24- المرأة والشباب كقوة دافعة للاقتصاد

في شوارع القاهرة كل صباح تسير سارة حاملة حقيبتها وأحلامها، تخرجت بتفوق في الهندسة لكنها تبحث عن فرصة عمل حقيقية منذ عامين. وفي مدينة أخرى يجلس أحمد أمام حاسوبه يطور تطبيقا ذكيا قد يحل مشكلة مرورية عويصة، لكنه لا يجد من يؤمن بفكرته أو يمول مشروعه.

هذا المشهد ليس استثناء بل واقع ملايين الشباب المصري ونصف المجتمع من النساء.

ففي الوقت الذي تشكل فيه الفئة العمرية تحت 35 عاما أكثر من 60 في المئة من السكان، وتمثل المرأة نصف المجتمع، نجد أن معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة لا يتجاوز 23 في المئة، بينما تتخطى هذه النسبة 70 في المئة في السويد. وبطالة الشباب تصل إلى أضعاف المعدل العام.

لكن المفارقة الحقيقية ليست في هذه الأرقام وحدها، بل في أن كثيرا من مجتمعاتنا تعطل هذه الطاقات باسم الدين، بينما الإسلام نفسه جاء محررا لها. فخديجة رضي الله عنها كانت سيدة أعمال تدير قوافل التجارة، والشفاء بنت عبد الله كانت مسؤولة عن السوق في عهد عمر، وأسماء بنت عمير نقلت الماء للمجاهدين يوم اليرموك. والشباب؟ كان مصعب بن عمير سفيرا وداعية وهو في مقتبل العمر، وأسامة بن زيد قائد جيش وعمره 18 عاما.

الإسلام لم يقيد المرأة عن العمل والإنتاج، بل وضع ضوابط تحفظ كرامتها وتوازنها بين مسؤولياتها، ولم يهمش الشباب بل أعطاهم مساحة القيادة والمبادرة. الضوابط الشرعية إذن ليست قيودا على الطموح، بل ضمانات للتوازن والاستدامة.

واليوم ونحن نتطلع لوضع مصر ضمن العشر الكبار اقتصاديا، نقف أمام حقيقة واضحة، لن تتحقق النهضة ونصف المجتمع معطل، ولن ينهض اقتصاد وشبابه مهمش أو مهاجر. التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب ليس رفاهية أو شعارا، بل ضرورة استراتيجية وفريضة تنموية.

فكيف نحول هذه الطاقات الكامنة إلى قوة دافعة للاقتصاد؟ وكيف نوازن بين الانطلاق نحو المستقبل والحفاظ على قيمنا وهويتنا؟

ثانيا: المرأة والشباب.. طاقات أصيلة لا منح وافدة

في كل صباح تستيقظ مصر على همسات ملايين الأحلام، أحلام شاب تخرج من كلية الصيدلة ويريد أن يفتح مشروعه الخاص لكنه لا يعرف من أين يبدأ. أحلام شابة تجيد البرمجة وتريد أن تصمم تطبيقا يحل مشكلة حقيقية، لكن لا أحد يصغي لفكرتها. أحلام أم شابة تريد أن توازن بين مسؤوليتها تجاه أطفالها وطموحها المهني، لكن المجتمع يخيرها بين الاثنين.

هذه الأحلام ليست ترفا أو رفاهية، إنها نبض أمة تحاول أن تجد طريقها نحو المستقبل. وعندما نتأمل خريطة مصر الديموغرافية ندرك أننا نقف أمام لحظة تاريخية نادرة مجتمع يموج بالشباب، وأمة نصفها نساء في سن العطاء والإنتاج. لكن السؤال الذي يؤرق كل مخلص لهذا الوطن: هل نحن نفتح الطريق أمام هذه الطاقات أم نتركها تتبدد بين الإحباط والهجرة والبطالة؟

لنكن صريحين، حديثنا هنا ليس عن "تمكين" كمنحة أو هبة من أحد، فهذا المصطلح وافد يحمل في طياته إحساسا بأن هناك من يملك ومن لا يملك، من يمنح ومن يُمنح، بينما الحقيقة الشرعية واضحة وضوح الشمس، المرأة في الإسلام لها ذمتها المالية المستقلة الكاملة، تتاجر وتتملك وتستثمر دون أن يكون لأحد عليها سلطان في مالها. وكذلك الشباب لهم حقوقهم الكاملة في العمل والإنتاج والمشاركة في بناء المجتمع.

