عربي21:
2025-06-06@18:57:33 GMT

الصفقة اليوسفية بعد أن حصحص الحق

تاريخ النشر: 21st, January 2025 GMT

نجّى الله سبحانه يوسف من الأسر مرّتين بصفقتين، الأولى عندما كان تحريره من الجبّ مع تحويله في سوق النخاسة من حرّ ابن نبيّ إلى عبد لعزيز مصر، أمّا الصفقة الثانية فقد اختلفت تماما عن الأولى إذ كانت ذات بعد معرفي وكان مقابل حريّته تأويله لرؤيا فرعون مصر ذاك الزمان. رفض الأسير هذه المرّة حريّته مقابل ما قدّم من معرفة وعلم، وطلب أن تشمل الصفقة إثبات براءته، وكان له ما طلب، وكان من نتائج هذه الصفقة أن يتبوأ خزائن البلد وزيرا ولينقذها بعد ذلك من الجدب والمجاعة، وليقيم فيها العدل والرفاه على أساس دين يحرّر الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد ومن ظلم وفساد الحكم إلى صلاحه وعدله.



صفقة اليوم بين طرفين، طرف معتد آثم برع في حرب إبادة بشريّة غير مسبوقة على مدار 471 يوما، وفي ذات الوقت فتح عدوانا غير مسبوق في السجون على أسرى طال عليم أمد السجون، أسرى أكل الحديد من أجسادهم وزرعت جدران السجن الأمراض في روحهم، أراد هذا العدوّ اللئيم أن يتجاوز أسرانا ويتركهم غارقين في مؤبداتهم إلى أن يحوّلهم موتى في ثلاجاته أسوة بمن حوّلهم من قبل، وأراد لهم الموت البطيء وتركهم وسيلة ردع لشعبهم ولكلّ من يفكّر بمقاومته ورفض ظلمه.. أراد العدو أن يحرّر أسراه بما توهّمه وصرّح به: بالضغط العسكري، والذي ترجمه على أرض الواقع مجازر وقتل للأطفال والنساء وتدمير لكل مقوّمات الحياة، وقد تجرأ كثيرا على كلّ ما ترفضه حضارة البشر؛ فقصف المستشفيات والمساجد والكنائس والمدارس والجامعات وخيام النازحين، دمّر وقتل وحرق، ولم يتمكّن في نهاية المطاف من تحرير أسراه إلا بصفقة.

أما الطرف الآخر فهو يوسف.. يوسف اليوم يعقد الصفقة، عليكم أن تعترفوا بحريّته وسيادته وشرعيّة نضاله، وأنه معتقل من أجل قضية عادلة ومن أجل تحرير شعبه من احتلال طال ليله وعظم توحّشه.

يوسف اليوم رفضته ثلاثون سنة من المفاوضات ورفض أن يمنّ عليه الاحتلال بحرية ذليلة وأن يكون الإفراج عنه على حساب قضيّته، اليوم يفرج عنه عزيزا كريما سيدا مرفوع الرأس، ممتشق القامة بروح عالية وأنَفة وكبرياء وتحت شروط مقاومة عزيزة سطّرت أعظم بطولاتها من أجل تحرير أسراها.

يوسف اليوم يخرج من غياهب الجبّ؛ لا ليكون عبدا يباع في سوق النخاسة وإنما ليكون رائد حرية شعبه وليسهم في نهضة أمّته وليكون عزيز بلده، يرفع من شان عزّته ويعلي من راية قوّته ووحدته وليكون قائدا يأخذ دوره ويتابع المسير للتحرير الكامل والشامل.

يوسف اليوم يقف أمام العالم الحر شامخا بعد أن هتف له كلّ أحرار العالم: "الآن حصحص حق القضيّة الفلسطينية، الآن حُقّ لك أن يطلق سراحك من سجونهم وحقّ لك أن تسود حريّتك العزيزة بإطلاق سراحها للانعتاق الأعظم لشعبك وشعوب أمّة عربيّة طال عليها ليل الظالمين، ولتصل هذه الحريّة بمذاقها العظيم لكلّ أرجاء المعمورة. لقد شهد العالم اليوم الحريّة على أصولها: عظيمة زاهية جميلة بهيّة لا تشوبها شائبة من شوائب عالم طالما زيّفها وتغنّى بها ظلما وزورا.

