القدس المحتلةـ غابت "نشوة" النصر المطلق المزعوم، الذي وعد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طوال فترة الحرب على قطاع غزة، وتصدرت مشاهد الغضب والحزن لدى الإسرائيليين، وذلك مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وهو ما يؤكد الإجماع الإسرائيلي على الفشل في تحقيق أهداف الحرب المعلنة.

وتجلى هذا الإجماع في حجم الخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال في شمال القطاع، وهو ما يؤكد أن فصائل المقاومة ما زالت تتمتع بمزايا عسكرية ولديها قدرات وترسانة لخوض مواجهة مستقبلية مع إسرائيل، ويعكس فشل تل أبيب في القضاء على مقدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العسكرية، وكذلك المقدرات السلطوية للحركة في الحكم بغزة.

واستند هذا الإجماع إلى الاعتراف الإسرائيلي بأنه في مناطق شمال القطاع كافة، حيث كانت القوات الإسرائيلية تخوض المعارك مع المقاومة، وتروج القيادات العسكرية أنها نجحت في القضاء على مقاتلي حماس، وكانت قوات حماس تعود للمناطق التي ينسحب منها جيش الاحتلال.

وتتوافق قراءات المحللين والباحثين فيما بينها على أن الإخفاق في تحقيق أهداف الحرب يعكس الفشل السياسي للحكومة، وكذلك الإخفاق العسكري للجيش، وهو الفشل الذي يفتح الباب لمراجعات، وسط وجهات نظر نقدية تسلط الضوء على مسألة الإخفاق العسكري في الحرب والسخرية مما أطلقه نتنياهو "النصر المطلق"، الذي اعتبرته بعض القراءات والتقديرات بـ"الهزيمة".

جيش الاحتلال أخفق في السيطرة على شمال غزة (الجزيرة) خسائر فادحة

وقال الباحث بالشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، إن إسرائيل لم تحقق أيا من الأهداف المعلنة للحرب، وذلك على الرغم من الثمن الباهظ الذي دفعه الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة في قطاع غزة.

إعلان

واستعرض شلحت -في حديث للجزيرة نت- طبيعة الخسائر للأهداف المعلنة، ولعل أبرزها إطلاق سراح "الرهائن" الذي لم يكن ذات أولوية بالمرحلة الأولى، وتحول إلى سلم الأولويات بإنجازه من خلال الترويج لمزيد من الضغط العسكري لتحقيقه، لكن في نهاية المطاف لم يتحرر أحد من "المختطفين" إلا من خلال اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل.

ولفت الباحث بالشأن الإسرائيلي إلى أن الهدف الأبرز الذي روجت له إسرائيل، طوال فترة الحرب، هو القضاء على حركة حماس عسكريا وسياسيا، قائلا إنه "لربما دمرت إسرائيل جزءا من ترسانة المقاومة، لكنها فشلت في القضاء على مقدراتها العسكرية، خاصة أن مقاتلي حماس وقبيل أسابيع من الاتفاق كبّدوا الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة بالقوات والمعدات".

جيش الاحتلال لم يستطع القضاء على المقاومة (الجزيرة) غياب الحسم

ويوضح شلحت أن جيش الاحتلال أخفق أيضا في تحقيق الهدف الأساس بألا يشكل قطاع غزة تهديدا أمنيا لإسرائيل في اليوم التالي للحرب، الأمر الذي يشير إلى أنه لا يوجد لتل أبيب أي خطة بعد انتهاء الحرب.

ولفت إلى أن ما تطرحه إسرائيل بهذا الصدد يتلخص في عدم الموافقة على أن تكون حماس جزءا من السلطة في القطاع، وهو الطرح الذي يتعارض مع الخطط الإقليمية والدولية كافة، التي ترى حماس جزءا لا يتجزأ من إدارة السلطة والحكم في غزة في اليوم التالي للحرب.

صالح لطفي: المقاومة بقيت صامدة في غزة وحظيت بحاضنة شعبية غير مسبوقة (الجزيرة) المظلومية التاريخية

ويرى المحلل السياسي والباحث بالمجتمع الإسرائيلي صالح لطفي أن الإجماع بتل أبيب بعدم تحقيق أهداف الحرب هو نتائج للتركيبة المجتمعية والسياسية والحزبية والدينية في إسرائيل، وهي التركيبة التي أخذت تتبلور بعد الانتفاضة الثانية، إذ كانت بوصلة المجتمع الإسرائيلي بجميع مكوناته التوجه نحو اليمين والفاشية.

إعلان

وعزا لطفي -في حديث للجزيرة نت- الإجماع على عدم تحقيق أهداف الحرب إلى 3 معضلات يعاني منها المجتمع الإسرائيلي، وهي الشك والريبة والهواجس، وكذلك الموروث التاريخي ما قبل قيام إسرائيل، والمتلخص في ظاهرة المظلومية التي ترافقهم في ضوء ما حدث معهم في أوروبا، إضافة للمعضلة الثالثة وهي نكبة الشعب الفلسطيني التي ما زالت تلاحقهم.