ما نتحدث عنه إذن ليس "تمكينا" بالمعنى الوافد، بل هو إزالة العوائق التي وضعناها نحن، وفتح الطرق التي أغلقناها بأيدينا، وتصحيح المفاهيم التي شوهناها باسم الدين والدين منها براء.

لكن الأمر يتجاوز مجرد إزالة العوائق وإعادة الحقوق، فالمرأة والشباب لا يضيفون فقط أعدادا إلى القوى العاملة، بل يجلبون معهم قيمة نوعية تحول وجه الاقتصاد.

المرأة بطبيعتها وتكوينها تضيف للاقتصاد ما لا يستطيع الرجل وحده إضافته، فهي تنظر للأمور من زوايا مختلفة، تلتقط تفاصيل قد يغفل عنها الآخرون، تفكر في حلول أكثر شمولية لأنها معتادة على التعامل مع مسؤوليات متعددة في آن واحد. الدراسات العالمية تثبت أن الشركات التي تضم نساء في قياداتها تكون أكثر استقرارا وأفضل أداء، ليس لأن المرأة أفضل من الرجل، بل لأن التنوع في الرؤى والتكامل في المهارات يخلق بيئة عمل أكثر ثراء وإبداعا.

والأهم من ذلك أن المرأة العاملة لا تكتفي بإنفاق دخلها على نفسها، بل تستثمر جزءا كبيرا منه في تعليم أبنائها وتحسين مستوى أسرتها، مما يخلق دورة اقتصادية إيجابية تمتد أثرها لأجيال. فكل امرأة تعمل وتنتج هي استثمار في مستقبل عائلة بأكملها وفي نسيج المجتمع كله.

أما الشباب فهم يحملون ما لا يحمله من سبقهم؛ جرأة التجريب دون خوف من الفشل، وسرعة في استيعاب التكنولوجيا الجديدة وتطويعها، وقدرة على التكيف مع التغيرات المتسارعة، وطاقة لا تنضب للعمل والإنتاج. هم من يحولون الأفكار الجريئة إلى واقع، ومن يبتكرون حلولا لم تخطر على بال الأجيال السابقة.

الشباب أيضا هم الأكثر انفتاحا على المخاطرة المحسوبة، وهذا ما تحتاجه أي نهضة اقتصادية. فمعظم الشركات الكبرى اليوم بدأت بشباب لم يتجاوزوا الثلاثين، حملوا أفكارا بدت مجنونة للبعض لكنها غيرت وجه العالم؛ من غوغل إلى فيسبوك إلى تطبيقات لا حصر لها كلها بدأت بشباب تجرأوا على الحلم والتنفيذ.

والأهم من كل ذلك أن الشباب والمرأة معا يشكلون أكثر من ثمانين مليون مصري ومصرية. تخيل لو أن ربع هؤلاء فقط وجدوا الطريق مفتوحا أمامهم، ماذا سيحدث للاقتصاد؟ عشرون مليون منتج ومبدع ومستثمر يخلقون فرص عمل ويطورون منتجات ويحلّون مشكلات ويضيفون قيمة حقيقية للاقتصاد الوطني.

التاريخ يعلمنا أن الأمم لا تنهض بمواردها الطبيعية وحدها، بل بإرادة أبنائها وعزيمة بناتها. فكم من أمة فقيرة بمواردها غنية بشبابها سبقت أمما تجلس على كنوز الأرض، وكم من مجتمع أدرك أن تعطيل نصفه عن العمل والإنتاج ليس إلا انتحارا اقتصاديا بطيئا ففتح الطريق أمام المرأة دون أن يفقد هويته أو يتخلى عن قيمه.

النهضات الاقتصادية الكبرى في التاريخ لم تحدث بقرارات حكومية فقط، بل بإطلاق طاقات المجتمع كله، وأي طموح لوضع مصر ضمن الاقتصادات العشر الكبرى في العالم يظل مجرد حلم بعيد ما لم نفتح الأبواب المغلقة أمام ثمانين مليون مصري ومصرية في سن العطاء، ونعيد لهم حقوقهم الأصيلة التي كفلها لهم الدين قبل أن نسلبها منهم باسم العادات والتقاليد.

