورية الجديدة أنها تبحث عن طعام للرعية وعرينها مستباح من كل جهة، خاصة من الجنوب، بل إنها تسعى لإرضاء المعتدين بتقديم قرابين من لحمها الحي وتبني برجا في قلب دمشق لمن يرعى الإرهاب. فإلى أين تمضي السفينة يا حكام سورية؟

الحكم الحالي في سورية هو تتويج للثورة السورية بغض النظر عن قناعات بعض من هذا الشعب الأبي. وهو بعض أصيل ولكنه يقاد بعقول انفصالية لا تقبل بمنطق التاريخ والأغلبية، وما يفعله هؤلاء عبث بالوطن لا معنى له. فأن تتأبى على التسليم بواقع الحال المقبول لدى غالبية الشعب السوري فأنت تفتح الباب مشرعا لدخول الغزاة إلى بلدك. كان على الحكماء الحقيقيين من الدروز والكرد أن يأخذوا زمام المبادرة ويعلنوها ألا خصومة إلا تحت مظلة الدولة، ولا خصومة تستدعي إزهاق الأرواح وإراقة الدماء.

إشراك أهالي المنطقة الوحدويين من الموحدين الدروز في إدارة شؤونهم الأمنية والمدنية سياسة حكيمة، ولكن أين قدرة سورية على مواجهة العدوان وقد استهدفت في رموزها الوطنية، بل وفي قصرها الجمهوري؟ إنه لا معنى لتغليب مصلحة السوريين في بناء دولة تتقدم الأمم، كما قال الرئيس الشرع، من دون أن تكون لهذه الدولة منعة وشوكة. وقد أبان قصف قيادة الأركان بسهولة ويسر ما ينتظر عمران هذه الدولة من دون قوة رادعة. وليس معنى القوة أن تمتلك طيرانا ومضادات له، للشعوب فنون لا تعد ولا تحصى في تحقيق الردع المتكافئ والنيل من المعتدين.

تقرير رويترز عن واقع الاقتصاد السوري لا يختلف في أسلوبه عن تقارير المخابرات، التي تسعى إلى معرفة كيف تدير الدول الواقعة تحت التأثير الإسلامي أمورها، خوفا من أن تتحول إلى صداع لها في المستقبل. المصلحة السورية الوطنية تكمن في أن تدار أموال الشعب بأيد أمينة تعمل للصالح العام، أما معايير الإدارة الاقتصادية التي يراد لها أن تؤطر العملية الإصلاحية في الاقتصاد على الطريقة الغربية فليست أبدا عيارا شفافا للفساد أو للنزاهة. فحذار! إنها الليبيرالية تلبس لأمتها الجديدة.

سنرى أي معول سيتغلب، معول البناء أم معول الهدم؟ و"الدفع أقوى من الرفع" لمن يدعي السياسة الشرعية.

مقالات مشابهة

  • تطور الوضع الصحي لخالد المظفر بعد إصابته بجلطة على المسرح
  • العراق في دائرة الخطر.. جانب مظلم وتحديات مركبة تهدد حياة الشعب
  • سليم سحاب: خطة لتحويل الأفلام الغنائية القديمة إلى عروض مسرحية معاصرة
  • العيسوي: الملك جعل من الأردن نموذجا في الحداثة والعدالة والثبات على المواقف
  • جهاز الاستثمار العماني يوطّن مشروعات وتقنيات متقدمة من استثماراته الدولية
  • وقام بطل المسرحية الفنان أحمد عز بمسك يد الفنان لطفي لبيب، وصعد به إلى خشبة المسرح ???? ????
  • «مكتبات الشارقة» تسلّط الضوء على تجارب شعرية إماراتية
  • “إلى أين؟”.. عرض ليبي يُجسّد القلق الوجودي ضمن مهرجان المونودراما العربي في جرش 39 اللجنة الإعلامية لمهرجان جرش بحضور ممثل عن السفارة الليبية في عمان، وجمع غفير من عشاق المسرح، وضمن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما المسرحي، قدّمت ا
  • تصعيد قبل جلسة الحكومة او بعدها؟
  • فرسان الحقيقة في زمن الحرب الكبرى.. صمود غزة وتحديات الأمة