إعادة إعمار غزة ليست مجرد مشروع بناء أو تحدٍ اقتصادي، بل هي مهمة إنسانية شاملة تتطلب رؤية متكاملة تجمع بين الحلول المادية والنفسية والاجتماعية. 

وفي ظل الدمار الواسع الذي خلفته الحرب، تتجلى أهمية تبني خطة استراتيجية تستهدف النهوض بالقطاع وإعادة الحياة إلى مسارها الطبيعي، وسط ظروف استثنائية وتحديات تمويلية وأمنية هائلة.

وفي هذا السياق، تحدث الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي الفلسطيني بحركة فتح، عن أهم التحديات التي تواجه إعادة الإعمار والحلول المقترحة للتعامل معها، مشددًا على ضرورة توفير دعم دولي شامل وإطار سياسي مستدام لضمان نجاح الجهود المبذولة.

الدكتور أيمن الرقب

تحدث أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادي الفلسطيني بحركة فتح، الدكتور أيمن الرقب، عن أهم التحديات والحلول المقترحة لإعادة إعمار القطاع واستعادة الحياة الطبيعية فيه.

ويقول الرقب في تصريحات لـ “صدى البلد”، إن رفع الأنقاض يمثل أول التحديات الكبرى، حيث تقدر بآلاف الأطنان التي تحتوي على بقايا صواريخ وقنابل لم تنفجر، مما يشكل خطرًا كبيرًا. 

وأوضح: "هناك مشكلة في تحديد مواقع نقل الأنقاض، حيث يُقترح التخلص منها عبر البحر أو إنشاء جزيرة صناعية. لكن هذا يتطلب معدات متخصصة وخطة واضحة لضمان سلامة العاملين والسكان".

وتابع الرقب: “بالإضافة إلى ذلك، تحتاج البنية التحتية لإعادة بناء شامل، من شق الطرق إلى إصلاح شبكات المياه والكهرباء، وسط تحديات تمويلية كبيرة". 

وأكد الرقب أن تقديرات الخسائر الأولية تصل إلى ما بين 80 إلى 90 مليار دولار، فيما أشارت وزارة الاحتلال إلى أن خسائر القطاع بلغت 38 مليار دولار، وهو رقم يعتبره أقل من الواقع.

الاحتياجات الأساسية

وحسب الرقب، تتطلب إعادة إعمار غزة:

توفير الموارد المالية: عبر مؤتمر دولي يُدعى له المجتمع الدولي لتقديم دعم سخي.إيجاد حلول للإيواء: حيث تحتاج غزة إلى نصف مليون كرفان على الأقل بدلاً من الخيام، مع تجهيز مواقع خاصة لها بالبنية التحتية الأساسية.إعادة تشغيل الخدمات: تشمل المدارس والمشافي، لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.الآثار النفسية والاجتماعية

وشدد الرقب على أن التحديات لا تقتصر على إعادة الإعمار المادي فقط، بل تمتد إلى الآثار النفسية التي خلّفتها الحرب على المواطنين، خصوصًا الأطفال. 

وقال الرقب: "الحرب تركت آثارًا نفسية عميقة. لدينا جيل تعرض لصدمات نفسية كبيرة، وهناك نحو 20 ألف طفل يتيم بحاجة إلى دعم نفسي واجتماعي شامل".

وأوضح أن القطاع يعاني من انتشار الأمراض الجلدية وتلوث التربة والمياه بسبب الدمار، مما يزيد من معاناة السكان ويستدعي تدخلاً صحيًا عاجلًا، ومن الحلو المقترحة:

دعم دولي شامل: من خلال مؤتمر دولي لإعادة الإعمار، بدعم من القاهرة ودول أخرى.مشاريع طويلة الأمد: تتضمن بناء البنية التحتية، وتوفير الخدمات الأساسية، وإنشاء برامج نفسية واجتماعية للأطفال والأسر المتضررة.إطار سياسي واضح: الضغط على الاحتلال لتحقيق حل سياسي يضمن استقرار القطاع ومنع تكرار المأساة.

