موسكو- وقّعت روسيا وإيران اتفاقية شراكة إستراتيجية غطت أوسع قطاع من التعاون على مدار تاريخ العلاقات بين البلدين، بما في ذلك الدفاع والتجارة والطاقة والتمويل والنقل وكذلك الزراعة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والرعاية الصحية فضلا عن الاستخبارات ومكافحة الإرهاب.

الاتفاقية التي تم التوقيع عليها في الكرملين من قِبَل الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين والإيراني مسعود بزشكيان، تتكون من 47 مادة وتغطي أكثر من 30 مجالاً للتعاون، من السياسة والاقتصاد إلى التكنولوجيا والأمن، ومن المقرر أن تستمر لمدة 20 عامًا مع تمديدات تلقائية لفترات مدتها 5 سنوات لاحقة.

الرئيس الإيراني (يمين) يلتقي بوتين ويناقش معه سبل تعزيز التعاون في جميع القطاعات (الفرنسية) عصر جديد

وفي مؤتمر صحفي مشترك مع بزشكيان، وصف بوتين الاتفاقية بأنها "مهمة لأنها تسمح لنا بإضافة زخم جديد عمليا إلى النطاق الكامل لتعاوننا"، معتبرًا أنها تشكل "اختراقا" في العلاقات الثنائية، بينما قال بزشكيان إنها " فتحت عصرًا جديدًا في العلاقة بين إيران وروسيا".

وعلى عكس معاهدات روسية مشابهة مع الصين وكوريا الشمالية وبيلاروسيا، لم تحتوِ الاتفاقية مع إيران على بند الدفاع المتبادل، بل نصت على أنه إذا تعرضت إحداها للهجوم، فيجب ألا تقدم الدولة الأخرى "أي مساعدة عسكرية أو غيرها للمعتدي من شأنها أن تسهل استمرار العدوان".

إعلان

ويأتي توقيع الاتفاق قبل 3 أيام فقط من أداء الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب اليمين الدستورية، والذي تعهد مرارا وتكرارا باتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إيران وإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، رفض الربط بين توقيت الحدثين.

ونوقشت اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين لأول مرة في عهد الرئيس السابق حسن روحاني (2013-2021) واستمرت في عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي (2021-2024)، قبل أن يتم التوقيع عليها أمس الجمعة في الكرملين.

وعلى مدى السنوات الأخيرة، لا سيما بعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، عزز البلدان علاقاتهما بما في ذلك المجال العسكري. واتهمت كييف وحلفاؤها الغربيون موسكو بتزويد إيران بطائرات مقاتلة متطورة من طراز سو-35 التي تخضع لعقوبات غربية مقابل الحصول على طائرات إيرانية دون طيار من طراز "شاهد"، لكن موسكو وطهران قامتا بنفي هذه الاتهامات.

وفي تعزيز إضافي للعلاقات مع روسيا، انضمت إيران إلى كتلة البريكس وكان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أحد القلائل من زعماء العالم الذين حضروا قمة الكتلة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في قازان.

من الشراكة إلى التحالف

برأي المختص في الشؤون الدولية ديمتري كيم، فإن أهمية الاتفاقية الجديدة بين البلدين تكمن في أنها رفعت مستوى العلاقات بينهما من الشراكة إلى التحالف الإستراتيجي وأضفت طابعا رسميا على هذا التحالف.

ويضيف، في حديث للجزيرة نت، أن المرحلة الجديدة من العلاقات بين البلدين سيكون لها تأثير على مناطق عدة في العالم وإن بطرق مختلفة، ولكن بشرط أن يترجم البلدان ذلك بمتابعة نفس الأهداف والأنشطة في مسارات السياسة الخارجية الخاصة بهما.

ويعطي مثالًا على ذلك أنه في حال أوقفت روسيا صادرات الغاز إلى أرمينيا، فيجب على إيران أن تتوقف بالتوازي، وأن أي موقف تتخذه إيران فيما يتعلق بأذربيجان، يجب على روسيا أن تتخذ هذا الموقف أيضا.

