سودانايل:
2025-12-12@08:03:28 GMT

واقع السودانيين بمصر… إهمال الأمم المتحدة المذري

تاريخ النشر: 21st, August 2023 GMT

حل قطاع مقدر من السودانيين ضيوفاً على مصر، وقد وفدوا إليها أسراً وافراداً في موجات كبيرة بالطرق البرية بُعيد اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023م، وهي حرب غشوم أجبرتهم على ترك منازلهم بما حوت واتجهوا لمصر التماسا لأمنهم الشخصي.. ولقد أفادتهم اتفاقية الحريات الأربعة التي ذللت إمكانية الدخول لمعظم الفئات عبر تأشيرة الدخول عند المعابر ما عدا الفئة العمرية أقل من الخمسين عاما من الشباب الذكور.

. ومع تزايد دخول السودانيون لمصر عملت السلطات المصرية لتحجيم ذلك التدفق فضيقت إمكانية الدخول مجبرة الفئات المستثناة على وجوب الحصول على تأشيرة دخول - ولربما كان ذلك من حقها وفقاً لتقييمها لمقتضيات أمنها القومي - غير أن الأعداد الغفيرة التي دخلت تحتاج لتوصيف أكثر دقة من كونهم زائرين.. فالتأشيرة التي حصلوا بموجبها على إذن الدخول هي في الواقع "سياحية" غير أن الغرض الأساسي من الدخول لم يكن السياحة، وإنما بغرض الحماية من الواقع الذي أفرزته الحرب.
حيث تُعتبر حالات الدخول لمصر بهذه الوضعية أمراً مربكاً لدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة العاملة في مجال الحماية والهجرة وبالتحديد للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين UNHCR وللمنظمة الدولية للهجرة IOM.. ذلك أن السبب الحقيقي لتدفق السودانيين كان الخوف على حياتهم وهم في هذه الحالة، يحتاجون للحماية Protection تحت توصيف اللاجئ الذي ينطبق على حالة كل سوداني دخل لمصر بعد الحرب هاربا من جحيمها.. غير أن كيفية الدخول بموجب اتفاقية الحريات الأربعة حرمتهم من هذه الصفة وهي ميزة إيجابية وسلبية في نفس الآن وتحتاج لمقاربة خاصة من الأمم المتحدة. فتوصيف لاجئ ينطبق عليهم بذات الدرجة التي ينطبق فيها عليهم وصف السائح أو الزائر.. وهذه الوضعية الشاذة سوف تظهر آثارها مع تطاول أمد الحرب. فالمعروف أن الزائر أو السائح يدخل بلدا آخرا بغرض الإقامة فيه لمدة معلومة يستطيع تحديدها حسب رغبته وفي الغالب لا تطول ولا تتطاول بل ولا ترتهن لمجريات أوضاع حربية في بلده. أما اللاجئ فهو الشخص الذي عبر حدود بلاده لبلد آخر بغرض الحماية لأن حياته باتت مهددة ولا يستطيع بسبب خوف مبرر العودة لبلده طالما كانت الأوضاع غير آمنة أو مواتية لعودته.. لذلك فإن السودانيين الذين دخلوا مصر بعد الحرب هم أقرب لوضع اللاجئ من الزائر، فالمعلوم أن معظم السودانيين الذين دخلوا مصر من الطبقة الوسطى والعليا والذين يمتلكون قدرات مالية معقولة تمكنهم من العيش في مصر مثلهم مثل السياح أو الزائرين العاديين دون الحاجة لدعم مادي أو مالي من الأمم المتحدة خاصة المنظمتين المعنيتين بقضايا اللجؤ والهجرة.. غير أن ذلك لا يعفي هاتين المنظمتين من مسؤوليتهما تجاه هؤلاء السودانيين، فأقصى ما استطاعت أن تقدمه المفوضية السامية للسودانيين هو اعطاءهم صفة اللاجئ Refugee status مع توفير الحماية فقط.. أما منظمة الهجرة فإكتفت برصد أعدادهم إحصائيا وبدعم مادي خجول للغاية لا يكاد يسمن ولا يغني من جوع. كما ودخل برنامج الغذاء العالمي بمنحة شهرية على نحو أكثر استحياء من النفس الأمّارة. يكاد الحصول على تلك الدعومات الشهرية المتواضعة يريق ماء وجههم بالكيفية التي يحصلون بها عليه.
على عموم الأمر؛ يشير واقع حال هؤلاء السودانيون أنهم مازالوا صامدون في وجه ميكانزمات السوق المستعر فهم مجبرين على توفير متطلبات الحياة اليومية من إجار وأكل وشرب ومواصلات وملابس وعلاج وحتى تعليم...إلخ غير أن هذا النوع من الصمود سوف يتهاوى مع تطاول أمد تواجدهم في مصر دون رعاية حقيقية من المنظمة الدولية، ولن يقووا على مواكبة تلك المتطلبات لاسيما وأن مصر نفسها تشهد حالة من إرتفاع الأسعار يشتكي منها ابناؤها أنفسهم. فالأمم المتحدة والحالة هكذا لا يبدو أنها تعمل ما يكفي لمساعدة السودانيين، ولا يبدو أن ذلك يمكن أن يتحقق في المستقبل المنظور. ولم تصدر نأمة تنم عن الإهتمام بتكييف ذلكم الوضع الشاذ للسودانيين. فهم ليسوا لاجئين بالتوصيف الدقيق والعلمي للمصطلح، ولا هم سياح هبطوا مصر مأخوذين بتجربة الفراعنة في فن العمارة وتشييد الأهرامات. وبذلك أراحت المنظمة الدولية نفسها من عناء تحديد إحتياجاتهم وتلبيتها من مأوى ومأكل ومشرب وتعليم وعلاج وما إليه واكتفت في معظم الحالات بإعطاء صفة اللجؤ لمن طلبها بما يشمل الحماية وتيسير أمر الإقامة ولم تتعد ذلك بقيد أنملة.. فإذا كانت هاتين المنظمتين الأمميتين جادتين في مساعدة السودانيين لكانتا قد وجدتا مقاربة لتكييف أوضاعهم كلاجئين يستحقون الرعاية والحماية وتقديم تلك الخدمات اللازمة في كل القطاعات التي تقدم للاجئين بما يحفظ كرامتهم. ولربما في غضون وقت قريب إن لم تنتهي الحرب في السودان ستشهد أوضاعهم تدهوراً مستمراً مع نفاد ما بأيديهم من سيولة نقدية خاصة وأن معظمهم قد تقطعت موارد رزقه وفقد وسائل سبل كسب عيشه في السودان، ولربما تتفجر مشكلات إجتماعية ترتبط بعدم قدرتهم على الصمود في وجه متطلبات الحياة مما سيرهق كاهل الدولة التي تستضيفهم، ويؤثر سلباً على سمعتهم التي لا يملكون سواها من رأسمال.
د. محمد عبد الحميد  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: غیر أن