وأكد الرقب أهمية تبني خطة دولية تبدأ بحل سياسي وتنتهي بإعادة إعمار مادي ونفسي شامل، مشيرًا إلى أن أي جهود بدون أفق سياسي ستؤدي إلى تجدد المواجهات.

ويشدد الدكتور أيمن الرقب على أن إعادة إعمار غزة ليست مجرد مسألة مادية، بل تتطلب نهجًا شاملاً يعالج جذور الأزمة ويضع السكان على طريق التعافي. من خلال دعم دولي قوي ومشاريع مستدامة، يمكن للقطاع أن يتجاوز هذه المحنة ويعيد بناء مستقبله. ومع ذلك، تبقى الإرادة السياسية على المستوى الدولي مفتاح النجاح في تحقيق هذه الأهداف.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: غزة إعمار غزة هدنة غزة إعادة إعمار غزة المزيد الدکتور أیمن الرقب إعادة إعمار غزة

إقرأ أيضاً:

الزراعة: توطين صناعة المبيدات ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية

أكد علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن عملية توطين صناعة المبيدات أصبحت ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية، ما يدفع الدولة  إلى بذل كل الجهود لتوطين صناعة المبيدات كخطوة استراتيجية لتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتوفير مبيدات آمنة وأكثر فعالية وبأسعار مناسبة لدعم الفلاح، في ظل متغيرات إقليمية ودولية متسارعة تؤثر بالسلب على القطاع الزراعي بصورة مباشرة.
وقال خلال كلمته في إطلاق فعاليات ورشة العمل التي نظمتها لجنة مبيدات الآفات الزراعية، تحت عنوان: "توطين صناعة المبيدات في مصر"، أن الدولة  تمضي بخطى ثابتة نحو دعم هذا القطاع الحيوي وتوفير بيئة استثمارية محفزة قادرة على احتضان الابتكار والتكنولوجيا وتعزيز قدرات الإنتاج المحلي، لافتاً إلى أنه بلغ عدد المستحضرات التجارية المسجلة في مصر نحو 3310 مستحضراً، منها 352 مستحضراً حيوياً، بينما يصل الاستهلاك السنوي من المبيدات إلى ما يقارب 8277 طن مادة فعالة، منها 2849 طن فقط إنتاج محلي، الأمر الذي يكشف عن فجوة إنتاجية كبيرة تبلغ حوالي 4782 طناً، بما يعادل 66% من إجمالي الاستهلاك.


وشدد وزير الزراعة على أهمية تعميق التصنيع المحلي، لكونه لا يقتصر على سد الفجوة القائمة فحسب، بل يمتد ليُتيح فرصاً واعدة للتوسع في الأسواق الخارجية، وخاصة القارة الأفريقية، حيث يشكّل النشاط الزراعي مصدر رزق لأكثر من 70% من السكان، مما يجعلها سوقاً استراتيجية في ظل تراجع إنتاج بعض الدول الكبرى مثل الصين، وهو ما يعزز من فرص مصر في أن تصبح مركزاً إقليمياً رائداً لصناعة المبيدات.


وأوضح فاروق أن مصر تضم حالياً نحو 48 مصنعاً للمبيدات، يتركز أغلبها في منطقة غرب الدلتا، وتركز هذه المصانع على التعبئة والتجهيز، لافتاً إلى أنها تواجه تحديات تتعلق بالقدرة التنافسية، والامتثال للمعايير الدولية، وتلبية احتياجات المزارع المصري.


وأكد أن وزارة الزراعة تمتلك الكفاءات والخبرات بفضل علمائها وباحثيها في التخصصات المختلفة، بمراكزها ومعاهدها البحثية، الأمر الذي يجعل مصر دولة واعدة وتقدم حاليا خبراتها للعديد من دول العالم، وعلى رأسها دول القارة الافريقية.

وأشار إلى أن الدولة  قادرة على مواجهة التحديات، كما أن وزارة الزراعة تقدم كافة أشكال الدعم والصلاحيات لتوطين صناعة المبيدات في مصر، حيث يحتاج الأمر أيضا إلى تكاتف وتضافر الجهود، وإشراك القطاع الخاص، وتشجيعه للمشاركة في جهود التنمية.