إعلان

ويلفت في الوقت ذاته، إلى احتمال أن تنشأ بعض التناقضات بين البلدين، في هذه الحالة، لذلك، جرى التأكيد على أن هذا الاتفاق الإستراتيجي الشامل يتعلق أكثر بالتعاون الثنائي بين البلدين ويركز على التعاون العسكري والتكنولوجيا الذرية والبنية الأساسية للنقل، لأن كلا البلدين يعانيان من مشاكل كافية على الساحة الدولية ويخضعان لعقوبات مختلفة من الغرب واليابان وكوريا الجنوبية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يمين) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (يسار) ينقلان العلاقة بين بلديهما لمستوى التحالف الإستراتيجي (الأناضول) تحديات مشتركة

من جانبه، يربط الخبير في العلاقات الدولية ديمتري بابيتش ما يصفه بـ"العهد الجديد" في العلاقات بين البلدين بتحولات جيوسياسية أوسع نطاقًا، بما في ذلك انهيار نظام بشار الأسد في سوريا حيث أدى ذلك إلى خسارة لكل من روسيا وإيران في المنطقة.

ويضيف في حديث للجزيرة نت أن روسيا كانت حذرة في السابق من وصف علاقاتها مع إيران بأنها "إستراتيجية" لتجنب إثارة استياء اللاعبين الإقليميين الرئيسيين وحتى الغرب، لكنها باتت تنظر إلى إيران حاليًا كحليف إستراتيجي ومهم في مواجهة العقوبات والتمدد الغربي.

ويتابع بأن الاتفاقية تدل على أن إيران وروسيا ستعملان معًا لمواجهة هذه الاستحقاقات وغيرها في مناطق مختلفة من العالم، من خلال رفع مستوى التنسيق والتفاهم بينهما وتثبيت ذلك في اتفاقيات مشتركة وملزمة وغير "خجولة".

ويشير في هذا السياق إلى أن معاهدة الشراكة الشاملة بين موسكو وطهران هي أكثر أهمية، على سبيل المثال، من ميثاق الشراكة بين الولايات المتحدة وأرمينيا الذي تم توقيعه مؤخرًا بالنظر إلى أنه تم توسيعها لتأخذ في الاعتبار حقائق العالم الجديدة، بما في ذلك تحول أرمينيا إلى مستعمرة أميركية جديدة في جنوب القوقاز -حسب تعبيره- وهو تحد مشترك لكل من روسيا وإيران.

إعلان

والاتفاقية في أحد أبعادها، يضيف المتحدث، تضعف إمكانية شن ضربات صاروخية أميركية على إيران في المستقبل بهدف منعها من تطوير الأسلحة النووية، وبالتالي تعتبر بمثابة إجراء وقائي وجزء لا يتجزأ من إعادة صياغة النظام العالمي بشكل عام، حيث فقدت الولايات المتحدة هيمنتها، ومن غير المرجح أن تستعيدها في شكلها السابق، حسب قوله.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العلاقات بین روسیا وإیران بین البلدین بما فی ذلک

إقرأ أيضاً:

غباش ورئيس مجلس «الدوما» الروسي يؤكدان عمق علاقات البلدين

أبوظبي: «الخليج»


استقبل صقر غباش، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، في مقر المجلس في ابوظبي، ألكسندر باباكوف، نائب رئيس مجلس «الدوما» الروسي.


وبحثا خلال اللقاء سبل تعزيز علاقات التعاون والشراكة في مختلف المجالات، في ظل التطور الذي تشهده علاقات الصداقة والشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات وجمهورية روسيا الاتحادية، التي تحظى بدعم قيادتي البلدين وحكومتيهما وتأكيد أهمية ترسيخ هذه العلاقات والدفع بها قدما في شتى المجالات.


ورحب غباش في بداية اللقاء بألكسندر باباكوف، والوفد المرافق له، مؤكداً عمق العلاقات بين دولة الامارات وجمهورية روسيا الاتحادية والحرص المشترك على الارتقاء بها إلى آفاق أرحب.