يوسف اليوم بعد أن حصحص الحق حُقّ له أن يكون على خزائن الأرض حفيظا عليما أمينا مكينا قويّا، وأهم خزائن الأرض اليوم ما فيها من قيم ترفع من شأن الإنسان وتجعله عزيزا كريما، يحق للأسرى المحرّرين اليوم أن يكونوا الأمناء على خزائن شعبهم فيحفظوا له قيمه من موازين الظلم والفساد والفرقة والشتات. يوسف اليوم تنتظره مهمات جليلة عظيمة يكون فيها صمّام أمان وحافظ وحدة وحامي مسيرة لشعب يجمعه برنامج مقاومة وتحرير من شرّ هذا الاحتلال المستطير.

أخيرا أرغمت المقاومة هذا الوحش المفترس بالرضوخ والتحدّث بلغة البشر، المقاومة الفلسطينية الآن تحرّر أسراها عنوة وبالضغط العسكري والأمني والاستخباراتي بعد أن فشل عدوّها بضغطه العسكري، إضافة للضغط القيمي والأخلاقي والإنساني الذي يشهده العالم اليوم.

سيرى العالم اليوم كم هو وزن الإنسان الفلسطيني الذي يستحق من شعبه ومقاومته كلّ هذا العمل العظيم والثمن الباهظ وخوض غمار المستحيل لتحويله إلى ممكن بغية تحرير هذا الإنسان.

سيرى العالم كم يزن الأسير الفلسطيني عند شعبه الحرّ وكم تعادل حريّته وكم هي عظيمة ومقدّسة؛ أكثر بكثير ممّا يتشدّق به دعاة الحرية في هذا العالم المزيّف الذي انكشفت قيمه الإنسانية وظهرت على حقيقتها وانزوت بعيدا عن الحق الفلسطيني والإنسان الفلسطيني الذي لا يزن عند هذا العالم جناح بعوضة، وإذا به يخرج منه ما ينصف هذا الإنسان، لم يعد الأسير الفلسطيني بعد اليوم إنسانا إرهابيا أو مخربا أو لا قيمة له ولا وزن، لقد ظهر للعيان أنه إنسان عظيم وقد جاءه من ينتصر له ويعطيه وزنه الذي يليق به.

سيرى العالم اليوم كيف ينتزع الفلسطيني حريّته، لم يعد مستجديا ومستغيثا بمؤسسات حقوق الإنسان الغربيّة ولم يعد راكعا على عتبات الأمم المتحدة، ولم يعد حزينا باكيا مستعطفا علّه ينال حريّته من كلّ هذا العالم الوقح الذي يظهر دموع التماسيح بينما هو وغد أفّاك أشر، لقد علّم العالم اليوم كيف يصل إلى حقّه وحريّته من فوّهة بندقيّته.

سنشهد ويشهد معنا كلّ أحرار العالم تحريرا عظيما للأسرى الفلسطينيين من خلف ستائر العتمة وولادة جديدة لهم من بطن الحوت، بعد أن طال عليهم أمد هذا السجن الأسود وكاد أن يكون مقبرة حقيقّة لهم وليس مجازا، وقد رحل من بين هذه المؤبدات إلى الرفيق الأعلى قبل أن يصل إلى لحظة التحرير المنشودة العديد منهم، مما جعل الباقي ينتظر هذا الرحيل المرّ ما لم تسعفهم صفقة تنجّيهم من هذا العذاب الأليم وهذا المصير اللئيم.

هذه صفقة يوسفية بامتياز ولها تداعيات عظيمة، هؤلاء الأحرار ليسوا مجرّد أرقام، سنجد من يحمل الإرادة الحرّة والعزائم النبيلة والثقافة الواسعة والرؤية الاستراتيجية الثاقبة، سيشكّلون رافعة هامة وعظيمة للقضيّة الفلسطينية وسيكون لهم دور عظيم، فكما رأينا ما فعل المحررون سابقا سنرى فعل المحرّرين في هذه الصفقة وانعكاسات ذلك على القضيّة الفلسطينية ومستقبلها المشرق بهم بإذن الله.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية اسرى فلسطين غزة مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ة الفلسطینیة العالم الیوم یوسف الیوم أن یکون بعد أن

إقرأ أيضاً:

يوسف عبدالمنان يكتب: رجال وراء “الصياد”

ما حققه “الصياد” من انتصارات كبيرة على المليشيا في كردفان جعله على كل لسان، وأصبح مجرد ترديد اسمه يثير الرعب في صفوف الجنجويد وداعميهم في الداخل والخارج. لقد كسر “الصياد” عنق المليشيا ونتف ريشها، ولذلك تصدّت له أبواقهم الإعلامية، وحاولت زرع الفتن من حوله. وكعادتها، خصصت المليشيا غرفًا إعلامية وسياسية للتصدي لـ”الصياد” الذي بدأ رحلته من كوستي، ثم تندلتي.