إقرأ أيضاً:

برنامج الأعمال المتعلقة بالألغام في فلسطين: الأطفال الأكثر عرضة لخطر مخلفات الحرب

الثورة نت /..

أكد رئيس برنامج الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في الأراضي الفلسطينية، يوليوس فان دير والت، أن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للخطر من مخلفات الحرب والذخائر غير المنفجرة التي تعرقل عودة الحياة إلى طبيعتها في قطاع غزة.

وأشار فان دير والت، في حديث صحفي، اليوم الأربعاء، إلى أن الذخائر غير المنفجرة في غزة تشكل خطرا بالغا على المدنيين، لا سيما مع تحرك مئات الآلاف منهم عقب وقف إطلاق النار، حسب وكالة “سند” للأنباء.

وأوضح أن “أكثر من عامين من الهجمات “الإسرائيلية” المكثفة على قطاع غزة خلّفت تلوثا واسعا بالمواد المتفجرة، ما يؤثر سلبا في إيصال المساعدات الإنسانية، ويبطئ تعافي القطاع”.

ولفت إلى أن ذلك يجعل أعمال إعادة إعمار قطاع غزة شديدة الخطورة، إضافة إلى تهديد مباشر لحياة المدنيين.

وقال المسؤول الأممي، إن دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام تعمل في غزة منذ أكتوبر 2023، لافتاً إلى رصد أكثر من 650 مادة خطرة في المناطق التي تمكنت الفرق المتخصصة من الوصول إليها فقط، حيث كانت الأغلبية العظمى منها ذخائر غير منفجرة ومواد متفجرة يدوية الصنع.

وبيَّن أن فرق الأمم المتحدة تواجه مخاطر المتفجرات بشكل شبه يومي في مختلف مناطق القطاع، وأن الأسر التي تتحرك داخل غزة معرضة لخطر هذه المواد.

وأكد فان دير والت، أن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للخطر، كما هو الحال في معظم مناطق النزاع حول العالم، نظرا لفضولهم ومحاولتهم لمس الذخائر غير المنفجرة دون إدراك خطورتها.

ونبَّه لعدم توفر بيانات دقيقة حول الحجم الكامل للتلوث بالمتفجرات في غزة، غير أن هناك مؤشرات قوية على انتشارها بشكل واسع في أغلب المناطق.

وأشار المسؤول الأممي إلى أن صغر المساحة الجغرافية لقطاع غزة وارتفاع كثافته السكانية يجعلان الوضع أكثر تعقيدا مقارنة بمناطق نزاع أخرى مثل سوريا ولبنان.

وشدد أن تجنب مخلفات المتفجرات يكاد يكون محالا في مثل هذه الظروف، وأن بقايا صغيرة قد تؤدي إلى كوارث كبيرة، وأن عودة السكان إلى منازلهم أو أنقاضها تقتضي حذرا شديدا، داعيا إلى الإبلاغ الفوري عن أي جسم مشبوه أو متحرك.

وأردف: “هذه الأجسام حساسة جدا وقد تنفجر في أي لحظة، ما قد يؤدي إلى خسائر في الأرواح أو إصابات خطيرة، إضافة إلى احتمال إطلاق مواد سامة”.

مقالات مشابهة

  • غوتيريش: الأمم المتحدة ستلتقي طرفيّ حرب السودان
  • من يتحمل تكاليف رفع الركام من غزة.. إعلام عبري يكشف مفاجأة
  • برنامج الأعمال المتعلقة بالألغام في فلسطين: الأطفال الأكثر عرضة لخطر مخلفات الحرب
  • غزة بعد الحرب.. وضع إنساني مزري وإعاقة في توصيل المساعدات
  • حرب وانتهاكات جسيمة: السودان.. واقع مظلم في يوم حقوق الإنسان
  • إيرواني: يجب على العالم أن يتحرك بحزم لإنهاء الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة
  • وزير إسرائيلي: الحرب مع سوريا حتمية
  • صندوق الأمم المتحدة للسكان يحذر من مخاطر الحرب على النساء والفتيات في السودان
  • الأمم المتحدة تحذر من توسيع دائرة الحرب في السودان
  • استجابة لتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة… الإمارات تعلن دعمًا بقيمة 550 مليون دولار لخطة الاستجابة الإنسانية العالمية للأمم المتحدة لعام 2026