لم يتصاعد "الدخان الأبيض" من قصر بعبدا، بعد الزيارة التي أجراها الرئيس المكلّف نواف سلام مساء الأربعاء لرئيس الجمهورية جوزاف عون، حيث وضعه في أجواء عملية تأليف الحكومة، ليكرّر في حديثه للصحفيين بعد اللقاء، الكلام نفسه تقريبًا الذي كان قد صدر عنه بعد زيارته الأخيرة، سواء في ما يتعلق بـ"تصوّره" لحكومة من 24 وزيرًا، أو حتّى على مستوى "المعايير" التي يستند إليها في عملية التأليف.



 

قال سلام إنّه يرفض الذهاب إلى حكومة ثلاثينية من نوع "حكومات الوحدة الوطني"، التي ثبت بحكم التجربة أنها كانت حكومات "شلل وطني"، واضعًا في المقابل معايير متنوّعة للوزراء في حكومته، منها أن يكونوا من الكفاءات الوطنية العالية، وألا يكونوا من النواب عملاً بمبدأ فصل النيابة عن الوزارة، لكن أيضًا ألا يكونوا مرشحين للانتخابات النيابية أو حتى البلدية، مضيفًا إلى ذلك معيار "عدم تمثيل" الأحزاب، وفق قوله.

 

أبعد من ذلك، لم يصدر عن سلام ما يوحي بأنّ الحكومة ستبصر النور قبل نهاية هذا الأسبوع، كما أفادت بعض التسريبات الصحفية، أو أنّها أصبحت قريبة، وإن لم يصدر عنه ما يوحي أيضًا بأنّ حلحلة العقد غير واردة، علمًا أنّ هناك من قرأ في الكلام المقتضب الذي صدر عنه من بعبدا، محاولة "طمأنة" لداعميه قبل غيرهم، خصوصًا بحديثه عن "وحدة المعايير" في التعامل مع مختلف الأفرقاء، فهل تقصّد بذلك الردّ على الانتقادات؟!

 

"وحدة المعايير"


 

لا يبدو حديث الرئيس المكلف نواف سلام عن "وحدة المعايير" في دردشته القصيرة مع الصحافيين عبثيًا، فهو جاء ليردّ ضمنًا على بعض الأصوات المنتقدة التي تصاعدت في الأيام الأخيرة، خصوصًا من جانبي داعمي الرجل، الذين عبّروا عن "استياء" في مكانٍ ما من أدائه "المهادن" إلى حدّ بعيد مع "الثنائي الشيعي"، بعد التسريبات عن التفاهمات التي أبرمها معه، في مقابل "تصلّبه" مع الآخرين، وصولاً لحدّ تحديد وزرائهم وحقائبهم.

 

في هذا السياق مثلاً، برز صوت كتلة "الاعتدال" الذي ارتفع في اليومين الماضيين، اعتراضًا على ما وصفه عدد من نوابها بـ"التهميش"، وقد وصل حدّ مطالبة رئيس الجمهورية بالتدخّل لتصحيح المسار، كما برزت أيضًا مناداة قوى متعدّدة بالمساواة، وهو ما عبّرت عنه صراحةً أوساط "القوات اللبنانية" التي طالبت رئيس الحكومة المكلف بـ"المعاملة بالمثل"، فما يحقّ للثنائيّ الشيعيّ، يجب أن يحقّ لسائر المكوّنات المفترضة في الحكومة.

 

من هنا، جاء كلام الرئيس المكلف عن وحدة المعايير، فضلاً عن تكراره لثابتة أنّ أيّ وزارة ليست حكرًا على أيّ طائفة، كما أنّ أيّ حقيبة لا يمكن أن تكون ممنوعة عن أيّ طائفة، ولو اعتبر البعض أنّ هذه العبارة يمكن تفسيرها بعدّة مواضع، فهو قد يقصد أنّ حقيبة المال لا يمكن أن تكون حكرًا للطائفة الشيعية، كما أنه قد يقصد أنّها لا يمكن أن تكون "ممنوعة" عن هذه الطائفة، من دون أن يعني ذلك تكريسًا لعرف غير منصوص عليه في الدستور.

 

الولادة "متعثّرة"

 

لكن، أبعد من المعايير التي كرّرها الرئيس المكلف في كلامه من قصر بعبدا، وأبعد من "وحدة المعايير" التي أصرّ عليها في مواجهة الانتقادات، وربما الضغوط التي يتعرّض لها أيضًا، ثمّة من فَهِم من كلام الرجل أنّ الولادة "متعثّرة"، فالعقد لا تزال تراوح مكانها على ما يبدو، بما في ذلك "عقدة" حقيبة المالية، التي يلمّح "الثنائي" إلى أنّها محسومة ومن حصّته، فيما لا يوحي بذلك الرئيس المكلّف، الذي يترك الأمور "مبهمة"، ربما حفظًا لشعرة معاوية مع الطرفين.