أولى معارك “الصياد” كانت معركة ود عشانا، التي خسرتها المليشيا، ثم معركة الغبشة، حيث دفنت القوات المسلحة فيها أشرف الرجال وأعز الأبطال. تلتها ملحمة تحرير أم روابة، ثاني أكبر مدينة في شمال كردفان بعد الأبيض، والتي تحررت بجسارة رجال “الصياد”، ثم تبعتها الرهد وسدرة وجبل الداير، وانفتح الطريق جنوبًا حتى الفيض أم عبد الله.

وكانت ملحمة جبل كردفان وصولًا إلى الأبيض، حيث فُك الحصار عن الفرقة الخامسة. وفي كل هذه المعارك، كان النصر حليف “الصياد”، والانتصار شعار الأبطال.
ثم بدأت المرحلة الثالثة، وتم تحرير أم عردة وكازقيل وبربر (بضم الباء)، ودك أكبر معاقل اللصوص، وتحرير الحمادي والدبيبات، واقترب “الصياد” من الدلنج، حتى وقعت نكبة الدبيبات، التي منها سيعود “الصياد” أكثر قوة وصلابة وشوكة.

وما النصر إلا من عند الله.
ونكبة الدبيبات هي مفتاح تحرير الفولة والمجلد، وإكمال المسير نحو نيالا، ليسجل التاريخ قصة بطولات جيل، ويحفر قادة مثل عبد الله كوه، حسين جودات، حسن البلاع، والطاهر عرجة أسماءهم في سجل قادة النصر الكبير.
قصة “الصياد” بدأت بفكرة لثلاثة من قادة كردفان: اللواء المرضي، الفريق الباهي، وعبد الله محمد علي، الذي حين عزّ المال ونضب المعين، باع سيارته الخاصة لتمويل “الصياد”. وأشرف الفريق شمس الدين كباشي على كل مراحل تجميع القوات، وإعداد القوة، وشراء المركبات، وتوفير السلاح، حتى أصبح “الصياد” واقعًا.

وكان للدكتور عبد الله إبراهيم، وكيل وزارة المالية وابن كردفان البار، دور محوري، فلم يبخل يومًا عليها لا بمال ولا بجهد.
وحول “الصياد” وقف رجال دعموا المتحرك في صمت، بالرجال والمال، منهم ناظر البزعة، الشاب أسامة الفكي، الذي ترك الخليج، حيث رغد العيش ونعومة الفراش، ليقف مع متحرك “الصياد” بكل ما يملك. وكان فرسان البزعة وقود معركة أم روابة في مواجهة المليشيا.
وإذا كان أمير الجوامعة، الأستاذ الجامعي والاختصاصي الكبير، قد مال نحو الجنجويد، فإن وكيل الإمارة، عيسى كبر، الذي طرده الجنجويد، قد عاد بفضل “الصياد”، محمولًا على أكتاف أهله، ومحمياً بالجوامعة وفرسانها.

واليوم، يقف رجال تأسيس “الصياد” لإعادة انطلاقة جديدة. وإذا كان الفريق شمس الدين كباشي قد أشرف على المتحرك منذ ميلاده، فإن الفريق البرهان هو من فتح خزائن الدولة لدعمه. وزار البرهان أم روابة في يوم مشهود من تاريخ كردفان، حيث صافح قادة “الصياد”، حتى أصيب حسين جودات في تدافع الجنود نحو قادتهم.

إن ما حققه “الصياد” خلال المرحلة الماضية يشفع له، حتى إن خسر معركة الدبيبات أو نكبة الحمادي. فالعثرات هي بدايات الانطلاق الكبرى نحو تحرير الأرض في كردفان ودارفور معًا.

يوسف عبدالمنان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • يوسف عبدالمنان يكتب: رجال وراء “الصياد”
  • غزة.. حيث تتحول المساعدات إلى فخاخ
  • كيف وصلنا إلى هذا الدرك من الهوان؟
  • خطيب عرفة: التقوى هي التمسك بدين الله الذي أكمله في مثل هذا اليوم
  • وفاة الفنان اللبناني يوسف أبو حمد قبل ساعات من حفله
  • خالد أبو بكر: يستطيع اليوم المواطن أن يحصل على الدولار الذي يطلبه.. فيديو
  • مانشستر سيتي يحسم صفقة بديل دي بروين من ميلان
  • تفاصيل العرض الخرافي الذي رفضه زيدان لتدريب الهلال السعودي
  • ???? يوسف عبدالمنان: الغرق في الدموع
  • الوحشية الإسرائيلية.. سمير فرج: الشعب الفلسطيني يتحمل ما لا يتحمله بشر في العالم