وأكدا أهمية تطويرالتعاون البرلماني بين المجلسين وتعزيزها في مختلف الموضوعات ذات الاهتمام المشترك في مختلف المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الصديقين.


حضر اللقاء الدكتور عمر النعيمي، الأمين العام للمجلس وعفراء البسطي، الأمينة العامة المساعدة للاتصال البرلماني.


وأكد غباش، أن هذه اللقاءات وتبادل الزيارات تأتي امتداداً لمسار متواصل من التعاون البرلماني. مشيراً إلى زيارته الرسمية إلى روسيا الاتحادية أخيراً، وشهدت مشاركته علي رأس وفد برلماني، في مؤتمر «نيفيسكي البيئي الدولي»، حيث عكست حرص دولة الإمارات على تعزيز التعاون مع روسيا الاتحادية في المجالات البيئية والاقتصادية. وشكلت هذه المشاركة خطوة مهمة في توسيع آفاق التعاون البرلماني والبيئي، بما يعزز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الصديقين


وأكد حرص المجلس الوطني، على مواصلة التنسيق مع مجلس الدوما والجمعية الفيدرالية لروسيا الاتحادية لتعزيز العمل البرلماني المشترك، وتكثيف الحضور البرلماني في المحافل الدولية، بما يُسهم في دعم السلام، والتنمية، والتفاهم الدولي، ويخدم مصالح شعوبنا.


وأشار إلى أن المستوى المتميز من العلاقات السياسية والاقتصادية والسياحية بين البلدين، انعكس على العلاقات البرلمانية والتعاون الوثيق بين المجلسين. لافتاً إلى أن العلاقات الاقتصادية، تتسم منذ عقود بالقوة والتطور المستمر.


وأكد أن العلاقات البرلمانية ركيزة أساسية في مسار الشراكة الاستراتيجية، والتطلع إلى نموذج تعاون برلماني بناء ومستدام.


وأشار إلى أن سياسة دولة الإمارات المتوازنة، قائمة على احترام السيادة، وتسوية النزاعات بالوسائل السلمية، وتعزيز التعاون والانفتاح الدولي.


وأكد ألكسندر باباكوف، عمق العلاقات الاستراتيجية بين روسيا الاتحادية ودولة الإمارات. مشيداً بالتطور الذي تشهده دولة الإمارات في التنمية المستدامة والابتكار والذكاء الصناعي والفضاء وتمكين المرأة والشباب. وبدورها شريكاً موثوقاً في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي، ومبادراتها في الوساطة والمساعدات الإنسانية والدبلوماسية الاقتصادية.

مقالات مشابهة

  • إزالة عراقيل التقارب.. رسائل مصر وإيران من زيارة عراقجي للقاهرة
  • جوزيف عون: دعم إيران للبنان يأتي في إطار العلاقات الجيدة بين البلدين
  • إعادة فتح معبر العريضة بين لبنان سوريا.. خطوة ايجابية نحو تعزيز العلاقات بين البلدين
  • زيارة تؤسس لعلاقات جديدة| وزير خارجية إيران في مصر.. وسمير فرج: نقطة تحول تاريخية وبداية لانفراجة في التعاون بين البلدين
  • الرئيس البرازيلي يكرّم الدكتور معن النسور، الرئيس التنفيذي لشركة البوتاس العربية بوسام ريو برانكو تقديرا لدوره في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين
  • متحدث الخارجية: نشاط استثماري سياحي متبادل مرتقب بين مصر وإيران
  • غباش ورئيس مجلس «الدوما» الروسي يؤكدان عمق علاقات البلدين
  • وزير الخارجية الإيراني: نؤكد أهمية تعزيز العلاقات المشتركة بين مصر وإيران
  • العراق وإيران ..توحيد العلاقات العدلية بين الطرفين باعتبارهما بلد واحد!
  • العراق ولبنان يؤكدان على تعزيز العلاقات بين البلدين