 

وإذا كان الرئيس المكلّف رفض الغوص في العقد، مؤكدًا العمل على حلحلتها، وجازمًا أنّ التأخير ليس من عنده، فإنّ هناك من توقّف عند بعض المعايير التي تحدّث عنه، والتي تجعل كلّ عملية التأليف محطّ تساؤل، منها حديثه عن حكومة مستقلّة، لا تمثيل للأحزاب فيها، وهو ما دفع كثيرين للتساؤل عمّا إذا كان يقصد بذلك أنّه لا يريد حزبيّين في الحكومة، وإنما تكنوقراط، ولكن تسمّيهم الأحزاب، أم أنّه "يتنصّل" من دور الأحزاب ككلّ، سواء كان مباشرًا أو غير مباشر.

 

وفي حين يلمّح البعض إلى أنّ الرجل قد يكون اتخذ الخيار الثاني، باعتباره "أبغض الحلال" بالنظر إلى "التباعد" بين المعسكرين المضادين، بشروطهما المضادة أيضًا، فإنّ ذلك يقود إلى علامات استفهام يبدو أنها ستبقى بلا أجوبة بانتظار نضوج المعطيات أكثر، فهل يستطيع الرئيس المكلف فعلاً تأليف حكومة لا وجود للأحزاب فيها، وكيف يمكن أن يحصل على ثقة المجلس النيابي في هذه الحالة، وهو الذي باتت تركيبته معروفة، وقوامها من الأحزاب؟!

 

ثمّة من يقول إنّ الرئيس المكلّف بدأ يفقد "الزخم" الذي وصل من خلاله، والذي ترافق مع انطلاقة "العهد" بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون، خصوصًا أنّ التقديرات كانت تشير إلى ولادة حكومية سريعة للانطلاق بالعمل. لكن ثمّة من يقول في المقابل، إنّ "تريّث" الرجل، وتمهّله إن جاز التعبير، يبقى أفضل، لأنّ الحكومة المُنتظرة لن تنجح إذا لم تضمن المقوّمات سلفًا، ولا سيما أنّها ذات "أجندة" إصلاحية محدّدة وواضحة. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الرئیس المکل ف الرئیس المکلف یمکن أن

إقرأ أيضاً:

أسامة ربيع: مرور السفن الكبرى عبر القناة في الفترة الحالية رسالة طمأنة للجميع

أكد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن الهيئة قامت بتطوير الترسانة البحرية التابعة لها، موضحًا أنها أصبحت الآن في مصاف الترسانات العالمية من حيث الإمكانات الفنية والخدمة.

حتى على السفن المصرية.. أسامة ربيع: لا يوجد عبور من قناة السويس بشكل مجانيأسامة ربيع: ندرس إقرار 15% تخفيضا لرسوم عبور بعض الشركات بقناة السويس

وقال ربيع، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “بالورقة والقلم”، عبر فضائية “ten”، إن مرور السفن الكبرى بالفعل عبر القناة في الفترة الحالية، يعد رسالة طمأنة قوية لباقي السفن، ويعزز الثقة في أمان وجدوى المرور عبر المجرى الملاحي لقناة السويس.

وتابع رئيس هيئة قناة السويس، أنه سيكون هناك تخفيض جديد في رسوم عبور السفن بنسبة 15%، يبدأ تطبيقه اعتبارًا من الخميس المقبل، وذلك في إطار جهود الهيئة لجذب المزيد من السفن إلى القناة في ظل الأوضاع العالمية الراهنة.

وأشار إلى أن  توقيت التخفيض تم اختياره بعناية كونه "وقت هادئ" لا يشهد تهديدات أو اضطرابات ملاحية، مؤكدًا أن القرار يأتي لتشجيع السفن المترددة على العودة واستخدام القناة بدلًا من طريق رأس الرجاء الصالح، مما يوفر الوقت والوقود والتكلفة.

طباعة شارك الفريق أسامة ربيع قناة السويس الترسانة البحرية المجرى الملاحي السفن

مقالات مشابهة

  • كيف جعلت الصين شركة آبل أسيرة لمصالحها الاقتصادية؟
  • من قائمة الإرهاب إلى طاولة السلام.. الشرع ولقاء الرياض الذي غيّر المعادلة
  • الرئيس الأوكراني: مستعدون لاتخاذ أي قرارات تؤدي إلى سلام عادل
  • الرئيس أحمد الشرع: وخلال الستة أشهر الماضية، وضعنا أولويات العلاج للواقع المرير الذي كانت تعيشه سوريا، وواصلنا الليل بالنهار، فمن الحفاظ على الوحدة الداخلية والسلم الأهلي، وفرض الأمن وحصر السلاح، إلى تشكيل الحكومة واللجنة الانتخابية.
  • وزير الخارجية أسعد الشيباني: نشارك هذا الإنجاز شعبنا السوري الذي ضحّى لأجل إعادة سوريا إلى مكانتها التي تستحق، والآن بدأ العمل نحو سوريا العظيمة، والحمد لله رب العالمين. (تغريدة عبر X)
  • الحكومة تكشف عن عدد المشروعات التي تم التعاقد عليها بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس
  • أسامة ربيع: مرور السفن الكبرى عبر القناة في الفترة الحالية رسالة طمأنة للجميع
  • رئيس الحكومة اللبنانية يرحب بقرار ترامب رفع العقوبات عن سوريا
  • ويتكوف: لا يمكن التوصل إلى اتفاق سلام بشأن أوكرانيا دون موافقة الرئيس بوتين
  • سلام: الحكومة عازمة على مواصلة برنامج الإصلاح