وأكد  حرص الدولة على تعزيز هذه الصناعة من خلال تطوير المناطق الصناعية المتخصصة، وتوفير الأراضي الملائمة، وتقديم حوافز ضريبية، وتفعيل دور المكاتب التجارية في الخارج لتسويق المنتجات، فضلاً عن دعم التوجه نحو المبيدات الآمنة والخضراء، بالإضافة إلى تمكين الكوادر الوطنية من مواكبة أحدث تطورات هذه الصناعة على المستوى العالمي.
وأشار إلى التزام وزارة الزراعة بكافة أجهزتها بالدعم الكامل لكل مستثمر جاد، وتسعى لتذليل العقبات، وبناء شراكة متكاملة مع القطاع الخاص، بما يخدم أهداف التنمية الزراعية المستدامة، معرباً عن تطلعه إلى المزيد من إسهامات العلماء والخبراء ورجال الأعمال المخلصين للوصول إلى نتائج مثمرة والخروج برؤية مستقبلية لتوطين صناعة المبيدات في مصر وبحث فرص الاستثمار والتطوير وطرح مقترحات قابلة للتنفيذ بالشراكة بين الجهات المعنية مع القطاع الخاص.

 وأكد الدكتور محمد عبدالمجيد رئيس لجنة مبيدات الآفات الزراعية، على أهمية هذه الورشة، لافتاً إلى أن قضية توطين صناعة المبيدات في مصر أصبحت قضية حاكمة لا تقبل التأجيل، ويجب التعامل معها بكل إصرار وطموح، للانتقال إلى الأمام، وذلك على مرحلتين هما الاكتفاء الذاتي ثم التصدير، خاصة وأن مصر لديها تراكم معرفي ومعلوماتي وقادرة بفضل علمائها وخبرائها على تحقيق هذا الإنجاز.


وأضاف أن ورشة العمل من شأنها بحث عدد من الموضوعات الهامة على رأسها: توجه الدولة لتوطين صناعة المبيدات محلياً، والوضع القائم لمصانع المبيدات المحلية، وتوطين صناعة المبيدات في مصر بين الحاضر والمستقبل، وآفاق الشراكة مع الشركات العالمية، فضلاً عن آليات توطين وإنتاج المبيدات الحيوية في مصر، لافتاً إلى أنه سيتم أيضاً مناقشة عدد من الآراء والمقترحات من الشركات العاملة في مجال صناعة المبيدات بهدف زيادة القدرة الإنتاجية والصادرات المصرية من مبيدات الآفات الزراعية، إضافة إلى استعراض مبتكرات شباب الباحثين بمراكز البحوث والجامعات من المبيدات الحيوية، والمستخلصات النباتية.

طباعة شارك الزراعة وزير الزراعة مبيدات النواب الشيوخ

مقالات مشابهة

  • الأورمان تستكمل إعادة إعمار 40 منزلًا بقرية الحمام في بني سويف
  • في إطار البرنامج الطارئ لإعادة إعمار المناطق المتضررة من السيول:إعادة إعمار 91 منزلًا بتكلفة 177 مليون ريال في وصاب
  • المنظمة الدولية للهجرة: ارتفاع عدد المهاجرين في ليبيا إلى أكثر من 850 ألفا وتفاقم التحديات الإنسانية
  • الوحدة اليمنية.. منجز وطني وقومي صنعه نضال الزعيم صالح ويواجه اليوم أعنف التحديات
  • بنى سويف: الانتهاء من إعادة وإعمار وتأهيل 7 منازل بـعزبة الصفيح
  • الأورمان تُسلم مفاتيح 7 منازل بعد إعادة إعمارهم بـ"عزبة الصفيح" في بني سويف
  • التحديات مستمرة مع إعادة ترامب تعريف دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
  • جمعية الأورمان وQNB مصر يحتفلان بإعادة إعمار قرية عزبة الصفيح
  • الزراعة: توطين صناعة المبيدات ضرورة تفرضها التحديات الاقتصادية العالمية
  • «زايد الإنسانية» تدشن 3 مشاريع اجتماعية وتأهيلية مستدامة في كازاخستان