المسألة إذن ليست منحة نمنحها أو تمكينا نتفضل به، بل هي إزالة للعوائق وتصحيح للمسار وعودة إلى الأصل الذي انحرفنا عنه، عودة إلى مجتمع يحترم حق المرأة في الذمة المالية المستقلة كما أقره الإسلام منذ أربعة عشر قرنا، وإلى مجتمع يفتح أمام الشباب آفاق الإبداع والمبادرة دون قيود مصطنعة، عودة إلى اقتصاد يستفيد من كل طاقاته، ويوظف كل إمكاناته، ويحول التنوع إلى قوة لا إلى عائق.

من صفحات التاريخ الإسلامي: نساء وشباب صنعوا حضارة

عندما نقلّب صفحات التاريخ الإسلامي الأول لا نجد قصصا عن نساء محجوزات في البيوت أو شباب مهمشين ينتظرون دورهم، بل نجد مشهدا مختلفا تماما، مشهدا يليق بأمة أرادت أن تبني حضارة.

خديجة بنت خويلد لم تكن مجرد زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم، بل كانت سيدة أعمال من طراز رفيع، تدير قوافل التجارة بين مكة والشام، توظف الرجال، تتخذ القرارات الاستثمارية، وتخاطر وتربح وتخسر. ولم يعترض أحد على ذلك، بل كان المجتمع يحترم نجاحها التجاري كما يحترم مكانتها الاجتماعية.

والشفاء بنت عبد الله تلك المرأة التي لم يكتف عمر بن الخطاب بالاستماع لرأيها، بل ولّاها مسؤولية الإشراف على السوق في المدينة. نعم السوق بكل ما فيه من تجار وحرفيين وصفقات، فهل كان عمر "يمكّنها" بالمعنى الوافد؟ كلا، بل كان يضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بغض النظر عن كونه رجلا أو امرأة.

وأسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين التي لم تكتف بدورها الأُسري، بل كانت تعمل في نقل الطعام والأخبار تتحمل المسؤولية والمخاطرة في وقت كانت فيه قريش تبحث عن النبي وصاحبه لتقتلهما.

أما الشباب فحدّث ولا حرج. فمصعب بن عمير، شاب في مقتبل العمر يُرسل سفيرا ومعلما إلى المدينة قبل الهجرة، يحمل مسؤولية تأسيس مجتمع جديد، ينشر الدين ويعلّم الناس ويمهد الطريق لقيام دولة. لم ينتظر أن يشيب شعره ليُعطى المسؤولية.

وأسامة بن زيد يولّيه النبي صلى الله عليه وسلم قيادة جيش فيه كبار الصحابة وعمره لم يتجاوز الثامنة عشرة، والبعض اعترض كيف لشاب أن يقود شيوخا؟ لكن النبي ﷺ أصر لأن الكفاءة لا تُقاس بالعمر.

هذا لم يكن استثناء بل كان القاعدة؛ مجتمع ينظر للطاقة والكفاءة والإخلاص لا للعمر أو الجنس، ولذلك بنى حضارة امتدت من الصين إلى الأندلس في أقل من قرن.

ننتقل قرونا إلى الأمام إلى بلد إسلامي عاش نفس التحديات التي نعيشها اليوم. ماليزيا في ثمانينيات القرن الماضي كانت بلدا ناميا يعاني من الفقر والتخلف؛ مجتمع محافظ يحمل نفس الموروثات الثقافية التي تحد من دور المرأة والشباب.

لكن القيادة الماليزية أدركت حقيقة بسيطة، أنه لا يمكن بناء نهضة ونصف المجتمع معطل، فبدأت بتصحيح المفاهيم لا بتغيير الدين. وضّحت للناس أن الإسلام لا يمنع المرأة من العمل والإنتاج، بل يكفل لها الاستقلالية المالية الكاملة، وأن الشباب ليسوا مجرد متلقين للتعليم بل هم شركاء في بناء المستقبل.

فتحت الجامعات أبوابها للجميع دون تمييز، طورت برامج تدريب مهني تستهدف المرأة في المناطق الريفية، أنشأت حاضنات أعمال لدعم الشباب الطامحين لريادة الأعمال، وسهّلت الحصول على التمويل للمشاريع الصغيرة.

والنتيجة؟ في غضون ثلاثة عقود، تحولت ماليزيا من بلد زراعي فقير إلى قوة صناعية وتقنية. ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل وأصبح الشباب الماليزي من أكثر شباب المنطقة تعليما وابتكارا، وكل ذلك دون أن تفقد ماليزيا هويتها الإسلامية أو قيمها المحافظة.

السر لم يكن في استيراد نماذج غربية، بل في إزالة العوائق المصطنعة، والعودة إلى جوهر الإسلام الذي يحرر الطاقات ولا يكبتها.

السويد والنرويج لم تكونا دائما غنيتين أو متقدمتين. في بداية القرن العشرين كانتا من أفقر دول أوروبا، والهجرة منهما إلى أمريكا كانت بالآلاف، لكنهما استثمرتا في الإنسان تعليم مجاني للجميع رعاية صحية شاملة، دعم حقيقي للأمهات العاملات من خلال حضانات مدعومة وإجازات أمومة مدفوعة، تشجيع الشباب على ريادة الأعمال.

النتيجة؟ أصبحتا من أغنى وأسعد دول العالم، ليس لأنهما تملكان بترولا أو ذهبا أكثر من غيرهما، بل لأنهما استثمرتا في العقول والسواعد.

سنغافورة في ستينيات القرن الماضي كانت جزيرة صغيرة فقيرة لا تملك أي موارد طبيعية. وكوريا الجنوبية كانت خارجة من حرب مدمرة، أفقر من كثير من الدول الأفريقية. لكن القيادة في البلدين راهنت على شيء واحد هو الإنسان.

استثمرتا في التعليم بشكل غير مسبوق حتى أصبح التعليم هاجسا وطنيا، ركزتا على تطوير المهارات التقنية والعلمية، فتحتا الباب أمام الشباب للمبادرة والتجريب والمخاطرة المحسوبة، أنشأتا بيئة تشجع الابتكار وتحتفي بالنجاح وتتقبل الفشل كجزء من التعلم.

وخلال عقود قليلة تحولتا إلى نمور اقتصادية؛ سنغافورة أصبحت مركزا ماليا عالميا، وكوريا أصبحت قوة صناعية وتقنية ينافس منتجاتها أعرق الشركات الأوروبية والأمريكية.

السر؟ لم يكن في الموارد الطبيعية التي لا يملكونها، بل في استثمارهم بأثمن مورد الشباب المتعلم المدرب الطموح.

الدرس المستفاد: ليس نسخا بل فهما

نحن لسنا بحاجة لاستنساخ تجربة ماليزيا أو السويد أو سنغافورة، لكل مجتمع خصوصيته وسياقه، لكننا بحاجة لفهم المبدأ العام، أي أمة تريد أن تنهض لا بد أن تستثمر في كل طاقاتها البشرية دون إقصاء أو تهميش.

ومصر بثروتها البشرية الهائلة وموقعها الاستراتيجي وتاريخها العريق قادرة على صنع معجزاتها الخاصة، لكن ذلك يتطلب شجاعة في مواجهة الموروثات الخاطئة، وحكمة في الموازنة بين الأصالة والمعاصرة، وإصرارا على فتح الطريق أمام كل من يريد أن يبني ويساهم في النهضة.

وفي المقال التالي بعون الله نحدد الاستراتيجيات والتحديات والحلول.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه المرأة الشباب المصري اقتصاد مصر اقتصاد المرأة شباب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المرأة والشباب العمل والإنتاج المرأة فی بل کان

إقرأ أيضاً:

تمكين المرأة الأردنية رؤية نعيشها ومسؤولية نحملها

صراحة نيوز- بقلم: عمران لؤي النسور

منذ اللحظة التي دخلت فيها الجلسة النقاشية التي نظمها مركز دراسات المرأة في المجتمع في الجامعة الهاشمية بعنوان “العنف ضد المرأة بين الوعي والتمكين من الوقاية إلى التغيير” شعرت بأنني أمام مساحة حوار مختلفة تجمع بين الخبرة العلمية والوعي المجتمعي. فقد حضر اللقاء أكاديميون وخبراء ومؤسسات وطنية وشباب مهتمون بقضايا المرأة وكان هناك هدف واضح يجمع الجميع كيفية بناء بيئة عادلة وآمنة لكل امرأة في الأردن.

منذ بداية النقاش برزت فكرة أساسية تم التأكيد عليها مراراً وهي أن الوقاية هي الأساس لأي تغيير حقيقي وقد تناول المتخصصون أهمية أن تبدأ مواجهة العنف ضد المرأة من داخل الأسرة ومن المدرسة والجامعة ومن الخطاب اليومي الذي يشكّل الوعي المجتمعي وبوصفي شاباً مهتماً بقضايا المرأة والشباب أؤمن بأن التغيير الحقيقي يبدأ من طريقة التفكير قبل أن يتجسد في القوانين أو الإجراءات الرسمية.