ويعتقد الباحث بالمجتمع الإسرائيلي أن معركة طوفان الأقصى كسرت المظلومية التاريخية على مستوى الشعوب والأنظمة على مستوى العالم، إذ بقيت مجموعات صغيرة بالمجتمع الغربي يسيطر عليها اللوبي الصهيوني ما زالت تتبنى جوهر المظلومية التاريخية للإسرائيليين.

نشاط قوات من لواء "الناحال" في بيت حانون بقطاع غزة (الجزيرة) حالة وجودية

وتعليقا على معاني ودلالات الإجماع الإسرائيلي بعدم تحقيق أهداف الحرب، أوضح لطفي أن ذلك يعود بالأساس إلى حالة الريبة وفقدان المظلومية لدى الإسرائيليين، الذين باتوا يتساءلون "ماذا بعد؟"، وهو السؤال الذي يعكس الحالة الوجودية، وذلك خلافا للفلسطينيين في قطاع غزة الذين فقدوا كل شيء، لكنهم يصرون على العودة لأرضهم ومنازلهم المدمرة، وهي مشاهد ترهب المجتمع الإسرائيلي.

ويعتقد أن هذه المشاهد والمشاعر، التي تحمل في طياتها وجوهرها أبعادا أخلاقية ووجودية، تدلل على تشكل أول حالة انكسار بالمجتمع الإسرائيلي الذي ما عاد قويا، وما عاد قادرا على تحمل مزيد من تداعيات الصراع، كما يظهر أن الحكومة الإسرائيلية ما عادت قوية، إذ أثبتت الأحداث أن إسرائيل تعتمد على الدعم الأميركي والغربي.

وفي قراءة لخسائر إسرائيل من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، يشير لطفي إلى أن حكومة نتنياهو قبلت اليوم ما رفضته في خطة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن، في مايو/أيار 2024، إذ كانت راهنت على عامل الوقت من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية وكسر شوكتها، لكن المقاومة بقيت صامدة في غزة وحظيت بحاضنة شعبية غير مسبوقة.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات تحقیق أهداف الحرب جیش الاحتلال القضاء على قطاع غزة فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

هيئة عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو فشل في إعادة محتجزينا رغم مرور 600 يوم على الحرب

قالت هيئة عائلات المحتجزين الإسرائيليين، إن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو فشل في إعادة محتجزينا على الرغم من مرور 600 يوم على الحرب، حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في خبر عاجل.

الانسحاب الكامل من غزة.. حماس تكشف تفاصيل الاتفاق مع المبعوث الأمريكيبعد حصار طويل.. دقيق الخبز في طريقه إلى غزة بموافقة دولية مبدئية


وذكرت الهيئة، أنّ نتنياهو لم يعد قادرا على استعادة المحتجزين وعليه أن يفسح المجال لغيره.

علنت حركة حماس، أنها توصلت إلى اتفاق مع المبعوث الأمريكي وأنها تنتظر الرد النهائي عليه.

بعد حصار طويل.. دقيق الخبز في طريقه إلى غزة بموافقة دولية مبدئيةمونيكا وليم تكتب: غزة .. نحو صفقة شاملة أم وقف مؤقت؟


وذكرت حماس، أنّ الاتفاق يتضمن إطلاق 10 محتجزين إسرائيليين مقابل عدد متفق عليه من الفلسطينيين، مشيرةً، إلى أنّ  الاتفاق مع ويتكوف يتضمن تدفق المساعدات الإنسانية وتولي لجنة مهنية إدارة شؤون القطاع فور الإعلان عن الاتفاق.

طباعة شارك المحتجزين الإسرائيليين رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو الحرب استعادة المحتجزين

مقالات مشابهة

  • خدعة نتنياهو الجديدة ومقترح ويتكوف
  • حماس: المقترح الأمريكي الذي وافقت عليه إسرائيل حول الهدنة في غزة لا يستجيب لمطالبنا
  • نتنياهو يعلن قبول إسرائيل مقترح لوقف إطلاق النار في غزة
  • إعلام عبري: نتنياهو يعلن موافقته على مقترح ويتكوف الجديد لوقف الحرب في غزة
  • مراحل عربات جدعون التي أقرها نتنياهو لتهجير سكان غزة
  • هيئة عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو فشل في إعادة محتجزينا رغم مرور 600 يوم على الحرب
  • نتنياهو: سنحقق النصر المطلق وسنعيد محتجزينا وسنقضي على حماس
  • غيّرنا وجه الشرق الأوسط - نتنياهو يؤكد: اغتلنا محمد السنوار
  • توماس فريدمان: الإشارات الخاطفة التي رأيتها للتو في إسرائيل
  • حماس: تصريحات نتنياهو تعكس عقلية إجرامية وتشكل خطرا على العالم