شركتان إسرائيليتان في مرمى نيران إكس وميتا.. ما القصة؟
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
تنشط أغلب شركات مسح المعلومات في إسرائيل، وتعتبر ألد أعداء مواقع التواصل الاجتماعي، فما سر تلك العداوة، وما دور تلك الشركات في المتاجرة بمعلوماتنا؟.
وتوجد العديد من الشركات الإسرائيلية المختصة بجمع المعلومات وتحليلها ولعل أشهرها شركة "برايت داتا" (Bright Data) و"فوياجر لابس" (Voyager Labs) الرائدتان في هذا المجال عالميا.
أسست من طرف عوفير فيلنيسكي وديري شابرمان، وتقوم بجمع بيانات الويب ومراقبتها وتحليلها وكذلك تنظيم البيانات العشوائية في الويب. كما تقوم بجمع المعلومات من وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
أي أن الشركة تقوم بمراقبة نشاط المستخدمين عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وتحليل سلوكهم وجمع المعلومات عنهم وتنظيمها في قوائم.
ولتحقيق ذلك، تستخدم "برايت داتا" حزمة متطورة من أدوات جمع المعلومات وآلاف الحسابات الوهمية التي تتفاعل مع المستخدمين في كافة المواقع. وتدّعي الشركة احترامها للقوانين الدولية والتزامها بأخلاقيات العمل وعدم التطفل على خصوصيات المستخدمين.
برزت الشركة بفضل جمع المعلومات وتحليلها وأتمتتها باستخدام تقنيات متطورة في الذكاء الاصطناعي، حيث تقوم بجمع مختلف أنواع المعلومات من الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وحتى الإنترنت العميق والمظلم.
كما تعتمد الشركة على تقنيات الذكاء الاصطناعي لجمع وفرز المعلومات في وقتها الفعلي وهذا ما أكسبها شهرة كأسرع شركة جمع معلومات. لكن من ناحية أخرى هذه الإمكانات الكبيرة للشركة تسبب القلق للكثيرين الذين يرون أنها تستطيع التطفل على أي أحد في أي مكان وهذا ما يخالف حرية الاستخدام، على خلاف ماتدعيه بأنها تحترم القوانين الدولية ولا تطلع على معلومات أي أحد بدون إذنه أو إذن جهات إنفاذ القانون في بلده.
عداء الشركات الإسرائيلية مع إكس وميتاواجهت شركة "برايت داتا" مؤخرا اتهامات من شركة "إكس كورب" (X Corp) المملوكة للملياردير إيلون ماسك، التي رفعت دعوى قضائية في محكمة مقاطعة كاليفورنيا الشمالية تتهم فيها الشركة الإسرائيلية بالقيام بجمع بيانات كبيرة للمستخدمين بطرق غير مشروعة وبيعها لطرف ثالث، وتزويد بعض المستخدمين ببرامج تسمح لهم بجمع البيانات تلقائيا من منصة "إكس" (تويتر سابقا) وهو ما يعد انتهاكا صارخا لشروط استخدام المنصة، وتشجيعا للآخرين على انتهاك شروط المنصة، وتسعى "إكس كورب" للحصول على تعويض من "برايت داتا".
وردت الشركة الإسرائيلية بالنفي وقالت إن تلك الادعاءات لا صحة لها، وأكدت أنها تحرص على الشفافية في مسح المعلومات وأن أعمالها ملتزمة بالقانون، وأشارت إلى التزامها بجمع البيانات العامة فقط وجعلها متاحة للجميع.
من جانب آخر، واجهت شركة "فوياجر لابس" اتهامات من شركة ميتا (Meta) تتضمن إنشاء آلاف الحسابات المزيفة واستخدام أدوات متطورة والقيام بجمع المعلومات سرا من منصتي فيسبوك وإنستغرام، في انتهاك لشروط استخدام المنصتين.
ورفعت "ميتا" دعوى قضائية ضد الشركة الإسرائيلية وطالبتها بحذف نحو 38 ألف حساب مزيف تستخدم لمراقبة وجمع البيانات من منصات تويتر ويوتيوب وتليغرام ولينكد إن، بالإضافة إلى فيسبوك وإنستغرام، وأكدت أن تلك الخروقات قائمة منذ يوليو/تموز 2022.
ولم ترد "فوياجر لابس" على اتهامات شركة "ميتا" والتزمت الصمت حتى هذه اللحظة، على الرغم من أن "ميتا" تهدد صناعة جمع المعلومات بالكامل في حال نجحت في دعواها القضائية.
السؤال الأبرز هنا هو كيف تتحول خصوصية المستخدم لسلعة لشركات مسح المعلومات الإسرائيلية؟ وكيف تجمع تلك الشركات ثرواتها من هذه المعلومات؟.