وكان من أبرز المحاور التي استوقفتني قضية العنف الرقمي. فقد قدّم ممثلو وحدة الجرائم الإلكترونية عرضاً شاملاً للتحديات التي تواجهها النساء على الإنترنت من تنمر وابتزاز وإساءة وتشويه سمعة. وهذا النوع من العنف أصبح اليوم من أكثر الأشكال انتشاراً خاصة في ظل الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا والتواصل الرقمي مما يجعل تعزيز الوعي الرقمي وتطوير التشريعات المتعلقة بالأمن الإلكتروني ضرورة لا يمكن تأجيلها.

أما على صعيد التشريعات فقد اتفق معظم المتحدثين على أن وجود قانون مثل قانون الحماية من العنف الأسري خطوة مهمة إلا أن فعاليته تعتمد على التنفيذ السريع والعملي. فالقانون لا يحقق أثره الحقيقي إلا عندما يمنح الضحايا حماية ملموسة وشعوراً فعلياً بالأمان. ومن وجهة نظري، تطبيق القوانين بجدية هو الركيزة الأساسية لضمان حماية المرأة.

وتناول المشاركون أيضاً التمكين الاقتصادي للمرأة باعتباره أحد أهم عوامل تعزيز استقلاليتها وتمكينها من اتخاذ قرارات واعية وقوية بما في ذلك قدرتها على الخروج من بيئات العنف. ولا يمكن الحديث عن حماية المرأة دون التطرق إلى أهمية توفير فرص اقتصادية عادلة تساعدها على بناء حياة مستقرة.

وقد أضفى حضور رئيس الجامعة الهاشمية الدكتور خالد الحياري بعداً إضافياً على الجلسة حيث أكد في كلمته
“القيادة الهاشمية جعلت حماية المرأة أولوية وطنية.”
وأضاف قائلاً
“الأمن المجتمعي يبدأ من صيانة حقوق المرأة.”
وقد عكست كلماته واقعيةً واضحة وأظهرت أن هذا الملف ليس فعالية مؤقتة، بل مشروع وطني مستمر.

كما شارك ممثلون عن الأمن العام واللجنة الوطنية لشؤون المرأة وعدد من الخبراء المختصين حيث تناول كل منهم التحديات والحلول المطروحة بموضوعية ودقة تعتمد على الخبرة العملية مما أكسب الحوار قيمة حقيقية.

عند خروجي من الجلسة كنت أكثر قناعة بأن الوعي هو الخطوة الأولى نحو التغيير وأن العنف الرقمي يشكل تحدياً كبيراً يستدعي مواجهة جدية وأن القوانين بحاجة إلى تفعيل فعلي وأن التمكين الاقتصادي عنصر أساسي في تعزيز مكانة المرأة وحمايتها. كما أدركت أن دور الشباب وأنا منهم يجب أن يكون أكثر حضوراً من خلال نشر الوعي ودعم المبادرات والمساهمة في بناء مجتمع يحترم المرأة ويحافظ على حقوقها.

وفي النهاية أؤمن بأن هذه الجلسة لم تكن مجرد حضور بل فرصة لفهم أعمق للتحديات التي تواجه المرأة الأردنية وتعزيز القناعة بأن تمكينها مسؤولية مشتركة على مستوى الوطن.

مقالات مشابهة

  • تمكين المرأة الأردنية رؤية نعيشها ومسؤولية نحملها
  • احتفالا بالسنة الثالثة.. نيفرلاند تجسد رؤية كامل أبو علي لنهضة السياحة العائلية في مصر
  • النائب عارف السعايدة ينتقد الموازنة ويدعو لإصلاحات اقتصادية شاملة
  • الفأرة التي في أيدينا.. كيف كانت وكيف أصبحت؟
  • من هي المرأة التي أيقظت العالم بموقفها ؟
  • جامعة قناة السويس تُسيّر قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي حي الأربعين
  • هل يجوز منع الإنجاب إذا كانت المرأة مريضة؟.. أمين الفتوى يجيب
  • رؤية شاملة لإعادة الانضباط للمرور
  • مستشار شيخ الأزهر للوافدين: مسؤولية الفتاة في العصر الحالي جسيمة