الجواب باختصار هو عن طريق بيع هذه المعلومات لطرف ثالث، حيث تعتبر تلك المعلومات وجبة شهية لشركات التسويق ووكالات البيع في جميع أنحاء العالم وذلك لاستهداف المستخدمين بالإعلانات.
كما يمكن الاستفادة من تلك المعلومات في أغراض سياسية مثل دعم الحملات الانتخابية والدعايات السياسية،لأنها تسمح بمعرفة احتياجات الجمهور وتقديم وعود انتخابية بتلبية تلك الاحتياجات.
ومن ناحية أخرى تقوم الشركات ببيع تقنيات وبرامج متقدمة متخصصة في جمع المعلومات من مواقع الويب ومواقع التواصل الاجتماعي، وتكمن أهمية تلك المعلومات بأنها غير متاحة للجميع بل تعتبر من خصوصيات المستخدمين.
وتتذرع تلك الشركات بأنها توفر المعلومات لتكون في متناول الجميع بدلا من أن تكون حكرا على الشركات الضخمة مثل غوغل وميتا وإكس كورب. وقد يفسر ذلك الحرب بين مواقع التواصل الاجتماعي وشركات مسح المعلومات، بين طرف يوجه اتهامات بانتهاك معايير الاستخدام، وآخر يدعي جمع المعلومات بشكل قانوني دون تطفل على بيانات المستخدمين.
وإذا انتهت تلك الحرب لصالح مواقع التواصل الاجتماعي ستكون ضربة قوية لإسرائيل التي تمتلك أكثر من 8 شركات متفوقة في جمع المعلومات، لكن مهما كانت نتيجة هذه المعركة فإن الخاسر الوحيد هو المستخدم الذي تتلاعب كل الأطراف بخصوصياته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مواقع التواصل الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
د. عبدالله الغذامي يكتب: نيران الغيرة الشعرية
من أبرز قضايا النقد العربي القديم هو الاعتناء بالأجمل والأصدق والأهجى والأمدح، وكل هذه صفات أُطلقت على أبياتٍ محددةٍ جرت الأمثال بها في مدونات التراث، وهذه علامةٌ ثقافية تكشف مدى عشق الذائقة العربية للجماليات الشعرية، والطريف أن هذه التحريات لم تدخل في جدل بين النقاد، وسر ذلك يعود إلى أن الأبيات المختارة لهذه الصفات هي دوماً لشعراء طواهم الموت، واختفى الجانب الشخصي لهم وبقي أثرهم النقي الخالي من أي شوائب من الغيرة ومن التنافس، وكما قالوا فالمعاصرة حجابٌ، أي أن المعاصر يقع دوماً في حبائل العلاقات المتقاطعة بين محبين وغاضبين ويقع في شبكات الغيرة والتنافس والانتماءات، مما يعقد صورته بين أهل زمنه. لكن الشعر يبقى حراً بعد موت مؤلفه والحرية هذه تتبعها حرية التذوق وحرية الحكم، في حين أن أي حكم على أي شاعر في حياته يجر مقولة بئس المقتنى حسب كلمة المتنبي (وعداوة الشعراء بئس المقتنى) والعداوة هنا ليست في الوقوف ضده فحسب بل تشمل أي تفضيلات أو ثناء على غيره، وهذه هي لحظات تحريك مياه الغيرة، ولهذا فإن تمجيد الميت قد يكون وسيلةً للتقليل من الحي من دون التعرض لسوء المنقلب.
على أن أحكام تفضيل الأبيات المفردة تعود من حيث النظرية إلى كون الشعر العربي يقوم على البيت الجامع المانع والمكتمل بذاته، ومن العيب أن يمتد معنى البيت أو مبناه، فيتعلق بالذي بعده، وعد العروضيّون ذلك من عيب القافية، إذا لم تك نهايةً لبيتها وتعلقت بالذي بعده. ولذا جرت الأحكام على الأبيات المفردة، غير أن ابن قتيبة حاول بوعيه النقدي أن يحرر القصائد من شروط العروضيّين، وراح تبعاً لذلك ينظر في الشعر بالمطلق ووضع التفضيل للحكم الذوقي اللحظي حيث قال (أشعرُ الناس من أنت في شعره حتى تفرغ منه) وهذه جملةٌ نقديةٌ عميقةٌ جداً من حيث إدراكها لوظيفة اللحظة الجمالية وكونها لحظة احتواء تطبق على بصيرة القارئ بحيث تعميه عن كل شيء باستثناء متعة اللحظة، وهي حالٌ مشهودةٌ يمر بها كل إنسان ذواقة في كل مادة جمالية من موسيقى أو لوحة أو منظر أو حالة شعرية، وهنا نخرج من سلطة البيت الأوحد إلى متعة النص الكلي الذي يجعل ديوان الشعر بمثابة نصٍ واحدٍ يمنح الجمالية والمتعة من دون أن يغلق الباب على خيارات أخرى سنقع عليها بعد أن نفرغ مما كان يحتوي لحظتنا تلك.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض